أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : تزين الرجل لامرأته .. نظرة شرعية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا صاحبة الاستشارة رقم: (276945).
عملت بنصيحتكم ولكن بقيت مسألة المظهر لم أستطع حلها، فقد أرسلت له عدة إيميلات وأهديت له كتباً تتحدث عن ذلك، وكيف أن الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته كانوا يهتمون بذلك، ولكنه لم يفهم مقصودي ولم أر أي تحسن:
أريد مساعدتكم، هل يمكنكم كتابة استشارة تحث الزوج على الاهتمام بالملبس الحسن والاعتناء باللحية؛ لأنني عندما أخرج معه يصيبني شيء من الخجل، ثم إذا رجعت إلى البيت ندمت على هذا الشعور؟
زوجي إنسان رائع، ينقصه فقط هذا الأمر، وأنا متأكدة من أنه إذا اهتم بهذا الأمر فإن حبي له سينمو، فلا تبخلوا علي.
جزاكم المولى خيراً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Bintoeloema حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك للمرة الثانية في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك - ابنتي العزيزة - ونسأله تبارك وتعالى أن ييسر أمرك وأن يشرح صدرك وأن يجمعك بزوجك على خير وأن يجمع بينكما على خير، وأن يجعل حياتكما حياة سعيدة طيبة هنيئة مباركة، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع.
بخصوص ما ورد برسالتك فنسأل الله تبارك وتعالى أن يجمع بينكما على خير، وأن يجعل منكما ذرية صالحة، وأن يجعلك عوناً لزوجك على طاعته، وأن يجعله عوناً لك على طاعته، إنه جواد كريم.
من الحقوق التي رعاها الإسلام ضرورة مراعاة المشاعر فيما بين الزوجين، وأقصد بمراعاة المشاعر أن الواحد منا إذا عرف أن امرأته تحب أشياء بعينها فلا مانع أن يحرص عليها حتى تزداد المحبة بينهما، وكذلك أيضاً الزوجة إذا علمت أن زوجها يحب أشياء بعينها فتحرص أن توفرها له فإن ذلك يجعلها عزيزة على نفسه غالية عنده، وعثمان -رضي الله تعالى عنه- أمير المؤمنين عندما تزوج بامرأته الأخيرة ودخل بها في ليلة عرسه قالت له: على رسلك يا أمير المؤمنين، ثم طلبت منه أن يدلها على الأشياء التي يُحبها حتى تفعلها، وأن يدلها على الأشياء التي لا يحبها حتى لا تفعلها، فأخبرها عثمان - رضي الله تعالى عنه - بما يحب ويكره؛ ولذلك ظلت معه في خير حال حتى استشهد - عليه رحمة الله تعالى ورضوانه – وهذا أمر يحبذه العلماء، وينصون عليه، بل ويحثون عليه حثّاً أكيداً.
إنني أشرح نفسي لامرأتي وأبيِّن لها ما أحب وما أكره، وهي بالتالي أيضاً تفعل نفس الشيء، ونتوسط في الأمر فيما بيننا، قد أكون أنا أريد أشياء فيها نوع من الغرابة، إذن هي تجتهد في تنفيذ ما يمكن تنفيذه، وأنا أقبل منها ما استطاعت أن تقوم به، وكذلك هي نفس الشيء؛ لأن الله تبارك وتعالى قال: (( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ))[البقرة:228]، فكما أن للرجل حقوقا فإن للمرأة حقوقاً أيضاً حتى في الزينة والجمال، فإن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- كان يقول: (
وكما أني أريد من امرأتي أن تكون وردة جميلة حسنة المنظر، طيبة الرائحة، فإن امرأتي تريد مني ذلك أيضاً، وهذا من العوامل التي تؤدي إلى تقوية أواصر المحبة والمودة بين الزوجين، وهذا أيضاً أمر فيه نوع من الوقاية لها، فإنها إن وجدت زوجها يهتم بمظهره ويهتم بمخبره وهيأته فإن ذلك يدعوها ألا تنظر إلى غيره، وكذلك المرأة، فالمرأة التي تهمل التزين لزوجها والاهتمام به تدفعه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أن ينظر إلى غيرها، وغالب الخيانات الزوجية التي تحدث تكون من هذا الباب، امرأة تهمل الاهتمام بنفسها، فلا تهتم لا برائحة ولا تهتم بمظهر، ولا تهتم بملابس ولا غيرها، فيرى زوجها أنها امرأة مهملة فيبحث عن من هي أجمل منها فينظر إلى الحرام وقد يقع فيه والعياذ بالله.
نفس الشيء أيضاً يحدث للمرأة وإن كان بصورة أخف أو أقل، فإن المرأة تتمنى أن يكون زوجها قمراً بين الرجال حتى لا تنظر إلى غيره أبداً، وترى أنه أجمل الرجال قطعاً؛ ولذلك قصة الخلع التي وردت في عهد النبي عليه الصلاة والسلام أول خُلع في الإسلام كان سببه هذا الأمر، امرأة وقفت بقدر الله تعالى تنظر من باب دارها فوجدت أن زوجها قادم مع مجموعة من الرجال فنظرت إليه فوجدته أنه أقبحهم منظراً، وأن فيه صفات لا توجد في غيره، من عدم الراحة لمنظره فكرهت منه ذلك، فأتت النبي عليه الصلاة والسلام وقالت: إنه رجل على دين وخلق وغير ذلك ولكني أكره الدنية في ديني، فأخبرت النبي عليه الصلاة والسلام ما حدث وأنها أصبحت تكره أن تنظر إليه؛ ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام نادى على زوجها وأمره أن يخلعها على أن ترد إليه الحديقة التي هي الصداق، قال: (
إذن فالأصل فيها -بارك الله فيكما- وهذا الكلام عام لكل زوجين متزوجين أو سيتزوجان ضرورة مراعاة هذا الجانب، أن تراعي المرأة مشاعر زوجها، وأن تكون له فعلاً وردة حسنة المظهر طيبة الرائحة؛ لأنها بذلك ستكفيه عن النظر إلى غيرها قطعاً ويحرص الزوج أن يكون أيضاً كذلك، أن يكون على رائحة طيبة وعلى حال طيب، وأن يكون حسن المظهر حتى يحفظ امرأته من النظر إلى غيره.
هذا الكلام أقوله حدث بين عالم الصحابة؛ لأن بعض الأخوة والأخوات يظن ويقول -يا أخي- امرأتي ملتزمة أو الأخت تقول زوجي ملتزم يصوم النهار ويقوم الليل، حتى وإن كان يصوم ويقوم فإن هذه حقوق عامة؛ لأن الخلع حدث بين الصحابة، (( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ))[البقرة:228] حدث أيضاً بين الصحابة رضي الله عنهم وهذا الصحابي الذي كان يتزين لامرأته كما تتزين له، هذا ابن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن، هل نحن أكثر منهم ديانة، إذن مستحيل قطعاً وهذا الكلام بلا خلاف بين أهل العلم، لا يوجد في الأمة بعد جيل الصحابة أحد أفضل من الصحابة مطلقاً، وكان هذا حالهم.
النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (
هذا كله يدل على اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستاك خصيصاً قبل الدخول إلى بيته، على باب بيته يستاك عليه الصلاة والسلام لعله أن يقبِّل امرأة من نسائه، فكان يكره أن يكون له رائحة كريهة، فكان يحرص على نظافة فمه وعلى نظافة أسنانه وعلى طيب ريحه، وكان عليه الصلاة والسلام يستعمل الركوة -وهي عبارة عن إناء صغير به ماء- فكان يمشط شعره فيه صلى الله عليه وسلم وكان يطيب هيئته، وكان يعدل من شعره، وكان يتجمل في ثيابه -صلوات الله وسلامه عليه-، هذا لأهله ولغيره، وكانت له بردة خاصة، أي عباءة جميلة يستعملها في استقبال الضيوف وفي صلاة الجمع والأعياد؛ لأنه كان يقول: (
فالتجمل مطلوب شرعاً، بل إن النبي قال عليه الصلاة والسلام: (
نفس الشيء هذا أيضاً بالنسبة للمرأة وكذلك بالنسبة للرجل، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: (
وعن أبي قتادة رضي الله تعالى عنه كانت له جمة، والجمة عبارة عن الشعر الكبير كان يربي شعره على عادة العرب؛ لأن هذه كانت عادة العرب قبل الإسلام، والنبي - عليه الصلاة والسلام – كانت جمته إلى أذنيه أو إلى منكبيه – فأبو قتادة - رضي الله عنه – كانت له جُمة ضخمة، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يحسن إليها وأن يترجل كل يوم، أمره أن يمشط رأسه كل يوم، رغم أننا نعرف أن الأمور كانت بدائية، وأن مسألة الزينة ومسألة الطيب ومسألة حتى المشط كانت أشياء بدائية جدّاً، وكان الشعر كثيفا؛ لأنه كانت له جمة كبيرة معروفة بين الصحابة، فكان شعره كثيفاً جدّاً، وكان شعره غليظاً، ورغم ذلك أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يترجل كل يوم، وهذه رواية مالك.
وفي الموطأ بلفظ: (
ولذلك أقول لكل زوج كريم يريد أن تظل محبته في قلب أهله: كن رجلاً جميل المنظر، حسن الطيب، طيب الرائحة، هذه سنة نبيك - عليه الصلاة والسلام – وكان النبي صلى الله عليه وسلم كالقمر ليلة التمام، ورغم ذلك كان يتجمل لأهله، وهذا ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما – كما ذكرت آنفاً يقول: (إني لأتجمل لامرأتي كما تتجمل لي)، وهذا من مقومات الدين، خاصة عندما يكون المسلم في بلاد الكفر، والناس هناك لا يعرفون عن الإسلام شيئاً، فعندما يرون الإنسان وهو في حالة رثة وفي حالة مزرية وفي صورة مقززة ينفرون من الإسلام بسببه، بعض الناس قد يظن أن هذا من الزهد ولكن الزهد في القلب وليس في الثوب، كما قال عبد الله بن المبارك – عليه رحمة الله تعالى ورضوانه –: الزهد في القلب وليس في الثوب، والمنظر الذي يؤدي إلى نفرة الناس من الإسلام مذموم شرعاً؛ لأنه ينفر الناس من دين الله تعالى، أما أن يكون الإنسان طيب الرائحة حسن المنظر يهتم بشعره في رأسه ولحيته، ويكون منظره متناسقاً، وشكله طيباً، فهذا هو الدين وهذا هو الإسلام، خاصة إذا كنا نعيش في بلاد نرى أن أهلها يهتمون بهذه الأشياء، فنحن ينبغي أن نكون أحسن منهم؛ لأن الله تبارك وتعالى جعلنا خير الأمم.
فينبغي علينا أن نحسن عرض بضاعة الله تعالى على عباد الله، سواء كانت في الرائحة، وسواء كانت في النظافة؛ لأننا نتنظف أكثر منهم، ومن المفروض أن نتطيب أكثر منهم، وأن تكون رائحتنا أطيب، وأن يكون منظرنا أجمل، هذه هي سنة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام وهي أمور حث عليها الإسلام، خاصة في داخل البيت، فإن الرجل مطالب في بيته أيضاً أن يتجمل لامرأته، كما أنه مطالب في خارج بيته أن يتجمل لعامة الناس حتى يكون صورة حسنة لدين الله تعالى؛ ولذلك النبي يقول عليه الصلاة والسلام: (
مع تمنياتي للجميع بالتوفيق، وأسأل الله لنا ولكم الهداية والرشاد، والتوفيق والسداد، إنه جواد كريم.
والله ولي التوفيق.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
أصبحت أتجاهل زوجي بعد إهماله لي ولأولادي، فهل أنا مخطئة؟ | 4220 | الاثنين 20-07-2020 02:41 صـ |
كيف أجعل زوجي يشعر بحاجتي؟ | 3292 | الأربعاء 08-07-2020 05:31 صـ |
أعاني من الوحدة والاحتياج العاطفي لانشغال زوجي الدائم، أفيدوني. | 8223 | الاثنين 06-07-2020 02:24 صـ |
زوجي لا يطلبني للفراش، ويحدثني عن صفات زميلته في العمل، أريد الانفصال عنه. | 3645 | الأحد 28-06-2020 02:05 صـ |
أعاني من إهمال زوجي لي، كيف أتصرف معه؟ | 3837 | الثلاثاء 28-04-2020 04:44 صـ |