أرشيف الاستشارات

بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الفاضل/ محمود مجدي.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذا النوع من الخوف والذي يتعلق بالقلق والشعور باقتراب الموت، والخوف من ركوب السيارة، وحضور الأفراح، والنزول إلى الشارع، وكذلك معاناة الأعراض العضوية، وضيق التنفس، وآلام في الصدر والبطن، وانتفاخ في المعدة، هذا هو حقيقة قلق المخاوف الذي يتكون من المخاوف الخاصة ومخاوف المواجهة، وكذلك الأماكن الضيقة.

وبالنسبة لنقص الوزن لابد أن يكون ناتجاً عن اكتئاب ثانوي، وهذا الاكتئاب الثانوي يعرف تماماً أنه مصاحب لمثل هذا النوع من الخوف.

الخوف غالباً هو أمر نفسي أو طاقة نفسية مكتسبة، وقد تزيد أو تنقص هذه الطاقة النفسية، والطاقة النفسية بصفة عامة إذا لم توجه التوجيه الصحيح أو أصبحت راسخة ومحتقنة في داخل النفس البشرية تظهر في شكل أعراض مثل النوع الذي أصابك.

ربما تكون قد تعرضت لبعض التجارب البسيطة في الصغر ولكنك لم تلاحظها، أو ربما تكون لاحظت موقفاً معيناً حدث لشخص آخر أو لمجموعة من الناس وكان فيه شيء من الخوف، أو ربما تكون قد سمعت عن قصص وحكايات حدثت لشخص تعرفه أو لا تعرفه وكان هنالك أيضاً فيها مواقف تخويفية، وعموماً هو أمر مكتسب ويمكن علاجه بحمد الله، والحقيقة المعروفة هي أن الإنسان إذا اكتسب شيئاً يمكن أن يفقده بنفس الطريقة وبنفس المانع.

أولاً: أريدك أن تحقر هذه المخاوف في تفكيرك، لا تعطها اعتباراً، هذا أمر ضروري جدّاً، وهذا يمكن الوصول إليه بأن تجلس مع نفسك جلسة نفسية خاصة وسمها (الجلسة النفسية العلاجية) وفيها تأمل كل هذه المخاوف، وبعد ذلك حاول أن تحللها، وفي أثناء تحليلها يجب أن تبني في داخل وجدانك أن هذه المخاوف هي أمر بسيط وسخيف وحقير فلماذا يشغلك، أنت لا تختلف عن بقية الناس، الذين يستطيعون أن يخرجوا إلى الشارع، ويستطيعون أن يذهبوا إلى المناسبات ويركبوا السيارات، فملايين السيارات الآن هي منطلقة في الشوارع ويقودها الناس، فلماذا تخاف أنت؟

هذا التأمل ضروري جدّاً ويجب أن يمتد لمدة لا تقل عن عشرين دقيقة بصفة يومية.

وبالطبع يجب أن تقرن ذلك بالتطبيق العملي، فأرجو أن تكثر من ركوب السيارات، وحين تدخل السيارة خذ نفساً عميقاً، املأ صدرك بالهواء ببطء وعمق ثم بعد ذلك أخرج هذا الهواء أيضاً بقوة وعمق، كرر هذا التدريب عدة مرات، اقرأ دعاء الركوب، هذا كله إن شاء الله يجعلك تحس بنوع من الاسترخاء.

تأمل أنك في مناسبة عرس مثلاً وأن الناس مجتمعة وأنك أنت يجب أن تستقبل الضيوف الكثيرة، تأمل ذلك وعش هذا، أو تأمل أن هذا اليوم هو يوم عرسك، تأمل هذا الموقف وأنه من الضروري جدّاً أن تقابل الضيوف، ثم حاول أن تكون مشاركاً بصورة فعّالة في هذه المناسبات الاجتماعية.

أيضاً في صلاة الجماعة في المسجد كن دائماً في الصف الأول، كن دائماً خلف الإمام، وتصور أنك مكان الإمام، وأنه قد طلب منك أن تقوم مقامه، هذه كلها تمارين خيالية، ولكنها في نفس الوقت يمكن أن تطبق في الواقع.

إذن أرجو أن تكون مواجهاً وتكثر من هذه المواجهات، وعليك أيضاً أن تكون مع الجماعة، كن دائماً مع الجماعة، اختر لنفسك مجموعة من الأصدقاء، يمكن أن تكوِّنوا فريقاً أو مجموعة لممارسة الرياضة ككرة القدم مثلاً، هذا إن شاء الله يجعلك تتفاعل اجتماعيّاً، يمكن أن تكوّنوا حلقة لتجويد القرآن مرة أو مرتين في الأسبوع، هذا نوع أيضاً من التفاعل الاجتماعي الذي يزيل هذا الخوف.

أنا أعتقد أنه أيضاً لديك نوبات من الهرع البسيط أو نوبات من الرهاب؛ لأن نوبات الرهاب هي التي تعطي هذا الشعور بالخوف من الموت، وبعض الناس يأتيهم الخوف من فقدان السيطرة على الموقف – أيّاً كان هذا الموقف – هذا الخوف ليس حقيقيّاً، أرجو أن أؤكد لك ذلك، هو خوف ناتج عن زيادة في إفراز مادة الأدرلنين، وهذا يؤدي إلى تسارع في ضربات القلب الذي يؤدي إلى هذا الشعور، هذا أيضاً يتم معالجته عن طريق هذه المواجهة التي ذكرتها لك وكذلك إجراء تمارين الاسترخاء، تمارين الاسترخاء هي بنفس الصيغة التي ذكرتها لك حين ركوب السيارة ولكن يمكن أن تتوسع فيها بصورة أكثر وتمارسها صباحاً ومساء في المنزل. كن في مكان هادئ، كن مستلقيّاً على كرسي مريح أو على السرير، ثم أغمض عينيك وافتح فمك قليلاً، خذ نفساً طويلاً وعميقاً عن طريق الأنف – وهذا هو الشهيق – ويجب ألا يقل هذا التنفس عن 40 ثانية، ثم بعد ذلك اقبض الهواء في صدرك، وبعد ذلك أخرج الهواء بنفس القوة وبنفس البطء والذي يفضل أن يكون عن طريق الفم.

كرر هذا التمرين عدة مرات، ويمكنك الاستعانة ببعض الأشرطة أو الكتيبات التي تساعد في كيفية إجراء وتطبيق هذه التمارين بصورة أدق.

هذه التمارين سوف تزيل منك الخوف والقلق وحتى الشيء الذي تحس بأنه عالق في الحلق، هذا ليس حقيقة بالطبع، هو انقباض العضلات المريء الناتج عن القلق والتوتر، إذن هذه التمارين وهذه الإرشادات إن شاء الله تفيدك كثيراً.

يأتي بعد ذلك الشق الآخر في العلاج وهو العلاج الدوائي، توجد بحمد الله عدة أدوية طيبة وممتازة وفعّالة جدّاً، ومن أفضلها العقار الذي يعرف باسم سبراليكس، فهو علاج جيد جدّاً ويمكن أن تبدأ تناوله بجرعة 10 مليجرامات ليلاً بعد الأكل لمدة شهر، ثم بعد ذلك ترفع الجرعة إلى 20 مليجراماً ليلاً لمدة أربعة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى 10 مليجرامات ليلاً لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله.

السبراليكس دواء فعّال وممتاز وقليل الآثار الجانبية، ولكن يعاب عليه أنه ربما يكون مكلفاً بعض الشيء من الناحية المالية، إذا لم يتيسر لك الحصول عليه هنالك دواء بديل قد لا يكون بنفس الجودة ولكنه فعال، وهو من الأدوية القديمة وغير مكلف ويعرف باسم تفرانتيل، يمكن أن تبدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة (25 مليجراماً) ليلاً، واستمر عليها لمدة أسبوع، ثم بعد ذلك ارفعها إلى 50مليجراماً (حبتين) في اليوم، ممكن أن تتناول حبة في الصباح وحبة في المساء، وبعد شهر من رفع هذه الجرعة اجعلها 75 مليجراماً، يمكن أن تتناولها كجرعة واحدة ليلاً أو مجزأة على ثلاث مرات في اليوم، واستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة بمعدل حبة واحدة كل شهر، ثم توقف عنه.

إذن هذه هي الأسس الإرشادية والأسس الدوائية لعلاج الحالة، وأرجو أن أؤكد لك أنها إن شاء الله ليست بالخطورة الشديدة وإن كانت مزعجة، وبإذن الله تعالى باتباعك الإرشادات السابقة وتناولك للدواء سوف يفيدك كثيراً.

وبالله التوفيق.