أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : مرض الزوج بالاضطراب ثنائي القطبية .. معاناة زوجة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لقد تعبت جداً مع مرض زوجي الذي ذكرته لكم في استشارة سابقة، ولا أعلم ماذا أفعل، ولم أقصر من ناحيتي بشيء من حيث المواظبة على الدواء وعدم إقحامه في المشاكل قدر الإمكان، ولكن بعد موت والدته لم يعد على سابق عهده، ولقد تعبت معه، وصحيح أنه تحسنت حالته قليلاً ولكن لم يعد مثل ما كان قبل ذلك، بل أصبح شبه إنسان.
وبعد مرور الانتكاسة - قبل سنتين أو أقل - أصبح زوجي كسولا جداً، ولم يعد له رغبة في أي شيء، وأصبح لا يقيم فروضة الدينية والزوجية، وأصبح يتعلل بأنه مريض، وأصبح لا يريد أن يذهب عند أهله، وخصوصاً أمه المسكينة التي لا حول لها، حيث أنها لا تقدر على المجيء لرؤيته بسبب مرضها المزمن، لكنه كان إذا أحس أني متضايقة منه كان يأتي ويرضيني، ولكن لا أحس أنه سعيد، وكلما ذهبنا إلى مكان فإنه يجلس في أي كوفي شوب ويتركني وحيدة في أي مكان، ويتعلل بالتعب وعدم اللياقة وهكذا، وأصبح لا يحب مواجهة أي أمر أبداً مهما كانت أهميتها.
وقبل ثلاثة أشهر أراد الله أن أحمل ودبت الفرحة في حياتنا، ولكن لم تكتمل وأجهض الجنين، ومن بعدها وزوجي يقول لي: من الأحسن أنه لم يأت مولود، ومن بعده بفترة وزوجي من سيئ إلى أسوأ، وبدأت علامات الانتكاسة المخيفة، وهي الخوف الشديد وتقلب المزاج الحاد من حيث العصبية الشديدة بدون سبب، ومن ثم الهدوء بعدها، والوساوس المخيفة جداً، ويحس بنوبة خوف شديدة وارتباك وقلق.
وأنا أخاف عليه من ذهابه إلى عمله يومياً، حيث أنه مدرس أطفال الابتدائية، وأخاف عليهم وعليه من أي تصرف مشين قد يحدث من غير قصد منه، فماذا أفعل؟ وهل مرضه خطير على نفسه وعلى من حوله؟ وهل هناك أمل في علاجه؟
والآن عمره أصبح فوق 40 سنة، وأنا فوق 30 سنة، والعمر يجري، وسوف أكتب لك أسماء وجرعات الأدوية التي يأخذها إلى يومنا هذا؛ لأنه لا يريد أن يذهب إلى أطباء أبداً، وهو يأخذ حبة بوسبار في الصباح 10جرام وكذلك في المساء 10جرام، وعند النوم أعطيه حبتين زبركسا 5جرام، يعني الحبتين 10جرام، مع حبتين تجريتول 200 جرام - أي 400 جرام -.
وأعطيه علاجاً بالعسل الأصلي وغذاء ملكات النحل وحبوب اللقاح ولقاح النخيل، وأعطيه بدون استشارة طبيب حبوب زيت كبد الحوت، وهذي الأشياء أعطيها له منذ أكثر من شهرين، فماذا أفعل؟!
وشكراً.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم فيصل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فجزاك الله خيراً على اهتمامك بزوجك، ونسأل الله لك مزيداً من الصبر، وأنت بالطبع مأجورة إن شاء الله على كل ما تقومين به مع زوجك الكريم.
وأتفق معك تماماً أن المرض النفسي حين يصاب به أحد أفراد الأسرة -خاصة حين يكون الشخص شخصاً أساسيّاً في الأسرة- يسبب الكثير من الارتباك داخل الأسرة، وحين يفتقد هذا الشخص الفعالية لا شك أن لذلك مرداً سلبياً، ولكن حين يتفهم ويتفهم من حوله أعتقد أن ذلك سوف يخفف كثيراً من ارتباك وهموم بقية أفراد الأسرة، ولا شك أنك أنت هنا محور الرباط الأساسي في الأسرة، ولا أقول إن زوجك لا يمكن أن يقدم شيئاً، لا؛ بل يمكن أن يقدم، ولكنه يحتاج إلى التأهيل وإلى المساندة وإلى إشعاره أنه هو رب البيت وأن عليه مسؤوليات، وأنه لابد أن يشارك، وهذه دائماً تأتي بالنصح وبالمودة والكلمة الطيبة.
وطبيعة المرض من الأدوية التي ذكرتها واضح أن زوجك يعاني من اضطراب وجداني ثنائي القطبية، وهذا المرض في بعض الأحيان يؤدي إلى نوع من الخمول والتكاسل، كما أن الأدوية التي يتناولها – خاصة الزبركسا - بالرغم من أنه من أفضل الأدوية لعلاج هذه الحالة ولكن قد يؤدي إلى نوع من الخمول والتكاسل وعدم الفعالية والتفاعل، هذا ربما يكون من الأسباب التي جعلته يكون انسحابيا وغير متفاعل، والذي أود أن أقوله لك هو أن عليك بالصبر وهذا في نظري نوع من البر وأنت مأجورة عليه.
ثانياً: ربما يكون من الأفضل أن يتم بعض التغيير للأدوية التي يتناولها زوجك، فمثلاً بالنسبة للبوسبار فأنا أرى أنه لا داعي له، حيث أنه دواء ضعيف التأثير وهو يستعمل لعلاج القلق، وأما الزبركسا فهو علاج فعّال ولكنه يسبب نوعا من الخمول.
وهناك دواء الآن يعرف باسم (إبفلاي Abilify)، وهو من الأدوية الجديدة والفعّالة، ويتميز بأنه يؤدي إلى النشاط الجسدي والحيوية المعقولة، فأرى أنه بعد استشارة الطبيب المعالج يمكن أن يوقف الزبركسا ويستبدل بالإبفلاي حبة واحدة (15 مليجرام) يتناولها ليلاً أو نهاراً.
كما أن التجرتول بالرغم من أنه دواء جيد وفعّال في تثبيت المزاج إلا أنه أيضاً يؤدي إلى نوع من الخمول، ولذا نرى أن الدباكين كرونو بجرعة حبة واحدة (500 مليجرام) ليلاً ربما يكون دواء بديلاً للتجرتول، إذن؛ من ناحية الأدوية زوجك ربما يحتاج فقط إلى حبتين في اليوم، حبة واحدة من الإبفلاي وحبة واحدة أيضاً من الدباكين كرونو.
وما دام زوجك -والحمد لله- محافظاً على وظيفته ويقوم بعمله، فهذا في حد ذاته نوع من التأهيل، والمخاوف حول أنه ربما يتصرف تصرفا غير سليم وغير حسن في عمله - المدرسة - نسأل الله ألا يحدث ذلك، وأعتقد أنه في مثل سنه وما دام يحافظ على أدويته فلن يحدث ذلك إن شاء الله، ولكن بالطبع إذا حدث أنه في وضع غير طيب ربما يكون من الأفضل أن لا يذهب إلى عمله - المدرسة - على أن لا تطول مدة غيابه، وأنا على قناعة أنه بمحافظته على الأدوية سوف يكون إن شاء الله في وضع نفسي جيد جدّاً.
وأيضاً ربما يكون زوجك في حاجة إلى نوع من البرامج اليومية المؤسسة، فتناقشي معه وتحاوري معه، ولابد أن يكون هناك نوع من التنظيم، على سبيل المثال: بعد أن يأتي من المدرسة يأخذ بعض الراحة ثم بعد ذلك يمكن أن تخرجوا في المساء مع بعضكم البعض – من وقت لآخر – وممارسة أي نوع من الرياضة كرياضة المشي -بالطبع- التي ستعطي له الكثير من الطاقات.
وأرى أيضاً أنه إذا تفاعل مع الأصدقاء والأقرباء الذين يوثق بهم، وذلك بتبادل الزيارات معهم، وأن تطلبي منه وتحثيه على زيارتهم والتواصل معهم والاتصال بهم عن طريق التليفون، فهذا إن شاء الله يجعل فيه نوعاً من الحيوية.
وبالنسبة للصلاة فلا شك أن المحافظة عليها أمر لا يمكن المساومة عليه مطلقاً، وأرجو أن تبذلي أقصى ما تستطيعينه من حثه على الذهاب إلى المسجد، وحتى بحثه على الصلاة في البيت معكم كمرحلة أولية، وأتمنى أن تكون هناك نوع من الرفقة الطيبة والتآخي في المسجد، وحين يوجد هذا التآخي إذا غاب عن الصلاة سوف يتفقده ويسأل عنه إخوانه في المسجد، وهذا بالطبع سوف يعطيه الرغبة لحضور الصلاة في المسجد.
وبالنسبة لهذه الأفكار المتشتتة والمتطايرة التي تحدث له من وقت لآخر، فهي ليست وساوس ولكنها هي أفكار ذهانية، وإن شاء الله لا حرج عليه فيما يقول، وهنا يجب أن نحتم أن تواصل العلاج والاستمرار عليه والالتزام به يعتبر ضرورة أساسية لأن تختفي هذه الأفكار بإذن الله تعالى، وحقيقة أنا سعيد جدّاً في أنك حريصة في مساعدته لتناول الدواء.
وأما بالنسبة للعسل فلا شك أنه طيب وفيه شفاء، كما قال تعالى: ((فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ))[النحل:69]، ونسأل الله تعالى أن يجعله سبباً في شفائه، وفي نظري أن كل الأشياء التي تقومين بها كلها صحيحة، ولن تجدي له أي نوع من الضرر، بل على العكس تماماً سيكون فيها النفع له إن شاء الله.
أرجو أن تخففي قليلاً من مستوى الضيق والانزعاج الذي حدث لك، وأرى أنك تقومين بمهمة كبيرة وجليلة، وأنت إن شاء الله مأجورة على ذلك، ولابد للإنسان دائماً أن يعرف أن الإنسان الذي يكون فعّالاً في هذه الدنيا أفضل وأطيب من الإنسان الذي لا يقوم بأي دور حيال نفسه وحيال غيره، وأنت والحمد لله تقومين بدور كبير وفعّال حيال زوجك وحيال أسرتك وحيال نفسك، وهذا بالطبع هو من الأسس المطلوبة للحياة الزوجية التي تقوم على المودة والسكينة والرحمة، ولا شك أن الزواج ميثاق غليظ، وهذا الميثاق الغليظ يحافظ عليه بمثل هذا البر الذي تقومين به أنت حيال زوجك، وعليك بالدعاء والإكثار منه بأن يرفع الله عنه وعنك هذا البلاء، وعليك بالصبر على خدمته ومساعدته.
وبالله التوفيق.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
تداويت للتخلص من الاكتئاب ولكن لم أشعر بالتحسن | 1338 | الأحد 09-08-2020 06:15 صـ |
لماذا استمرار القلق والاكتئاب رغم تغيير الدواء؟ | 3072 | الأربعاء 29-07-2020 04:34 صـ |
كيف يتم استخدام دواء الرهاب والاكتئاب.. وكيف يتم إيقافة؟ | 3591 | الاثنين 27-07-2020 04:17 صـ |
أريد تشخيص حالتي، فأنا أشكو من عدة أعراض نفسية. | 4594 | الثلاثاء 21-07-2020 06:18 صـ |
ما علاقة دواء فافرين بالحكة الجلدية؟ | 1316 | الاثنين 20-07-2020 04:07 صـ |