أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : الخوف من مواجهة الناس ومن الأماكن العالية
الدكتور محمد عبد العليم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله.
د.محمد! أخوكم سعيد يعاني من خوف من المواحهة، فمثلاً أمنع إخوتي الصغار من المشاكل مع الجيران؛ لأني أعتقد أني سأقف أرتعش وأتلعثم في الكلام، وأصبحت أنتظر تلك اللحظة، ولا أخفيك سراً - يا دكتور محمد - قد كنت إماماً في أحد المساجد، ولكن الآن لا أستطيع أن أصلي بثلاثة أشخاص.
دكتور محمد! قبل خمس سنوات كنت أعاني من وساوس كثيرة، منها -حفظكم الله- أن أضرب من بجواري، أو أن أسب صديقي، وكنت أخاف من الأماكن العالية خشية أن ألقي نفسي، وقبل سنة ذهبت لطبيب فأعطاني فافرين بتدريج إلى أن وصلت 150 ملجرام، والحمد لله خفت الوساوس، ولكن بقي الخوف من المواجهة والخوف من الصلاة بالناس.
جزاكم الله خيراً - يا دكتور محمد - على هذا الصرح، وجعله الله في موازين حسناتكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Saeed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنتَ بالطبع معروف لديَّ جدّاً، ونسأل الله أن يديمها أخوة في الله، وحقيقة أشكر لك الثقة الكبيرة في الشبكة الإسلامية وفي استشاراتها وفي شخصي الضعيف، - ويا أخي - حقيقة أثق تماماً أن لديك القدرة والمقدرة على تخطي هذه الحواجز النفسية.
بالنسبة للوساوس والمخاوف التي ذكرتها نرجو أن نتفق من هذه اللحظة ونجعلها شيئاً من الماضي، هي شيء من الماضي لأنه لديك القدرة على تخطيها والتغلب عليها، فقط عليك أن تكسر هذا الحاجز النفسي.
أليس من السخف أن يتخوف الإنسان من أن يمنع إخوته الصغار من المشاكل مع الجيران؟! لا توجد أي صعوبة في ذلك، هذا أمر بسيط جدّاً، أنت أكبر من ذلك وأقوى من ذلك ولديك المقدرة.
كما ذكرت لك في مرات سابقة: الأبحاث العلمية النفسية المعتبرة والمعتمدة من أرفع وأرقى المراكز العلمية وجدت أن تصور الشخص حول نفسه لا أساس له، بمعنى أن الإنسان يتصور أنه سوف يتلعثم أو يرتعش أو يخاف أو يسقط أو يصاب بدوخة أمام الناس، أو يصاب بنوع من الفشل، أو أنه مقصود أو أنه مرصود، هذا كله ليس صحيحاً، لقد قام أحد الأطباء النفسيين بتصوير المرضى الذين يشتكون من المخاوف الاجتماعية في مواقف معينة، وكانوا يتصورون أنهم يرتعشون، وأنهم سوف يسقطون، وأنهم سوف يفشلون، ولكن حين أطلعهم على أدائهم عن طريق صور الفيديو؛ رأى كل منهم أن تصوره عن التفاعل السلبي الذي كان يعتقده ليس صحيحاً، ربما فقط بنسبة 10% الذي يحدث لهم، أما 90% فهي ليست صحيحة.
لابد أن يكون هذا دافعاً نفسيّاً لك، وأنتَ الحمد لله تملك كل صفات الصلابة والقوة، وفوق ذلك أنت رجل - الحمد لله - مؤمن وصاحب دين، وعليك أن تكون مطمئناً، ابعث في نفسك الطمأنينة، وما دمت قارئاً لكتاب الله، ومحافظاً على صلواتك فهذا شيء لابد أن يكون دافعاً لك.
أنا لا أقول: إن المخاوف أو الوساوس هي دليل على ضعف في الشخصية أو قلة في الإيمان، لا! ربما يكون على العكس تماماً، فأصحاب الوساوس هم أرق الناس في مشاعرهم وقلوبهم، وفيما أعلم أن القيم الرفيعة هي من شيمهم.
إذن عليك بالإقدام وعليك بتخطي هذه العقبات النفسية، ولا أريد للوساوس والمخاوف أن تحاصرك، فيمكن للإنسان أن يتغلب عليها، يمكن للإنسان أن يهزمها ويجب أن يهزمها، عليك بالاقتحام، عليك بالإقدام وعدم التراجع مطلقاً.
وبالنسبة للعلاج الدوائي ربما أفضل الآن في حالتك (الزولفت)؛ لأن الزولفت يعالج المخاوف والوساوس في نفس الوقت، الفافرين هو دواء أفضل للوساوس، ولكن ربما تكون فعاليته ليست بنفس القوة في علاج المخاوف الاجتماعية.
عموماً جرعة الزولفت أو يسمى (لسترال) هي 50 مليجراماً يوميّاً ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم ترفع إلى 100 مليجرام ليلاً – وهي أقل جرعة (وسوف تكون مفيدة في حالتك) لمدة شهرين، وبعدها إذا لم تحس بتحسن حقيقي ارفعها إلى ثلاث حبات في اليوم لمدة ستة أشهر، بعدها خفض الجرعة بمعدل حبة واحدة كل شهر، حتى تصل إلى الحبة الأخيرة التي أود أن تستمر عليها لمدة ستة أشهر أخرى، وذلك من أجل الحماية والوقاية، حيث أنه ربما يكون لديك بعض الاستعداد لأن تصاب بهذه المخاوف أو الوساوس، وحين تكون على جرعة وقائية سوف يكون مطمئناً لك ولنا إن شاء الله.
أما إذا تحسنت على العلاج بعد الشهرين فاستمر عليه لمدة ستة أشهر أخرى، أي إذا لم تحتج لزيادة الجرعة، أي تكون مدة العلاج هي ثمانية أشهر، ثم بعد ذلك خفض الدواء إلى حبة واحدة واستمر عليه لمدة ستة أشهر – كما ذكرت – في الطريقة الأولى.
أما إذا فضلت الاستمرار على الفافرين فلا مانع، فافرين دواء ممتاز خاصة لعلاج الوساوس، وهو أيضاً يفيد في علاج المخاوف ولكنه ليس بقوة الزولفت، وربما يكون الحل الأمثل إذا فضلت الاستمرار على الفافرين هو أن ترفع الجرعة، يمكن أن ترفع حتى إلى 300 مليجرام، ويرى الكثير من العلماء المعتبرين أن هذه ربما تكون الجرعة الأفضل لكثير من الناس.
على العموم إذا فضلت الاستمرار عليه ارفعها تدرجاً، اجعلها 200 مليجرام، ثم بعد أسبوعين يمكن أن تجعلها 250 مليجرام، وتستمر عليها لفترة، وإذا لم تتحسن أو لم تحس بالتحسن الكامل يمكن أن ترفعها إلى 300 مليجرام، ولكن إذا تحسنت بفضل الله فلا داعي للزيادة.
واستمر على الفافرين أطول مدة ممكنة، تسعة أشهر أو سنة، ثم بعد ذلك ابدأ في التخفيض التدريجي، وأنتَ الحمد لله على علم بذلك، وعليك بالمواجهة، لا تخف أبداً خاصة فيما يخص الصلاة، وصدقني أنك سوف تؤدي أداءً حسناً، وأنتَ لست مرصودا من المصلين مطلقاً.
يمكن أن تساعد نفسك بأن تعالج نفسك في الخيال، تصور أنك تؤم الناس في مسجد كبير ضخم وتخطب فيهم، تصور ذلك بقوة وعمق، وبعد ذلك ابدأ التطبيق الحقيقي، لا تتراجع أبداً فأنت والحمد لله لديك المقدرة على المواجهة وتخطي هذه الصعاب البسيطة.
أسأل الله لك التوفيق والسداد والشفاء، وأشكرك مرة أخرى على هذه الثقة الغالية في حسن ظنك فينا ونسأل الله أن نكون عند حس الظن، وبارك الله فيك.
وبالله التوفيق.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
كيف أتخلص من الخجل والخوف عند لقاء أشخاص غرباء؟ | 1729 | الاثنين 10-08-2020 05:26 صـ |
لدي خوف وصعوبة عند الحديث مع الناس.. أريد حلا | 1309 | الأحد 09-08-2020 02:09 صـ |
أعاني من مشكلة الرهاب الاجتماعي، ما الحل؟ | 2379 | الخميس 23-07-2020 06:16 صـ |
كيف أتخلص من أعراض الرهاب الاجتماعي؟ | 1722 | الأربعاء 22-07-2020 04:28 صـ |
أريد دواء يخلصني من الرهاب، فبماذا تنصحونني؟ | 3638 | الأحد 19-07-2020 09:33 مـ |