أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : الشك في الآخرين واحتمال سوء النية عندهم وعلاقة ذلك بالوساوس القهرية
السلام عليكم
أعاني من الشكوك القاتلة والتي تغرقني وتجعلني لا أستطيع الشرب والأكل والنوم، وتجعلني أصل مرات عديدة إلى درجة الانهيار العصبي والقلق والهستيريا!
شكوكي تتمحور حول الشك بخيانة صديق، وتدفعني هذه الشكوك إلى المشاحنة معه، والتصرف غير الجيد تجاهه، أو أشك بخيانة مدير الشركة التي أعمل بها، بعدم إطلاعي على أحدث المشاريع؛ لكي لا تكون لي نسبة من الأرباح معه، مع أنني أعمل كمدير تنفيذي وتجاري في الشركة، وكشريك أيضاً في نفس الوقت.
وكل هذه الشكوك تزداد علي يوماً بعد يوم، لدرجة الانهيار العصبي وعدم النوم والأكل، والتدخين بشراهة. إن التفكير بهذه الشكوك يقتلني، ويسيطر علي طوال اليوم لدرجة أصبحت الآن معها لا أمارس حياتي بشكل طبيعي كالآخرين! فلا آكل ولا أنام ولا أتكلم مع الناس، وأقضي معظم وقتي في التفكير والبحث عن شيء يثبت شكوكي ليريحني!
وقد انخفض وزني الآن بشكل كبير جداً، حيث أصبح كل من يلاحظني يعتقد بأنني مصاب بمرض أو شيء من هذا القبيل، وقد بدأت تصل بي حالة الشك إلى درجة تجعلني أمشي ذهاباً وإياباً في الغرفة، وأضرب على المنضدة أو على رأسي بيدي! والسيجارة أصبحت لا تفارق فمي.
وأود أن أضيف معلومة إليكم، بأني أعاني منذ كان عمري 18 سنة من بعض الوساوس القهرية، مثلاً: عندما أغلق الباب أعيد غلقه مرة واثنتين وثلاثة، ومن الوساوس الأخرى التي مازالت لدي: أنني بين لحظة وأخرى أسحب نفساً عميقاً، وأخرجه من أنفي بقوة، وأتخيل بأن هذا النفس يحمل الشر معه، وأتخيل بأن النفس يخرج من أنفي على شكل موجة من الدخان أو ما شابه ذلك! وأوجهه إلى مكان بعيد عن منزلي وأتخيله يسقط في ذلك المكان!
ومن الوساوس الأخرى: عندما أضع علبة السجائر على المنضدة، أوجه الجهة المكتوب عليها التحذير الدولي من خطر التدخين باتجاه الحائط مثلاً، ولا أجعله باتجاهي أو باتجاه الباب أو باتجاه مكان أجلس فيه، وإنما أوجهه باتجاه مكان لا اقترب منه!
هذه الوساوس القهرية أعرف بأنها مضحكة، لكني لا أستطيع التخلص منها، وتزداد لدي عندما لا أكون مرتاحاً نفسياً، أو عندما أواجه حالة ملل نفسي أو ضجر، وتقل بنسبة واضحة عندما أكون في حالة تغيير جو، أو شيء يجعلني أستمتع أو فترة هدوء نفسي.
وبالنسبة لهذه الوساوس فإنها لا تتعبني ولا تهمني، بقدر ما تهمني وساوسي وشكوكي التي ذكرتها في البداية، كخيانة الصديق المقرب لي وعدم صدقه معي، وخيانة مدير الشركة لي في العمل، وعدم إطلاعي على المشاريع الجديدة.
هذه الوساوس والشكوك تدمرني وتقتلني! وقد دمرت حياتي الآن بالكامل وجعلت علاقتي تسوء بمن حولي بسبب تصرفاتي.
فأرجو منكم مساعدتي فوراً، وأرجو أن يكون الرد على إيميلي الخاص.
مع جزيل الشكر.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ أسامة حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فهذا النوع من الشكوك والظنان الذي ينتابك هو حقيقة حالة نفسية تعرف بالأفكار الظنانية الاضطهادية، وهذه الحالة تحدث لبعض الناس، وربما تلعب شخصية الإنسان دوراً في إصابته بهذه الحالة، هنالك بعض الأشخاص الحساسين والذين يلجؤون لسوء التأويل لأقل الأسباب هم عرضة لمثل هذه الشكوك الاضطهادية والظنان.
أنت يا أخي أيضاً عانيت من وساوس قهرية، وحقيقة الوساوس القهرية يمكن أن توجد مع مرض الظنان، ويعتقد وبصورة قوية - كما ذكرت لك - أن شخصية الإنسان تلعب دوراً في هذه الشكوك.
أما العامل الثاني والسبب الأرجح، هو أنه يحدث نوع من الاضطراب الكيميائي في الدماغ، حيث توجد مادة تعرف باسم الدوجمين، هذه المادة هي التي تنظم أفكارنا لدرجة كبيرة، وحين يحدث فيها اضطراب بزيادة في إفرازها، أو عدم انتظام في هذا الإفراز، يؤدي ذلك إلى الظنان الذي وصفته لي.
أيها الأخ الكريم بالتأكيد عليك أن تحاول دائماً أن تحسن الظن، وحين تأتيك أي فكرة تتسم بالشكوك والظنان، أرجو أن تفكر في الفكرة المرادفة والمضادة لها، وتتأمل في الفكرة المضادة وتحاول أن تحسن الظن.
أنا أعرف أن ذلك قد يكون صعباً، ولذا نعتقد أن العلاج الأساسي في مثل حالتك هو العلاج الدوائي، فهنالك أدوية ممتازة وفعّالة لإزالة الظنان بإذن الله تعالى.
من أفضل الأدوية العقار الذي يعرف باسم رزبريادون، أرجو أن تتناوله بجرعة 2 مليجرام ليلاً وتستمر عليه لفترة شهرين، وإذا لم تحس بتحسن حقيقي يمكنك أن ترفع الجرعة إلى 3 مليجرام في اليوم، وتستمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، بعدها خفض الجرعة بمعدل واحد مليجرام كل شهر حتى تتوقف عن الدواء تماماً.
هذا هو العلاج الأفضل والأحدث، وأتمنى أن يكون متوفراً في العراق، وإذا لم تجده هنالك أدوية قديمة وبديلة وجيدة أيضاً، ولكن ربما تسبب بعض الآثار الجانبية السلبية البسيطة، مثل الشعور بالجفاف في الفم وثقل بسيط في العينين، الدواء البديل يعرف باسم لارجكتيل Laragactil، أرجو أن تبدأه بجرعة 50 مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة 100 مليجرام ليلاً وتستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم تخفضها إلى 50 مليجرام ليلاً لمدة شهر، ثم تتوقف عنها، ويتميز هذا الدواء بأنه يحسن النوم بصورة كبيرة، وهو إن شاء الله أيضاً يزيل هذه الأفكار.
سيكون من المستحسن أيضاً أن تتناول دواء مضاداً للوساوس القهرية وعسر المزاج، في هذه الحالة العقار يعرف باسم بروزاك، أرجو أن تتناوله بجرعة كبسولة واحدة في الصباح بعد الأكل لمدة أربعة أشهر ثم تتوقف عنه، والبروزاك من الأدوية الفعَّالة والسليمة لعلاج الوساوس القهرية، وكذلك الشعور بالإحباط وعسر المزاج.
أنا على ثقة كاملة -إن شاء الله- أنك بتناولك لهذه الأدوية سوف تتحسن حالتك كثيراً وسوف تزيل هذه الحالة، وعليك أن تحاول دائماً أن تحسن الظن بالآخرين وألا تسيء التأويل، وتذكر يا أخي أن الله تعالى قد أنعم عليك بهذه الوظيفة الجيدة، ولا أعتقد من حولك يريدون بك أي شر أو ضرر.
وبالله التوفيق.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
لا أستطيع التفكير إلا في رضا الناس.. كيف أتخلص من ذلك؟ | 1963 | الأربعاء 24-06-2020 03:47 صـ |
أشعر بالجنون والاكتئاب عندما أتعمق في مشاعري. | 1407 | الأربعاء 17-06-2020 08:47 مـ |
لدي خوف وتردد وأخاف من المواجهة حتى عند الاختلاف! | 2919 | الاثنين 18-05-2020 10:04 صـ |
عدم الثقة بالنفس وتقلب في المزاج! | 2343 | الثلاثاء 28-04-2020 04:29 صـ |
كيف أستطيع اتخاذ القرار؟ | 1563 | الثلاثاء 21-04-2020 05:34 صـ |