أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : نصائح لفتاة تعاني كره أمها لها وتفضيل أخواتها عليها وتقليل شأنها

مدة قراءة السؤال : 7 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم.
أولاً وقبل كل شيء: أرجو عدم عرض استشارتي.

مشكلتي مع أمي وأخواتي البنات، مشكلة تلازمني منذ خمس سنوات، ولقد تعبت كثيراً لحلها.

معاملتهم لي معاملة سيئة جداً، لا أعرف لم كل هذا؟ هل لأن ابن عمي ناو أن يخطبني، وأمي تريده لأختي التي تصغرني بسنة، لكننا متعلقان ببعضنا، لم أره منذ فترة طويلة، وليست بيننا رسائل، لا لشيء سوى أننا نتقي الله في أن نخوض مثل هذه التفاهات.

المهم: أختي واضعة عينها عليه؛ لأنه -ما شاء الله- لديه راتب عال، وهم همهم الفلوس فقط، فأختي لا تحبه إلا لأن عنده فلوساً، ولأنه أخذ الجنسية من الدولة التي يسكن فيها، والآن هو -والحمد لله- في نعمة، وأنا والله ثم والله إني لا أفكر مثلما يفكرون، نحن منذ أن كنا صغاراً نلعب مع بعض ونسولف، وكنا نعد بعضنا بالزواج، يعني: سوالف الأطفال، مرت الأيام وكبرنا، وفعلاً هو ناو أن يخطبني.

لكن أمي قالت: والله! أنت لا تستحقينه، أختك أحسن منك طولاً وعرضاً، وجمالاً ما شاء الله! تخيل، هذا تفكيرها!

أنا -الحمد لله- راضية عن شكلي وطولي ووزني، وكل شيء أعطانيه ربي، ولو كان ابن عمي فكر أن يتزوج امرأة لطولها وجمالها لكان تقدم لخطبة أختي من زمان، لكنه ليس من هذا النوع.

علاقتي مع الناس جداً طيبة، فهم ينادونني بالحبوبة أو المبتسمة! وعلاقاتي مع الناس ومع أخواتي شفافة جداً، وتتسم بالوضوح، فأنا لا أتكبر عليهم.

وكذلك أنا في البيت! أكنس وأطبخ وأغسل الثياب، ليس لأجل شيء إلا لأني أريد أن أريح أمي، وأرد لها الجميل، لكنها أبداً ما قالت لي كلمة شكر! وأنا بصراحة لا أنتظرها منها، أنا أريد الثواب من عند رب العالمين.

دائماً تحاول أن تقلل من شأني أمام إخواني، وتسبني، وأنا أبقى ساكتة ومقهورة، وتظهر كل عيوبي، وعندما تأتي أختي تمطرها بوابل من المدح، وهي أبداً ما كلفت خاطرها أن تساعد أمي في الطبخ أو الغسل أو أي شيء آخر، اللهم إلا أن تغسل الصحون فقط.

وإذا أتى أحد من إخواني تركض جهة المطبخ وتظهر نفسها وكأنها تشتغل، وعندما يذهب ينتهي الشغل، وتقعد على التلفزيون أو النت.

أنا والله مقهورة أحس أني مظلومة، أنا أتعب وأكد وأعمل كل شيء لأجلها، لكن هي ما تقدرني.

بدأت أشك في نفسي: هل هذه والدتي، وهل أنا بنتها أم لا؟!

في يوم من الأيام سقطت علينا الوالدة وذهبنا بها إلى المستشفى، وما قصرت معها، نمت عندها على الكرسي وجسمي هالك من الإرهاق، ورجعت البيت وذهبت المطبخ وعملت لها الطبخة التي تحبها، قلت: يمكن أن تتغير معي، ومع ذلك لاقيت منها السب، وأني قليلة الأدب!

البنات استغربن لماذا تعاملني أمي بهذه الطريقة؟ والكل يشهد أني مظلومة، لكن والله لا أحد يتجرأ وينصفني منها.

أنا دائماً ردة فعلي أبتسم بهدوء، ولا أقول شيئاً، وكل هذا لأجل ولد عمي فهو ناو أن يخطبني، ولا يأتي يوم وبنات عمي أو خالتي عندنا إلا وتقول فيّ كلاماً، والله! فلانة ما تشتغل، كسولة قاعدة على النت، تعالوا انظروا إلى أختها ما شاء الله عليها ربة بيت.. إلخ.

أجلس أبكي وأصيح، وأنا أصلي صلاة الليل، وأقول: يا رب! إني مغلوبة فانتصر، إني مغلوبة فانتصر، وكلما أدعو تتأزم الأمور، وتتعقد أكثر وأكثر، وعلاقتي بهم تصير إلى أسوأ.

فتحت مع أمي الموضوع هذا، ولم ترد علي، نظرت إلي بطرف عينها وقالت لي: أختك أحسن منك، وهي ما شاء الله تُساعدني كثيراً في المطبخ!

وأنا أدعو وأدعو أنها تنفرج، صديقتي دائماً تتصل علي وتحاول تخفف عني، وتقول لي: صدقيني ستنفرج، أقول لها: متى وإلى متى؟!

أنا تعبت نفسياً، أقول: لو كان لي بهم قوة أو آوي إلى ركن شديد!

صدقني أنا أكتب هذا الكلام وأنا منهارةٌ كليّاً، فقبل أن أدخل الغرفة تطالعني بنظرة، وتقول لي: سأشتكي عليك عند عمك، وهذا كله حتى تخرب العلاقة بيني وبينهم! حسبي الله ونعم الوكيل فيهم.

أخواتي يضحكن مني، ويزدن على النار حطباً بدل أن يقلن: هذا حرام عليك يا والدة، البنت مسكينة ما عملت شيئاً. على نيتها، لكنهن كل يوم عند أمي، ويقعدن يخططن: ماذا نعمل؟! ماذا نقول؟!

يا ألله! تعبت، والله تعبت، حاولت أتقرب منهم بالهدايا والكلمة الطيبة، لكن لا توجد فائدة.

حاولت معهم أن نخرج سوياً في زيارة إلى إحدى الصديقات في مكان عملها، فيكن مثل السمن على العسل، وأبكي من الفرحة، لكن ما إن يرجعن البيت ويجلسن عند أمي حتى تنقلب الأمور، وكأني لم ألتق بهم في الرحلة، أو كأننا لم نخرج سوياً، مكشرات عن أنيابهن، يطعنني في اليوم ألف مرة، وأنا أستغفر ربي وأستغفر وأدعو لهم.

أنا لو قعدت أكتب إلى الغد فلن أنتهي من الكلام، والشكوى لغير الله مذلة، لكني أريد منكم النصيحة وبعض الأدعية التي أقولها في قيام الليل، عسى ربي يفرج كربتي وهمي، فأنا تعبت، بدأت أفقد الأمل، بدأت أحس باليأس والعجز.

جاءتني وساوس وأفكار شريرة، أن أقتلهن! تخيل لهذه الدرجة أصبحت أفكر في قتلهن! لكني أتراجع وأستغفر ربي.

وأحياناً يأتيني وسواس ويقول لي: لو كان الله موجوداً لسمع دعاءك، وفك كربتك! (أستغفر الله، أستغفر الله).

لا حول ولا قوة إلا بالله، ساعدوني، أعطوني حلاً، أعطوني أدعية، كيف أعمل معهن؟ لقد حاولت وحاولت لكن دون فائدة.

ومع كل هذا فأنا أفكر في أخذ رخصة القيادة (الليسن) وأشتغل وأساعد أمي وأخواتي، وأخرجهن ونتفسح رغم كل الذي يعملنه معي.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ اليتيمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأنت ابنتها وهي أمك، ونسأل الله أن يرزقك برها، وأن يردها إلى صوابها، وقد أسعدني كمال عقلك، وحرصك على الخير، وأفرحني رغبتك في ثواب الله، وإذا تذكر الإنسان لذة الثواب نسي ما يجد من الآلام، فعمقي في نفسك معاني الإخلاص والاحتساب، وأكثري من ذكر وشكر الوهاب، مقسم الأرزاق، ومنزل الكتاب.

وإذا رغب فيك ابن عمك فلن يضرك ما يحصل من أهل بيتك، فاتقي الله واصبري، وكوني مع الله ولا تنتظري أجراً إلا من الله، واجعلي هدفك رضوان الله، وإذا رضي عنك فإنه سوف يرضى عنك أهل السموات وأهل الأرض، وإنما ينال الإنسان رضوان الله بمسارعته في طاعة الله، وببعده عن كل ما يغضب الله، واعلمي أنه لن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله.

وأرجو أن تعملي في صمت، وتساعدي والدتك وأهلك، ولا تهتمي بتقصير إخوانك، فإن الحياة مدرسة، والناس يعرفون من يعمل ومن يمثل، فلا تتكلمي معهم في هذا الأمر حتى لا تتعمق الجراح، واعلمي أن كل صاحب نعمة محسود، ولكن الحسد يضر أهله قبل أن يصل إلى المحسود.

ولا تقصري في الدعاء لهم في سجودك وفي أوقات الإجابة، وقابلي إساءتهم بالحسنى وزيادة، واجعلي رضا الله هو الغاية، ولا تتشبهي بأهل الغفلة والغواية، واعلمي أن المكر السيئ يحيق بأهله في النهاية.

وأرجو أن تواصلي اللجوء إلى الله، ولا تستعجلي، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله! وما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجب لي، فيستحسر عند ذلك ويترك الدعاء).

وأرجو أن تعلمي أن الإجابة تأتي متنوعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يدعو الله بدعوة إلا أعطاه بها إحدى ثلاث: إما أن يستجيب الله دعوته، وإما أن يدخر له من الأجر مثلها، وإما أن يدفع عنه من البلاء مثلها).

فلا تتوقفي عن الدعاء.

ولا شك أن ابن عمك أدرى بكل صغيرة وكبيرة، وكذلك أخواته وأسرته، ولذا لا يستطيع أحد أن يجبره على الزواج بفتاة لا يريدها.

ومهما كان قصد الوالدة فنحن ننصحك بالصبر والاحتمال، واشغلي نفسك بطاعة العظيم ذي الجلال، واعلمي أنه لن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، ولا تظهري لهم الضيق، وافعلي الخير، ولا تنتظري عليه أجراً إلا من الله.

ولا داعي للانزعاج أو الشك في نفسك أو في والدتك، واعلمي أن هذا ابتلاء وعلاجه بالصبر والرضا والاستغفار وسلوك طريق الهدى، ونحن نشكر لك اهتمامك بالوالدة وصبرك عليها، وعليك بتقوى الله، فإن الله يؤيد أهلها وييسر أمورهم، قال تعالى: (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ))[الطلاق:2-3]، واشغلي نفسك بذكر الله وطاعته، وحافظي على علاقاتك الطيبة مع الناس ومع أفراد أسرتك، فإن الأخلاق الطيبة عطر يفوح، ونسيم يهجم على الأنوف، وقد أحسن من قال:

ولائك الخير لا تخفى على أحد *** كحامل المسك لا يخلو من العبق
وهذا الذي تفعله الوالدة مع أختك ليس من مصلحتها؛ فإن الإنسان الطيب النشيط معروف ولا يحتاج إلى من يعطيه ألواناً ومويهات.

وفي الختام أرجو أن تعلمي أن كل شيء بقضاء وقدر، وأن الأمر لله من قبل ومن بعد، فاشغلي نفسك بما خلقت لأجله، واعلمي أن الناس لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا وكادوا وخططوا من أجل أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، فكوني مع الله، وأكثري من اللجوء إليه، فإن الدعاء هو جماع الخيرات، ولا يرد القضاء إلا الدعاء.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
هل الدعوات تستجاب في حينها، أم يدخرها الله تعالى لوقت آخر؟ 1157 الخميس 02-07-2020 09:31 صـ
كيف أبر أمي وأقوم بحقوقها؟ 1075 الاثنين 22-06-2020 03:10 صـ
لا أجد حباً لي من أمي، كيف أتعامل مع جفائها لي؟ 1386 الأحد 10-05-2020 03:29 صـ
كيف أنسى إساءة الوالدين لي وأتعايش معهم من جديد؟ 2140 الأحد 26-04-2020 03:56 صـ
أشعر بتشتت وعدم اتزان، وأخشى الانتكاس. 1946 الاثنين 20-04-2020 01:49 صـ