أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : أشكو من الوساوس المتعلقة بالذات الإلهية ومرض التخيلات!

مدة قراءة السؤال : 4 دقائق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرًا على مجهوداتكم في خدمة أهل الإسلام.

دكتور/ محمد عبد العليم، جزاك الله خيرًا، وزادك علمًا.

مرضي وعذابي خاص بالتصورات والتخيلات للذات العلية، عمري الآن 35 عامًا، ومنذ أن كان عمري 14 عامًا تقريبًا أصبحت أعشق القرب من الله، ولا أجد شيئًا يُفرِح أكثر من ذلك، وكنت أصلي في المسجد، ومع الوقت ازداد حبي في القرب، حتى بدأت في مرحلة الكلية في القراءة في كتب الصفات لله، ككتاب التوحيد لابن خزيمة وغيره من علماء كبار، معتقدًا أن هذا يقربني أكثر من الله.

مع كثرة أحاديث الصفات، بدأ يتشكل لديّ شكل للذات الإلهية، وكنت معتقدًا أني بهذا أطيع الرسول؛ وبالتالي أطيع الله، وكأنّ قصد الرسول الشعور بتخيل الله! ولكن لم أكن أشعر بلذة تامة في العبادة.

بعد وفاة أبي حكت لي زوجتي رؤيا بالكذب، فسألت الشيوخ، فقالوا: عن قرب موت، فأخذت أبحث وأراجع كل ما في قلبي؛ حتى أستعد للموت وملاقاة الله دون أي خطأ، وأثناء سؤالي للشيوخ كنت أعلم أني مخطئ، وأنه يجب تذكّر آية: {ليس كمثله شيء...}، مع أحاديث الصفات، وأن اعتقادي كان به تجسيم، فعشت حياة كئيبة، منتظرًا موتاً قريباً، مع عدم فهم لديني، فأُصبت أيضًا بوسواس قهري، ولم أعد أستطيع النوم، مع سرعة ضربات القلب.

ذهبت لطبيب، فكتب لي (استيكان) و(روميرون)، نصف حبة قبل النوم، فنمت بعدها، وبدأت أراجع ما أنا فيه، وقرأت لعلماء الأشاعرة وعلماء السلف، فوجدت خلافًا كبيرًا في تضليل كل منهم الآخر، وبعد اقتراب الشفاء دخلتْ موجة جديدة من الوسواس القهري، ويحصل لي شدّ في صدري من الخلف والأمام ناحية القلب؛ نتيجة سرعة الضربات، مع فرقعة في أعلى يسار الرقبة عند البلع.

عند النوم أشعر بألم في رأسي ناحية الشمال، وأشعر بأني أريد البكاء لتطهير قلبي وبسبب نقص السعادة، فذهبت لطبيبين، فكتب لي كلاهما: (ستاتومين)، 100 جرام بالتدريج، حتى وصل إلى حبة صباحًا وحبة مساء.

منذ حوالي عام وأنا على ذلك، مع زيادة (الأندرال)، 10 جرام صباحًا ومساء، والآن الدكتور كتب لي زيادة دواء (سرباس)، لكنني قرأت أن له أضرارًا كبيرة، ومشكلتي الآن مرض التخيلات.

كلما أذكر الله، وأقترب منه أثناء الصلاة والذكر الذي هو حياة أي أنسان، أحاول أقترب بالصفات المعنوية؛ يأتيني وسواس بأني لازم أتصور ربنا كيف يسمعني وكيف يبصرني وكيف يعلمني، وإلا أكون عطلت ربنا من الصفة!

مع إيماني بنفي الكيفية والتمثيل كثيرًا أشعر بالراحة، وأنا في حرب مع الشيطان، ولي فترة على هذا.

أرجو الله أن تكون عونًا لي، وتساعدني في وصف العلاج مما أنا فيه، وأرجو الله أن يهديني وينقذني من آلامي المستمرة الخاصة بتللك التخيلات والتصورات التي أصابتني بوسواس قهري واكتئاب.

شكرًا لكم.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك –أخي الكريم– على الثقة في إسلام ويب، وفي شخصي الضعيف، وقطعًا رسالتك رائعة، رسالة مُفعمة بالمعرفة، رسالة تُعبِّر عن ذاتك وعن نفسك الطاهرة والنقية، رسالة تُعبِّر عن نفسك اللوامة، قد دخلتْ عليك من خلال الوساوس؛ ممَّا أوقع عليك الألم النفسي الذي عبَّرتْ عنه بصورة جلية.

أخِي الكريم، أسأل الله لك ولنا العافية والمعافاة في الدين والدنيا والآخرة، وأريد أن أوضح لك حقيقة مهمة جدًّا، وهي: أنك -الحمد لله تعالى– بخير، وأنت وددتَّ أن تعرف عن دينك، وأن تسير في طريق المعرفة، وأن تزوِّد نفسك بالعلم على أسسٍ أصيلة، ثم دخلتْ عليك هذه الوساوس اللعينة، والوسواس -أيها الفاضل الكريم–، هو مرض من الأمراض المعروفة، والوسواس قد يكون وسواسًا خنَّاسيًا أو وسواسًا طبيًّا، هذا هو الرأي الذي أرجحه كثيرًا، وأرى أنه مهما كان نوع الوسواس، حتى وإن كان خنَّاسيًا يحدث نتيجة لذلك أيضًا تغيرات في كيمياء دماغ الإنسان، ولذا القناعة بأن المرض هو وسواس، وأنه يمكن أن يُعالج؛ هذا فيه تدعيم نفسي كبير جدًّا.

أخِي الكريم، (ما جعل الله من داء إلَّا جعل له دواء، فتداووا عباد الله)، وأنا أريدك أن تأخذ بهذا الحديث، وأحسبُ أنك سوف تأخذ به -أيها الفاضل الكريم-.

الوساوس من هذا النوع وساوس سخيفة، وأنت بالفعل وصفتها بالتخيلات، وهي صور ذهنية -هكذا نُحبُّ أن نسميها- تجسَّدتْ في شكل تخيلات صورية وتصورية في وجدانك وفي كيانك وفي خيالك، وبما أن نوعية هذه الوساوس أصلها وجذورها حقائق، حقائق في الدين وحول الدين، فهذا هو الذي جعل الأمر متشعبًا ومؤلمًا عليك.

أيها الفاضل الكريم، دعوتي لك هي أن تُحقِّر هذه الأفكار، أعرفُ أن ذلك ليس سهلًا، لكن اعْزِم وصمِّم ألا تُناقش، ألا تُحاور، ألا تُشرِّح الوسواس، لا تجعله يلتفَّ حولك، وأعتقد من خلال ذلك أنك سوف تنتصر في معركتك مع الشيطان، وأن تُكثر من الاستغفار، وأن تستعيذ بالله –تعالى- من الشيطان الرجيم، وأن تصرف انتباهك تمامًا لفكرٍ آخر وأفعالٍ أخرى، ومهام حياتية تعرف أنها كثيرة وأنها سوف تفيدك.

أيها الفاضل الكريم، خذ الأمور ببساطة ووسطية، جاهد نفسك حول هذا الأمر.

الدواء مهم ومهم جدًّا في حالتك، والدواء -إن شاء الله تعالى- سوف يُمهِّد ويُعبِّد وييسِّر لك طريق الشفاء، طريق المقاومة، طريق التحقير للوسواس ولهذه الصور الذهنية. عقار (بروزاك Prozac)، والذي يسمى علميًا باسم (فلوكستين Fluoxetine)، هو الأفضل، وإن لم يفدك (الفلوكستين)، سوف يُضاف له عقار (فافرين Faverin)، والذي يعرف علميًا باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine)، وإن لم يفدك (الفلوكستين) و(الفافرين) تُضيف جرعة صغيرة من عقار (رزبريدال Risporidal) أو ما يسمى علمياً باسم (رزبريادون Risperidone).

أتمنى أن تذهب وتقابل أحد الأخوة الأطباء، هذا فيه تدعيم كبير لك، وإن لم يتيسَّر لك الأمر، فابدأ مباشرة في تناول (الفلوكستين)، وهو (البروزاك)، ويسمى في مصر باسم (فلوزاك Flozac)، ابدأ بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها كبسولتين في اليوم لمدة شهرٍ، تناولها كجرعة واحدة في المساء أو في الصباح، وبعد انقضاء الشهر اجعلها ثلاث كبسولات في اليوم، كبسولة في الصباح وكبسولتين ليلاً، وهذه تحتاج أن تستمر عليها لمدة ستة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة، بعدها تخفض الجرعة إلى كبسولتين في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ.

هذه هي الطريقة المثالية، لكن إذا احتجنا (للفافرين)، يجب أن تتواصل معي -أيها الفاضل الكريم-.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
تعبت من الوسواس القهري الذي ينتابني وتظلم حياتي بسببه. 3336 الأربعاء 15-07-2020 04:30 صـ
كيف أصرف الوساوس عن نفسي وأحاربها؟ 1922 الأحد 28-06-2020 02:49 مـ
كيف أتخلص من وسواس الخوف والمرض بدون أدوية؟ 1897 الخميس 25-06-2020 05:38 صـ
أريد السيطرة على الوساوس والأفكار السيئة التي تهاجمني 2356 الخميس 25-06-2020 02:58 صـ
بسبب التشكيك في ديني في بلاد الغرب أتتني وساوس بالكفر، ما علاج ذلك؟ 1563 الأربعاء 24-06-2020 04:38 صـ