أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : حياتي مضطربة بين بعد عن الله وخصام دائم مع الأهل!
السلام عليكم..
أنا فتاة عمري 18 سنة، لدي مشكلة، وهي أني لا أحافظ على الصلاة أبدا، ولكني قد أحافظ عليها أوقات الاختبارات والدراسة فقط، وعندما تنتهي الاختبارات أتركها، وأقول ما حاجتي إليها الآن؟! ودائما ما أتشاجر مع والديّ وخاصة مع أمي، فأنا لا أحتمل أن يكلمني أحد بطريقة لا تعجبني، أو يصرخ علي، فدائما ما أرد عليها وأقول ما لا يجب أن أقوله.
أمي ليست سيئة معي أبدا، بل تعاملني جيدا، ولكن بسبب كثرة الشجارات أصبحت أكره أهلي جدا، وأتمنى أن أخرج من منزلهم بأي طريقة، أكره هذا المنزل بشدة، ودائما أشعر بالهم والحزن والخوف، كما أنني أمارس العادة السرية، وأنا أتمنى أن أتركها، ففي كل مرة أمارسها تحصل لي مشاكل مع أهلي.
وأيضا أحب شابا عبر الانترنت منذ 3 سنوات من جنسية أخرى، لكنه يقيم حاليا في بلدي، وهو حب من طرف واحد، هو يعلم أني أحبه، ولكنه يحبني كصديقة فقط، أريد أن أتركه، ولكني تعودت عليه، وأصبح من روتيني اليومي.
أرجو أن تساعدوني في حل مشكلة الصلاة لدي، فأنا حقا أشتاق للصلاة، وأشتاق لله والدعاء والإيمان، وكيف أغير حياتي كلها للأفضل، خاصة وأني مقبلة على المرحلة الجامعية؟
وشاكرة لكم جهودكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جمانة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً بك في موقعك "إسلام ويب"، وإنَّا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدِّر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.
وبخصوصِ ما تفضلت بالسُّؤال عنه فإنَّنا نحبُّ أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: من رحمة الله بنا -أختنا الكريمة- أنه لا توجد مشكلةٌ في الحياةِ إلا ولها أسبابٌ دافعة إليها، وعلاجات ناجعة لها، وعلينا إذا أردنا أن نعالج أي ظاهرة سلبية أن نعرف أسبابها، فكما ذكر المختصون أنَّ معرفةَ الأسبابِ نصف العلاج، وأنَّ البحثَ عن العلاجات الطارئةِ لا يزيلُ المشكلة، وإنَّما قد يسكنُ أعراضها لفترةٍ قصيرة.
ثانيا: من خلال حديثك بدا لنا أن المشكلة تكمن في ثلاثة أمور:
1- الفراغ الروحي جراء البعد عن الله.
2- بروز المعاصي السلوكية والخلقية.
3- البحث عن المسكنات العاطفية المحرمة.
والحقيقة أن حضور السبب الأول وهو البعد عن الله كان سببا مباشرا في ظهور كل المعاصي التي تحدثت عنها، واقرئي –أختنا- إن شئت قول الله تعالى: (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات)، وهذا يظهر لنا بجلاء أن كل من اتبع الشهوة يعلم قطعا أنه ابتعد عن الصلاة، وبالعكس كل من اتبع الصلاة، وحافظ عليها، وأدّاها كما أمره الله أعانه الله على شهوته.
ثالثا: نريدك –أختنا- أن تحدثي لله توبة صادقة، واعلمي أن الله يقبل التوبة من عباده، بل يفرح ربنا لتوبة عبده، فعن أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري -رضي الله عنه- خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة" متفق عليه، وفي رواية لمسلم: "لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح".
وهذا يثبت لك –أختنا- سعة رحمة الله بنا، فأملي في الله خيرا، واعلمي أن الله كريم غفور رحيم، وهو القائل –أختنا- جل شأنه: ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ)، والتعبير بقوله جل شانه (لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) يدل على سعة رحمة الله وعدم يأس المؤمن من رحمة الله جل وعز، فبادري بالتوبة إلى الله، وأقبلي على ربك، ولا تيأسي من رحمة الله.
رابعا: اعلمي أن الحل بيدك –أختنا- لا بيد غيرك، إن كنت صادقة مع الله حقا فالتوبة أولا، والاحتماء بالله ثانيا، وقطع كل وسيلة تواصل بينك وبين هذا الشاب وبين تلك المعصية، واستعيني بالله علة ذلك.
خامسا: احذري من اليأس، احذري أن يصور لك الشيطان أن ما فعلته جرم لا كفارة له ولا منجاة منه، احذري أن يعظم الشيطان الحرام الذي فعلته ليوهمك أنك قد ابتعدت عن الطريق المستقيم، وأنك لن تصلي مرة أخرى إليه، لا، فالعودة قريبة -إن شاء الله-، ولعلك تأخذين من هذا البعد الروحي جراء المعاصي درسا لك في قابل حياتك تجنبك العثرات، وقد قال الشاعر:
ولرُبٌّ نازلةٍ يضيق بها الفتى * ذرعاً وعند الله منها المخرجُ
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها * فُرجت وكان يظنها لا تُفرجُ
خامسا: اجتهدي –أختنا- أن تقيمي الصلاة كما أرادها الله منك، ابدئي الصلاة بشحن النفس جيدا، مستحضرة الآيات والأحاديث التي تقوي عزمك وتعينك على الأداء، ومن تلك الآيات:
- (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين).
- (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين).
- (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين).
- (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا).
- (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون).
- قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟) قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: (فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الخطايا).
- وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر).
- وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة) اكتبي هذه الأحاديث ومن قبلها الآيات في ورقة أو علقيها على الحائط أمامك، وداومي النظر إليها.
2- استحضري نعيم أهل الجنة وجحيم العصاة من أهل النار كلما دعتك نفسك إلى التكاسل.
3- احرصي على أن تقرئي في سير أهل العلم والصلاح، وكيف عبادتهم لله، خذي كتاب علو الهمة، وكتاب الإيمان أولا فكيف نبدأ به، وكتاب رهبان الليل لحسين عفاني، هذه الكتب ستفتح لك آفاقا رحبة، وتحبب إليك الصلاة.
4- اعلمي أنه لا عقوبة إلا بذنب، فأكثري من الاستغفار والتسبيح والذكر، فإن هذه من أعمال اللسان التي لا تتطلّب وقتًا مخصصًا لها، ولكنها تفيد في صفاء القلب وخلوه من المعاصي والذنوب، فيمكن الإكثار منها في المواصلات وقبل النوم وفي كل حال.
سادسا: افرضي على نفسك عقوبة إيجابية لكل فرض تكاسلت عنه، المهم أن تكون عقوبة رادعة ومحتملة، فلا ترهقي نفسك بعقوبة تقصم الظهر، ولا تجعلها هينة تعتاد نفسك عليها.
خامسا: إننا ندعوك حتى تتغلبي على هذه الشهوة أن تقومي بعدة أمور:
1- الاقتناع الذاتي أولا بأنك قادرة على تجاوز تلك المرحلة، فإذا لم يتم الاقتناع الداخلي؛ فإن العلاج سيكون ناقصا غير كامل.
2- زيادة التدين عن طريق الصلاة (الفرائض والنوافل) والأذكار، وصلاة الليل، وكثرة التذلل لله عز وجل.
3- اجتهدي في الإكثار من الصيام، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء".
4- ابتعدي عن الفراغ بكل أشكاله.
5- ابتعدي عن كل المثيرات التي تثيرك، واعلمي أن المثيرات سواء البصرية عن طريق الأفلام، أو السماعية عن طريق المحادثات، أو أيا من تلك الوسائل، لا تطفئ الشهوة بل تزيدها سعارا.
6- ننصحك باختيار الأصدقاء بعناية تامة، فإن المرء قوي بإخوانه ضعيف بنفسه، والذئب يأكل من الغنم القاصية، فاجتهدي في التعرف على أخوات صالحات، واجتهدي أن تقضي معهن أوقاتا أكثر في الطاعة والعبادة والعمل المجتمعي.
7- تجنبي الجلوس وحدك، ولا تخلدي إلى النوم إلا وأنت مرهقة تماما.
تذكري أن الحل بيدك وليس بعيدا عنك، نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يقدره لك.
والله المستعان.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
كيف نتحصن من الوقوع في الذنوب والكبائر؟ أحتاج برنامجا عمليا! | 2054 | الأربعاء 12-08-2020 05:38 صـ |
معصيتي لله أخشى أن تؤثر على حياتي الدراسية! | 4096 | الاثنين 10-08-2020 04:13 صـ |
أتوب من المعصية ثم أرجع لها، فهل سيحرمني الله من النعم؟ | 3569 | الأحد 19-07-2020 02:55 صـ |
كيف أثبت على ترك المعاصي والعلاقات المحرمة؟ | 1898 | الأحد 12-07-2020 11:53 مـ |
صديقي يرغب في الزواج بفتاة مطلقة وأهله يرفضون، فما توجيهكم؟ | 1148 | الثلاثاء 07-07-2020 09:45 مـ |