أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : والدي قطع علاقته مع ربه ومدمن للمخدرات نرجو منكم الرأي والمساعدة

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله الذي هو ثقتنا حين تنقطع الحيل عنا، وددت التوجيه والرأي السديد، ومد يد العون بعد الله في حال والدي -هداه الله- البالغ من العمر قرابة 60 عاماً؛ حيث إنّه لا يصلي ولا يعرف للمسجد طريقاً، ولا يصوم ولا يزكي، وقاطع لعلاقته بـ (أمه وإخوانه وأخواته) وجاحد لحقوق الناس، ومنذ أن عرفت والدي -يهديه الله- وهو مدمن للمخدرات (حبوب الكبتاجون) لأكثر من أربعين عاماً، وسبق أن سُجن في قضية حيازة مخدرات؛ ممّا سبّب لنا إحراجاً لا يوصف.

بعد وفاة والدتي -يرحمها الله- منذُ 21 عاماً لم يتزوج والدي منذ ذلك الحين إلى الآن، وقد قام أهل الخير من أبناء عمومتنا وأقرباء لنا -جزاهم الله خيراً- بنصحه بالحسنى والتكفل بزواجه ولكن لا جدوى، حتى أصبح يقوم بطردهم والتلفظ عليهم.

يعيش -الآن- منعزلاً وحده، قاطعاً علاقته مع ربه ومع الناس، معروفا في محيط مجتمعنا بإدمانه، وتركه للصلاة، وسوء خلقه، لا نرى لنا قبولاً أو محبة من أقربائنا ومجتمعنا، والله إننا في حيرة وغصة من أمر والدنا حين نراه بهذا الحال، ولا نستطيع فعل شيء له، لا أقول: إننا لم نفعل شيئاً، بل حاولنا ولا زلنا نحاول مساعدته على نفسه، ندعو له بالهداية في كل حين؛ نخاف من أن يموت وهو على سوء خاتمة.

هذا هو ندائي ورجائي بعد الله للأخيار بالرأي السديد والمشورة، ومد يد العون، وجزاكم الله خير الجزاء، ووفقكم لما يحبه ويرضاه.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سلطان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله أن يهديَ والدك، وأن يصرف عنه كيد شياطين الإنس والجن، وأن يُصلح حاله، وأن يشرح صدره، وأن ييسر أمره، وأن يوفقه لفعل ما يُرضيه، وأن يعينه على إصلاح ما بينه وبين عباده، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل-؛ أولاً أحب أن أقول لك: إن هذا نوع من الابتلاء والاختبار لكم؛ لأن الإنسان قد يُبتلى في نفسه بالأمراض والعلل والأسقام، وقد يُبتلى في ماله بالخسارة أو عدم الربح، وعدم التوفيق في عمله، وقد يُبتلى في زوجه بعقوقها أو عدم طاعتها أو غير ذلك، وقد يبتلى في ولده، وكذلك أيضًا يبتلى في والده.

أرى أن ما عليه والدك من هذه الأمور التي أشرت إليها في رسالتك إنما هو نوع من الابتلاء لكم، وصبركم على هذا الابتلاء مما لا شك فيه أنكم مأجورون عليه أجرًا عظيمًا يوم القيامة. المهم فعلاً –كما ذكرت أنت في رسالتك– إنما هو عدم اليأس من رحمة الله تعالى، وعدم القنوط من إصلاحه؛ لأن الله تبارك وتعالى قادرٌ على أن يصلحه ما بين عشية أو ضحاها، والدليل على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها)، إلا أن الأمر -أيضًا- يحتاج منكم إلى نوع من الصبر والنفس الطويل، هذا بداية.

الأمر الثاني: قد يكون شاعر الحيِّ لا يُطرب، بمعنى أن الذين جئتم به لوالدكم سواء كنتم أنتم أو بعض أقاربكم أو جيرانكم، والدكم لم يتأثر بكلامهم، فما المانع أن تبحثوا عن مفتاحٍ آخر لقلب والدكم، وأقصد: قد يكون هناك بعض العلماء الربانيين وبعض الدعاة الصالحين الذين يُشهد لهم بالصلاح والديانة والتقوى، أعرضوا عليهم قيامهم بزيارة والدكم، مرة بعد مرة، لعل الله تبارك وتعالى أن يجعل أحد هذه المفاتيح يفتح قلب والدكم إلى الطاعة والاستقامة والالتزام؛ لأنك تعلم أن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء، وتعلم أيضًا أن القلوب لها إقبال وإدبار، فأحيانًا تكون القلوب مدبرة لفترة طويلة من الزمن، ثم يشاء الله تبارك وتعالى أن يفتحها ببعض عباده.

لذا أرى أولاً عدم اليأس من روح الله تعالى، وعدم التوقف عن نصحه وتذكيره، وأيضًا إحسان معاملته قدر الاستطاعة رغم إساءته البالغة التي يقوم بها، ورغم الحرج الشديد الذي سببه لكم، وكما ذكرت: عليكم بعرض أمره على أحد الدعاة الطيبين؛ ليس لبيان الحكم الشرعي في موقفه أو فيه، وإنما للمساعدة، واطلبوا منه أن يأتي لمساعدتكم وزيارة الوالد، وأن يتكلم معه برفق، لعل الله تبارك وتعالى أن يصلحه، خاصة إخواننا في جماعة الدعوة والتبليغ؛ لأن لهم أسلوباً لطيفًا وأسلوبًا هادئًا، وقد يمُنُّ الله تبارك وتعالى على أحدهم فيقنعه -مثلاً- بالخروج معهم، فلعله لو خرج معهم في سبيل الله تعالى لمدة قد تكون طويلة أو قصيرة، وعاش معهم في بيئة الإيمان في المسجد، وحاولوا إكرامه كعادتهم، فلعل الله أن يغيِّر قلبه، فكم من أناس ذهبوا معهم وكانوا معرضين غاية الإعراض، وأصبحوا الآن من صالحي المؤمنين.

إذًا ابحث عن داعية من الدعاة المتميزين الذين يتميزون بهدوء الطبع ورقة الكلام وعذوبته، وحاولوا معه، فإن لم يتيسر فابحثوا –كما ذكرت– عن أحد هؤلاء الأخيار، ومما لا شك فيه أنهم كثر في المملكة، وتستطيعون -بإذن الله تعالى- مع تكرار الزيارات لهؤلاء الأخوة، لعل الله تعالى أن يهدي قلبه في يوم من الأيام؛ فيتغير ويتحول عما هو عليه إلى الحال التي ينبغي أن يكون عليه كمسلم محب لله ولرسوله.

عليكم مع ذلك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يهدي الله قلبه، وأن يغفر له، وأن يتوب عليه؛ لأنك تعلم أن الدعاء لا يُرد، وتعلم كذلك أن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فاجتهدوا في الدعاء له ولا تيأسوا من روح الله، لعل الله أن يهديه في يوم من الأيام قبل أن يُفارق الدنيا فيلقى الله على عمل صالح، وأسأل الله أن يكون ذلك قريبًا.

هذا وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
أبي مدمن خمر وعصبي، فما هو تأثير الخمور والمسكرات على الدماغ؟ 3078 الأربعاء 17-06-2015 05:18 صـ
أبي يشرب الخمر، فكيف أوجه له النصيحة؟ 7122 الخميس 13-09-2012 10:26 صـ