أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : بدانة زوجي تجعلني أنفر منه وأفكر بطلب الطلاق، فما الحل؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أنا متزوجة، عمري 29 سنة، ولدي أطفال، طبعا قبل زواجي تقدم لي زوجي طبعا ووافقت، وأهلي كانوا فرحين به، ومن داخلي غير مقتنعة به، والسبب أنه سمين، فقلت في نفسي: هل يعقل أن أرفضه لأنه سمين؟ وهل هذا سبب مقنع؟
كانا يزورنا في البيت، وكلما رأيت جسده أحس بضيقة في صدري، ولا يعجبني جسده، وكم تمنيت أن يكون من نصيبي شاب طويل ووسيم، ولكن للأسف الشديد لم أتوفق، على الرغم من أنه خلوق، وملتزم، وطيب -والحمد لله-، لكنه سمين، فوزنه ما يقارب 140 إلى 160، وهو متوسط الطول.
المشكله تبدأ في الفراش، فأنا لا أحب أن يجامعني، لأن بطنه وصدره كبير، وخاصة صدره، أحسه كصدر النساء، وهذا الأمر يضايقني كثيرا، ولا أحب أن أرى جسده أبدا، وعند الجماع أقول له فقط اعمل إيلاج، لا أريدك أن تقبلني ولا تلمسني، طبعا هو يحب القبلات واللمسات، فتجدني متضايقة نفسيا، كما أنني في حياتي لم أحضنه ولم ألمسه، وقد مضى على زواجنا 8 سنوات، ودائما أنظر لجسده نظرة حزن ويأس.
كم نصحته بعمل ريجيم أو رياضة، ولكن لا فائدة، يقول لي: سأعمل رياضة، فيمارسها لمجرد يوم أو يومين فقط ثم يترك، وينسى الأمر.
أنا واجهته وصارحته، ولكن للأسف الشديد بلا فائدة، وما تغير شيء، بل بالعكس زاد وزنه أكثر وأكثر.
أنا الآن متعبة نفسيا، وأهملت نفسي، وفي حقوق زوجي، من طبخ وغسيل وتنظيف، أسهر طول الليل، وأنام الساعة 7 أو 8 صباحا، وأستيقظ الساعة 4 أو 5 أو 6 مساء.
أصبحت عصبية جدا، وأفكر بالطلاق دائما، ولكن ما ذنب أطفالي الذين يحبون أباهم، والمجتمع لا يرحم المطلقات.
وأنا أحب الجنس وأفكر فيه، فأحيانا أشاهد مواقع جنسية، وعندما أرى شبابا ذوي عضلات؛ أحس بنوع من النقصان في داخلي، وأقول لماذا لم يرزقني الله مثل هذا الشاب؟
أحب أن أقبل، أن ألمس، أن أحضن رجلا، ولكن زوجي مستحيل، فمجرد النظر إلى جسم زوجي يتعبني نفسيا، وكل يوم أصرخ عليه وأطلب منه أن ينزل من وزنه، فيقول لي: إن شاء الله، ثم ينسى الموضوع.
يا إخوتي أرجو مساعدتي، فبيتي سيدمر.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أتفهم مشاعرك -يا عزيزتي-، وقد قرأت رسالتك عدة مرات لأحاول أن ألم بكل الظروف لعلي أجد لك مبررا لكل هذه المشاعر السلبية التي تعيشينها، والتي قلبت حياتك رأسا على عقب بعد مرور 8 سنوات على زواج، والذي أثمر أطفالا أبرياء.
وبصراحة أقول لك: بأنني لم أجد أي مبرر منطقي لمشاعر الكره والنفور الشديدة التي تقابلين بها زوجك الطيب والملتزم والخلوق، وهي الصفات التي يتمتع بها زوجك (كما جاء في رسالتك).
ولأنني أشعر بأن الصورة أمام عينك غائمة لسبب ما، ولأنني أريد أن أساعدك من كل قلبي، ولا أريد أن أجعل من ردي عليك لوما وعتابا، لذلك فإنني سأطلب منك أن تتأملي الحقائق التي سأقولها، وأرجو أن تتمعني فيها جيدا، وأؤكد لك بأنني لا أريد من كلامي هذا إلا الخير والسعادة لك ولعائلتك، وإن كنت أهدف إلى شيء؛ فإنما أهدف إلى مصلحتك أولا وأخيرا، والله عز وجل من وراء هذا القصد:
لو كنت قد تزوجت رجلا مثالي الجسم والمقاييس، ثم وبعد فترة من الزواج ازداد وزنه إلى أن أصبح مثل وزن زوجك الآن لأي سبب كان، هل كنت ستشعرين حقا بنفس مشاعر الكره والنفور نحوه؟
إن كان جوابك بنعم، فالمشكلة هنا ستكون فيك أنت، وليس في الزوج الذي أصبح بدينا، لأنك تريدين أن تفصل كل الأشياء في هذه الحياة، بحيث تناسب رغباتك وطلباتك فقط في كل زمان ومكان، وهذا أمر مستحيل.
وإن كان جوابك بلا، أي أنك سترضين به بعد أن أصبح بدينا، فهنا تذكري بأنك أنت من وافق على الزواج بمثل هذا الزوج البدين، وإن القرار كان قرارك، ولم يجبرك أحد على ذلك، لذلك يجب أن تتعلمي كيف تتحملين مسؤولية قراراتك وتقتنعي بالنتائج مهما كانت، أي أن المشكلة هنا هي أيضا فيك، فقد تكوني من النوع المتردد والمتقلب، وغير قادرة على معرفة ما تريدينه من الزواج ومن الحياة، أو أنك تستخدمين بدانة زوجك كشماعة أو كسبب غير مباشر لتغيير ما قد حدث في داخلك، وأنت غير مدركة له.
2- لو قدر لك أن تختاري الآن بين زوج بدين، محب، طيب القلب، خلوق، يودك ويريدك، وبين زوج وسيم ذا جسم رياضي ومتناسق، ولكنه فظ، غليظ القلب، ماجن، لا يحبك، ولا يحترمك، فمن ستختارين؟
3- لو كنت أنت البدينة، وكان زوجك يتمتع بجسم جميل متناسق، هل كنت ستتقبلين أو ستغفرين له أن يتصرف معك كما تتصرفين أنت معه الآن؟
4- لو تركت زوجك الآن، ورزقك الله عز وجل بزوج آخر متناسق الجسم ووسيم، لكن بعد الزواج مباشرة أو بفترة شاء الله جل وعلا أن يصاب هذا الزوج بمرض ما، واستدعى تناول دواء يسبب السمنة (الكورتيزون مثلا)، أو أن يصاب بمرض يفقد الإنسان وسامته وقوته ( كالسرطان أو غيره )، أو غير ذلك من الأمراض، وما أكثرها، هل ستفكرين ثانية في الطلاق منه؟ أو هل تفكرين في تركه للارتباط بزوج آخر وسيم ورشيق.
إن الحياة الزوجية يجب ألا تختزل في شكل الإنسان وجماله، ولا في متعة لحظات خلال العلاقة الجنسية، بل العلاقة الزوجية هي علاقة إنسانية راقية، وميثاق غليظ كما أراده الله عز وجل، أساسه الود والتراحم، وقوامه الأنس والسكينة والرضا.
الحياة الزوجية هي مهمة عظيمة، وأمانة كبيرة، يجب أن يؤديها كلا الزوجين على أكمل وجه مهما استجد عليهما من ظروف صحية أو مادية أو غير ذلك من كرب الحياة.
الحياة الزوجية هي عطاء وتضحية وتفانٍ، هي إخلاص بلا حدود، هي عبادة لله عز وجل، بل هي نصف الدين، ومن هذه المعاني الجميلة يجب أن ينبع شعور الزوجين بالمتعة والرضا، بل هذه هي المتع الحقيقة في الحياة، لأنها ستكون متعاً دائمة ومستمرة، يزداد ثمرها مع مرور الزمن، بينما متعة الجسد والعلاقة الجنسية هي متعة لحظات مؤقتة، ستزول وستذبل مع الزمن، ومع تقدم العمر، وتغير القوة البدنية لكلا الزوجين.
انتبهي- يا عزيزتي- فالحياة قصيرة جدا، ويجب أن نرتب نحن أولوياتنا فيها، لا أن نجعل غيرنا يرتب لنا أولوياتنا، خاصة إن كان هذا الغير هو المواقع الساقطة والأفلام الخليعة، فهي التي ترسم صورا مشوهة للرجل وللمرأة، وتصور لهم بأن الجنس والمتعة الجسدية هي الأهم، وهي التي تصور للنساء بأن كل الرجال يجب أن يكونوا شبانا مفتولي العضلات، يتمتعون بقدرات جنسية خارقة، وهي التي تصور للرجال بأن كل النساء يجب أن يكن كملكات جمال، لا هم لهن ولا تفكير لهن إلا في الجنس وكيفية التفنن فيه، وبالتالي لا تعود هنالك امرأة تقنع بزوجها، ولا يعود رجل يرضى بزوجته، ويختل ميزان الحياة، وتنتشر الفاحشة، وتنهار الأسرة والمجتمع، هذا ما نبه إليه ديننا الحنيف حين حذرنا من الاختلاط، ومن الكشف والتعري، وهو ما تحاول أن تروج له المواقع الساقطة التي لا يهمها إلا الكسب، فاحذريها وابتعدي عن مشاهدة هذه الأشياء، فهي من مداخل الشيطان إلى النفس، وهي ما يعمل على هدم البيوت المستقرة.
ولأني أريد أن أساعدك في تجاوز الأزمة التي تعيشينها، فإنني أقول لك:
بأنني لقد لاحظت بأن وزنك أنت أيضا زائد عن الحد المقبول لطولك، فلقد ذكرت بأن وزنك هو 90 كلغ، وطولك 155 كجم، أي أن وزنك زائد بمقدار 35 تقريبا، ولا أقصد هنا أن أحرجك على الإطلاق، لكنني قصدت بأن تستفيدي من هذا الشيء في التقرب إلى زوجك من أجل حل المشكلة.
فأقترح عليك أن تبدئي بنفسك، فتبادري بالقول له: بأنك تخططين لخفض وزنك، واتباع حمية صحية، وبأنك ستضعين برنامجا دقيقا لإنجاح هذه الخطة، والبدء بطبخ وتحضير طعام صحي ومفيد لا يسبب زيادة في الوزن، لأن السمنة لها مضار كثيرة على الجسم، ولأن خفض الوزن مفيد للصحة البدنية والعقلية على المدى القريب والبعيد، وبطريقة لبقة ومهذبة اقترحي عليه أن يشاركك هذه الخطة، وأن ينضم إليك في اتباع الحمية الصحية، بل وممارسة الرياضة معا بشكل يومي، وبأسلوب مرح ولبق أيضا.
حذريه بأنه إن خالف خطة الحمية أو الرياضة؛ فإنه سيتعرض للعقاب، وليكن العقاب مثلا: جلي الصحون في تلك الليلة، أو كي الملابس، أو أي عمل آخر ينفر منه زوجك، ليكون ذلك حافزا له حتى يستمر على الحمية.
والعكس أيضا صحيح، أي إن نجح في اتباع الخطة لمدة أسبوع مثلا، فإنك ستكافئينه على ذلك، مثلا ستبادرينه بقبلة، أو ضمة، أو بأن تكوني أنت المبادرة في العلاقة الزوجية، أو أي شيء تشعرين بأنه يحبه ويتمناه منك.
وإن قررت اتباع هذه الخطة؛ فإنني على استعداد لأن أرسل لك بالتفاصيل لحمية تساعدك وتساعد زوجك على خفض وزنكما -بمشيئة الله تعالى-.
أؤكد لك –يا عزيزتي- بأنك ستجدين زوجك بعد ذلك وقد أصبح لديه حافز قوي، ورغبة شديدة من أجل إرضائك، وبذلك تكونين قد أصبت أكثر من عصفور بحجر واحد -كما يقال-، حيث قد ينجح زوجك بخفض وزنه، وبالتالي خفض المخاطر الصحية لزيادة الوزن عنده، وتنجحين أنت في المحافظة على بيتك وعائلتك، وسيزداد حب زوجك وتقديره لك، كونك تعاملت مع المشكلة بنضج ووعي وحب.
والأهم –يا عزيزتي- هو أنك ستكونين قد اتقيت الله عز وجل في نفسك، وفي زوجك، وأسرتك، فليعينك الله جل وعلا على هذا.
أتمنى لك كل التوفيق -إن شاء الله تعالى-.
_____________________________________________
انتهت إجابة الدكتورة/ رغدة عكاشة -استشارية أمراض النساء والولادة وأمراض العقم-.
وتليها إجابة الشيخ الدكتور/ أحمد الفرجابي -مستشار الشؤون الأسرية والتربوية-.
_____________________________________________
فمرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك التواصل والاهتمام، وقد أفرحنا ثناؤك على التزام الزوج وطيب معشره، وهذا هو أهم وأغلى ما يطلب في الرجال والنساء، لأن جمال الروح بخلاف جمال الجسد، فعمره محدود، وهو عرضة لعوامل التعرية والتغيير، ونسأل الله أن يصلح الأحوال، وأن يحقق الآمال.
من الخطأ مشاهدة المواقع الجنسية، وأخطر من ذلك الدخول في مقارنات سالبة وظالمة، وأنت في الحقيقة لا تعرفين من أحوال الآخرين إلا ما ظهر، بخلاف زوجك الذي عرفت ظاهره وباطنه.
والناس لا يظهرون إلا الجانب المشرق، وكم في الصور من خديعة، وكم من مزين لظاهره وقلبه أسود من السواد، وفعاله أقبح، من فعل فرعون وثمود وقوم لوط وعاد، فاحمدي الله على زوجك المحب، وتجنبي الاستمرار في الإساءة، لأن القلوب إذا تنافر ودها مثل الزجاجة كسرها لا يجبر، وإذا لم توفر الزوجة لزوجها الاحترام والتقدير؛ فإنها قد تفقد الحب والأمن، وعندها ستصبح الحياة عليك جحيما، ونحن نحيي في زوجك هذا الصبر والاحتمال، وندعوك للتأدب مع أبو العيال.
وأرجو أن تعلمي أن أسلوبك هذا سوف يزيد الأمر سوءا، فاستبدلي الانتقاص بالتشجيع، والبغض بالحب، وتأقلمي مع الوضع، وتفنني في ممارسة أوضاع الجماع، فإنها تجلب لك وله المتعة، فلا تحرميه من المداعبة والملامسة والقبلة، وأخبريه بمواطن الإثارة في جسدك، وكوني أنت في الوضع المريح لك.
وابن القيم ذكر عن وضع تكون فيه المرأة في الأعلى، وهذا يعطيها مرونة في المداعبة والحركة، وهو وضع يصلح في حالتك وفي حالة المرأة الحامل في شهورها الأخيرة.
ونحب أن ننبه إلى خطورة مطالبته بأن يفرغ شهوته وينصرف عنك، ونؤكد لك أن هذا هو سبب العصبية الزائدة، بل والتي سوف تزيد إذا لم تستكملي متعتك مع زوجك، لأن الفشل في الفراش يوصل إلى الفشل في الحياة.
ولا يخفى على أمثالك أن المطلوب في الرجل ليس جمال شكله، ولكن المطلوب هو الدين والأخلاق، والقدرة على تحمل المسؤوليات، والحضور في المجتمع، والقدرة على التواصل والتفاعل، وحسب علمنا، فإن كثيرا من زوجات الوسيمين لسن سعيدات، فقد يكون الجمال الزائد خصماً على الرجولة، وسبباً للغرور، وليس كل مفتول العضلات يملك قدرات جنسية، والمسألة ليست مصارعة، والسعادة لا تختزل في تلك الدقائق، فصححي في عقلك المفاهيم، وأقبلي على رب العالمين، وتبعلي لزوجك، واحضنيه، وقبليه، واستمتعي بقبلاته، فإن القبلة هي المفتاح، ولها صور وأنماط، فاستمتعي بزوجك الحلال، وتعوذي بالله من شيطان يبغض لنا الحلال ويزين لنا الحرام، وهمه أن يحزن أهل الإيمان.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وسوف نسعد بتواصلك مع موقعك، ونسعد أكثر إذا غيرت تصورك، ونحذرك من الاستمرار على ما كنت عليه، ونشرف بمساعدتك وخدمتك، فأنت عندنا في مقام البنت والأخت.
ونسأل الله أن يوفقك.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
أعاني نفسيا من سوء ما مررت به، فما الحل؟ | 3316 | الاثنين 20-07-2020 03:13 صـ |
زوجتي تنفر مني وتطلب الطلاق، فما الحل؟ | 4121 | الخميس 16-07-2020 03:06 صـ |
أشعر بخوف وأبكي، وحياتي الزوجية غير مستقرة. | 3389 | الثلاثاء 28-04-2020 04:02 صـ |
أحب زوجي وهو عنيد وهجرني إثر مشكلة بيننا، ما الحل؟ | 3543 | الثلاثاء 28-04-2020 04:29 صـ |
كيف يمكن إقناع الزوج بإشباع الجانب العاطفي للزوجة؟ | 7944 | الاثنين 02-12-2019 12:08 صـ |