أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : بعد شهرين من العلاج فوجئت بزيادة القلق والاكتئاب

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم.

أنا سيدة عمري 42 سنة، كنت أعاني من نوبات هلع، والطبيب وصف دواء السيبرالكس بجرعات متفاوتة، وتم رفعه لـ 20 ملج لفترة بسيطة، وغالباً كان 10 ملج فقط، وذلك لمدة عام ونصف، وتحسنت حالتي وتم وقف الدواء بشكل تدريجي.

بعد نحو شهرين فوجئت بزيادة القلق والاكتئاب، وذهبت للطبيب مرة أخرى، وتم إعطائي الدواء مرة أخرى منذ أسبوعين، ولكني لا أشعر بتحسن حتى الآن! علماً بأني -الحمد لله- ليس لدي أي مشاكل، وكل شيء في حياتي جيد جداً، وهو مجرد قلق وتوتر بسبب الصحة والموت.

سؤالي: ماذا حدث لي بعد أن كنت تحسنت؟ ولماذا تغير من نوبات الهلع إلى التوتر والاكتئاب؟ هل مريض الاكتئاب يمكن أن يشفى؟ أم أنه لابد من الاعتماد على الدواء مدى الحياة؟ وهل السيبرالكس مناسب للاكتئاب والتوتر؟ أم هناك دواء أفضل؟

جزاكم الله خيراً.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نهى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

استجابتك للعلاج كانت رائعة –كما ذكرت– وبعد أن توقفت عن الدواء بعد مضي شهرين بدأت تأتيك أعراض اكتئابية، وكذلك أعراض القلق والتوتر، ونوبات الهلع في الأصل متداخلة جدًّا مع القلق، وكثيرًا ما ينتج عنها اكتئاب ثانوي؛ لأن الإنسان بطبعه يتأمل ويتفكر في طبيعة هذه الأعراض، وقد لا يصل إلى تفسير مبرر لها، مما يجعله يحس بالمزيد من القلق والوسوسة والاكتئاب.

تناول عقار سبرالكس: أود أن أُؤمّن على ذلك، وأؤيد تمامًا قرار الطبيب، وأريد أن أطمئنك أن هذا الدواء سليم جدًّا، وأن فترة الأسبوعين ليست هي الفترة التي يحس فيها الإنسان بتحسن كامل، فبدايات التحسن قد تكون في الأسبوع الثالث، وكثير من الناس يحتاجون إلى ستة أو ثمانية أسابيع ليشعروا بالتحسن الحقيقي، فلا تنزعجي -أيتها الفاضلة الكريمة– من مدة تناول العلاج خلال هذه النوبة.

بالنسبة لسؤالك: بعد أن تحسنت لماذا تغيرت نوبات الهلع إلى التوتر والاكتئاب؟ فكما ذكرت لك في بداية هذه الرسالة أن القلق أصلاً هو جوهر الأمر، ونوبات الهلع والتوترات والخوف -وحتى الوساوس وحتى الاكتئاب العُصابي- هي جزئيات تفرعت من القلق، يعني أنه لا يوجد أي نوع من التناقض، وأعراضك الآن تحولت إلى أعراض توتر واكتئاب، وهذا نعتبره جزءًا مما نسميه بالطيف الوجداني –أي اضطرابات الوجدان– وعلى رأسها الاكتئاب وكذلك القلق النفسي، فحين تتبدل الأعراض قليلاً هذا لا يعني أن التشخيص قد تغير، نحن في نفس الطيف.

الأمر الثاني –وهو مهم جدًّا– أنت الآن في عمر الاكتئاب النفسي الذي يُصيب النساء، والدراسات كلها تشير إلى أن العمر من خمسة وثلاثين إلى سبعة وأربعين سنة هو الوقت الذي يحدث للنساء فيه الاكتئاب في معظم الحالات، وهذا عامل بيولوجي مهم جدًّا، ونعرف –أيتها الفاضلة الكريمة– أن الاكتئاب أكثر انتشارًا وسط النساء دون الرجال، والنسبة تقريبًا اثنين لواحد.

لا أريدك أبدًا أن تتخوفي حول هذه النوبة التي أتتك مرة ثانية، بالطبع الإنسان دائمًا يتأمل ويرجو ألا تحدث له الأعراض النفسية، لكن أعرف أن كثيرًا من الحالات النفسية هي ذات طابع انتكاسي، وكلمة (انتكاسي) أرجو ألا تكون مزعجة لك أبدًا، نعني بها ما يمكن أن نسميه بالعود –أي عودة الأعراض– لأن بعض الناس لديهم شيء من الاستعداد البسيط للتوترات والقلق، وهؤلاء أكثر عرضة لهذه الحالات، وهذا لا يعني أبدًا ضعفاً في إيمانك أو اضطراباً في شخصيتك، هذه أمور طبيعية وعادية تحدث لبعض الناس، مثل أن بعض الناس لديهم قابلية للسكر وقابلية لارتفاع الضغط، هكذا أيضًا القابلية للاكتئاب النفسي تحدث.

بالنسبة لسؤالك: هل مريض الاكتئاب يمكن أن يُشفى؟ نعم.. لكن ما هو الشفاء؟ نحن في الطب النفسي نرى أن الإنسان الذي يستطيع أن يُدير حياته ويكون نافعًا لنفسه ولغيره ويحس بشيء من الاستمتاع في الحياة، هذا شُفي من الاكتئاب، حتى وإن ظلت بعض الأعراض موجودة، ونستطيع أن نقول إن خمسين بالمائة من مرضى الاكتئاب يُشفون شفاءً تامًا، وأربعين بالمائة منهم تظل لديهم أعراض لا تعطل حياتهم، وعشرة بالمائة قد يظل الاكتئاب معهم لفترات طويلة، ويكون مُطبقًا في هذه الحالة، وهذه النسبة قليلة جدًّا، وأنت -إن شاء الله تعالى– لست من هؤلاء، لأن استجابتك كانت ممتازة جدًّا للعلاج.

أريدك –أيتها الفاضلة الكريمة– أن تحرصي على الجوانب العلاجية غير الدوائية، هذه مهمة جدًّا، كثير من الناس حين يتحسنون من خلال تناول الدواء يعتمدون على ذلك، لا.. التحسن عن طريق الدواء أمر جيد؛ لأن الدواء يتحكم في التغيرات البيولوجية، لكن لابد أن ندعم هذا التحسن الدوائي بآليات أخرى مثل التفكير الإيجابي، إدارة الوقت بصورة ممتازة، الفعالية، ممارسة الرياضة، كل هذا فيه خير كثير للإنسان، وأن تكون هنالك رفقة وصحبة طيبة، أن يهتم الإنسان اهتمامًا عظيمًا بأمور دينه، هذه كلها محفزات تمنع الانتكاسة المرضية، وإن شاء الله تعالى تحسن من التعافي.

السبرالكس مناسب للتوتر، مناسب للاكتئاب، مناسب جدًّا للهرع وللمخاوف، وكذلك الوساوس، لا يوجد أفضل منه، أسأل الله أن ينفعك به، وأشكرك كثيرًا.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
ما هي أدوية نوبات الهلع والخوف الآمنة وغير الإدمانية؟ 8727 الأربعاء 12-08-2020 03:54 صـ
الأعراض التي تعاني منها زوجتي نفسية أم جسدية؟ 1150 الأحد 09-08-2020 05:24 صـ
أعاني من ضيق التنفس وحالتي تشتد بالليل.. هل حالتي نفسية؟ 1703 الأحد 09-08-2020 04:31 صـ
عاد إلي القلق وانتكست حالتي فهل من علاج بديل؟ 3859 الأربعاء 29-07-2020 05:58 صـ
أصبت بحالة هلع وخوف من الموت بعد معاينتي لوفاة قريبتي 2669 الخميس 23-07-2020 05:22 صـ