أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : اختلطت بالملحدات وأصبت بالهواجس والوساوس!!

مدة قراءة السؤال : 4 دقائق

أرجو أن أحظى بالرد على مشكلتي من الدكتور محمد عبد العليم، وجزاكم الله خيراً جميعاً.

أنا فتاة، عمري18 عاما، أعاني من الوسواس القهري، من عائلة متوسطة الالتزام بالدين، انتقلنا للعيش في بلد غربي منذ 4 سنوات، ومنها تغيرت حياتي وانقلبت، أصبحت شديدة الالتزام بالدين، ولي الآن سنتان، ورغم أن جميع من في كليتي ملحدات وليسوا متدينات، إلا أني كنت أتميز بالثبات، وأجيب عن تساؤلاتهم بثقة ويقين، ولم يؤثر أحدٌ في البتة -ولله الحمد والمنة- ولكن منذ شهرين أصبحت أعاني من هواجس ووساوس تحرقني حرقاً، والله إني تمنيت لو مت قبل أن أدخل في هذه الدوامة، فانا أتعذب وأتألم كثيراً كل يوم بل كل ساعة، وأخاف كثيراً من الموت.

قبل شهرين كنت في قمة السعادة والطمأنينة، رغم مصاعب الحياة ومشقتها، ولكنني الآن أحس وكأني فقدت شيئاً ما كان في قلبي، أتحسر عليه وأتألم وأبكي بحرقة، وأتمنى لو يرجع، وأشعر باليأس والإحباط والتعاسة والكآبة الشديدة، حتى إنها أثرت علي صحياً، فقد أصبحت أعاني من الهلع و ضيق الصدر والتنفس، وأعاني من الدوار والنبض السريع للقلب، ووخز في الصدر أحيانا، حتى إني لا أستطيع نوم الليل، علماً أني مثقفة دينياً، ولا أظن أن مشكلتي هي عدم علمي بالدين، فقد أصبحت أقضي معظم وقتي أطلع على الإعجاز للقرآن، ورد الشبهات عن الإسلام، ومواضيع من هذا القبيل؛ لعل قلبي يطمئن بها وأرجع إلى طبيعتي، ولكن لم يؤثر هذا البتة علي، بل أصبحت أسوأ من قبل!

أحس وكأن لدي شللاً عقلياً؛ لست قادرة على التحكم بأفكاري! وحتى الأسئلة التي كانت تدور في ذهني ووجدت لها جواباً كافياً ما زالت تلح في عقلي، وكأني لم أعرف جوابها، بل أحياناً يأتيني الشيطان ويقول لي: ماذا لو أنتي مخطئة؟ ولو هذا الجواب ليس جواباً إنما كذب؟ ماذا لو أنت ما عليه ليس هو الحق؟ يا ألله يا ألله أنجدني فعلاً، أحس بأن لدي خللاً في مخي، لا أستطيع التفكير بعقلانية بتاتاً! وأشعر بالتقزز من نفسي والحالة التي وصلت إليها، أخاف كثيراً من الموت وأرتعب عند قراءة آيات العذاب في القرآن، أحس وكأني المقصودة، ولا أستطيع الفرار أو التغيير من نفسي أو التوبة عن ذنبي، أشعر وكأني مكبلة وليس بيدي حيلة، ولست أنا المتحكمة في إيماني! أنا أحب الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- حباً لا يمكن وصفه، وأعشق ديني لأبعد الحدود، ولكن لا أدري ماذا بي!؟ لم أعد أستطيع تذوق حلاوة الإيمان، ولا أستطيع الاطمئنان، ولا توجد لدي ثقة في عقلي وطريقة تفكيري، وأعجز عن التفكير.

مع العلم بأني ملتزمة بالحجاب الشرعي، وبالصلاة في وقتها، والصوم، وقراءة القرآن، والأذكار يومياً، ولكن مع ذلك ما زالت هذه الأفكار والشبهات تلح علي وتلاحقني، لا أدري ماذا أفعل!؟ هل يوجد دواء أستطيع أخذه؟ هل أحتاج لعلاج نفسي؟ هل هناك علاج لحالتي؟ أرجوكم أنقذوني أنقذوني، فأنا أعيش في خوف ورعب مستمران، ومستعدة أن أعمل أي شيء لأرجع كما كنت، أرجو المساعدة، وجزاكم الله خيراً على مجهوداتكم.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ براءة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكرك - أيتها الفاضلة الكريمة -على ثقتك في إسلام ويب، وأود أن أُشيد إشادة مخلصة بجهدك في نشر الدعوة، وأنت تعيشين في وسط وبيئة -كما تفضلتِ وذكرت- يُهيمن عليها الأفكار التي تدعو إلى إهانة الدين.

بالطبع وبالتأكيد الذي تعانين منه هو وساوس قهرية، والوساوس القهرية حين تجد البيئة المناسبة تنتعش جدًّا وتُلح على صاحبها وتستحوذ عليه، وأنت تتمتعين -وبفضل الله تعالى- بمنظومة قيمية عالية وراقية ومحترمة وإيمانية، والبيئة على الأقل بيئة الدراسة هي بخلاف ذلك، فهنا يحدث التصادم، وهذا يؤدي إلى النزاعات النفسية الداخلية، ونسبة لطبيعة وساوسك وحيّزك الجغرافي الذي يؤثر عليك أصبحت لديك مخاوف عامة خاصة الخوف من الموت، وكذلك لديك عُسر مزاجي لا يخلو من شيء من الكدر، وأنا أقول لك: أنت بخير، وستظلين بخير، وجزاك الله خيرًا.

والأفكار الوسواسية القبيحة أتت حتى لخير القرون، الصحابي الذي قال للرسول - صلى الله عليه وسلم -: (والله لزوال السموات والأرض خيرٌ لي من أن أقول ما يأتيني في نفسي) فطمأنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - قائلاً: (أوجدتموه؟ ذاك صريح الإيمان).

فأبشري -أيتها الفاضلة الكريمة-؛ فهذه النزعات الوسواسية تأتي، وأنا أقول لك: سيري على نفس طريقك، فقط اعرفي أن الطرف الثاني -أي من حولك من البنات- خاصة اللائي لا دين لهنَّ، أو المُلحدات، لن يسهل إقناعهنَّ، فلا أعتقد أنه سيكون من المفيد أن تضيعي وقتك في نقاشهنَّ، لكن ناقشي وحاوري من ترين أنها جادة، وأنها تريد فعلاً أن تعرف عن الإسلام، لا التي تريد أن تنتقد الإسلام.

هنالك الكثير من الغربيين يريدون أن يعرفوا عن الدين، وهذا شيء طيب -والحمد لله تعالى-، ونحن نعرف الآن أن نسبة الذين دخلوا الإسلام في بلاد غير المسلمين كُثر، والإسلام تقريبًا هي الديانة التي يعتنقها الكثير من الناس، والبون شاسع بينها وبين ما يمكن أن نسميه بالديانات الأخرى، فحاوري وناقشي من يريد أن يعرف لا من يريد أن يجادل ويستفز ويُحقّر.

وبالنسبة للوساوس، حقريها، قولي (هذه وسوسة، لن أهتم بها) أعرفُ أنها سوف تلح عليك، لكن بمقاومتها وتحقيرها وصرف انتباهك من خلال الانخراط في الأنشطة الحياتية الأخرى -وهي كثيرة- وأنت -الحمد لله- تعالى تحبين الاطلاع، أعتقد أنه لن يُترك مجال أو فراغ لهذه الوساوس.

بالنسبة للعلاج الدوائي، أقول لك: أنت في حاجة إليه؛ فالدواء سوف يحسن مزاجك، وسوف يزيل الكدر وعسر المزاج، ويحاصر هذه الوساوس تمامًا، ويزيل المخاوف أيضًا، وعقار فافرين - والذي يعرف علميًا باسم فلوفكسمين- هو الأمثل في حالتك، وجرعة البداية هي خمسين مليجرامًا، يتم تناولها ليلاً بعد الأكل لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلي الجرعة مائة ملجم، تناوليها ليلاً، واستمري عليها لمدة شهر، ثم اجعلي الجرعة مائتي ملجم ليلاً، وهذه هي الجرعة العلاجية لحالتك، والتي يجب أن تستمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى مائة ملجم ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم إلى خمسين ملجم لمدة شهرين، ثم خمسين ملجم يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

الفافرين دواء رائع، والجرعة التي وصفناها لك هي جرعة وسطية، أرجو أن تتبعيها بنفس المنهجية والتدرج والكيفية التي ذكرناها.

هنالك أدوية أخرى كثيرة، كالبروزاك، والزولفت، والسبرالكس، وكلها أدوية مفيدة، لكن أعتقد أن هذا الدواء [الفافرين] سيكون رائعًا ويناسب عمرك تمامًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
تعبت من الوسواس القهري الذي ينتابني وتظلم حياتي بسببه. 3331 الأربعاء 15-07-2020 04:30 صـ
كيف أصرف الوساوس عن نفسي وأحاربها؟ 1916 الأحد 28-06-2020 02:49 مـ
كيف أتخلص من وسواس الخوف والمرض بدون أدوية؟ 1896 الخميس 25-06-2020 05:38 صـ
أريد السيطرة على الوساوس والأفكار السيئة التي تهاجمني 2354 الخميس 25-06-2020 02:58 صـ
بسبب التشكيك في ديني في بلاد الغرب أتتني وساوس بالكفر، ما علاج ذلك؟ 1559 الأربعاء 24-06-2020 04:38 صـ