أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : ماذا أفعل حيال الصداقة السوء بعد أن كانت صالحة؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب عمري 24 عاما، طالب في جامعة وأريد أن أسأل بشأن مشكلتين:
أولا: الصداقة السوء، فأنا لدي ثلاثة أصدقاء تعرفت عليهم في الجامعة وهم من بيئة محترمة ونظيفة وليسوا من بيوت فاسدة.
المشكلة أنهم منذ سنتين تغير حالهم فسلكوا طريق الحرام من زنا وفسوق وأصبحوا فاسدين في دينهم ودنياهم، وعلاقتي بهم وثيقة وبأهلهم أيضا، وكانوا دائما يقفون بجانبي في جميع مشاكل الحياة التي مررت بها، وكانوا يهونون عليّ الظروف الصعبة، وحتى الآن، وكنت أشعر وكأن الله أرسلهم لي فكانوا سببا في حل مشاكل كثيرة لي، لم يساعدني أهلي حتى في حلها، وعندهم استعداد أن يضحوا أيضا لمساعدتي، لكن عندما أجلس مع نفسي أجد أن معظم علاقتي بهم لهو وتقضية وقت فقط، فهم لا ينفعوني في ديني ولا حتى في علم أو دراسة، وهم مهملين جدا في الدراسة أيضا، وعندما أجتمع معهم ومع أصدقائهم يتناوبون الألقاب والشتائم وكأنها مزاح، ويتكلمون في الزنا الذي مارسوه!.
لكن حقيقة الأمر سأمت من هذه الحياة، وقررت أن أهجرهم، لكن في كل مرة أجدهم في أي ظروف صعبة تواجهني، وأتذكر قول الله ـ أنا لا أتذكر الآية بالضبط لكن ـ معناها أن أحسن إلى من أحسن إلي ولا أنسى إحسان الآخرين لي، وكذلك أتذكر جميلهم ومعروفهم معي، بالإضافة عندما نخرج فأجدهم يزاولون معاكسة الفتيات.
والصراحة أكره نفسي معهم في الخروج، لكن أقول أنهم قضاء الله وقدره لي، أو أنهم ابتلاء وعلي أن أصبر! فهل أنا محق وما المفروض اتخاذه بشأنهم؟
أنا لا أريد أن أؤذي أحدا، ولا أعرف كيف أهجرهم، فضميري يؤنبني.
بالنسبة للمشكلة الثانية: فأنا كنت مريضا بالوسواس القهري، وتضررت منه في كثير من الأمور في حياتي ـ والحمد لله ـ ربي أعانني عليه وأنا في آخر مراحل العلاج، لكن هناك أمر يحيرني وأرجو مساعدتكم لدفعه..
هل ممكن أن يوسوس الشيطان بالخير للإنسان؟ أو هل هناك وسوسة بالخير أصلا؟ فأنا كنت أشعر وكأن أحدا يدفعني للخير أو لعمل ما سواء في الدراسة أو أي شيء آخر؟ هل هذا من وحي خيالي؟ وأيضا بخصوص أصدقائي فكنت أشعر بوسواس بخصوصهم، وكأني أسمع مثلا أن من الصعب أن أجد غيرهم أو الصديق القديم أفضل من الجديد، وأني لن أجد من أرتاح إليه ويفهمني مثلهم مهما فعلوا، فهل هذا وسواس شر أم خير؟ وأريد أن أعرف بما أن الشيطان له لمة بقلب الإنسان فكيف تكون لمة الملك كما قال الحبيب المصطفى؟
فأنا أشعر مثلا أن الملك يوسوس لي، فهل هذا اعتقاد خاطئ وما الصحيح في هذا الشأن؟ وجزاكم الله كل خير.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حامد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع.
وبخصوص ما ورد برسالتك أخي الكريم أقول لك: لم ألاحظ أنك ذكرت أنك قدمت لهم أي نصيحة أو تذكيرا بالله تبارك وتعالى أو تخويفا من عقابه، فكأني أرى أن دورك سلبي، وهذا خطر عظيم عليك حقًّا، لأنك تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من رأى منكم منكرًا فليغيره) وأنت لم تقم بأي صورة من صور التغيير فيما يبدو من رسالتك، أو لعلك قمت ولم تذكر ذلك أو لم تُشر إليه.
وبناء على ذلك فإني أقول لك قبل أن تقوم بهجرهم لابد أن نبحث أولاً في الوسائل السابقة على الهجر؛ لأن الهجر كما ذكر العلماء كالضرب يعتبر آخر شيء، وإنما الأولى بنا أن نبدأ بالنصيحة والتذكير، وأن نبدأ بهم واحدًا واحدًا، فهم إن كانوا ثلاثة فإن كلمتهم معًا تغلبوا عليك، ولكن ما المانع أن تبدأ في عملية النصيحة الفردية، بأن تأخذ كل واحد منهم على حدة وأن تتحدث معه وأن تذكره بالله تعالى وأن تخوفه من عذاب الله وغضبه وعقابه، وأن تذكره ما ينتظر العصاة في الدنيا والآخرة من شؤم المعصية.
وحاول معهم، فإن أجدت هذه الوسيلة وتلك الطريقة، فهذا الذي نريده، تحتفظ بأصدقائك الذين تحبهم ويحبونك، ولكنهم يُصبحون على قدر من الصلاح والديانة والبعد عن الحرام.
فأقول ابدأ بهم واحدًا واحدًا، فإن نجحت في الحد من معاصيهم أو التقليل منها، فأنصحك بعدم هجرهم ما دمت قادراً على تغيير سلوكهم.
أما إذا كنت قد فعلت ذلك ولم تجد أي رد فعل إيجابي أو أنهم لا يتأثرون بكلامك أو ينظرون إليك نظرة دونية ولا يقبلون منك قولاً، فأرى أن تهجرهم في الله تبارك وتعالى، لأن هجر العصاة من دين الله سبحانه وتعالى جل جلاله، والنبي صلى الله عليه وسلم هجر وأصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم، والقرآن الكريم بيّن ذلك، وإلى غير ذلك من الأمور التي لا تخفى عليك.
فإذا فعلاً كنت قد نصحتهم ولم ينتصحوا وحاولت معهم حتى استنفدت الطاقة والجهد، فعليك أن تقوم بهجرهم، واعلم أن الله سيعوضك خيرًا منهم بإذن الله تعالى، لأنه كما لا يخفى عليك أن من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، وهؤلاء الناس وإن كانوا يقفون معك ويساعدونك فاعلم إن تركتهم من أجل الله تعالى سييسر الله لك من هم أفضل منهم ومن يقوم على مساعدتك والوقوف معك أفضل منهم بكثير.
أما إذا كنت لم تقم بواجبك فحاول معهم، إذا كنت ترى أنهم سيستجيبون لك، فإن كنت ترى أنهم لم ولن يستجيبوا لك ولن يقبلوا منك فأرى أيضًا أن تهجرهم وسيعوضك الله خيرًا منهم.
ولكن كما ذكرت لك أخي الكريم (عبد الله) لابد أولاً من النصيحة، ولكن لا تكن هذه النصيحة جماعية لأنهم سوف يتغلبون عليك لكثرتهم، ولكن ابدأ بهم واحدًا واحدًا، وخذ كل واحد على انفراد، وحاول أن تذكرهم، ولابد أن فيهم خير، خاصة وأنهم ينحدرون من أسر طيبة ونظيفة كما ذكرت، ولكن هذا الران الذي أصابهم لا يلبث أن يزول بإذن الله تعالى في المستقبل، ولكن متى؟ علم ذلك عند الله.
فابدأ في نصيحتهم واحدًا واحدًا، فإذا مكنك الله من قلوبهم ووصلت إلى درجة أنك قد قللت حتى على الأقل من المعاصي التي يقعون فيها أو ساعدتهم على تركها والتوجه إلى الله تعالى والاستقامة على دينه والمحافظة على صلاة الجماعة والبعد عن الحرام، سيكون هؤلاء في ميزان حسناتك يقينًا، وحتى من يأتي من صُلبهم في ميزان حسناتك أيضًا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن من سنّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها و أجر من عمل بها.
أما إذا كنت قد حاولت ولم تجد هذه المحاولات، أو إذا كنت واثقًا يقينًا أنهم لم ولن يستجيبوا لك فعليك هجرهم فورًا لله تعالى، ولا تأس على الدنيا، فإن الله سيعوضك خيرًا منهم، ولن يتخلى عنك أبدًا، لأن الله جل جلاله لا يضيع أهله.
وأما فيما يتعلق بالوسواس القهري هل من الممكن أن الشيطان يزين للإنسان مثلاً أعمالاً صالحة؟ .. في الواقع أبدًا، إن الشيطان لا يمكن أبدًا أن يوسوس لك بعمل خير مطلقًا، لأن الشيطان كله شر وكله فساد وكله غواية وضلال، ولكن لديك كما ذكرت داع الخير الذي في قلبك وهو الملَك الذي يدعوك إلى الله تبارك وتعالى، لأن كل واحدٍ منا معه داع خير وداع شر، فالخير الذي يأتيك لا يمكن أن يأتي من الشيطان، وإنما يأتيك من داع الخير الذي هو الملَك الذي جعله الله تبارك وتعالى معينًا لك على الخير، فعندما تسمع المؤذن يؤذن فإنه يحركك، وعندما ترى الخير فإنه يعينك ويدفعك ويشجعك على فعل الخير، أما الشيطان فإنه لا يمكن بحال من الأحوال أن يدلك على خير أبدًا.
وفيما يتعلق بهؤلاء الشباب هل الشيطان له علاقة باستمرارك معهم؟ أقول نعم، لأن الشيطان لا يلعب، وإنما يعلم أن الإنسان كلما عاش في البيئة الفاسدة سوف يتأثر بها ولابد، والصاحب الساحب، وإن كنت الآن لم تتأثر فالشيطان لديه أمل أن يصل بك يومًا إلى فعلهم، وهذا ما حذرنا منه النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: (لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي) وقال: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) وقال: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يُحذيك أو تبتاع منه أو تشتم منه رائحة طيبة، وأما نافخ الكير فإما أن يحرق ثيابك أو تجد منه رائحة خبيثة) أو كما قال صلى الله عليه وسلم، ولأن الملَك يساعدك على الطاعة، أما هذا الفاجر (الشيطان) يساعدك على المعصية، فهؤلاء إن عشت معهم فترة فلا تأمن أن تتأثر بهم وأن تستمرأ أفعالهم وأن ترضاها، بل قد تفعل فعلهم وأشد والعياذ بالله.
فانصرف عن هؤلاء الأصدقاء الذي تركوا الالتزام وانغمسوا في المعاصي، ولا تشاركهم لا في مجالسهم ولا في أقوالهم وأفعالهم، وعليك بنصيحتهم إذا كنت تقدر على ذلك، وإلا فانصرف عنهم، وسل الله أن يعوضك من هم خيرًا منهم.
هذا وبالله التوفيق.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
لا أستطيع نسيان ذكرياتي مع زميلي الذي قاطعني. | 786 | الأربعاء 15-07-2020 05:18 صـ |
أخشى من جيراننا الذين سببوا لنا الأذى .. ما العمل؟ | 607 | الأربعاء 08-07-2020 02:07 صـ |
كيف أتصرف مع صديقتي التي تتدخل في كل أموري؟ | 675 | الثلاثاء 16-06-2020 02:35 صـ |
لم أعد أشعر بالارتياح لصديقاتي ولا لأحاديثهن! | 1042 | الخميس 25-06-2020 04:32 صـ |
وثقت بصديقي لكنه خان الصداقة وأخذ مالي، ماذا أفعل؟ | 2947 | الاثنين 18-05-2020 05:09 صـ |