أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : إرشادات لفتاة في نظرتها السلبية تجاه جدتها لأخلاقها السيئة

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم.
أشعر بالسلبية تجاه جدتي (والدة أبي)، أرجو المساعدة!
جدتي تعيش معنا، للأسف منذ أن كنت صغيرة وأنا لم أر منها إلا القسوة، سواء معي أو إخوتي أو أمي، وحتى أبي، وهذا كله لأنها لا تحب أمي، بالرغم من أن أمي طيبة معها ولم تؤذها في حياتها.
عندما كنت صغيرة كنت أذهب مع جدتي لزيارات تقوم بها، ولم يكن حديثها إلا عن أمي وبالسوء ظناً منها أني لا أفهم ما تقول، كنت أتألم لكلامها لأنها كانت تقول كلاماً غير صحيح عن أمي، كانت تضربني لأتفه الأسباب، ولكني لم أشعر بالضغينة تجاهها؛ لأن الطفل ينسى بسرعة، فكانت تجذبنا إليها مجدداً بكلمات منمقة أو سكريات أو.. وأحياناً تعمل حتى على تحريضنا تجاه أمي.

وعندما كبرت تقدم لي خطاب كثر، وزاد حسدها لي فقط؛ لأن بنات بناتها لم يتزوجن، أما أنا وأختي فيتقدم لنا الخطاب بكثرة، ويوماً بعد يوم تزيد نجاحاتي سواء الدراسية وحتى المهنية، إلا أنها لا تظهر الفرحة لذلك، ويزداد كرهها لي والدعاء عليّ بالشر حتى من دون سبب، تتكلم عني لإخوتي وفي نفس الوقت تتكلم عن إخوتي لي، وأنا أتألم كثيراً لتصرفاتها، صدقوني أنا نقلت لكم القليل القليل من أعمالها السيئة.

المهم: من كل هذه التصرفات أصبحت أشعر بالسلبية تجاهها، حتى أصبحت أتحاشى لقاءها أو التحدث إليها، ساعدوني، أنا أعلم أني مخطئة، ولكن أود أنظر إليها بإيجابية بالرغم من تصرفاتها، فهي في الأول والأخير تبقى جدتي، ومن واجبي طاعتها ورعايتها.

مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نهلة محمد سالمي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يُكثر من أمثالك، وأن يمنَّ عليك بتحقيق أمنياتك وما تشتهين في هذه الحياة، وأن يُكرمك بزوج صالح طيب مبارك يكون عوناً لك على طاعته ورضاه، كما أسأله تبارك وتعالى أن يُذهب عنك هذه النظرة السلبية تجاه جدتك، وأن يرزقك العفو والصفح والحلم وسعة الصدر، وأن يُبدل هذه النظرة السلبية إلى نظرة إيجابية، وأن يجمع بينكم جميعاً على خير.

وبخصوص ما ورد برسالتك أقول لك: إنه مما لا شك فيه أن هذه التصرفات غير السوية وغير الطيبة وغير الطبيعية ألقت بظلالها على قلبك منذ نعومة أظفارك، وقام عقلك الباطن بحفظها في داخله ولم يستطع التخلص منها؛ لأنها سمة غالبة، ولم تتوقف فترة من الزمن حتى نقول بأننا من الممكن أن ننسى، وإنما لعلها ما زالت مستمرة إلى الآن كما فهمتُ من رسالتك، وهذا الذي يجعل من الصعب عليك أن تتجاوزي هذه التصرفات وأن تنظري إليها نظرة إيجابية.

إن هذا الشعور شعور طبيعي، لا تستطيعين التخلص منه بسهولة؛ لأنه أصبح جزءاً من مكوناتك الشخصية، ولأنه تركز في ذاكرتك عبر السنين الطويلة، فأنت الآن وصلت إلى السادسة والعشرين من عمرك، وأنت منذ فترة طويلة -على الأقل أربع أو خمس سنوات- وأنت تختزنين هذه الأشياء وتحتفظين بها في داخلك رغماً عنك، فأنت لم تكوني تتلصصين عليها أو تحاولين أن ترصدي الأخبار لها، وإنما الأمور كانت تحدث بطريقة عفوية وتلقائية، وبما أنها كانت غير صحيحة خاصة أنها تتحدث عن شخصية بالنسبة لك أحب إليك من نفسك، فهذا الأمر كان يزيد، كلما حدث موقف زادت الكراهية والشعور بعدم الرضا تجاهها أو عدم الراحة أو عدم الرضا عن تصرفاتها.

ولذا أنا أقول لك: هذه المسألة مسألة طبيعية ومن الصعب التخلص منها، ونحن -كما تعلمين- لا نملك التحكم في قلوبنا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بقوله: (قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء)، ولذلك الله تبارك وتعالى من فضله وبره ورحمته ورأفته بعباده لا يحاسبهم على ما في قلوبهم أو على الحب أو البُغض الذي في قلوبهم، وإنما يحاسبهم على التصرفات التي تترتب على هذه المحبة أو الكراهية، فما في قلبك الآن الله لا يحاسبك عليه، من كون عدم الراحة وعدم الرضا، الله لا يحاسبك على ذلك؛ لأنه أمر أنت لا دخل لك فيه، وإنما هو أمر تراكم عبر السنوات الطويلة من عمرك إلى هذه السن، وأصبح جزءاً من مكوناتك الشخصية.

ولكن الذي تخافينه إنما هو السلوك الظاهر، سلوك الجوارح من حيث الكلام أو من حيث التصرفات كالنظرة أو الصفات الجسدية أو أي شيء من أعمال الجوارح؛ لأن أعمال الجوارح هي التي يؤاخذ عليها الإنسان في المقام الأول، مثل التشويه، ومثل الكلام غير الطيب، ومثل مد اليد أو غيره ومثل الغمز واللمز، نعم أعمال القلوب مراعاة ولها أثرها البالغ في حياة الإنسان، ولكن تبقى أنها أقل أهمية من أعمال الجوارح، فإن الإنسان يتكلم بلسانه فيصدق أو يكذب، فإن صدق نجا وإن كذب هلك، وكذلك أيضاً قد يمدح إنساناً وقد يذمه، وقد يُثني عليه وقد يُشوه صورته، وبذلك تأتي كل المحاسبة على ما يخرج من لسان الإنسان كما قال الله تبارك وتعالى: (( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ))[ق:18]، وكما قال تبارك وتعالى: (( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ))[الإسراء:36].

فإذن أقول: المطلوب منك على وجه الخصوص إنما هو الحرص على عدم صدور أي تصرف يُوحي أولاً بازدرائها أو امتهانها أو أي كلمة -مثلاً- تقلل من شأنها أو أي كلمة فيها غيبة أو فيها نميمة بالنسبة لها أو انتقاص من حقها أو غمز أو لمز أو تشويه باليد أو غير ذلك، وإنما عليك -كما ذكرت- أن تكثري من الدعاء لها أن يغفر الله تعالى لها وأن يتوب عليها، وأن تجتهدي في أن تذكريها دائماً بالخير، حتى وإن قالت لك الأم: أنت تعرفين ماذا فعلت، فقولي لها: لها مقامها ولها منزلتها. ولا تحاولي أن تنجرفي في تيار توجيه الاتهامات لها أبداً، وإنما دائماً احرصي على أن تُمسكي لسانك؛ ولذلك أيضاً إذا كانت لديك أي أشياء تستطيعين أن تقدميها لها محسوسة مثلاً كمصافحتها وتقبيل يدها أو تقبيل رأسها أو غير ذلك فافعلي ذلك أيضاً بلا تردد.
إذا شعرت بأنها في حاجة إلى بعض المساعدة -سواء كانت مساعدات مادية أو غيرها- فقدميها بلا تردد، بهذه الكيفية تستطيعين أن تعوضي هذه النظرة السلبية أو هذه الأفكار السلبية التي في نفسك.

عليك بالدعاء لها أيضاً أن يغفر الله لها وأن يعفو الله تبارك وتعالى عنها، وأن يطيل عمرها على طاعته، فحاولي أن تنفعيها بكل وسائل النفع، أما الجانب السلبي هذا فقولي: (اللهم إنك تعلم أن هذا الأمر قد استقر في نفسي نتيجة سنوات طوال، فأسألك اللهم أن تُذهبه من صدري، وأن تنسيني إياه؛ لأني أرى أنه يشكل نوعاً من الحائل النفسي تجاهها، ويجعلني لا أُقدم عليها بصدق كما ينبغي أن يكون).

إذن نتوجه إلى الله بالدعاء أن يعافيك الله تبارك وتعالى من هذه السلبية، فاجتهدي في ذلك قدر استطاعتك، ثم بعد ذلك -كما ذكرت- حاولي أن تجتهدي في الإحسان إليها بكل جوارحك وبكل ما تملكين، وبإذن الله تبارك وتعالى لن يكون عليك شيء، ولن تأثمي بإذن الله تعالى على ذلك إثماً شرعياً، ولعلك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يُخرج الله هذه الأفكار السلبية من قلبك، وأن يملأ قلبك بمحبتها ومحبة أهلك ومحبة الصالحين من عباده؛ لأنه جل جلاله هو وحده الواحد المتصرف في القلب والذي يستطيع أن يقلب القلوب من كراهية إلى حب ومن حب إلى بغض.

أسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يعينك على ذلك، إنه جواد كريم.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
كيف نفرق بين الأغاني المباحة والممنوعة؟ 1291 الثلاثاء 28-04-2020 05:08 صـ
ما علاج كثرة الفزع والخوف عند دخول أي أحد علي؟ 1592 الاثنين 20-04-2020 04:41 صـ
بفضل الله ثم بفضلكم عدت لحياتي، فشكراً لكم إسلام ويب 2759 الأحد 19-04-2020 03:56 صـ
كيف أنشغل بعيوبي وأسعى لإصلاحها؟ 1014 الأربعاء 08-04-2020 04:04 صـ
كيف أصل لحب النبي صلى الله عليه وسلم؟ 920 الأربعاء 15-04-2020 02:28 صـ