تذكير لفاعلي الخير
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
تذكير لفاعلي الخيربسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسولِ الله.
أما بعد:
فالأمة فيها خير كثير ومخلصون يبذلون الخير خالصًا لوجه الله سبحانه يبتغون بذلك الأجر العظيم من لدن الرب الكريم المنان، وقد يشذ عنهم أعداد أرجو أن تكون قليلة تظهر منهم بعض علامات المن والأذى في أعمالهم الخيرية؛ ولما لحظته ولحظه غيري من تدخلات بعضهم المزعجة جدًّا وحرصًا مني على تنبيههم خشية من نقص أجرهم أو إحباطه أو إيذائهم لغيرهم أحببت التنبيه لبعض هذه الأخطاء ليسعوا في تلافيها ومن أمثلتها:
ذلك الذي ساعد أقارب له أو جيرانه المساكين ثم يقوم بنشر خبر عمله تصريحًا أو تلميحًا بشكل أزعج هؤلاء وكسر خواطرهم؛ ذلك الذي طبع كتابًا وكتب عليه: (على نفقة المحسن الكبير فلان!؟ - ذلك الذي بنى مسجدًا أو مركزًا إسلاميًّا أو دارًا لتحفيظ القرآن ) ثم أشغل مرتادي المسجد أو المركز والدار بكثرة تدخلاته في شؤنها، ففي المسجد يشغل جماعة المسجد بفرض تعيين إمام ومؤذن من أقاربه مع وجود منهم من هم أفضل، ويفرض مددًا معينة بين الأذان والإقامة للصلاة، أو يتدخل في طول الصلاة وقصرها أو حتى تكييف المسجد، وقل مثل هذه التدخلات في المراكز الإسلامية ودور التحفيظ وغيرها من المشاريع الخيرية الأخرى.
وأُذكِّرُ هؤلاءِ بأنَّ المساجد هي بيوت الله وليست بيوتهم، وبناؤهم لها لا يُخولهم حق إزعاج غيرهم.
وأُذكرهم بأن يجتهدوا في نسيان أعمالهم فلهم ربٌّ كريم جواد سبحانه لا ينساها.
وأقول لهم تدخلاتكم هذه قد تنم عن شيءٍ من المن وفيها أذى وأخشى أن تكون سببًا في نقص أجركم، قال سبحانه: ﴿ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى ۙ لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 262].
وأُذكِّرهُم بأن فاعل الخير قد يكون مخلصًا في بدايته ولكن لايزال الشيطان به حتى يزل بما ينقص أجره أو يحبطه، فليحذروا من ذلك أشدَّ الحذر.
وأُذكِّرهُم بقوله سبحانه: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27].
ولمثل هؤلاء أقترح أن يجعلوا مشاريعهم الخيرية بعيدة عن مقر سكنهم أو بلدهم؛ حتى ينسوها ولا يمنوا بها ولا يزعجوا غيرهم بتدخلاتهم أو ينقصوا أجرهم.
وأُذكِّرهُم بالاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في الإخلاص والحذر من أن ينطبق عليهم قوله صلى الله عليه وسلم: « مَنْ يُسمِّع يُسمِّع الله به، ومن يرائي يرائي الله به » رواه مسلم.
وأُذكِّرهُم بالاقتداء بالصحابة رضوان الله عليهم وبالتابعين في شدة الحرص على الإخلاص وشدة الخوف من الرياء؛ مثل: علي زين العابدين بن الحسين الذي كان يضع الصدقات عند بيوت الفقراء في الليل وهو متلثم حتى لا يُعرف ولا يمن.
حفظكم الله ورزقكم الإخلاص وأعاذكم من الرياء والسمعة، وصل اللهم على نبينا محمدٍ ومن والاه!.