أرشيف المقالات

عقيدة البابية والبهائية والقاديانية

مدة قراءة المادة : 13 دقائق .
عقيدة البابية والبهائية والقاديانية
 
الحمد لله الذي له ما في السماوات، وما في الأرض، وله الحمد في الآخرة، وهو الحكيم الخبير، والصلاة والسلام على نبينا محمد، الذي أرسله ربه شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا؛ أما بعد:
فإن الكثير من الناس قد لا يعرفون شيئًا عن عقائد البابية والبهائية والقاديانية؛ فأقول وبالله تعالى التوفيق:
أولًا: البابية:
نشأة البابية: يعتبر ميرزا علي محمد الشيرازي (المولود في عام 1819م) هو مؤسس فرقة البابية، وكلمة ميرزا كلمة فارسية تعني السيد، والمقصود أن صاحبها ينتمي إلى سلالة آل البيت، والشيرازي نسبة إلى مدينة شيراز بإيران، وهي التي وُلد بها.
 
تلقى الميرزا علي محمد تعليمه الأول على يد دعاة الشيخية من الشيعة، ثم انقطع عن الدراسة ومارس التجارة، وفي السابعة عشرة من عمره عاد للدراسة، واشتغل بدراسة كتب الصوفية والرياضة الروحانية، وذهب إلى بغداد، وبدأ يرتاد مجلس إمام الشيخية في زمانه: كاظم الرشتي، ويدرس أفكاره وآراء الشيخية.
 
إعلان البابية: عندما بلغ الميرزا علي محمد الخامسة والعشرين أعلن أنه الباب للإمام الغائب عند الشيعة؛ وهو محمد بن الحسن العسكري، الإمام الثاني عشر عند الشيعة، وبعد ذلك أعلن أنه أكبر من أن يكون واسطًا للإمام الغائب، فأعلن أنه المهدي المنتظر، وأن جسد المهدي قد حلَّ فيه، وأنه يظهر الآن ليملأ الدنيا عدلًا، بعد أن ملئت ظلمًا وجورًا، أمرت الحكومة الإيرانية باعتقاله، في شيراز ولكنه استطاع الهرب بعد ستة أشهر، ووصل إلى أصفهان، وهناك أعلن أنه نبي، وأن الله أنزل عليه كتابًا، يسمى البيان، استمرت الدعوة إلى البابية، حتى أصبحت خطرًا يهدد الدولة الإيرانية، فقامت الحكومة باستئصال اتباع البابية، وأعدمت ميرزا علي محمد الشيرازي، رميًا بالرصاص، في عام 1850م.
 
ثانيًا: البهائية:
نشأة البهائية: البهائية في الحقيقة امتداد للبابية، ويعتبر الميرزا حسين علي النوري الملقب بهاء الله، هو مؤسس البهائية، وُلد حسين عام 1817م، بعد أن أتم حسين علي تعليمه الابتدائي، انصرف إلى التعاليم الصوفية، واشتهر منذ صغره بالاشتغال بالعلوم والتباحث مع العلماء، وكانت له معرفة بالروايات الشيعية، وخاصة المتعلقة بالمهدي المنتظر، تلقَّى بعد ذلك تعاليم البابية واعتنقها، وألف كتاب (الإيقان) في بغداد تأييدًا للباب، ودفاعًا عنه، وكان في سن السابعة والعشرين من عمره، سجن بهاء الدين، بعد محاولة البابيين قتل شاه إيران، واستمر سجنه لمدة أربعة أشهر، أفرجت عنه الحكومة الإيرانية بعد تدخل الحكومة الروسية، بشرط أن يغادر إيران، فرحل إلى بغداد مع بعض البابيين، حتى كبرت شوكتهم، ونتيجة كثرة الخلافات بينهم وبين المسلمين، أمر الخليفة العثماني بنقل البهائيين إلى إستانبول بتركيا، وهناك أعلن بهاء الله أنه الموعود الذي أخبر عنه الباب، ميرزا علي محمد الشيرازي، وتسمى أتباعه منذ ذلك الوقت بالبهائيين، أخذ بهاء الله يتنقل بين عكا وحيفا وبهجة بفلسطين إلى أن مات، بعد إصابته بالحمى، وذلك في 28 مايو عام 1892م، ودفن ببهجة قرب عكا، وعهد بالأمر من بعده لابنه عباس، الذي سماه (عبد البهاء).
 
معتقدات البهائيين:
(1) يعتقد البهائيون أن الباب هو الذي خلق كل شيء بكلمته، وهو المبدأ الذي ظهرت عنه جميع الأشياء.
 
(2) يقول البهائيون بالحلول والاتحاد، والتناسخ وخلود الكائنات، وأن الثواب والعقاب إنما يكونان للأرواح فقط على وجه يشبه الخيال.
 
(3) يقدس البهائيون العدد 19 ويجعلون عدد الشهور 19 شهرًا وعدد الأيام 19 يومًا.
 
(4) يقول البهائيون بنبوة بوذا وبراهما وزاردشت، وأمثالهم من حكماء الهند والصين والفرس الأول.
 
(5) يوافق البهائيون اليهود والنصارى في القول بصلب المسيح.
 
(6) البهائيون يؤولون القرآن تأويلات باطنية ليتوافق مع مذهبهم.
 
(7) ينكر البهائيون معجزات الأنبياء وحقيقة الملائكة والجن كما ينكرون الجنة والنار.
 
(8) يحرم البهائيون الحجاب على المرأة، ويحللون المتعة، وشيوعية النساء والأموال.
 
(9) يقول البهائيون: إن دين الباب ناسخ لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم.
 
(10) يؤول البهائيون القيامة بظهور البهاء، أما قبلتهم، فهي إلى البهجة بعكا بفلسطين بدلًا من المسجد الحرام.
 
(11) الصلاة عند البهائيين تؤدى في تسع ركعات ثلاث مرات، والوضوء بماء الورد، وإن لم يوجد، فالبسملة: (بسم الله الأطهر الأطهر، خمس مرات).
 
(12) لا توجد عند البهائيين صلاة الجماعة إلا في الصلاة على الميت، وهي ست تكبيرات يقول كل تكبيرة: (الله أبهى).
 
(13) الصيام عند البهائيين في الشهر التاسع عشر شهر العلا، فيجب فيه الامتناع عن تناول الطعام من الشروق إلى الغروب مدة تسعة عشر يومًا (شهر بهائي)، ويكون آخرها عيد النيروز 21 آذار، وذلك من سن 11 إلى 42 فقط يعفى البهائيون من الصيام.
 
(14) يحرم البهائيون الجهاد وحمل السلاح، وإشهاره ضد الأعداء خدمة للمصالح الاستعمارية.
 
(15) ينكر البهائيون أن محمدًا خاتم النبيين مدعين استمرار الوحي، وقد وضعوا كتبًا معارضة للقرآن الكريم مليئة بالأخطاء اللغوية، والركاكة في الأسلوب.
 
(16) يبطل البهائيون الحج إلى مكة وحجهم؛ حيث دفن بهاء الله في البهجة بعكا بفلسطين.
 
الانتشار ومواقع النفوذ: تعيش الغالبية العظمى من البهائيين في إيران وقليل منهم في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين المحتلة؛ حيث مقرهم الرئيسي، وكذلك لهم وجود في مصر؛ حيث أغلقت محافلهم بقرار جمهوري رقم 263 لسنة 1960م، وكما أن لهم عدة محافل مركزية في إفريقيا بأديس بابا في الحبشة، وكمبالا بأوغندا، ولوساكا بزامبيا، التي عقد بها مؤتمرهم السنوي في الفترة من 23 مايو حتى 13 يونيو 1989م، وجوهانسبرج بجنوب إفريقيا وكذلك المحفلي الملي بكراتشي بباكستان، ولهم أيضًا حضور في الدول الغربية، فلهم في لندن وفينا وفرانكفورت محافل، وكذلك بسيدني في أستراليا، ويوجد في شيكاغو بالولايات المتحدة أكبر معبد لهم، يقدر عدد البهائيين بالولايات المتحدة حوالي مليوني بهائي ينتسبون إلى 600 جمعية.
 
[الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة، ج: 1، ص: 409 – 415، موسوعة الفرق والمذاهب، وزارة الأوقاف المصرية، ص: 139 - 158).
 
حكم الإسلام في البهائية: صدرت الفتاوى من المجامع العلمية - مثل مجمع الفقه الإسلامي بمكة ودار الإفتاء المصرية - بخروج البهائية والبابية عن شريعة الإسلام، واعتبارها حربًا عليه، وكفر أتباعها كفرًا بواحًا سافرًا لا تأويل فيه.
 
فتوى دار الإفتاء المصرية:
(1) البهائية أو البابية مذهب مصنوع مزيج من أخلاط الديانات البوذية والبرهمية، والوثنية والزرادشتية، واليهودية والمسيحية والإسلامية، ومن اعتقادات الباطنية.
 
(2) البهائيون لا يؤمنون بالبعث بعد الموت، ولا بالجنة، ولا بالنار، وهم بهذا لا يعترفون بنبوة سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه خاتم النبيين، وبهذا ليسوا من المسلمين.
 
(3) أجمع المسلمون على أن العقيدة البهائية أو البابية ليست عقيدة إسلامية، وأن من اعتنق هذا الدين ليس من المسلمين، ومرتدًّا عن دين الإسلام.
 
(4) اتفق أهل العلم كذلك على أن عقد زواج المرتد يقع باطلًا، سواء عقد على مسلمة، أو غير مسلمة.
 
(5) لا يحل للمسلمة الزواج ممن اعتنق البهائية دينًا، والعقد إن تم يكن باطلًا شرعًا، والمعاشرة بينهما تكون زنًا محرمًا في الإسلام.
[فتاوى دار الإفتاء المصرية، ج: 8، فتوى رقم: 1182، ص: 2999].
 
ثالثًا: القاديانية:
تعريف القاديانية: القاديانية حركة نشأت سنة 1900م بتخطيط من الاستعمار الإنجليزي في القارة الهندية، بهدف إبعاد المسلمين عن دينهم، وعن فريضة الجهاد بشكل خاص، حتى لا يواجهوا المستعمر باسم الإسلام، وكان لسان حال هذه الحركة هو مجلة الأديان التي تصدر باللغة الإنجليزية.
 
نشأة القاديانية: يعتبر مرزا غلام أحمد القادياني هو مؤسس القاديانية، وكلمة ميرزا كلمة فارسية تعني السيد، والمقصود أن صاحبها ينتمي إلى سلالة آل البيت، وُلد غلام أحمد في قرية قاديان من بنجاب في الهند عام 1839م، وكان ينتمي إلى أسرة اشتهرت بخيانة الدين والوطن، وهكذا نشأ غلام أحمد وفيًّا للاستعمار، مطيعًا له في كل حال، فاختُير لدور المتنبئ حتى يلتف حوله المسلمون، وينشغلوا به عن جهادهم للاستعمار الإنجليزي، وكان للحكومة البريطانية إحسانات كثيرة عليهم، فأظهروا الولاء لها، وكان غلام أحمد معروفًا عند أتباعه باختلال المزاج، وكثرة الأمراض، وإدمان المخدرات، هلك المرزا غلام أحمد القادياني في عام 1908م مخلفًا أكثر من خمسين كتابًا ونشرة ومقالًا، ومن أهم كتبه: إزالة الأوهام، إعجاز أحمدي، براهين أحمدية، أنوار الإسلام، إعجاز المسيح، التبليغ، تجليات إلهية.
 
الشخصيات البارزة في القاديانية:
(1) نور الدين: الخليفة الأول للقاديانية، وضع الإنجليز تاج الخلافة على رأسه، فتبعه المريدون، من مؤلفاته: فصل الخطاب.
 
(2) محمد علي: أمير القاديانية اللاهورية، وهو منظر القاديانية وجاسوس الاستعمار، والقائم على المجلة الناطقة باسم القاديانية، قدم ترجمة محرفة للقرآن الكريم إلى الإنجليزية، من مؤلفاته: حقيقة الاختلاف، النبوة في الإسلام على ما تقدم.
 
(3) محمد صادق: مفتي القاديانية، من مؤلفاته: خاتم النبيين.
 
(4) بشير أحمد بن الغلام: من مؤلفاته سيرة المهدي، كلمة الفصل.
 
(5) محمود أحمد بن الغلام وخليفته الثاني: من مؤلفاته أنوار الخلافة، تحفة الملوك، حقيقة النبوة.
 
معتقدات القاديانية:
(1) يعتقد القاديانيون أن غلام أحمد هو المسيح الموعود.
 
(2) يعتقد القاديانيون أن الله تعالى يصوم ويصلي، وينام ويستيقظ، ويكتب ويخطئ، تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا.
 
(3) يعتقد القادياني بأن إلهه إنجليزي؛ لأنه يخاطبه بالإنجليزية.
 
(4) يعتقد القادياني بأن النبوة لم تختم بمحمد صلى الله عليه وسلم بل هي جارية، والله تعالى يرسل الرسول حسب الضرورة، وأن غلام أحمد هو أفضل الأنبياء جميعًا.
 
(5) يعتقد القاديانيون أن جبريل عليه السلام كان ينزل على غلام أحمد، وأنه كان يوحى إليه، وأن إلهاماته كالقرآن.
 
(6) يقول القاديانيون: لا قرآن إلا الذي قدمه المسيح الموعود (غلام أحمد)، ولا حديث إلا ما يكون في ضوء تعليماته، ولا نبي إلا تحت سيادة غلام أحمد.
 
(7) يعتقد القاديانيون أن كتابهم منزل من عند الله تعالى، واسمه الكتاب المبين، وهو غير القرآن الكريم.
 
(8) يعتقد القاديانيون أنهم أصحاب دين جديد مستقل، وشريعة مستقلة، وأن رفاق غلام أحمد، كالصحابة.
 
(9) يعتقد القاديانيون أن مدينة قاديان كالمدينة المنورة ومكة المكرمة، بل وأفضل منهما، وأرضها حرم، وهي قبلتهم، وإليها حجهم.
 
(10) نادى القاديانيون بإلغاء عقيدة الجهاد، الطاعة العمياء للحكومة الإنجليزية؛ لأنها حسب زعمهم ولي الأمر بنص القرآن الكريم.
 
(11) يعتقد القاديانيون أن كل مسلم كافرٌ حتى يدخل القاديانية: كما أن من تزوج أو زوج من غير القاديانيين فهو كافرٌ.
 
(12) يبيحون الخمر والأفيون والمخدرات والمسكرات.
 

الانتشار ومواقع النفوذ: يعيش معظم القاديانيين الآن في الهند وباكستان، وقليل منهم في إسرائيل والعالم العربي، ويسعون للحصول على المراكز الحساسة في كل بلد يستقرون فيه، وللقاديانيين نشاط كبير في إفريقيا، وفي بعض الدول الغربية، ولهم في إفريقيا وحدها ما يزيد عن خمسة آلاف مرشد وداعية، متفرغين لدعوة الناس إلى القاديانية؛ [الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة، ج: 1، ص: 416 – 419].
 
أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن يجعله ذخرًا لي عنده يوم القيامة؛ ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89]، كما أسأله سبحانه أن ينفع به طلاب العلم الكرام، وآخــر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢