مظاهر العظمة في القصص القرآني
مدة
قراءة المادة :
22 دقائق
.
مظاهر العظمة في القصص القرآنيإِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أمَّا بعد:
القصص منهج ربَّاني مبارك، ويُعَدُّ خلاصة لتجارب الأمم السَّابقة - على مرِّ التاريخ - تمخَّضت عن بيان سنن الله تعالى في الأمم، ومدى تحقق هذه السُّنن في كلِّ مرة تتوفر فيها أسبابها وشروطها في أيِّ عصر من العصور أو أُمَّة من الأمم.
وهذا القصص القرآني المبارك واقع عاشَهُ أصحابه كما وُصِفَ تمامًا في القرآن العظيم، فهو محل تدبر وتفكر واعتبار في مصائر هذه الأمم ومسيراتها، وما أصابها من عِزَّة ونصر وبركة نتيجة الإيمان والطاعة لله، أو ما حلَّ بها من ذل وانكسار وضنك العيش حين تنكَّبت الطريق السَّوي، قال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [يوسف: 111].
ومن عظيم فضل الله تعالى على الأمَّة المُحَمَّدية أن زوى لها هذه الخلاصات في كتابه العظيم فَحُفِظَت بذلك من الضيَّاع أو التَّحريف، فلم تمتد إليه يد غادر فَتُزوِّر أو تُغيِّر، ولاَ يد خائن فتسرق أو تُخفي - كما هو الشأن في التَّوراة والإنجيل المحرَّفَين - فهذا القصص الحقُّ محفوظٌ ما دامت على الأرض حياة تنبض أو شمس تُشرق وتغيب، تصديقًا لقول الله تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9].
وبقيت هذه الخُلاصات بذلك بين أجيال هذه الأمَّة غضَّة حيَّة تمدهم بأسباب النجاح، وأصول التعامل مع أنفسِهم، والأمم مِنْ حولهم، وتُجنِّبهم طريق الخيبة أو الوقوع في مكائد ومصائد شياطين الجن والإنس.
وهذا غَيض من فَيض في فوائد القصص القرآني، وفعله في حياة الناس وأثره على تقدُّمهم أو تأخُّرهم، فضلًا عمَّا فيه من أنواع المعرفة، وسبل الهداية، والمتعة الهادفة، ممَّا كان له الأثر الفاعل في ضبط أتْبَاع الأُمَّة المحمَّدية، حتى امتازوا عن غيرهم - من الأمم السَّابقة - بالعطاء والرُّقي.
وبعد هذا كلِّه كيف يجوز لعاقل ألاَّ يعكف على هذا القصص الحقِّ بالدِّراسة والتَّمحيص واستلهام العبرة والموعظة الحسنة، ويعمل بمقتضى ذلك، فينعم بحياة مستقرة، وآخرة مرتضاة[1].
تعريف «القصص» لغة واصطلاحًا:
أولًا: معنى «القصص» في اللغة: عند الرُّجوع إلى كتب اللُّغة يتبيَّن لنا أنَّ أصل المادة (قصص) مشتق من قَصَّ أَثَرَهُ؛ أي: تتبَّعه.
والقِصَّة: واحِدَةُ القَصَص: هي الأمر والحديث، يُقال: اقْتَصَّ الحديثَ، رواه على وجهه، وقصَّ عليه الخبر، والاسم: القَصص بالفتح، والقِصَّة التي تُكْتَب[2].
إِنَّ الدَّلالات اللُّغوية لمادة (قصَّ) تعني في الأصل: التَّتبع والاقتفاء، وهو معنى ملحوظ في القصَّة التي هي جملة من الكلام المقصوص، والقِصَّة تكتسب هذا الاسم من معنى فِعْلِ القاصِّ حين يُمارس عملَه في قَصِّ الخبر، فهو يأتي بالقصَّة على وجهها، كأنه يتتبَّع معانيها وألفاظها، ويقتفي آثار أحداثها في ترتيب بعضها على بعض، وكأنما القاصُّ في ذلك يُحاكي قُصَّاص الأثر، وهو تتبُّع آثار الأقدام على الأرض حتى يعرفَ مصير تلك الأقدام ويصل إلى النِّهاية، وهي صلة تنطبق على المعنى اللُّغوي لِلَفْظِ (قِصَّة) وذلك حين يقوم القاصُّ وهو يكتب قِصَّةً بتتبع الحدث من البداية مرورًا بالوسط، والقَصُّ: القَطْعُ[3].
ثانيًا: معنى «القصص» في الاصطلاح: لكثرة التَّعريفات الواردة في مفهوم القصص اصطلاحًا، ومن باب الاختصار سيقع الاختيار على تعريف جامع للمعنى المراد؛ وهو أنَّ القصص القرآني:
أنباءٌ وأحداثٌ تاريخية لم يلتبس بشيءٍ مِنَ الخيَال، ولم يدخل عليه شيءٌ غير الواقع، ومع هذا فقد اشتمل على ما لم يشتمل عليه غيره من قصص، مِنَ الإثارة والتَّشويق مع قيامها على الحقائق المطلقة، الأمر الذي لا يصلح عليه القصص الأدبي بحال أبدًا[4].
وحاصل القول: إن القصص القرآني: كلام حَسَنٌ في لفظه ومعناه، مشتمل على أحداث حقيقية، ومتضمِّن على ما يهدي إلى الدِّين، ويرشد إلى الخير، ويدعو إلى التَّفكير والاعتبار.
ولا يصلح أن نُطْلِقَ اسم الحكاية على القِصَّة القرآنية؛ لأنَّ الحكاية يُلْحَظُ فيها المحاكاة، والوقوف على ما جرى، بِغَضِّ النَّظر عن العِبر التي فيها أو الاستفادة منها، كما أنَّ الحاكي لا يهدف التَّأثير والتَّوجيه من حكايته.
أما القِصَّة فهي تكشف عن آثار الماضي وتُنقِّب عن حوادثه، وتعرضها في أسلوب معجز مشتمل على العبرة والعظة، أخذًا بالعقل والوجدان إلى زمن القِصَّة وأدوارها وأشخاصها، مهما كانت كثيرة وبعيدة[5].
مظاهر العظمة في قصص القرآن:
تميَّز القصص القرآني عن غيره من القصص بِعدَّة مميزات دلَّت على عظمته، وكان لها بالغ الأثر في إعجازه، ومستواه الرَّفيع، وبنائه الفني، وكان له شواهد صدق على صفائه من الشوائب، ومن أبرز سماته ومميِّزاته التي تفرَّد بها:
1- ربَّانية المصدر: من المعلوم بداهةً أنَّ القصص القرآني جزء من القرآن العظيم، فيثبت له كلُّ ما يثبت للقرآن من مزايا، مثل تنزيله من الله تعالى وحيًا على نبيِّنا محمد صلّى الله عليه وسلّم، وثبوت نقله إلينا بالتَّواتر، وأنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم ليس له منه سوى تبليغه للناس كما أُنزل عليه، ولقد أشار الله تبارك وتعالى إلى هذه الحقيقة النَّاصعة في مقدِّمات بعض القصص وخواتيمها، كقوله تعالى: ﴿ تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا ﴾ [هود: 49][6].
2- الصِّدق ومطابقة الواقع: وهذه الخصِّيصة من خصائص القصص القرآني مرتبطة بما قبلها ارتباط المُسبَّب بالسَّبب، فهي صادرة عن الله سبحانه وتعالى المحيط بكلِّ شيء علمًا؛ لذا فهي تستمدُّ صِدْقَها من مصدرها وهو الله، جَلَّ في عُلاه، وإنَّ كلَّ ما أَخبر به القرآن العظيم من قصص، فهو صدق، له واقع مشهود وملموس حين وقوعه، دون أن يكون للخيال أو الوهم أو المبالغة مدخل في شيء أبدًا، بل هو الواقع الكامل كما حصل تمامًا، وبكل أبعاده المشاهَدة والمغيَّبة، فهو من واقع الحياة، نُقِلَ في القرآن الكريم نقلًا دقيقًا يأخذ بمجامع القلوب، ولا يمكن أن يكون فيه غير الصِّدق والواقع المطابق له[7].
والقصص القرآني يختلف اختلافًا كلِّيًا عن القصص الذي عرفه الإنسان؛ ذلك أنَّ القصص البشري منه ما يحكي أحداثًا وقعت ويصوِّر وقائع ثبتت، ومنه ما هو من نسيج خيال القُصَّاص، وليس له على أرض الواقع مستند، فهذا النَّوع لا يخلو من الكذب والمبالغة، ودليل واقعيَّة القصص القرآني، قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ ﴾ [آل عمران: 62].
وقوله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [يوسف: 111].
ثم إنَّ الأخبار التي جاء بها القصص القرآني ـ وخصوصًا ما يتعلق بأهل الكتاب ـ لم يستطع أهل الكتاب ممَّن عاصروا النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم أن يكذبوها، وهم أشدُّ حرصًا على ذلك؛ لإبطال دعوى النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، فقد سأل اليهود النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم عن ذي القرنين - وهم يعلمون قصَّته من كتبهم - فأنزل الله تعالى قوله: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ ﴾ [الكهف: 83].
ولا ريب أنَّ القصص في القرآن قرآن، وهو حق؛ لأنه في كتاب الله تعالى، وقد سمَّاه الله تعالى أحسن القصص، فقال: ﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنْ الْغَافِلِينَ ﴾ [يوسف: 3][8].
3- الانتخاب مع العبرة والعظة: اعتمد عَرْضُ القصص القرآني على طريقة الانتقاء من الأحداث، فيتناول منها أجزاءً مُنتقاة، تُناسب أهدافه ومقاصده للعبرة منها، والاتعاظ بها.
وهذه الطَّريقة في اختيار مادة القصص هي من أحسن الطرق وأكثرها أثرًا في نفوس قارئيها؛ لأنها تفي بالغرض من ناحية الهدف، وهي أيضًا تُعرض بأسلوب فني رفيع، فيه كلُّ عناصر التَّشويق والإثارة الفنية التي تُنتج الانفعالات والعواطف الخيِّرة في الإنسان، وتدعم هذا الجانب فيه.
علمًا بأن هذه الأجزاء المنتخبَة إنما هي أجزاء واقعية صادقة، ليست خيالًا أو وهمًا أو مبالغة، كما سبق ذكره.
وبسبب خضوع القصَّة القرآنية للمقاصد الشَّرعية كانت تُعرَض بالقَدْر الذي يكفي لأداء هذا الغرض، ومن النَّاحية التي تتَّفق معه فيها.
فمرة تُعرض القصَّة من أوَّلها كقصَّة آدم، ومرة من وسطها، وثالثة من آخرها، وتُعرض كاملة كقصَّة يوسف، أو يُكتفى ببعض جوانبها، مثل ما يتعلق بالرِّسالة في قصص نوح وهود، وهكذا حيثما تكمن العِبرةُ في هذا الجانب أو ذاك.
أمَّا الموعظة فهي الهدف أو المحور الذي تدور حوله القصَّة القرآنية في مُجملها[9].
4- التَّنويع في تصوير الأحداث (التكرار): لمّا كان القرآن العظيم لا يهدف إلى بيان الحقِّ فقط، بل إلى تعميق مَجراه في نفوس المؤمنين، وذلك بقصِّ الأنباء، وضرب الأمثال، وإقامة الأدلَّة، كان لا بدَّ من التَّكرار المستمر، والتَّذكير الدَّائم.
ولا ريب أنَّ التَّربية عملية شاقة، ولا بدَّ أن تكون متواصلة، حتى تؤتي أُكُلها، وإلاَّ ضاع الجُهد والجَهد المبذول فيها، وأصبح هباء منثورًا، وكلُّنا نعلم إلى أيِّ مدى تحتاج تربية النُّفوس والأفراد من جهد وتذكير دائم بالأمور المراد بنائها في النُّفوس، وتربية الأفراد عليها.
والتَّكرار هو أنجع وأحسن الوسائل في تنمية هذا الأمر، سواء كان التكرار قولًا يُرَدَّد، أو عملًا يُقتدى به أو يُدرَّب عليه، فيبني فيها القناعة والعاطفة اللاَّزمتين للتَّحول إلى السُّلوك الجديد المراد لهذه النَّفس.
وإذا أخذنا بعين الاعتبار أنَّ القرآن العظيم كتاب هداية وإرشاد، وكتاب تربية وبناء، وجدنا أنَّ مسوغات التَّكرار فيه قضية منطقية جدًا، استعملها القرآن لخدمة أغراضه[10].
ولم يكن إيراد القصص وتكراره في القرآن العظيم عزاءً للنبيِّ صلّى الله عليه وسلّم في فَقْدِ عزيز، ولا مواساةً في مصيبة حلَّت بأهله، ولو كان الأمر كذلك لاكتفى بالآية أو الآيتين، ولمَّا فَقَدَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم بعضًا من ولده، جاء النَّصُّ القرآني بالحضِّ على الصبر، ولكن بصفة عامة للمؤمنين، ولم يكن خاصًا بالنبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، مثل قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 156].
ولكن الأمر أبْعَدُ من ذلك - أهدافًا وغايات.
فإنَّ الدَّعوة أخذت من عُمْر النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أكثر من ثلث عُمْرِه - مدة ثلاثٍ وعشرين سنة - ومن أجلها لقي التَّعذيب، وفي سبيلها واجه طواغيت الكفر وصناديد قريش، مجرَّدًا من السِّلاح المادي الذي يدفع به الأذى عن نفسه، إلاَّ السِّلاح المعنوي - وهو القرآن العظيم - يجاهد به الكفار جهادًا كبيرًا، كما قال الله تعالى: ﴿ فَلَا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ﴾ [الفرقان: 52].
ولغايةِ بقاءِ الدَّعوة واستمرارها هاجر وترك الوطن والأهل والعشيرة، ومن أجل ذلك كلِّه احتاج إلى تثبيت كبير، مستمر ومتكرر، يتناسب وعِظَمِ الأمانة الملقاة على عاتقه، ويتلاءم مع طول العهد في الدَّعوة، وينسجم مع المشقَّة الكبيرة والمعاناة التي وجدها من الكفار.
ولا يوجد تعارض البَتَّةَ فيما سُمِّي بالتَّكرار في القرآن، ذلك أنَّ الخلاف بين مَنْ ينفي التَّكرار ومَنْ يُثْبِتُه لا يعدو أن يكون لفظيًا، ولا يترتَّب عليه أيُّ أثر؛ لأنَّ مَنْ نفى التَّكرار: قَصَدَ نفي تكرار الألفاظ ذاتها للقصَّة الواحدة في المواضع التي ذُكرت فيها، فقد يُذكر في موضع آخر للقصَّة ذاتها حدث جديد لم يُذكر في موضع سابق، ومَنْ قال بالتَّكرار: قال بتكرار ذات القصَّة بالنِّسبة لذات الأشخاص، وإن اختلفت ظروفُها وتباينت وقائعُها [11].
وخَيرُ مِثال يُثبت ذلك: ما جاء في قصة موسى عليه السلام والتي تُعَدُّ بحقٍّ مِنْ أشدِّ القصَص تشابهًا في تصوير الأحداث، نأخذ ما ورد عن قصَّته في سورتي الأعراف: [107-126]، والشعراء: [32-51].
سورة الأعراف
سورة الشعراء
1- ﴿ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ*وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ * قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ﴾ [107-109].
1- ﴿ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ * وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ * قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ﴾ [32-34].
2- ﴿ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴾ [110].
2- ﴿ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴾ [35].
3- ﴿ قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ﴾ [111].
3- ﴿ قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ﴾ [36].
4- ﴿ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ ﴾ [112].
4- ﴿ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ * فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ * وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ * لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمْ الْغَالِبِينَ ﴾ [37-40].
5- ﴿ وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ ﴾ [113].
5- ﴿ فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ ﴾ [41].
6- ﴿ قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ * قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ ﴾ [114-115].
6- ﴿ قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ ﴾ [42].
7- ﴿ قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ﴾ [116].
7- ﴿ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ * فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ ﴾ [43-44].
8- ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ ﴾ [117-119].
8- ﴿ فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ﴾ [45].
9- ﴿ وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ﴾ [120-122].
9- ﴿ فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ﴾ [46-48].
10- ﴿ قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ﴾ [123].
10- ﴿ قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ﴾ [49].
11- ﴿ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ [123].
11- ﴿ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمْ الَّذِي عَلَّمَكُمْ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ [49].
12- ﴿ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [124].
12- ﴿ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [49].
13- ﴿ قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ*وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ ﴾ [125-126].
13- ﴿ قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ*إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [50-51].
وهكذا نرى إلى أيِّ مدى تتشابه هذه الآيات ولا تتكرر.
والعجيب حقًا أنَّه في كلا السُّورتين كان عدد الآيات (19) آية، إنه تَشابُهُ الملامح، كالإخوة الأشِقَّاء وليس التَّماثل أبدًا.
وهو التَّنويع بعينه في عَرْضِ الأحداث وإضفاء الجمال والكمال عليها بكل موحياتها [12].
وتكرُّر القصَّة في عدة مواضع من القرآن، وعرضها بصور مختلفة - من التَّقديم والتَّأخير، والإيجاز والإطناب، وما شابه ذلك - له فوائدُ وحِكَمٌ عظيمة، ومن أهمها:
1- بيان بلاغة القرآن في أعلى مراتبها: فمن خصائص البلاغة إبراز المعنى الواحد في صور مختلفة، والقصَّة المتكرِّرة ترِد في كل موضع بأسلوب يتمايز عن الآخر، وتُصاغ في قالب غير القالب، ولا يمل الإنسان من تكرارها، بل تتجدد في نفسه معان لا تحصل له بقراءتها في المواضع الأخرى.
2- قوة الإعجاز: فإيراد المعنى الواحد في صور مُتَعدِّدَة مع عَجْزِ العرب عن الإتيان بصورة منها أبلغ في التَّحدي.
3- الاهتمام بشأن القصَّة لتمكين عبرها في النفس: فإن التَّكرار من طرق التَّأكيد وأمارات الاهتمام.
كما هو الحال في قصة موسى مع فرعون؛ لأنَّها تمثل الصِّراع بين الحقِّ والباطل أتم تمثيل، مع أنَّ القصَّة لا تكرر في السُّورة الواحدة مهما كثر تكرارها.
4- اختلاف الغاية التي تُساق من أجلها القصَّة: فتذكر بعض معانيها الوافية بالغرض في مقام، وتبرز معان أخرى في سائر المقامات حسب اختلاف مقتضيات الأحوال.
5- اعتماد طريقة اللَّقطات في التَّصوير: حيث يركِّز في الصُّورة الكليَّة على لقطة بعينها لمناسبتها للموقف الذي تُقال فيه، وفي لقطة أخرى من نفس الصُّورة يركز عليها لِنَفْسِ الغَرَض، ممَّا يستنفر في القارئ والمستمع قُواه الذِّهنية؛ ليبحثَ عن الحكمة أو الغرض من كلِّ لقطة[13].
[1] انظر: معالم القصة في القرآن الكريم، محمد خير العدوي (ص7، 8).
[2] انظر: لسان العرب (7/75)؛ القاموس المحيط، (ص808، 809)؛ المعجم الوسيط (ص76).
[3] انظر: القاموس المحيط (ص809).
[4] انظر: القصص القرآني في منطوقه ومفهومه، عبد الكريم الخطيب (ص49)
[5] انظر: الدعوة الإسلامية، د.
أحمد أحمد غَلْوَش (ص288)؛ معالم القصة في القرآن الكريم، محمد خير العدوي (ص33، 34).
[6] انظر: معالم القصة في القرآن الكريم (ص91).
[7] انظر: المصدر نفسه (ص111)؛ سيكولوجية القصة في القرآن، تهامي نقرة (ص221).
[8] انظر: الأهداف التربوية للقصص القرآني في حياة النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم الدعوية، وليد أحمد مساعدة، مجلة دراسات، الجامعة الأردنية [علوم الشريعة والقانون]، عدد (1)، صفر 1422هـ، (ص182).
[9] نظر: معالم القصة في القرآن الكريم (ص11).
[10] انظر: معالم القصة في القرآن الكريم (ص118).
[11] انظر: الأهداف التربوية للقصص القرآني في حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم الدعوية (ص183).
[12] انظر: المصدر السابق (ص123).
[13] انظر: مباحث في علوم القرآن (ص308).