أرشيف المقالات

تواضع الصحابة رضي الله عنهم

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
تواضع الصحابة رضي الله عنهم
 
قال الله تعالى: ﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾[الشعراء: 215].
 
• قال الإمام القرطبي رحمه الله: أَلِنْ جانبَك لمن آمَن بك وتواضع لهم، وأصله أن الطائر إذا ضمَّ فرخه إلى نفسه بسط جناحَه، ثم قبَضه على الفرخ، فجعل ذلك وصفًا لتقريب الإنسان أتباعه[1]، وقال سبحانه: ﴿ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا ﴾ [الإسراء: 37]؛ قال الإمام القرطبي رحمه الله: قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ﴾، هذا نهي عن الخيلاء، وأمر بالتواضع [2].
 
وقال جل شأنه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 54].
 
قال الإمام القرطبي رحمه الله: قوله تعالى: ﴿ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾؛ أي: يرأفون بالمؤمنين، ويرحمونهم، ويَلينون لهم[3].
 
كان أبو بكر رضي الله عنه يحلب للحي أغنامهم، فلما بُويعَ له بالخلافة، قالت جارية من الحي: الآن لا يحلب لنا أغنامنا، فسمِعها أبو بكر، فقال: بلى لأحلبنَّها لكم، وإني لأرجو ألَّا يُغيِّرني ما دخلت فيه عن خلق كنتُ عليه، فكان يحلب لهم[4].
 
عمر بن الخطاب:
(1) قال أبو محذورة كنت جالسًا عند عمر رضي الله عنه، إذ جاء صفوان بن أمية بجفنة (وعاء كبير) يحملها نفرٌ في عباءة، فوضعوها بين يدي عمر، فدعا عمر ناسًا مساكين وأرِقَّاء (عبيدًا) من أرقاء الناس حوله، فأكلوا معه، ثم قال عند ذلك: فعل الله بقوم، أو قال: لحا الله قومًا؛ (أي: قبَّحَهم الله)، يرغَبون عن أرِقَّائهم أن يأكلوا معهم، فقال صفوان: أما والله ما نرغَب عنهم، ولكنا نستأثر عليهم، لا نجد والله من الطعام الطيب ما نأكُل ونُطعمهم[5].
 
(2) قال الحسن البصري: رأيت عثمان بن عفان رضي الله عنه، يقيل في المسجد، وهو يومئذٍ خليفة، ويقوم وأثر الحصى بجنبه، فيقال: هذا أمير المؤمنين، هذا أمير المؤمنين[6].

[1] (تفسير القرطبي، جـ9، صـ57).

[2] (تفسير القرطبي، جـ10، صـ260).

[3] (تفسير القرطبي، جـ 6، صـ220).

[4] (الطبقات الكبرى؛ لابن سعد، جـ 3، صـ 138:139).

[5] (صحيح الأدب المفرد؛ للألباني، صـ93).

[6] (حلية الأولياء؛ لأبي نعيم الأصبهاني، جـ1، صـ: 60).

شارك الخبر

المرئيات-١