Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73


جاء جراد في شعبان بعدد الرمل والحصا، فأكل الغلات وآذى الناس، وجاعوا فطحن الخروب بدقيق الدخن فأكلوه، ووقع الوباء، ثم منع الله الجراد من الفساد، وكان يمر ولا يضر، فرخصت الأسعار، ووقع غلاء شديد بدمشق واستمر ثلاث سنين.


في سنة 463هـ ملك أتسز الرملة، والبيت المقدس، وحصر مدينة دمشق، فلما عاد عنها جعل يقصد أعمالها كل سنة عند إدراك الغلات فيأخذها، فيقوى هو وعسكره، ويضعف أهل دمشق وجندها، فلما كان رمضان سنة 467هـ سار إلى دمشق فحصرها، وأميرها المعلى بن حيدرة من قبل المستنصر العبيدي صاحب مصر، فلم يقدر عليها، فانصرف عنها في شوال، فهرب أميرها المعلى في ذي الحجة، وكان سبب هربه أنه أساء السيرة مع الجند والرعية وظلمهم، فكثر الدعاء عليه، وثار به العسكر، وأعانهم العامة، فهرب منها إلى بانياس، ثم منها إلى صور، ثم أخذ إلى مصر فحبس بها، فمات محبوسا، فلما هرب من دمشق اجتمعت المصامدة -والمصامدة قبيلة من المغاربة- وولوا عليهم انتصار بن يحيى المصمودي، المعروف برزين الدولة، وغلت الأسعار بها حتى أكل الناس بعضهم بعضا، ووقع الخلف بين المصامدة وأحداث البلد، وعرف أتسز ذلك، فعاد إلى دمشق، فنزل عليها في شعبان من هذه السنة، فحصرها، فعدمت الأقوات، فبيعت الغرارة، إذا وجدت، بأكثر من عشرين دينارا، فسلموها إليه بأمان، وعوض عنها بقلعة بانياس، ومدينة يافا من الساحل، ودخلها هو وعسكره في ذي القعدة، وخطب بها يوم الجمعة لخمس بقين من ذي القعدة، للمقتدي بأمر الله الخليفة العباسي، وكان آخر ما خطب فيها للعلويين المصريين، ومنع الأذان بحي على خير العمل، ففرح أهلها به فرحا عظيما، وتغلب على أكثر الشام وعظم شأنه، وخافه المصريون، وظلم أهلها، وأساء السيرة فيهم.

حتى أهلك الناس وأفقرهم.


ملك نصر بن محمود بن صالح بن مرداس مدينة منبج، وأجلى عنها الروم.


لما انتزع الملك المعظم أتسز بن أوف الخوارزمي دمشق من أيدي العبيديين سنة 468هـ، شرع في بناء هذا الحصن المنيع بدمشق وكان في مكان القلعة -أحد أبواب البلد- باب يعرف بباب الحديد، وهو الباب المقابل لدار رضوان، وقد ارتفع بعض أبرجتها فلم يتكامل حتى انتزع ملك البلد منه الملك المظفر تاج الملوك تتش بن ألب أرسلان السلجوقي، فأكملها وأحسن عمارتها، وابتنى بها دار رضوان للملك، واستمرت على ذلك البناء في أيام نور الدين محمود بن زنكي، فلما كان الملك صلاح الدين بن يوسف بن أيوب الأيوبي جدد فيها شيئا، وابتنى له نائبه ابن مقدم فيها دارا هائلة لمملكة للمملكة، ثم إن الملك العادل أخا صلاح الدين، اقتسم هو وأولاده أبرجتها، فبنى كل ملك منهم برجا منها جدده وعلاه وأطده وأكده، ثم جدد الملك الظاهر بيبرس منها البرج الغربي القبلي، ثم ابتنى بعده في دولة الملك الأشرف خليل بن المنصور، نائبه الشجاعي، الطارمة الشمالية والقبة الزرقاء وما حولها.


سار أتسز –ويقال: أقسيس- الخوارزمي التركي من دمشق إلى مصر وحصرها، وضيق على أهلها، ولم يبق غير أن يملكها، فاجتمع أهلها مع ابن الجوهري الواعظ في الجامع، وبكوا وتضرعوا ودعوا، فانهزم أتسز من غير قتال، فوصل إلى دمشق وقد تفرق أصحابه، فرأى أهلها قد صانوا مخلفيه وأمواله، فشكرهم، ورفع عنهم الخراج تلك السنة، وأتى البيت المقدس، فرأى أهله قد قبحوا على أصحابه ومخلفيه، وحصروهم في محراب داود، عليه السلام، فلما قارب البلد تحصن أهله منه وسبوه، فقاتلهم، ففتح البلد عنوة ونهبه، وقتل من أهله فأكثر حتى قتل من التجأ إلى المسجد الأقصى، وكف عمن كان عند الصخرة وحدها.

وقيل: إن أتسز لما وصل مصر, جمع أمير الجيوش بدر العساكر، واستمد العرب وغيرهم من أهل البلاد، فاجتمع معه خلق كثير، واقتتلوا، فانهزم أتسز، وقتل أكثر أصحابه، وقتل أخ له، وقطعت يد أخ آخر، وعاد منهزما إلى الشام في نفر قليل من عسكره، فوصل إلى الرملة، ثم سار منها إلى دمشق، وقيل: إن أتسز انهزم في مصر وعاد منها بدون قتال.


قدم ابن القشيري بغداد فجلس يتكلم في النظامية وأخذ يذم الحنابلة وينسبهم إلى التجسيم، وساعده أبو سعد الصوفي، ومال معه الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، وكتب إلى نظام الملك يشكو إليه الحنابلة ويسأله المعونة عليهم، وذهب جماعة إلى الشريف أبي جعفر بن أبي موسى شيخ الحنابلة، وهو في مسجده فدافع عنه آخرون، واقتتل الناس بسبب ذلك، وقتل رجل خياط من سوق التبن، وجرح آخرون، وثارت الفتنة بين الحنابلة وبين فقهاء النظامية، وحمي لكل من الفريقين طائفة من العوام، وقتل بينهم نحو من عشرين قتيلا، وكتب الشيخ أبو إسحاق وأبو بكر الشاشي إلى نظام الملك في كتابه إلى فخر الدولة ينكر ما وقع، ويكره أن ينسب إلى المدرسة التي بناها شيء من ذلك، وعزم الشيخ أبو إسحاق على الرحلة من بغداد غضبا مما وقع من الشر، فأرسل إليه الخليفة يسكنه، ثم جمع بينه وبين الشريف أبي جعفر وأبي سعد الصوفي، وأبي نصر بن القشيري، عند الوزير، فأقبل الوزير على أبي جعفر يعظمه في الفعال والمقال، وقام إليه الشيخ أبو إسحاق فقال: أنا ذلك الذي كنت تعرفه وأنا شاب، وهذه كتبي في الأصول، ما أقول فيها خلافا للأشعرية.

ثم قبل رأس أبي جعفر، فقال له أبو جعفر: صدقت، إلا أنك لما كنت فقيرا لم تظهر لنا ما في نفسك، فلما جاء الأعوان والسلطان وخواجه بزك - يعني نظام الملك- وشبعت، أبديت ما كان مختفيا في نفسك، وقام الشيخ أبو سعد الصوفي وقبل رأس الشريف أبي جعفر أيضا وتلطف به، فالتفت إليه مغضبا وقال: أيها الشيخ، أما الفقهاء إذا تكلموا في مسائل الأصول فلهم فيها مدخل، وأما أنت فصاحب لهو وسماع وتغبير، فمن زاحمك منا على باطلك؟! ثم قال: أيها الوزير أنى تصلح بيننا؟ وكيف يقع بيننا صلح ونحن نوجب ما نعتقده وهم يحرمون ويكفرون؟! وهذا جد الخليفة القائم والقادر قد أظهرا اعتقادهما للناس على رؤوس الأشهاد على مذهب أهل السنة والجماعة والسلف، ونحن على ذلك كما وافق عليه العراقيون والخراسانيون، وقرئ على الناس في الدواوين كلها، فأرسل الوزير إلى الخليفة يعلمه بما جرى، فجاء الجواب بشكر الجماعة وخصوصا الشريف أبا جعفر، ثم استدعى الخليفة أبا جعفر إلى دار الخلافة للسلام عليه، والتبرك بدعائه.