Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73


ظفر أهل الإسكندرية وعسكر مصر بأسطول الفرنج من صقلية، وكان سبب ذلك إرسال أهل مصر إلى ملك الفرنج بساحل الشام، وإلى صاحب صقلية، ليقصدوا ديار مصر ليثوروا على صلاح الدين ويخرجوه من مصر، فجهز صاحب صقلية أسطولا كبيرا، وسيره إلى الإسكندرية من ديار مصر، فوصلوا إليها في التاسع والعشرين من ذي الحجة سنة 569، على حين غفلة من أهلها وطمأنينة، فخرج أهل الإسكندرية بعدتهم وسلاحهم ليمنعوهم من النزول، وأبعدوا عن البلد، فمنعهم الوالي من ذلك، وأمرهم بملازمة السور، ونزل الفرنج إلى البر مما يلي البحر والمنارة، وتقدموا إلى المدينة ونصبوا عليها الدبابات والمجانيق، وقاتلوا أشد قتال، وصبر لهم أهل البلد، وسيرت الكتب بالحال إلى صلاح الدين يستدعونه لدفع العدو عنهم، ووصل من العساكر المسلمين كل من كان له في أقطاعه، وهو قريب من الإسكندرية، فقويت بهم نفوس أهل الإسكندرية، وأحسنوا القتال والصبر، فلما كان اليوم الثالث فتح المسلمون باب البلد وخرجوا منه على الفرنج من كل جانب، وهم غارون، واشتد القتال، فوصل المسلمون إلى الدبابات فأحرقوها، وصبروا للقتال، فأنزل الله نصره عليهم، وفشل الفرنج وفتر حربهم، وكثر القتل والجراح في رجالاتهم، وأما صلاح الدين فإنه لما وصله الخبر سار بعساكره، وسير مملوكا له ومعه ثلاث جنائب ليجد السير عليها إلى الإسكندرية يبشر بوصوله، وسير طائفة من العسكر إلى دمياط خوفا عليها، واحتياطا لها، فسار ذلك المملوك، فوصل الإسكندرية من يومه وقت العصر، والناس قد رجعوا من القتال، فنادى في البلد بمجيء صلاح الدين والعساكر مسرعين، فلما سمع الناس ذلك عادوا إلى القتال، وقد زال ما بهم من تعب وألم الجراح، وسمع الفرنج بقرب صلاح الدين في عساكره، فسقط في أيديهم، وازدادوا تعبا وفتورا، فهاجمهم المسلمون عند اختلاط الظلام، ووصلوا إلى خيامهم فغنموها بما فيها من الأسلحة الكثيرة والتحملات العظيمة، وكثر القتل في رجالة الفرنج، فهرب كثير منهم إلى البحر، فغلبهم أهل البلد وقهروهم، فصاروا بين قتيل وأسير، وكفى الله المسلمين شرهم، وحاق بالكافرين مكرهم.


جمع كنز الدولة والي أسوان العرب والسودان، وقصد القاهرة يريد إعادة الدولة الفاطمية، وأنفق في جموعه أموالا جزيلة، وانضم إليه جماعة ممن يهوى هواهم، فقتل عدة من أمراء صلاح الدين، وخرج في قرية طود رجل يعرف بعباس بن شادي، وأخذ بلاد قوص، وانتهب أموالها، فجهز السلطان صلاح الدين أخاه الملك العادل في جيش كثيف، ومعه الخطير مهذب بن مماتي، فسار وأوقع بشادي وبدد جموعه وقتله، ثم سار فلقيه كنز الدولة بناحية طود، وكانت بينهما حروب فر منها كنز الدولة، بعدما قتل أكثر عسكره، ثم قتل كنز الدولة في سابع صفر، وقدم العادل إلى القاهرة في ثامن عشر من صفر.


ملك صلاح الدين يوسف بن أيوب مدينة دمشق، وسبب ذلك أن نور الدين لما مات وملك ابنه الملك الصالح إسماعيل بعده كان بدمشق، ولما استولى سيف الدين غازي بن قطب الدين مودود صاحب الموصل وعم الملك الصالح إسماعيل على البلاد الجزرية، خاف شمس الدين علي بن الداية-وهو أكبر الأمراء النورية- أن يغير إلى حلب فيملكها، فأرسل الخادم سعد الدين كمشتكين إلى دمشق ليحضر الملك الصالح ومعه العساكر إلى حلب، فلما وصلوا إليها قبض سعد الدين على شمس الدين بن الداية وإخوته، وعلى ابن الخشاب رئيس حلب ومقدم الأحداث فيها، واستبد سعد الدين بتدبير الملك الصالح، فخافه ابن المقدم وغيره من الأمراء الذين بدمشق، وكاتبوا سيف الدين غازي صاحب الموصل ليعبر الفرات إليهم؛ ليسلموا إليه دمشق، فامتنع عن قصد دمشق، وراسل الخادم سعد الدين الملك الصالح وصالحهما على ما أخذه من البلاد، فلما امتنع سيف الدين غازي عن العبور إلى دمشق عظم خوف ابن المقدم ومن معه من الأمراء، وقالوا: حيث صالح الخادم سعد الدين سيف الدين والملك الصالح لم يبق لهم مانع عن المسير إلينا، فكاتبوا حينئذ صلاح الدين يوسف بن أيوب، صاحب مصر، واستدعوه ليملكوه عليهم، فلما وصلت الرسل إلى صلاح الدين بذلك لم يلبث، وسار جريدة -الجريدة خيل لا رجالة فيها- في سبعمائة فارس، والفرنج في طريقه، فلم يبال بهم، ثم سار صلاح الدين إلى دمشق فخرج كل من بها من العسكر إليه، فلقوه وخدموه، ودخل البلد، ونزل في دار والده المعروفة بدار العقيقي، وكانت القلعة بيد خادم اسمه ريحان، فأحضر صلاح الدين كمال الدين بن الشهرزوري وهو قاضي البلد والحاكم في جميع أموره من الديوان والوقف وغير ذلك، وأرسله إلى ريحان ليسلم القلعة إليه، وقال: "أنا مملوك الملك الصالح، وما جئت إلا لأنصره وأخدمه، وأعيد البلاد التي أخذت منه إليه"، وكان يخطب له في بلاده كلها، فصعد كمال الدين إلى ريحان، ولم يزل معه حتى سلم القلعة، فصعد صلاح الدين إليها، وأخذ ما فيها من الأموال، وأخرجها واتسع بها وثبت قدمه، وقويت نفسه، وهو مع هذا يظهر الطاعة للملك الصالح، والخطبة والسكة باسمه، والصالح يخاطبه بالمملوك.


لما استقر ملك صلاح الدين لدمشق، وقرر أمرها، استخلف بها أخاه سيف الإسلام طغتكين بن أيوب، وسار إلى مدينة حمص مستهل جمادى الأولى، وكانت حمص وحماة وقلعة بعين وسلمية وتل خالد والرها من بلد الجزيرة في أقطاع الأمير فخر الدين مسعود الزعفراني، فلما مات نور الدين لم يمكن فخر الدين المقام بها لسوء سيرته في أهلها، ولم يكن له في قلاع هذه البلاد حكم، إنما فيها ولاة لنور الدين.

وكان بقلعة حمص وال يحفظها، فلما نزل صلاح الدين على حمص، حادي عشر من هذا الشهر، راسل من فيها بالتسليم، فامتنعوا، فقاتلهم من الغد، فملك البلد وأمن أهله، وامتنعت عليه القلعة، وبقيت ممتنعة إلى أن عاد من حلب، وترك بمدينة حمص من يحفظها، ويمنع من بالقلعة من التصرف وأن تصعد إليهم ميرة.


سار صلاح الدين إلى مدينة حماة، وهو في جميع أحواله لا يظهر إلا طاعة الملك الصالح بن نور الدين محمود، فلما وصل إلى حماة، ملك المدينة مستهل جمادى الآخرة، وكان بقلعتها الأمير عز الدين جورديك، وهو من المماليك النورية، فامتنع من التسليم إلى صلاح الدين، فأرسل إليه صلاح الدين ما يعرفه ما هو عليه من طاعة الملك الصالح، وإنما يريد حفظ بلاده عليه، فاستحلفه جورديك على ذلك فحلف له وسيره إلى حلب في اجتماع الكلمة على طاعة الملك الصالح، وفي إطلاق شمس الدين علي وحسن وعثمان أولاد الداية من السجن، فسار جورديك إلى حلب، واستخلف بقلعة حماة أخاه ليحفظها، فلما وصل جورديك إلى حلب قبض عليه كمشتكين وسجنه، فلما علم أخوه بذلك سلم القلعة إلى صلاح الدين فملكها.


لما ملك صلاح الدين حماة سار إلى حلب فحصرها ثالث جمادى الآخرة، فقاتله أهلها، وركب الملك الصالح، وهو صبي عمره اثنتا عشرة سنة، وجمع أهل حلب واتفقوا على القتال دونه، والمنع عن بلده، وجدوا في القتال، وأرسل سعد الدين كمشتكين إلى سنان مقدم الإسماعيلية، وبذل له أموالا كثيرة؛ ليقتلوا صلاح الدين، فأرسلوا جماعة منهم إلى عسكره، فحمل أحدهم على صلاح الدين ليقتله، فقتل دونه، وقاتل الباقون من الإسماعيلية، فقتلوا جماعة من أصحاب صلاح الدين, ثم قتلوا جميعا، وبقي صلاح الدين محاصرا لحلب إلى آخر جمادى الآخرة، ورحل عنها مستهل رجب وسبب ذلك هو مسير الفرنج إلى حمص وتجهزهم لقصدها، فسمع صلاح الدين الخبر فرحل عن حلب.


أثناء حصار صلاح الدين الأيوبي لحلب بلغه مسير الفرنج إلى حمص وتجهزهم لقصدها، فرحل عن حلب إلى حماة، فوصله ثامن رجب، بعد نزول الفرنج على حمص بيوم، ثم رحل إلى الرستن، فلما سمع الفرنج بقربه رحلوا عن حمص، ووصل صلاح الدين إليها، فحصر القلعة إلى أن ملكها في الحادي والعشرين من شعبان، فصار أكثر الشام بيده، ولما ملك حمص سار منها إلى بعلبك، وبها خادم اسمه يمن، وهو وال عليها من أيام نور الدين محمود، فحصرها صلاح الدين، فأرسل يمن يطلب الأمان له ولمن عنده، فأمنهم صلاح الدين، وسلم القلعة رابع شهر رمضان.


في العشر الأول من شوال ملك صلاح الدين قلعة بعرين من الشام، وكان صاحبها فخر الدين مسعود بن الزعفراني، وهو من أكابر الأمراء النورية، فلما رأى قوة صلاح الدين نزل منها، واتصل بصلاح الدين، ظن أنه يكرمه ويشاركه في ملكه، ولا ينفرد عنه بأمر مثل ما كان مع نور الدين، فلم ير من ذلك شيئا، ففارقه، ولم يكن بقي من أقطاعه الذي كان له في الأيام النورية غير بعرين ونائبه بها، فلما صالح صلاح الدين الملك الصالح بحلب، عاد إلى حماة وسار منها إلى بعرين، وهي قريبة منها، فحصرها ونصب عليها المجانيق، وأدام قتالها، فسلمها واليها بالأمان، فلما ملكها عاد إلى حماة، فأقطعها خاله شهاب الدين محمود بن تكش الحارمي، وأقطع حمص ناصر الدين محمد بن عمه شيركوه، وسار منها إلى دمشق فدخلها أواخر شوال.