Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73


أمر عثمان بن عفان رضي الله عنه بتجديد أنصاب الحرم، وفيها زاد في المسجد الحرام ووسعه، وابتاع من قوم، وأبى آخرون فهدم عليهم، ووضع الأثمان في بيت المال، فصاحوا بعثمان، فأمر بهم فحبسوا، وقال: أتدرون ما جرأكم علي؟ ما جرأكم علي إلا حلمي، قد فعل هذا بكم عمر فلم تصيحوا به.

فكلمه فيهم أمير مكة عبد الله بن خالد بن أسيد فأطلقهم.


هو كعب بن زهير بن أبي سلمى المزني، أبو المضرب, الشاعر ابن الشاعر، وأبوه أشعر منه، كان كعب في الجاهلية شاعرا معروفا ولما ظهر الإسلام هجا النبي صلى الله عليه وسلم وشبب بنساء المسلمين، فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه، فجاء مستأمنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأمنه وقبل منه، فأنشده لاميته المشهورة التي مطلعها: بانت سعاد فقلبي اليوم متبول، ويقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه البردة التي اشتراها بعد ذلك معاوية من بعض ولده فصارت للخلفاء بعد ذلك يتوارثونها.


كان سعد بن أبي وقاص أميرا على الكوفة بعد أن عزل عنها المغيرة بن شعبة، ثم عزل عثمان سعدا عن الكوفة، وولاها الوليد بن عقبة، وكان سبب عزل سعد أنه اقترض من ابن مسعود مالا من بيت المال، فلما تقاضاه به ابن مسعود ولم يتيسر قضاؤه تقاولا، وجرت بينهما خصومة شديدة، فغضب عليهما عثمان فعزل سعدا واستعمل الوليد بن عقبة، وكان عاملا لعمر على عرب الجزيرة، فلما قدمها أقبل عليه أهلها فأقام بها خمس سنين وليس على داره باب، وكان فيه رفق برعيته.


لما تولى الوليد بن يزيد بن عبد الملك الخلافة سار في أول أمره سيرة حسنة مع أنه كان قد اشتهر عنه أنه صاحب شراب، ولكن الذي ولد النقمة عليه أنه عقد لولديه بالخلافة من بعده الحكم وعثمان، وهما لم يبلغا سن الرشد بعد، كما أسرف في شرابه وانتهاك المحرمات فثقل ذلك على الناس ونقموا عليه مما حداهم إلى أن بايعوا سرا لابن عمه يزيد بن الوليد، فنادى يزيد بخلع الوليد الذي كان غائبا في عمان الأردن، وكان قد وضع نائبا له على دمشق ففر منها وأرسل يزيد جماعة من أصحابه بقيادة عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك إلى الوليد بن يزيد فقتلوه في قصره البخراء الذي كان للنعمان بن بشير، فكانت مدة خلافته سنة وثلاثة أشهر تقريبا.


بويع ليزيد بن الوليد الذي يقال له: الناقص، وإنما سمي الناقص لأنه نقص الزيادة التي كان الوليد زادها في عطيات الناس، وهي عشرة عشرة، ورد العطاء إلى ما كان أيام هشام، لما قتل الوليد بن يزيد خطب يزيد بن وليد الناس فذم الوليد بن يزيد وأنه قتله لفعله الخبيث.

قال: (.
.
.

ظهر الجبار العنيد، المستحل الحرمة، والراكب البدعة، والمغير السنة، فلما رأيت ذلك أشفقت إذ غشيتكم ظلمة لا تقلع عنكم على كثرة من ذنوبكم، وقسوة من قلوبكم، وأشفقت أن يدعو كثير من الناس إلى ما هو عليه، فيجيبه من أجابه منكم، فاستخرت الله في أمري، وسألته ألا يكلني إلى نفسي، ودعوت إلى ذلك من أجابني من أهلي وأهل ولايتي، وهو ابن عمي في نسبي وكفئي في حسبي، فأراح الله منه العباد، وطهر منه البلاد، ولاية من الله، وعونا بلا حول منا ولا قوة، ولكن بحول الله وقوته وولايته وعونه.

ثم قال: أيها الناس إن لكم علي أن لا أضع حجرا على حجر ولا لبنة، ولا أكتري نهرا، ولا أكثر مالا، ولا أعطيه زوجة وولدا، ولا أنقل مالا عن بلد حتى أسد ثغره وخصاصة أهله بما يغنيهم، فما فضل نقلته إلى البلد الذي يليه، ولا أجمركم في ثغوركم فأفتنكم، ولا أغلق بابي دونكم، ولا أحمل على أهل جزيتكم، ولكم أعطياتكم كل سنة، وأرزاقكم في كل شهر حتى يكون أقصاكم كأدناكم، فإن وفيت لكم بما قلت فعليكم السمع والطاعة وحسن الوزارة، وإن لم أف فلكم أن تخلعوني إلا أن أتوب، وإن علمتم أحدا ممن يعرف بالصلاح يعطيكم من نفسه مثل ما أعطيكم وأردتم أن تبايعوه فأنا أول من يبايعه.

أيها الناس لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)
.


لما استلم يزيد بن الوليد الخلافة بعد أن قتل ابن عمه الوليد بن يزيد اضطربت الأمور عليه واختلفت كلمة بني مروان، وخرج سليمان بن هشام من السجن واستولى على الأموال، وكان في سجن الوليد بن يزيد في عمان ثم حضر دمشق، وثار أهل حمص يطالبون بدم الوليد بن يزيد وخلعوا أميرهم، وثار أهل فلسطين وبايعوا يزيد بن سليمان، وأهل الأردن كذلك ثاروا وبايعوا محمد بن عبد الملك، وكان مروان بن محمد في أرمينية يحرض على الأخذ بدم الوليد بن يزيد، ثم إن يزيد بن الوليد بايع لأخيه إبراهيم من بعده ومن بعده لعبد العزيز بن الحجاج؛ ولكن لم يلبث أن توفي يزيد بالطاعون في 7 ذي الحجة من العام نفسه فلم تدم خلافته أكثر من ستة أشهر.


هو أبو عقال الأغلب بن إبراهيم بن أغلب، أخو زيادة الله، كانت ولايته من قبل المعتصم بالله، وهو رابع أمراء إفريقية من بني الأغلب، ولم تطل مدة أيامه، كانت ولايته سنتين وسبعة أشهر وسبعة أيام, لما تولى أبو عقال أحسن إلى الجند، وأزال مظالم كثيرة، وزاد العمال في أرزاقهم، وكف أيديهم عن الرعية، وقطع النبيذ والخمر عن القيروان.

وكانت أيامه أيام دعة وسكون سوى عام 224هـ؛ انتفض بعض الخوارج فسير إليهم عيسى بن ربعان فأخضعهم، ولما توفي ولي أبو العباس محمد بن الأغلب بن إبراهيم بن الأغلب بلاد إفريقية بعد وفاة والده، ودانت له إفريقية.


هو حيدر بن كاوس الملقب بالأفشين، أصله من الترك من أشروسنة تركستان، كان مجوسيا من سلالة حكام أشروسنة، اعتنق الإسلام زمن المأمون وأقام ببغداد عند المعتصم، وعظم محله عنده, وهو من كبار قادة المأمون والمعتصم، تولى إخماد الكثير من الفتن والثورات، وأهمها ثورة بابك الخرمي، ولكن كان يطمح لتولي خراسان بدل عبدالله بن طاهر، فقيل: إنه هو الذي حرض المازيار للخروج على ابن طاهر حتى يوليه المعتصم حربه، ومن ثم ولاية خراسان، ولما قبض على المازيار أقر بكتب الأفشين له، فغضب المعتصم منه وأمر بالقبض عليه، فتم ذلك ليلا فحبسه ثم عمل له مجلس قضاء بحضور أحمد بن أبي دؤاد المعتزلي، ووزيره محمد بن عبد الملك بن الزيات، ونائبه إسحاق بن إبراهيم بن مصعب، فاتهم الأفشين في هذا المجلس بأشياء تدل على أنه باق على دين أجداده من الفرس، وكان ذلك في أواخر عام 225هـ، ثم بقي في السجن إلى أن مات فيه، ثم أخرج فصلب بجنب بابك الخرمي ثم أنزل وأحرق.


كان عبد الله السجزي ينازع يعقوب بن الليث الصفار الرئاسة بسجستان، فقهره يعقوب، فهرب منه عبد الله إلى نيسابور، فلما سار يعقوب إلى نيسابور، هرب عبد الله إلى الحسن بن زيد العلوي بطبرستان، فسار يعقوب في أثره، فلقيه الحسن بن زيد بقرية سارية، وكان يعقوب قد أرسل إلى الحسن يسأله أن يبعث إليه عبد الله ويرجع عنه، فإنه إنما جاء لذلك لا لحربه، فلم يسلمه الحسن، فحاربه يعقوب، فانهزم الحسن، ومضى نحو السر وأرض الديلم، ودخل يعقوب سارية، وآمل، وجبى أهلها خراج سنة، ثم سار في طلب الحسن، فسار إلى بعض جبال طبرستان، وتتابعت على يعقوب الأمطار نحوا من أربعين يوما، فلم يتخلص إلا بمشقة شديدة، وهلك عامة ما معه من الظهر، ثم أراد الدخول خلف الحسن، لكنه توقف على الطريق الذي يريد أن يسلكه، وأمر أصحابه بالوقوف، ثم تقدم وحده، وتأمل الطريق، ثم رجع إليهم فأمرهم بالانصراف، وقال لهم: إنه لم يكن طريق غير هذا وإلا لا طريق إليه، وكان نساء أهل تلك الناحية قلن للرجال: دعوه يدخل؛ فإنه إن دخل كفيناكم أمره، وعلينا أسره لكم.

فلما خرج من طبرستان عرض رجاله، ففقد منهم أربعون ألفا، وذهب أكثر ما كان معه من الخيل والإبل والبغال والأثقال، وكتب إلى الخليفة بما فعله مع الحسن من الهزيمة.


كان المعتمد قد ولى على الموصل أساتكين من قواد الأتراك، فبعث عليها ابنه اذكوتكين وسار إليها سنة تسع وخمسين، فأساء السيرة وأظهر المنكر وعسف بالناس في طلب الخراج، وتعرض أحد الأيام رجل من حاشيته إلى امرأة في الطريق، وتخلصها من يده بعض الصالحين، فأحضره أذكوتكين وضربه ضربا شديدا، فاجتمع وجوه البلد وتآمروا في رفع أمرهم إلى المعتمد، فركب إليهم ليوقع بهم فقاتلوه وأخرجوه واجتمعوا على يحيى بن سليمان، وولوه أمرهم، ولما كانت سنة إحدى وستين ولى أستاكين عليها الهيثم بن عبد الله بن العمد الثعلبي العدوي وأمره أن يزحف لحربهم ففعل، وقاتلوه أياما وكثرت القتلى بينهم، ورجع عنهم الهيثم وولى أستاكين مكانه إسحاق بن أيوب الثعلبي، وحاصرها مدة ومرض يحيى بن سليمان الأمير، فطمع إسحاق في البلد وجد في الحصار، واقتحمها من بعض الجهات فأخرجوه، وحملوا يحيى بن سليمان في قبة وألقوه أمام الصف، واشتد القتال ولم يزل إسحاق يراسلهم ويعدهم حسن السيرة إلى أن أجابوه على أن يقيم بالربض فأقام أسبوعا، ثم وقع بين بعض أصحابه وبين قوم من أهل الموصل شر، فرجعوا إلى الحرب, وأخرجوه عنها، واستقر يحيى بن سليمان بالموصل.


ظهر موسى بن ذي النون الهواري بشنت برية، وأغار على أهل طليطلة، ودخل حصن وليد من شنت برية، فخرج أهل طليطلة إليه في نحو عشرين ألفا، فلما التقوا بموسى واقتتلوا انهزم محمد بن طريشة في أصحابه، وهو من أهل طليطلة، فتبعه أهل طليطلة في الهزيمة، وانهزم معهم مطرف بن عبد الرحمن، فقتل من أهل طليطلة خلق كثير، وقوي موسى بن ذي النون، وهابه من حاذره.


ظهر بمصر إنسان يكنى أبا روح، واسمه سكن، وكان من أصحاب ابن الصوفي، واجتمع له جماعة، فقطع الطريق، وأخاف السبيل، فوجه إليه ابن طولون جيشا, فوقف أبو روح في أرض كثيرة الشقوق، وقد كان بها قمح فحصد، وبقي من تبنه على الأرض ما يستر الشقوق، وقد ألفوا المشي على مثل هذه الأرض، فلما جاءهم الجيش لقوهم، ثم انهزم أصحاب أبي روح، فتبعهم عسكر ابن طولون، فوقعت حوافر خيولهم في تلك الشقوق، فسقط كثير من فرسانها عنها، وتراجع أصحاب أبي روح عليهم، فقتلوهم شر قتلة، وانهزم الباقون أسوأ هزيمة، فسير ابن طولون جيشا إلى طريقهم إلى الواحات، وجيشا في طلب أبي روح، فلقيه الجيش الذي في طلبه وقد تحصن في مثل تلك الأرض، فحذرها عسكر ابن طولون، فحين بطلت حيلهم انهزموا وتبعهم العسكر، فلما خرجوا إلى طريق الواحات رأى أبو روح الطريق قد ملكت عليه، فراسل يطلب الأمان، فبذل له، وبطلت الحرب، وكفي المسلمون شره.


هو أبو محمد الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، هو الإمام الحادي عشر عند الشيعة الذين يدعون عصمتهم, كان مولده بسامرا بلد العسكر، ومنها أخذ لقبه، وأمه أم ولد.

توفي في سامرا وله تسع وعشرون سنة.

ودفن إلى جانب والده.

والحسن العسكري هو والد محمد المهدي الذي تزعم الرافضة أنه الإمام المنتظر الذي سيخرج من السرداب، ولد سنة ثمان وخمسين، وقيل: سنة ست وخمسين.

عاش بعد أبيه سنتين، ولم يعلم كيف مات.

وهم يدعون بقاءه في السرداب منذ عام 262ه، وأنه صاحب الزمان، وأنه حي يعلم علم الأولين والآخرين، ويعترفون أن أحدا لم يره أبدا، فنسأل الله أن يثبت علينا عقولنا وإيماننا!!  


ولى المعتمد أبا الساج الأهواز بعد مسير عبد الرحمن بن مفلح عنها إلى فارس، وأمره بمحاربة الزنج، فسير صهره عبد الرحمن لمحاربة الزنج، فلقيه علي بن أبان المهلبي بناحية دولاب، فقتل عبد الرحمن، وانحاز أبو الساج إلى ناحية عسكر مكرم، ودخل الزنج الأهواز، فقتلوا أهلها وسبوا وأحرقوا، ثم انصرف أبو الساج عما كان إليه من الأهواز، وحرب الزنج، فوليها إبراهيم بن سيما فلم يزل بها حتى انصرف عنها مع موسى بن بغا.


أمر الخليفة المعتمد الموفق أن يسير إلى حرب الزنج؛ فولى الموفق الأهواز والبصرة وكور دجلة مسرورا البلخي، وسيره في مقدمته، وعزم على المسير بعده، فحدث من أمر يعقوب الصفار ما منعه عن المسير.


لما مات محمد بن أحمد بن الأغلب أبو الغرانيق، سار أهل القيروان إلى إبراهيم- الذي عينه أخوه أبو الغرانيق وصيا على ولده عقال حتى يكبر- وسألوه أن يتولى أمرهم؛ لحسن سيرته وعدله، فلم يفعل، ثم أجاب، وانتقل إلى قصر الإمارة، وباشر الأمور، وقام بها قياما مرضيا، وكان عادلا حازما في أموره، أمن البلاد، وقتل أهل البغي والفساد


كان جد السامانيين أسد بن سامان من أهل خراسان، وينتسبون إلى الفرس تارة وإلى سامة بن لؤي بن غالب أحيانا, وكان لأسد بن سامان أربعة بنين: نوح وأحمد ويحيى وإلياس، وكان في خراسان حين استولى عليها المأمون، فأكرمهم المأمون أربعتهم وقدمهم واستعملهم، فتولى أحمد بن أسد فرغانة في سنة أربع ومائتين، ويحيى بن أسد الشاش مع أسروشنه، وإلياس بن أسد هراة، ونوح بن أسد سمرقند، ولما تولى طاهر بن الحسين خراسان أقرهم على الأعمال، ثم مات نوح ثم مات إلياس بهراة, وكان لأحمد بن أسد سبعة بنين: نصر ويعقوب ويحيى وأسد وإسماعيل وإسحاق وحميد، ثم مات أحمد بن أسد، واستخلف ابنه نصرا على أعماله بسمرقند وما وراءها، فبقي عاملا عليها إلى آخر أيام الطاهرية, وفي هذه السنة ولى الخليفة المعتمد نصر بن أحمد بلاد ما وراء النهر، فجعل سمرقند قاعدة ملكه، وكان إسماعيل بن أحمد يخدم أخاه نصرا، فولاه بخارى.

 


عصي أهل برقة على أحمد بن طولون، وأخرجوا أميرهم محمد بن الفرج الفرغاني، فبعث ابن طولون جيشا عليه غلامه لؤلؤ، وأمره بالرفق بهم، واستعمال اللين، فإن انقادوا وإلا فالسيف، فسار العسكر حتى نزلوا على برقة، وحصروا أهلها وفعلوا ما أمرهم من اللين، فطمع أهل برقة، وخرجوا يوما على بعض العسكر، وهم نازلون على باب البلد، فأوقعوا بهم وقتلوا منهم.

فأرسل لؤلؤ إلى صاحبه أحمد يعرفه الخبر، فأمره بالجد في قتالهم، فنصب عليهم المجانيق، وجد في قتالهم، وطلبوا الأمان فأمنهم، ففتحوا له الباب، فدخل البلد وقبض على جماعة من رؤسائهم، وضربهم بالسياط، وقطع أيدي بعضهم، وأخذ معه جماعة منهم وعاد إلى مصر، واستعمل على برقة عاملا، وطيف بالأسرى في البلد.


هو أبو عبدالله محمد بن أحمد بن الأغلب، صاحب إفريقية، المعروف بأبي الغرانيق؛ بسبب اهتمامه بصيد طيور الغرانيق، ولد عام 237هـ، وكانت ولايته عشر سنين وخمسة أشهر وستة عشر يوما من 250ه إلى 261هـ، كان عهده هادئا زاهرا, تم في عهده تشييد سلسلة من الحصون والمحارس الساحلية، غير أن الأغالبة منوا بهزائم في عهده بجزيرة صقلية, وكانت إفريقية في عهد أبي الغرانيق مزدهرة تعيش نهضة كاملة، وكانت خزائن الأمير عامرة، وقد كان أبو الغرانيق عادلا طيبا نحو رعاياه, فكان غاية في الجود، مسرفا في العطاء، حسن السيرة في الرعية، رفيقا بهم، غير أنه عاش حياة عبث ولهو, ولما حضره الموت عقد لابنه عقال العهد، واستخلف أخاه إبراهيم لئلا ينازعه، وأشهد عليه آل الأغلب ومشايخ القيروان، وأمره أن يتولى الأمر إلى أن يكبر ولده.


هو مسلم أبو الحسن القشيري النيسابوري، أحد الأئمة من حفاظ الحديث، صاحب الصحيح الذي يلي صحيح البخاري، انتقل إلى العراق والحجاز والشام ومصر، وسمع من جماعة كثيرين، وقد أثنى عليه جماعة من العلماء من أهل الحديث وغيرهم.

قال أحمد بن سلمة: "رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلم بن الحجاج في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما"، وقيل: كان سبب موته- رحمه الله- أنه عقد مجلس للمذاكرة فسئل يوما عن حديث فلم يعرفه، فانصرف إلى منزله، فأوقد السراج وقال لأهله: لا يدخل أحد الليلة علي، وقد أهديت له سلة من تمر، فهي عنده يأكل تمرة ويكشف عن حديث ثم يأكل أخرى ويكشف عن آخر، فلم يزل ذلك دأبه حتى أصبح وقد أكل تلك السلة وهو لا يشعر، فحصل له بسبب ذلك ثقل ومرض من ذلك، حتى كانت وفاته عشية يوم الأحد، ودفن يوم الاثنين بنيسابور.


حصلت وقعة بين محمد بن واصل بن إبراهيم التميمي- الذي تغلب على فارس- وعبدالرحمن بن مفلح، فكسره ابن واصل وأسره وقتل معظم جيشه فلم يفلت منهم إلا اليسير، فلما وصل خبرهما إلى يعقوب الصفار وهو بسجستان، تجدد طمعه في ملك بلاد فارس، وأخذ الأموال والخزائن والسلاح التي غنمها من ابن مفلح، فسار مجدا, وبلغ ابن واصل خبر قربه منه وأنه نزل البيضاء من أرض فارس، وهو بالأهواز، فعاد عنها لا يلوي على شيء، وأرسل خاله أبا بلال مرداسا إلى الصفار، فوصل إليه، وضمن له طاعة ابن واصل، فأرسل يعقوب الصفار إلى ابن واصل كتبا ورسلا، فحبسهم ابن واصل، وسار يطلب الصفار والرسل معه يريد أن يخفي خبره، وأن يصل إلى الصفار بغتة، فينال منه غرضه، ويوقع به, فسار في يوم شديد الحر، في أرض صعبة المسلك، وهو يظن أن خبره قد خفي عن الصفار، فلما كان الظهر تعبت دوابهم، فنزلوا ليستريحوا، فمات من أصحاب ابن واصل من الرجالة كثير؛ جوعا وعطشا، وبلغ خبرهم الصفار، فجمع أصحابه وأعلمهم الخبر وسار إلى ابن واصل، فلما قاربهم وعلموا به انخذلوا وضعفت نفوسهم عن مقاومته ومقاتلته، ولم يتقدموا خطوة، فلما صار بين الفريقين رمية سهم، انهزم أصحاب ابن واصل من غير قتال، وتبعهم عسكر الصفار، وأخذوا منهم جميع ما غنموه من ابن مفلح، واستولى على بلاد فارس، ورتب بها أصحابه وأصلح أحوالها, ومضى ابن واصل منهزما فأخذ أمواله من قلعته، وكانت أربعين ألف ألف درهم، وأوقع يعقوب بأهل زم؛ لأنهم أعانوا ابن واصل.


كانت وقعة للزنوج مع أحمد بن ليثويه، وكان سببها أن مسرورا البلخي وجه أحمد بن ليثويه إلى كور الأهواز، فنزل السوس، وكان يعقوب الصفار قد قلد محمد بن عبيد الله بن هزارمرد الكردي كور الأهواز، فكاتب محمد قائد الزنج يطمعه في الميل إليه، وأوهمه أنه يتولى له كور الأهواز.

وكان محمد يكاتبه قديما، وعزم على مداراة الصفار، وقائد الزنج، حتى يستقيم له الأمر فيها، فكاتبه صاحب الزنج يجيبه إلى ما طلب، على أن يكون علي بن أبان المتولي للبلاد، ومحمد بن عبيد الله يخلفه عليها، فقبل محمد ذلك، فوجه إليه علي بن أبان جيشا كثيرا وأمدهم محمد بن عبيد الله، فساروا نحو السوس، فمنعهم أحمد بن ليثويه ومن معه من جند الخليفة عنها وقاتلهم فقتل منهم خلقا كثيرا وأسر جماعة.

وسار أحمد حتى نزل جنديسابور، وسار علي بن أبان من الأهواز ممدا محمد بن عبيد الله على أحمد بن ليثويه، فلقيه محمد في جيش كثير من الأكراد والصعاليك، ودخل محمد تستر، فانتهى إلى أحمد بن ليثويه الخبر بتضافرهما على قتاله، فخرج عن جنديسابور إلى السوس.

ودخل أحمد تستر، وأتت الأخبار علي بن أبان بأن أحمد على قصدك، فسار إلى لقائه ومحاربته، فالتقيا واقتتل العسكران، فاستأمن إلى أحمد جماعة من الأعراب الذين مع علي بن أبان، فانهزم باقي أصحاب علي، وثبت معه جماعة يسيرة، واشتد القتال، وترجل علي بن أبان وباشر القتال راجلا، فعرفه بعض أصحاب أحمد فأنذر الناس به، فلما عرفوه انصرف هاربا وألقى نفسه في نهر المسرقان، فأتاه بعض أصحابه بسميرية (سفينة حربية صغيرة) فركب فيها ونجا مجروحا وقتل من أبطال أصحابه جماعة كثيرة.


(تنس) مدينة تقع بالقرب من مليانة بينهما بحر ميلان، أسسها وبناها البحريون من أهل الأندلس، وهي مسورة حصينة، وبعضها على جبل وقد أحاط به السور، وبعضها في سهل الأرض، وهي قديمة، ويشرب أهلها من عين عذبة تعرف بعين عبدالسلام، وبها فواكه وخصب وإقلاع وانحطاط، ولها أقاليم وأعمال ومزارع.

أصبحت تنس جمهورية مستقلة مع قدوم قبيلة السواد العربية.


قدم يعقوب بن الليث في جحافل فدخل واسط قهرا، فخرج الخليفة المعتمد بنفسه من سامرا لقتاله، فتوسط بين بغداد وواسط، فانتدب له أبو أحمد الموفق بالله- أخو الخليفة- في جيش عظيم على ميمنته موسى بن بغا، وعلى ميسرته مسرور البلخي، فتقاتلوا قتالا شديدا، وقد ظهر من أصحاب يعقوب كراهة للقتال معه؛ إذ رأوا الخليفة يقاتله، فحملوا على يعقوب ومن قد ثبت معه للقتال، فانهزم أصحاب يعقوب، وثبت يعقوب في خاصة أصحابه، حتى مضوا وفارقوا موضع الحرب، وتبعهم أصحاب الموفق، فغنموا ما في عسكرهم، وكان فيه من الدواب والبغال أكثر من عشرة آلاف، ومن الأموال ما يكل عن حمله، ومن جرب المسك أمر عظيم، وتخلص محمد بن طاهر من الأسر، وكان مثقلا بالحديد، وخلع عليه الموفق، وولاه الشرطة ببغداد بعد ذلك.


ولى المعتمد على الله ولده جعفرا العهد من بعده، وسماه المفوض إلى الله، وولاه المغرب، وضم إليه موسى بن بغا ولاية إفريقية ومصر والشام والجزيرة والموصل وأرمينية وطريق خراسان وغير ذلك، وجعل الأمر من بعد ولده لأبي أحمد المتوكل، ولقبه الموفق بالله، وولاه المشرق وضم إليه مسرورا البلخي وولاه بغداد والسواد والكوفة وطريق مكة والمدينة واليمن وكسكر وكور دجلة والأهواز وفارس وأصبهان والكرخ والدينور والري وزنجان والسند، وكتب بذلك مكاتبات وقرئت بالآفاق، وعلق منها نسخة بالكعبة.


كان سبب ذلك أن أحمد بن طولون قد أدمن الغزو بطرسوس قبل أن يلي مصر، فلما ولي مصر كان يؤثر أن يلي طرسوس ليغزو منها أميرا، فكتب إلى أبي أحمد الموفق يطلب ولايتها، فلم يجبه إلى ذلك، واستعمل عليها محمد بن هارون التغلبي، فركب في سفينة في دجلة فألقتها الريح إلى الشاطئ، فأخذه أصحاب مساور الشاري فقتلوه، واستعمل عوضه محمد بن علي الأرمني، وأضيف إليه أنطاكية، فوثب به أهل طرسوس فقتلوه، فاستعمل عليها أرخوز بن يولغ بن طرخان التركي، فسار إليها وكان غرا جاهلا فأساء السيرة، وأخر عن أهل لؤلؤة أرزاقهم وميرتهم، فضجوا من ذلك، وكتبوا إلى أهل طرسوس يشكون منه ويقولون: إن لم ترسلوا إلينا أرزاقنا وميرتنا وإلا سلمنا القلعة إلى الروم.

فأعظم ذلك أهل طرسوس وجمعوا من بينهم خمسة عشر ألف دينار ليحملوها إليهم، فأخذها أرخوز ليحملها إلى أهل لؤلؤة، فأخذها لنفسه، فلما أبطأ عليهم المال سلموا القلعة إلى الروم، فقامت على أهل طرسوس القيامة؛ لأنها كانت شبحا في حلق العدو، ولم يكن يخرج للروم في بر أو بحر إلا رأوه وأنذروا به؛ واتصل الخبر بالمعتمد، فقلدها أحمد بن طولون، واستعمل عليها من يقوم بغزو الروم ويحفظ ذلك الثغر.


أقام أحمد بن طولون مسجدا ضخما أنفق في بنائه 120 ألف دينار، وقد اهتم بالأمور الهندسية في بنائه، ويعد مسجد ابن طولون المسجد الوحيد بمصر الذي غلب عليه طراز سامراء؛ حيث المئذنة الملوية المدرجة.

وقام السلطان لاجين بإدخال بعض الإصلاحات فيه، وعين لذلك مجموعة من الصناع، كما أمر بصناعة ساعة فيه، فجعلت قبة فيها طيقان صغيرة على عدد ساعات الليل والنهار وفتحة، فإذا مرت ساعة انغلقت الطاقة التي هي لتلك الساعة وهكذا، ثم تعود كل مرة ثانية.

وفي عهد الأيوبيين أصبح جامع ابن طولون جامعة تدرس فيه المذاهب الفقهية الأربعة، وكذلك الحديث والطب، إلى جانب تعليم الأيتام, وكان أحمد بن طولون قد بنى قصره عند سفح المقطم، وأنشأ الميدان أمامه، وبعد أن انتهى من تأسيس مدينة القطائع، شيد جامعه على جبل يشكر, وتم بناؤه سنة 265ه، وهذا التاريخ مدون على لوح رخامي مثبت على أحد أكتاف رواق القبلة, والجامع وإن كان ثالث الجوامع التي أنشئت بمصر، يعد أقدم جامع احتفظ بتخطيطه وكثير من تفاصيله المعمارية الأصلية.


ظهر ببلاد الصين إنسان لا يعرف، فجمع جمعا كثيرا من أهل الفساد والعامة، فأهمل الملك أمره؛ استصغارا لشأنه، فقوي وظهر حاله وكثف جمعه؛ وقصده أهل الشر من كل ناحية، فأغار على البلاد وأخربها ونزل على مدينة خانقوا وحصرها، وهي حصينة، ولها نهر عظيم، وبها عالم كثير من المسلمين، والنصارى، واليهود، والمجوس، وغيرهم من أهل الصين، فلما حصر البلد اجتمعت عساكر الملك وقصدته، فهزمها وافتتح المدينة عنوة، وبذل السيف، فقتل منهم ما لا يحصى كثرة، ثم سار إلى المدينة التي فيها الملك، وأراد حصارها فالتقاه ملك الصين، ودامت الحرب بينهم نحو سنة، ثم انهزم الملك، وتبعه الخارجي إلى أن تحصن منه في مدينة من أطراف بلاده، واستولى الخارجي على أكثر البلاد والخزائن، وعلم أنه لا بقاء له في الملك؛ إذ ليس هو من أهله، فأخرب البلاد، ونهب الأموال، وسفك الدماء، فكاتب ملك الصين ملوك الهند يستمدهم، فأمدوه بالعساكر، فسار إلى الخارجي، فالتقوا واقتتلوا نحو سنة أيضا، وصبر الفريقان، ثم إن الخارجي عدم، فقيل: إنه قتل، وقيل: بل غرق، وظفر الملك بأصحابه وعاد إلى مملكته، ولقب ملوك الصين يعفور، ومعناه ابن السماء؛ تعظيما لشأنه؛ وتفرق الملك عليه، وتغلبت كل طائفة على طرف من البلاد، وصار الصين على ما كان عليه ملوك الطوائف يظهرون له الطاعة، وقنع منهم بذلك، وبقي على ذلك مدة طويلة.


توفي أماجور والي دمشق، فتولى ابنه مكانه، فتجهز ابن طولون ليسير إلى الشام فيملكه، فكتب إلى ابن أماجور له أن الخليفة قد أقطعه الشام والثغور، فأجابه بالسمع والطاعة، وسار أحمد، واستخلف بمصر ابنه العباس، فلقيه ابن أماجور بالرملة، فأقره عليها وسار إلى دمشق فملكها وأقر أماجور على أقطاعهم، وسار إلى حمص فملكها وكذلك حماة، وحلب.

وراسل سيما الطويل بأنطاكية يدعوه إلى طاعته ليقره على ولايته، فامتنع، فعاوده فلم يطعه، فسار إليه أحمد بن طولون، فحصره بأنطاكية، وكان سيئ السيرة مع أهل البلد، فكاتبوا أحمد بن طولون، ودلوه على عورة البلد، فنصب عليه المجانيق وقاتله، فملك البلد عنوة، والحصن الذي له، وركب سيما وقاتل قتالا شديدا حتى قتل ولم يعلم به أحد، فاجتاز به بعض قواده، فرآه قتيلا فحمل رأسه إلى أحمد، فساءه قتله.

ورحل عن أنطاكية إلى طرسوس، فدخلها وعزم على المقام بها وملازمة الغزاة، فغلا السعر بها وضاقت عنه وعن عساكره، فركب أهلها إليه بالمخيم وقالوا له: قد ضيقت بلدنا وأغليت أسعارنا؛ فإما أقمت في عدد يسير، وإما ارتحلت عنا، وأغلظوا له القول، وشغبوا عليه، فقال أحمد لأصحابه: لتنهزموا من الطرسوسيين، وترحلوا عن البلد، ليظهر للناس وخاصة العدو أن ابن طولون على بعد صيته وكثرة عساكره لم يقدر على أهل طرسوس؛ وانهزم عنهم ليكون أهيبهم في قلب العدو، وعاد إلى الشام.

فأتاه خبر ولده العباس- وهو الذي استخلفه بمصر- أنه قد عصي عليه، وأخذ الأموال وسار إلى برقة مشاقا لأبيه، فلم يكترث لذلك، ولم ينزعج له، وثبت وقضى أشغاله، وحفظ أطراف بلاده، وترك بحران عسكرا وبالرقة عسكرا مع غلامه لؤلؤ، وكان حران لمحمد بن أتامش، وكان شجاعا فأخرجه عنها وهزمه هزيمة قبيحة، فلما بلغ خبره أخاه موسى بن أتامش، وكان شجاعا بطلا فجمع عسكرا كثيرا وسار نحو حران، وبها عسكر ابن طولون، ومقدمهم أحمد ابن جيعويه، فلما وصله خبر مسير موسى أقلقه ذلك وأزعجه، ففطن له رجل من الأعراب، يقال له أبو الأغر، فقال له: أيها الأمير، أراك مفكرا منذ أتاك خبر ابن أتامش، وما هذا محله؛ فإنه طياش قلق، ولو شاء الأمير أن آتيه به أسيرا لفعلت، فغاظه قوله، وقال: قد شئت أن تأتي به أسيرا؛ قال: فاضمم إلي عشرين رجلا أختارهم، قال: افعل، فاختار عشرين رجلا وسار بهم إلى عسكر موسى، فلما قاربهم كمن بعضهم، وجعل بينه وبينهم علامة إذا سمعوها ظهروا.

ثم دخل العسكر في الباقين في زي الأعراب، وقارب مضارب موسى، وقصد خيلا مربوطة فأطلقها وصاح هو وأصحابه فيها فنفرت، وصاح هو ومن معه من الأعراب، وأصحاب موسى غارون، وقد تفرق بعضهم في حوائجهم، وانزعج العسكر، وركبوا وركب موسى، فانهزم أبو الأغر من بين يديه، فتبعه حتى أخرجه من العسكر، وجاز به الكمين، فنادى أبو الأغر بالعلامة التي بينهم، فثاروا من النواحي، وعطف أبو الأغر على موسى فأسروه، فأخذوه وساروا حتى وصلوا إلى ابن جيعويه، فعجب الناس من ذلك، فسيره ابن جيعويه إلى ابن طولون، فاعتقله وعاد إلى مصر.


في هذه السنة ملك المسلمون سرقوسة- وهي من أعظم مدن صقلية- وكان سبب ملكها أن جعفر بن محمد أمير صقلية غزاها فأفسد زرعها وزرع قطانية، وطبرمين، ورمطة، وغيرها من بلاد صقلية التي بيد الروم، ونازل سرقوسة، وحصرها برا وبحرا وملك بعض أرباضها، ووصلت مراكب الروم نجدة لها، فسير إليها أسطولا فأصابوها وتمكنوا حينئذ من حصرها فأقام العسكر محاصرا لها تسعة أشهر، وفتحت، وقتل من أهلها عدة ألوف، وأصيب فيها من الغنائم ما لم يصب بمدينة أخرى، ولم ينج من رجالها إلا الشاذ الفذ، وأقاموا فيها بعد فتحها بشهرين، ثم هدموها ثم وصل بعد هدمها من القسطنطينية أسطول، فالتقوا بالمسلمين، فظفر بهم المسلمون، وأخذوا منهم أربع قطع، فقتلوا من فيها، ثم انصرف المسلمون إلى بلدهم آخر ذي القعدة.