Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73


كان الفداء بين المسلمين والروم، بعد أن قتلت تدورة- ملكة الروم- من أسرى المسلمين اثني عشر ألفا، فإنها عرضت النصرانية على الأسرى، فمن تنصر جعلته أسوة من قبله من المتنصرة، ومن أبى قتلته، وأرسلت تطلب المفاداة لمن بقي منهم، فأرسل المتوكل شنيفا الخادم، فأذن له فحضره واستخلف على القضاء ابن أبي الشوارب، وهو شاب، ووقع الفداء على نهر اللامس، فكان أسرى المسلمين من الرجال سبعمائة وخمسة وثمانين رجلا، ومن النساء مائة وخمسا وعشرين امرأة.


البجاة هم طائفة من سودان بلاد المغرب، وكذا النوبة وشنون وزغرير ويكسوم، وأمم كثيرة لا يعلمهم إلا الله، وفي بلاد هؤلاء معادن الذهب والجوهر، وكان عليهم حمل في كل سنة إلى ديار مصر من هذه المعادن، فلما كانت دولة المتوكل امتنعوا من أداء ما عليهم سنين متعددة، فكتب نائب مصر إليه يعلمه بذلك، فلما شاور المتوكل في أمرهم أعلموه أنهم في أرض بعيدة، ومن أراد قتالهم عليه التزود كثيرا، وإذا فني الزاد هلكوا بأرضهم، وأنهم يمكنهم الاستنجاد بالنوبة والحبوش، ففتر المتوكل عن قتالهم فتفاقم أمرهم حتى أخافوا الصعيد، فعرض محمد بن عبدالله القمي أن يحاربهم فتجهز لهم بجيش، وأمر أن يبقى بجانب السواحل حتى يأتيه المدد منها، فسار إليهم في جيشه، فلما رأوه على تلك الهيئة بقوا يراوغونه كالثعالب حتى يفنى زادهم فيقتلونهم، ولكن لما رأوا أن المراكب تأتيهم بالمدد من الشاطئ على النيل، أيقنوا أنه لا مفر من حربهم، فكروا إليه وكانت لهم جمال قوية، لكنها سريعة النفور، فأعمل جيش القمي الأجراس والطبول فنفرت إبلهم، فقتل منهم الكثير، ولكن رئيسهم علي بابا هرب، ثم إنه طلب الأمان على أن يعطي ما كان منعه كل تلك السنين وأن يعود على ما كان عليه من الخراج، فأعطاه الأمان وسيره إلى المتوكل الذي أكرمه وأعاده إلى بلاده.


بعد أن وثب أهل حمص العام الماضي على أبي المغيث موسى بن إبراهيم الرافعي، ثم أبدلهم المتوكل بمحمد بن عبدويه الأنباري ورضوا به، لم يسر بهم العامل الجديد سيرة حسنة، بل فعل فيهم الأعاجيب، فوثب أهل حمص بعاملهم الجديد محمد بن عبدويه، وأعانهم عليه قوم من نصارى حمص، فكتب إلى المتوكل، فكتب إليه يأمره بمناهضتهم، وأمده بجند من دمشق والرملة، فظفر بهم، فضرب منهم رجلين من رؤسائهم حتى ماتا وصلبهما على باب حمص، وسير ثمانية رجال وأمر المتوكل بإخراج النصارى منها، وهدم كنائسهم، وبإدخال البيعة التي إلى جانب الجامع إلى الجامع، ففعل ذلك.


هو أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني المروزي، نزيل بغداد، أحد الأئمة الأربعة المشهورين في الفقه، ثقة حافظ، فقيه حجة، وهو رأس الطبقة العاشرة، خرجت أمه من مرو وهي حامل به، فولدته في بغداد، في شهر ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة، وقيل: إنه ولد بمرو وحمل إلى بغداد وهو رضيع.

نشأ وتعلم ببغداد.

كان مخضوبا، طوالا، أسمر شديد السمرة.

توفي والده وهو شاب, وتزوج بعد الأربعين.

ورحل كثيرا.

وعني بطلب الحديث، تفقه على الشافعي، وكان له اجتهاد حتى صار إماما في الحديث والعلل، إماما في الفقه، كل ذلك مع ورع وزهد وتقشف، وإليه تنسب الحنابلة، هو الذي وقف وقفته المشهورة في مسألة خلق القرآن فأبى أن يجيبهم على بدعتهم، فضرب بالسياط أيام المعتصم والواثق، وبقي قبلها تحت العذاب قرابة الأربع سنين، وكل ذلك هو ثابت بتثبيت الله له، ثم في عهد الواثق منع من الفتيا، وأمر بلزوم بيته كإقامة جبرية، ولم ينفرج أمره حتى جاء المتوكل ورفع هذه المحنة، بقي قرابة الأربع عشرة سنة في هذه المحنة بين ضرب وحبس وإقامة جبرية، فكان من الذين قال الله فيهم: {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون} [السجدة: 24]، وكان الذين ثبتوا على الفتنة فلم يجيبوا بالكلية: خمسة: أحمد بن حنبل وهو رئيسهم، ومحمد بن نوح بن ميمون الجند النيسابوري- ومات في الطريق- ونعيم بن حماد الخزاعي- وقد مات في السجن- وأبو يعقوب البويطي- وقد مات في سجن الواثق على القول بخلق القرآن، وكان مثقلا بالحديد- وأحمد بن نصر الخزاعي، قتله الواثق، قال يحيى بن معين: "كان في أحمد بن حنبل خصال ما رأيتها في عالم قط: كان محدثا، وكان حافظا، وكان عالما، وكان ورعا، وكان زاهدا، وكان عاقلا" قال الشافعي: "خرجت من العراق فما تركت رجلا أفضل ولا أعلم ولا أورع ولا أتقى من أحمد بن حنبل" وقال المزني: أحمد بن حنبل يوم المحنة، وأبو بكر يوم الردة، وعمر يوم السقيفة، وعثمان يوم الدار، وعلي يوم الجمل وصفين"، وكان- رحمه الله- إماما في الحفظ، قال أبو زرعة: "كان أحمد بن حنبل يحفظ ألف ألف حديث، فقيل: له وما يدريك، قال: ذاكرته فأخذت عليه الأبواب", وقيل لأبي زرعة: من رأيت من المشايخ المحدثين أحفظ؟ فقال: أحمد بن حنبل، حزرت كتبه اليوم الذي مات فيه، فبلغت اثني عشر حملا وعدلا، ما كان على ظهر كتاب منها حديث فلان، ولا في بطنه حديث فلان، وكل ذلك كان يحفظه عن ظهر قلبه", وقال إبراهيم الحربي: "رأيت أحمد بن حنبل كأن الله قد جمع له علم الأولين والآخرين من كل صنف، يقول ما شاء، ويمسك ما شاء".

له كتاب المسند المشهور، وله غير ذلك في الجرح والتعديل والعلل، توفي في بغداد، وكانت جنازته مشهودة, وقيل: لما مات الإمام أحمد صلى عليه ألف ألف وستمائة ألف رجل، وأسلم وراء نعشه أربعة آلاف ذمي من هول ما رأوا.
، فرحمه الله تعالى، وجزاه الله خيرا عن الإسلام والمسلمين.


هو عبد الرحمن بن حسن بن إبراهيم الجبرتي، ولد في القاهرة عام 1753م والجبرتي نسبة إلى بلدة جبرت، وهي بلاد زيلع في الحبشة، كان والده من كبار العلماء الفلكيين، وحصل على ثروة كبيرة من عمله في التجارة، وقد رزق بنيف وأربعين ولدا ذكرا، فعاش الجبرتي وسط أسرة ثرية، وكان تلميذا لوالده في مختلف المعارف، كما درس الجبرتي في الأزهر وبرع في العلوم العصرية وفي التاريخ، عين الجبرتي كاتبا في الديوان لما دخل الفرنسيون إلى مصر، وانقطع بعدئذ للتأليف، وقد عاصر أحداثا هامة جدا، وكان الجبرتي ممن تأثروا بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مصر، بل ويعد من أشد المتأثرين بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وكان يرى أن الأتراك قد ارتكبوا خطأ كبيرا عندما حاربوا دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأنصارها؛ مما دفع محمد علي باشا إلى التضييق عليه، بل والسعي للتخلص منه, وقد اشتهر بتاريخه المعروف باسمه (تاريخ الجبرتي) الذي عنوانه: (عجائب الآثار في التراجم والأخبار) ابتدأه بحوادث سنة 1100هـ وانتهى سنة 1236هـ، وله (مظهر التقديس بزوال دولة الفرنسيس)، وتوفي في مصر،  وقيل: إنه مات متأثرا بقتل محمد علي باشا لابنه خليل بسبب موقفه المعارض من حكم محمد علي وثورته على الدولة العثمانية، وأن محمد علي أمره بكتابة كتاب لمدحه فرفض الجبرتي فهدده فرفض أيضا؛ مما جعله يقوم بقتل ابنه خليل، فظل الجبرتي يبكي ابنه حتى كف بصره.

ولزم بيته بعد تلك الفاجعة التي ألمت به، لا يقرأ ولا يكتب ولا يتابع الأخبار، حتى توفي بعد مقتل ولده بحوالي ثلاث سنوات.


دانت جميع بلدان نجد كلها بالسمع والطاعة للإمام تركي بن عبد الله سوى الأحساء وما يليه، فاطمأنت الرعية، وأمنت البلدان والقرى، وخافت سطوته أشرار البلدان، ولانت لهيبته رؤوس العربان، وزالت عنهم الفتن والحروب.


فسدت طبيعة الانكشاريين وتغيرت أخلاقهم، وتبدلت مهمتهم، وأصبحوا مصدرا للبلاء للدولة والشعوب التابعة لها، وصاروا يتدخلون في شؤون الدولة وتعلقت أفئدتهم بشهوة السلطة وانغمسوا في الملذات والمحرمات، وشق عليهم أن ينفروا في برودة الشتاء، وفرضوا العطايا السلطانية، ومالوا إلى النهب والسلب حين غزوا البلاد، وتركوا الغاية التي من أجلها وجدوا، وغرقوا في شرب الخمور، وأصبحت الهزائم تأتي من قبلهم بسبب تركهم للشريعة والعقيدة والمبادئ، وبعدهم عن أسباب النصر الحقيقية، وقاموا بخلع وقتل السلاطين، فجمع السلطان مجموعة من أعيان الدولة وكبار ضباط الانكشارية في بيت المفتي، ثم أفتى المفتي بجواز العمل للقضاء على المتمردين.

وقد أعلن الموافقة كل من حضر من ضباط الانكشارية من حيث الظاهر، وأبطنوا خلاف ذلك، ولما شعروا بقرب ضياع امتيازاتهم وبوضع حد لتصرفاتهم، أخذوا يستعدون للثورة، واستجاب لهم بعض العوام.

وفي 8 ذي القعدة عام 1241هـ بدأ بعض الانكشاريين بالتحرش بالجنود أثناء أدائهم تدريباتهم، ثم بدؤوا في عصيانهم، فجمع السلطان العلماء وأخبرهم بنية المتمردين فشجعوه على استئصالهم، فأصدر الأوامر للمدفعية حتى تستعد لقتالهم ملوحا باللين والتساهل في الوقت نفسه؛ خوفا من تزايد لهيب شرورهم.

وفي صباح 9 ذي القعدة تقدم السلطان ووراءه جنود المدفعية وتبعهم العلماء والطلبة إلى ساحة (آت ميداني) حيث اجتمع العصاة هناك يثيرون الشغب، وقيل: إن السلطان سار معه شيخ الإسلام قاضي زادة طاهر أفندي والصدر الأعظم سليم باشا أمام الجموع التي كانت تزيد على 60.
000 نفس، ثم أحاطت المدفعية بالميدان واحتلت المرتفعات ووجهت قذائفها على الانكشارية، فحاولوا الهجوم على المدافع ولكنها صبت حممها فوق رؤوسهم، فاحتموا بثكناتهم هروبا من الموت، فأحرقت وهدمت فوقهم وكذلك تكايا البكتاشية، وبذلك انتصر عليهم.

وفي اليوم التالي صدر مرسوم سلطاني قضى بإلغاء فئتهم وملابسهم واصطلاحاتهم وأسمائهم من جميع بلاد الدولة، وقتل من بقي منهم هاربا إلى الولايات أو نفيه، ثم قلد حسين باشا الذي كانت له اليد الطولى في إبادتهم قائدا عاما (سرعسكر) وبدأ بعدها نظام الجيش الجديد، ثم أصبح السلطان محمود بعد ذلك حرا في تطوير جيشه، فترسم خطى الحضارة الغربية، فاستبدل الطربوش الرومي بالعمامة، وتزيا بالزي الأوروبي، وأمر أن يكون هو الزي الرسمي لكل موظفي الدولة؛ العسكريين منهم والمدنيين، وأسس وساما دعاه وسام الافتخار، فكان أول من فعل ذلك من سلاطين آل عثمان، وما قام به السلطان محمود من استبدال الطربوش بالعمامة وفرض اللباس الأوروبي على كافة المجموعات العسكرية: يدل على شعوره العميق بالهزيمة النفسية.


قدم الإمام الحافظ المتقن قاضي قضاة الإسلام الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب من مصر على الإمام  تركي بن عبد الله بعد أن بقي في مصر 9 سنوات منذ أن نفاه إليها إبراهيم باشا عام 1233، وكان معه ابنه عبد اللطيف صغيرا, ففرح الإمام تركي به وأكرمه، واغتبط به المسلمون الخاص والعام، وبذل الشيخ من نفسه للطالبين، فانتفع بعلمه كثير من المستفيدين.