Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73
عندما قرر الملك عبدالعزيز التقدم نحو الحجاز أرسل قوة عسكرية إلى حدود نجد مع العراق، وأخرى على حدود نجد مع شرق الأردن؛ خوفا من تدخل فيصل وعبد الله -نجلي الشريف حسين- في حسم الصراع على الحجاز.
كانت منطقة الأحواز تسمى عربستان، وهي إمارة عربية تقع في محيط فارسي، وكانت مشمولة برعاية بريطانية يحكمها أمير الشيخ حسين خزعل، وهي إمارة مستقلة، إلى أن جاء الجنرال رضا بهلوي، ونظرا لتأثير الحرب العالمية الثانية على بريطانيا وسعيها لكسب إيران وضمان مساندتها لبريطانيا قامت بريطانيا بإعطاء إمارة عربستان لإيران في هذا العام، وعمل الجنرال بهلوي على إنهاء حكم آخر حکام الکعبيين -وهو خزعل جابر الکعبي- على الأحواز، ثم قام بضمها كجزء من الدولة الفارسية، ويعد السبب الأقوى لاحتلال إيران لهذه المنطقة كونها غنية بالموارد الطبيعية من النفط والغاز، ويوجد فيها أراض زراعية خصبة؛ حيث يصب فيها أكبر أنهار المنطقة، وهو نهر كارون؛ لذلك تعتبر منطقة الأحواز هي المنتج الرئيسي لمحاصيل السكر والذرة في إيران، وتساهم مواردها بحوالي نصف الناتج القومي لإيران، وأكثر من 80% من قيمة الصادرات في إيران.
ويعد إقليم الأحواز أقرب المناطق العربية التي استولت عليها إيران إلى العراق، بل إن إيران استفادت استفادة كبيرة منها في صراعها مع العراق حول منطقة شط العرب.
كان لمدينة طنجة وضع خاص بسبب موقعها المهم؛ لذا حرصت الدول المستعمرة للمغرب أن يكون لها وضع خاص، وقد شغلت الدول بأحداث الحرب العالمية الأولى؛ لذا لم تستطع وضع نظام لها، فلما وضعت الحرب أوزارها وضعت الدول الكبرى لطنجة نظاما دوليا محايدا يقضي بأن يكون للميناء حاكم فرنسي إداري وله مساعدان إنجليزي وإسباني، والسلطة التنفيذية بيد هيئة المراقبة المؤلفة من فرنسا وإسبانيا وإنجلترا، ومندوب عن سلطان مراكش، وبهذا انتزعت طنجة من مراكش وتم تدويلها، ثم استولى عليها الإسبان في الحرب العالمية الثانية، ولم تعد طنجة إلى المغرب إلا بعد الاستقلال في عام 1375هـ / 1955م.
كانت الموصل جزءا من الدولة العثمانية حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، عندما احتلتها بريطانيا، وبعد حرب الاستقلال التركية، اعتبرت تركيا الموصل من القضايا الحاسمة المحددة في الميثاق الوطني التركي.
وعلى الرغم من المقاومة المستمرة تمكنت بريطانيا من طرح هذه القضية في الساحة الدولية، كمشكلة حدود بين تركيا والعراق.
فقرر مجلس عصبة الأمم في جلسته المنعقدة في الثالث من ربيع الأول عام 1343هـ / الأول من تشرين الأول 1924م أن يتولى بنفسه تعيين الحدود بين تركيا والعراق، وإنهاء الخلاف بين الحكومتين على ولاية الموصل، وأرسل مجلس عصبة الأمم لجنة مؤلفة من ثلاثة أعضاء وصلت إلى بغداد في العشرين من جمادى الآخرة 1343هـ / 15 كانون الثاني 1925م، وكانت إنجلترا ترى أن المنطقة المتنازع عليها تضم مجموعات نصرانية وأخرى يهودية، وكذلك مجموعة يزيدية، وبما أنهم سيوطنون تحت دولة مسلمة فلا بد من اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحمايتهم تماما، وخاصة أنهم رغم بقائهم بكل أمن وسلام فترة عيشهم في ظل الدولة العثمانية إلا أنهم عند اندلاع الحرب العالمية الأولى أظهروا ما تخفي صدورهم من الحقد الصليبي، فكانوا شرا وبيلا على المسلمين من قتل وترويع ونهب؛ فلذا رفض الأتراك أن يكون الآشوريون على الحدود، فقامت إنجلترا ومن خلال جمع التبرعات لهم بإسكانهم في مناطق أخرى في الوسط، وطلب من الحكومة العراقية منحهم أراضي مقابل التي تركوها في الموصل، وإعفاؤهم من الضرائب، واعترفت الحكومة بالبطريك مار شمعون بطريقا لهم، أما الأكراد الذين كانوا جيرانا للآشوريين فلم يسلموا أيضا من أذاهم أيام اندلاع الحرب بحكم أن الأكراد يخالفونهم في العقيدة، فهو مسلمون، وزاد أذاهم لهم لما احتل الإنجليز العراق، وبعد رفع الأمر لمحكمة لاهاي وإرسال اللجان التي درست المنطقة قرر مجلس عصبة الأمم أن تكون الحدود بين العراق وتركيا كما في قرار الأول من ربيع الثاني 1343هـ ولم توافق تركيا طبعا فعرض الإنجليز على تركيا اتفاقا تتعهد فيه المحافظة على سلامة أملاكها مقابل بقاء الموصل للعراق وأن تجرد الموصل من وسائل الدفاع وتعد حيادية، وتعطى تركيا قرضا بقيمة عشرة ملايين جنيه وتتنازل عن جزء من السليمانية، ورفضت أيضا تركيا ذلك، ثم عقد مؤتمر ثلاثي عراقي تركي إنجليزي وقعت فيه معاهدة شملت رسم الحدود وجنسية سكان المناطق التي كانت موضع خلاف، وموضوع استثمار النفط، وتعهدت إنجلترا بدفع عشرة بالمائة من عائدات النفط لمدة خمسة وعشرين سنة.
بلغت قرارات مؤتمر الرياض قوات الإخوان المتمركزة في تربة والخرمة، ووصلهم الأمر بالاستعداد لفتح الطائف، فتقدموا إلى الحوية قرب الطائف، وهزموا القوات الحجازية ودخلوا الطائف بعد انهيار قوات الشريف حسين في معركة الهدا، فأرسل الشريف إلى بريطانيا يطالبها بالتدخل وعدم السماح للملك عبدالعزيز بتكرار ما فعله الإخوان في الطائف في أماكن أخرى، ولكن بريطانيا أجابت بأنها تتمسك بالحياد وعدم التدخل في قضايا دينية بينهما، وأكدت لمندوب الحجاز أنها ستعمل على حماية الرعايا الأجانب في الحجاز، وقد ذكرت عدد من المصادر الإعلامية في حينها بهتانا وزورا مشاهد مرعبة صورت فيها وحشية الإخوان حال دخولهم الطائف، يقول جلال كشك المصري: (زحف الإخوان على الحجاز وذاب الجيش الهاشمي الذي التهمه الإخوان، وكانت معركة الطائف التي لعبت رويتر والمقطم وتايمس أوف أنديا وأجهزة الإعلام البريطانية والهاشمية دورا كبيرا فيما أثير حول المعركة ونقلته كتابات المؤرخين دون تمحيص، حتى بدت وكأنها غزوة تترية، وقد أجمعت المصادر على أن جميع قتلى غزوة الطائف لا يتجاوزون 300 رجل داخل وخارج المدينة، وهو أقل بكثير من ضحايا موقعة البكيرية مثلا) وما أن بلغ الملك عبدالعزيز خبر دخول الإخوان الطائف حتى أمرهم بالتوقف وعدم دخول مكة.
بعد دخول قوات الملك عبدالعزيز الطائف كتب أعضاء الحزب الوطني الحجازي من أشراف مكة وجدة إلى الحسين يطلبون منه التنازل عن الحكم لولده علي، وبالفعل قرر الحسين التنازل ومغادرة الحجاز إلى العقبة مع أفراد أسرته، وأصبح علي بن الحسين ملكا على الحجاز، وبويع بذلك، وهذا ما يشير إلى انهيار الحكم الهاشمي في الحجاز عندما فقد الحسين حلفاء الخارج (بريطانيا) وحلفاء الداخل (الأعيان والجيش)
على الرغم من تنازل الحسين لابنه علي فإن الوضع في مكة لم يكن يسير لصالح الأشراف؛ لذلك غادر علي بن الحسين وحكومته مكة عندما تيقنوا عدم مقدرتهم منع قوات الإخوان عن دخول مكة بعد انهيار قوات الشريف في معركة الهدا.
فتمكن الإخوان من دخول مكة بأسلحتهم ملبين محرمين بعمرة بدون أي مقاومة تذكر، وأرسل قائدا الإخوان سلطان بن بجاد وخالد بن لؤي رسائل إلى معتمدي الدول وقناصلها في جدة يخبرونهم بدخولهم مكة، ويستفسرون عن موقفهم تجاه الحرب.
فتلقوا ردا من معظم القناصل الأوروبية يعلمون سلطان بن بجاد بوقوفهم على الحياد التام إزاء الحرب القائمة في الحجاز، وفي 8 جمادى الأولى وصل الملك عبدالعزيز إلى مكة قادما من الرياض، فدخلها محرما وأتاه أهل مكة مبايعين.
وجه الملك عبد العزيز بعد دخوله مكة دعوة لمجموعة من العلماء والأعيان فاجتمعوا، فقال يخاطبهم:"إن ديارا كدياركم تحتاج إلى اهتمام زائد في إدارة شؤونها، وعندنا مثل يعرفه الناس جميعا: أهل مكة أدرى بشعابها.
فأنتم أعلم ببلدكم من البعيدين عنكم، وما أرى لكم أحسن من أن تلقى مسؤوليات الأعمال على عواتقكم، وأريد منكم أن تعينوا وقتا تجتمع فيه نخبة من العلماء والأعيان والتجار، وينتخب كل صنف من هؤلاء عددا معينا كما ترتضون وتقررون، وذلك بأوراق تمضونها من المجتمعين بأنهم ارتضوا أولئك النفر لإدارة مصالحهم العامة، والنظر في شؤونهم، ثم يستلم هؤلاء الأشخاص زمام الأمر، فيعينون لأنفسهم أوقاتا يجتمعون فيها، ويقررون ما فيه المصلحة للبلد، وشكايات الناس ومطالبهم يجب أن يكون مرجعها هؤلاء النخبة من الناس.
ويكونون أيضا الواسطة بين الأهلين وبيني، فهم عيون لي وآذان للناس يسمعون شكاويهم وينظرون فيها، ثم يراجعونني، وإني أريد ممن سيجتمعون لانتخاب الأشخاص المطلوبين أن يتحروا المصلحة العامة ويقدموها على كل شيء، فينتخبوا أهل الجدارة واللياقة الذين يغارون على المصالح العامة، ولا يقدمون عليها مصالحهم الخاصة، ويكونون من أهل الغيرة والحمية والتقوى، تجدون بعض الحكومات تجعل لها مجالس للاستشارة، ولكن كثيرا من تلك المجالس وهمية أكثر منها حقيقية، تشكل ليقال إن هنالك مجالس وهيئات، ويكون العمل في يد شخص واحد وينسب العمل إلى العموم!! أما أنا فلا أريد من هذا المجلس الذي أدعوكم لانتخابه أشكالا وأوهاما، وإنما أريد شكلا حقيقيا يجتمع فيه رجال حقيقيون يعملون جهدهم في تحري المصلحة العامة.
لا أريد أوهاما، وإنما أريد حقائق.
أريد رجالا يعملون.
فإذا اجتمع أولئك المنتخبون وأشكل علي أمر من الأمور، رجعت إليهم في حله وعملت بمشورتهم.
وتكون ذمتي سالمة من المسؤوليات، وأريد منهم أن يعملوا بما يجدون فيه المصلحة، وليس لأحد من الذين هم أطرافي سلطة عليهم ولا على غيرهم.
أريد الصراحة في القول؛ لأن ثلاثة أكرههم ولا أقبلهم: رجل كذاب يكذب علي عن عمد، ورجل ذو هوى، ورجل متملق؛ فهؤلاء أبغض الناس عندي" فعقد بعد ذلك اجتماع أسفر عن انتخاب 12 شخصا تألف منهم مجلس سمي المجلس الأهلي، وصدر بيان ملكي عهد فيه إلى المجلس بالنظر في نظام المحاكم الشرعية، وتدقيق مسائل الأوقاف، ووضع نظام للأمن الداخلي، وسن لوائح للبلدية والصحة العامة، ونشر التعليم الديني، وتعميم القراءة والكتابة، وتنظيم التجارة ووسائل البرق والبريد.
واستمر العمل في هذا المجلس إلى مطلع عام 1345هـ حيث حل المجلس الأهلي وشكل بدلا عنه مجلس للشورى.
هو سيرلي ستاك، سردار الجيش المصري وحاكم السودان العام، أحد موظفي الدفاع البريطانيين الكبار، انتقل إلى قيادة الجيش المصري عام 1899، ثم عين قائدا لقوة السودان عام 1902، ثم أصبح وكيل السودان ومدير المخابرات العسكرية.
تقاعد عام 1910 وأصبح سكرتيرا مدنيا لحكومة السودان، ثم عين حاكما عاما للسودان، وسردارا للجيش المصري إلى أن قتل هذا العام، وكان قد قام باغتياله أحد الوطنيين المصريين، وعقب مقتله أعلنت حكومة سعد زغلول أسفها عن الحادث ووعدت بعقاب المسؤولين عنه.
مع اتساع رقعة ممتلكات الملك عبدالعزيز وزيادة المصاريف على شؤون الدولة وقلة الموارد، أخذ يبحث عن موارد جديدة؛ لتموين احتياجات دولته الناشئة، فجاءت فكرة التنقيب عن النفط، فجرت مباحثات مع فرنك هولمز المغامر النيوزلندي الأصل، والضابط في الجيش البريطاني أثناء الحرب العالمية الأولى- مؤسس شركة الشرقية العامة في لندن، وقد حصل على عقد حق امتياز التنقيب عن النفط في الأحساء؛ لحساب شركته لمدة سنتين بقيمة 2000 جنيه استرليني، على مساحة 30 ألف ميل مربع، كإيجار سنوي قابل للتجديد, ثم منح الملك عبدالعزيز حق امتياز التنقيب في المنطقة المحايدة مع الكويت لهولمز في السنة التالية، واحتجت بريطانيا على العقد الأخير؛ بحجة أن حاكم الكويت له حصة فيها، ولما أدركت بريطانيا عدم جدية شركة هولمز في التنقيب خشيت أن يتاجر بترخيص التنقيب وبيعه على شركات نفط أمريكية، فأوعزت بريطانيا إلى شركة النفط أنكلو – فارسية؛ لتحتج على منح الامتياز لهولمز، فأرسلت الشركة أرنولد ويلسون ليتفاوض مع الملك عبدالعزيز في هذا الأمر، إلا أنه اعتذر بأن أعيان نجد قد وافقوا على الامتياز لهولمز، ولا مجال لإلغائه، ثم طلب برسي كوكس المعتمد البريطاني في الخليج أن يرسل الملك عبدالعزيز إلى هولمز كتابا يؤكد فيه بأنه لا يستطيع البت في طلب الامتياز قبل إجراء التحريات واستشارة الحكومة البريطانية في الأمر، إلا أن الملك عبدالعزيز رفض الطلب على الرغم من تكرار كوكس الطلب ثلاث مرات وصمم بعد مشاورة معاونيه على منح هولمز الامتياز.
كان الملك عبدالعزيز حريصا على منح الامتياز لهولمز المستقل دون شركة إنكلو – فارسية الخاضعة لهيمنة الحكومة البريطانية؛ للبعد عن تحكم وسيطرة بريطانيا في الجانب الاقتصادي، خاصة بعدما جرب وخبر مراوغات بريطانيا معه في الجانب السياسي.
إلا أن هولمز لم يوفق إلى نتائج إيجابية طوال خمس سنوات، فاضطر الملك عبدالعزيز لسحب الامتياز سنة، وأخذ في البحث عن الشركات الأمريكية، والتي بدأ تزايد اهتمامها في المنطقة.
كان رضا خان بهلوي من ضباط الجيش القاجاري، وسرعان ما أبدى كفاءة عالية فأصبح قائدا لفرقة القوزاق، وكان طموحا جدا وفي غاية الذكاء.
وكانت البلاد تترنح، فصمم على إنقاذها، فقام بانقلاب عسكري، وأسقط الوزارة سنة 1340 هـ/1921م وأسندها لسياسي إيراني شهير هو ضياء الدين طباطبائي، وذلك ليحكم من ورائه، وتتوارى أهدافه الديكتاتورية.
فتولى وزارة الحربية ثم رئاسة الوزراء، ثم خطا رضا خان خطوته الكبيرة في ربيع الأول عام 1344ه فأسقط الأسرة القاجارية، ونصب نفسه شاها لإيران، وهو أول ملوك الدولة البهلوية في إيران، وامتدت فترة حكمه من 1925 حتى 1941، وغير اسم الدولة من فارس إلى إيران، وتنازل عن عرشه عام 1941؛ بسبب رفضه الانحياز للحلفاء في الحرب العالمية الثانية.
بعد انتقال الشريف حسين إلى العقبة عمل على دعم ابنه علي في مواجهته للملك عبدالعزيز بإرسال الأموال والرجال، فغضب الملك عبدالعزيز وطلب من الإنجليز إخراج الحسين من العقبة، وإلا سيهاجمه هناك، فقررت بريطانيا نقله إلى قبرص، فلما رفض الانتقال أقنعه ابنه عبد الله بمغادرة العقبة وعدم إثارة المشكلات مع بريطانيا، ومكث في قبرص 7 سنوات، ثم عاد منها بعد مرضه إلى عمان سنة 1931م حيث توفي فيها في نفس السنة.
في عام 1924 ألف الدكتور عبد الرحمن الشهبندر بدمشق حزبا سياسيا سماه حزب الشعب، وتولى رئاسته، وأطلق على نفسه لقب الزعيم، وأخذ يعمل في تنظيم العمل السياسي ويدعو إلى الوحدة العربية، ويطالب بإلغاء الانتداب، وإقامة جمهورية سورية في نطاق الاتحاد مع جميع البلدان العربية المستقلة؛ ولتحقيق ذلك بدأ الدكتور عبد الرحمن الشهبندر الاتصال بزعماء ووجهاء المدن السورية يحثهم على الثورة ضد الاستعمار الفرنسي ويشحذ هممهم ويعزز شعورهم الوطني، ويطلب منهم بدء الكفاح المسلح لنيل الاستقلال، وتحقيق الحلم الوطني العربي بإقامة الجمهورية السورية العربية، وقد جاءت الثورة السورية الكبرى كرد فعل على السياسات الدكتاتورية العسكرية التي اتبعتها السلطات الفرنسية الاستعمارية، والمتمثلة في تمزيق سوريا إلى عدة دويلات، وإلغاء الحريات، وملاحقة الوطنيين، وإثارة النزعات الطائفية، ومحاربة الثقافة والطابع العربي للبلاد، ومحاولة إحلال الثقافة الفرنسية، بالإضافة إلى رفض سلطات الانتداب عقد اتفاق مع القوى الوطنية السورية لوضع برنامج زمني لاستقلال سوريا، انطلقت ثورة سوريا الكبرى في 29 ذي الحجة الموافق 21 تموز / يوليو، وانضم تحت لوائها عدد من المجاهدين من مختلف مناطق سوريا ولبنان والأردن، ومنهم دروز الجبل، وقد شهدت سوريا خمسا وثلاثين ثورة قبل الثورة الكبرى، وقتل في تلك الثورات ما يقرب من خمسة آلاف جندي فرنسي، وكان الدروز غائبين تماما عن كل تلك الثورات 35 ثورة، وبعد وفاة سليم الأطرش حاكم جبل الدروز وتعيين حاكم فرنسي بدلا عنه ناقضين اتفاقهم مع زعماء الجبل الذين نفاهم الجنرال سراي بعد ذلك، فتمرد الدروز ووقعت معركة المزرعة؛ مما اضطر سراي أن يدخل في مفاوضات مع الدروز لوقف القتال وإطلاق سراح الزعماء، ثم اتصل أعضاء حزب الشعب بزعماء الدروز في الجبل وقرروا التعاون للدفاع عن استقلال البلاد، وحث الدكتور عبد الرحمن الشهبندر زعيم الدروز الجديد سلطان الأطرش على التقدم نحو دمشق ضد السلطات الفرنسية، فاشتعلت المعارك حول دمشق وغوطتها والجبل وقراه، فأرسلت فرنسا الجنرال جاملان وعينوه قائدا عاما لجيش الشرق، فزحف نحو الجبل ولم يستطع احتلال عاصمة الجبل السوداء، ثم نشبت ثورة حماة في تشرين الأول 1925م وانتشرت إلى دمشق وعمت أنحاء سوريا، وقصفت قوات فرنسا في دمشق بعد أن اتسع نطاق حرب العصابات، فأطلق الفرنسيون نيران مدافعهم وقنابل طائراتهم على دمشق وأسواقها وأحيائها أياما وشهورا خلال الثورة، واشتركت في هذه الثورة جميع الطوائف بما فيهم البدو، إلا أن بعض الطوائف لم تشترك بالثورة، مثل النصيريين وسكان سنجق إسكندرون، وأغلبهم نصيرية، وكانت القوات الفرنسية تستعين في إخماد الثورات على الأقليات الذين جندتهم للثورة، كالأرمن وبعض الشراكسة وبعض البدو الذين كان لهم ثأر مع الدروز، ولكن في أواخر أيام الثورة انضم الدروز إلى السلطات الفرنسية تحت لواء قيادتهم عبد الغفار الأطرش ومتعب الأطرش، وتطوعوا في الجيش الفرنسي وأجهزة الأمن الفرنسية، وقد كانوا قبل ذلك في اللجنة العليا للثورة السورية التي أعلن المجاهدون حلها بعد هذه الخيانة، وأما عموم النصارى فكان غالبهم وقف موقف المتفرج، غير الذين كانوا يعملون في أجهزة الأمن الفرنسي، وكان النصارى في دمشق يضعون على منازلهم أقمشة بيضاء عليها صليب أحمر ليعرف الطيارون أنها بيوت للنصارى فلا يقصفونها، وأما الغوطة فقد كانت ملجأ للمجاهدين، فقام الفرنسيون بإحراق معظم بساتينها، وفرضت السلطات الفرنسية غرامات مالية على الأهالي فوق القصف العشوائي الذي استنكرته القناصل، وهاجر كثير من أهل دمشق إلى بيروت ومصر وغيرها، واستمر مسلسل العنف والدمار إلى أيار 1926م، ثم حدثت مفاوضات مع بعض المسؤولين السوريين بقيت قرابة التسعة أشهر، لكن دون نتيجة، فعادت سياسة العنف والقصف والنهب للأحياء كما كانت.