Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73
بدأ الفرنسيون يترددون على شواطئ السنغال قديما وينشئون مراكز إقامة لهم، وأسسوا مستعمرة لهم عند مصب نهر صنهاجة (نهر السنغال حاليا) وأقاموا حصن سان لويس، ثم طردوا البرتغاليين من ممتلكاتهم جنوب الرأس الأخضر ونازع الإنجليز الفرنسيين على المنطقة، فقد احتلوا المستعمرة الفرنسية سان لويس عام 1172هـ، ثم عادت السنغال إلى فرنسا بموجب معاهدة 1198هـ، ولكن الإنجليز أعادوا الكرة واحتلوا المنطقة غير أن معاهدة باريس أعادت منطقة السنغال إلى فرنسا، ومنذ ذلك الوقت انتهى كل تدخل أوربي في أمور المستعمرة عدا فرنسا، وأصبح فيها حاكم عسكري فرنسي، وتم الاتفاق بين الإنجليز والفرنسيين على الحدود بين غامبيا والسنغال.
لما وصلت جيوش الروم بقيادة سنان أغا ومعه عدد من أهل الحجاز وتهامة عسير، استنجد محمد بن أحمد وقومه من عسير بحمود أبي مسمار أمير العريش، فتولى أبو مسمار قيادة جموع قوات عسير ووقعت الملاقاة بينهم وبين الروم في حجيلا من نواحي عسير، وكثر القتلى بين الفريقين فانهزم الروم وفر سنان إلى القنفذة.
أقدمت الدولة العثمانية على إلغاء حامية الانكشارية في الجزائر، وكان في هذه الحامية حوالي 34 ألف انكشاري.
وكانت فرق الانكشارية من أكثر الفرق انضباطا وقتالا في الجيش العثماني، لكن تورط قادتها في السياسة بعد ذلك أثر على مستواهم العسكري؛ مما أدى إلى إلغائها.
هو الأمير الشريف حمود بن محمد بن أحمد الحسني التهامي، ويعرف بأبي مسمار أمير من أشراف تهامة اليمن، كانت ولادته عام 1170هـ في قرية الملاحة من بلاد بني مالك بالسراة، كانت له ولأسلافه ولاية المخلاف السليماني من تهامة ودعوتهم لأئمة صنعاء.
في سنة 1210 ثار حمود على ابن عمه علي بن حيدر، فنزل له عن إمارة عريش واستقل بولاية أبي عريش وصبيا وضمد والمخلاف السليماني.
واختط مدينة (الزهراء) وبنى قلاعا وأسوارا.
وكان شجاعا كريما محبا للعمران، فيه دهاء وحزم.
وهو أول من استقل بالمخلاف السليماني عن أئمة صنعاء.
وفي أيامه استولت جيوش نجد على البلاد المجاورة له، فقاتلهم، فهزموه فانضوى إلى لوائهم فدان بالدعوة السلفية، فأزال ما كان من أثر للبدع والوسائل الشركية في بلاده، وأصبح أميرا من أمراء الإمام عبد العزيز بن محمد، ثم لابنه سعود، وقد قام بعمليات فتح لصالح دولة الدرعية، فاستولى على اللحية والحديدة وزبيد وما يليها.
وقد هزم الأمير حمود أبو مسهار قوات محمد علي باشا التي يقودها سنان أغا في عسير، ثم وافاه الأجل بعد انتصاره بعشرة أيام عن عمر ثلاث وستين سنة، وقد دفن في قرية الملاحة مسقط رأسه في الظهرة المعروفة بظهرة حمود نسبة إليه، وهي واقعة على ضفاف كضامة الملاحة.
ركب إبراهيم باشا من أشيقر بخيله وقصد بلد شقراء، فأتاها واستدار فيها، وقاسها وعرف موضع منزله ومنزل عسكره وقبوسيه؛ لأنه يعلم أن أهلها محاربون أشداء وأهل صدق في الحرب مجربون، وكان قد أتى إليه أمداد من العساكر والقبوس، وصار في قوة عظيمة، فنزل أسفل البلد وشماله، فخرج إليه أهلها فساق الباشا عليهم الروم، فوقع بينهم قتال شديد في وسط النخيل وخارجه، فقتل من الروم قتلى كثير وجرح كثير منهم، فتكاثرت عليهم أفزاع الروم وجرح الأمير حمد بن يحيى جرحا شديدا فدخلوا البلد واحتصروا فيها، ثم إن الباشا جر القبوس والقنابر والمدافع وجعلها فوق المرقب الجبل الشمالي، فرمى البلد فيه رميا هائلا أرهب ما حوله من القرى والبلدان من أهل مدبر ومنيخ والمحمل وغيرهم، حتى سمعه من كان في العرمة ومجزل وما حوله.
فلما احتصر أهل البلد فيها أنزل قبوسه ومدافعه وقنابره من رأس الجبل وقربها من السور، وحقق عليهم الحرب والرمي المتتابع حتى قيل إنه رماها في ليلة واحدة بثلاثمائة حمل من الرصاص والبارود، وذكر أن رصاص القبوس والمدافع والقنابر والبنادق يتضارب بعضها ببعض في الهواء فوق البلد وفي وسطها، ثم إنه هدم ما يليه من سورها وقطع نخيلها إلا قليلها، هذا وأهل البلد ثابتون، وفي أكنافها يقاتلون، فقرب الباشا القبوس من السور وهدم ما يليه من الدور والقصور، فحماهم الله سبحانه وكف أيدي الروم عنهم؛ وذلك لصدقهم في مواطن اللقاء بالسيف، فلما هم الروم بالحملة عليهم أثنى عزمهم الخندق وما ذاقوه من شدة القتال أول نزولهم على شقراء، فصار الخندق من الأسباب لثبات أهلها لأنه لا يرام، وفي كل يوم وليلة والباشا يناديهم ويدعوهم إلى المصالحة ويأبون عليه، فلما كان يوم الخميس وقعت المصالحة بين الباشا وبينهم؛ خرج إليه رجلان من رؤساء أهلها فصالحوه على دمائهم وأموالهم وما احتوت عليه بلادهم، وكان جميع بلدان الوشم أعطوه الطاعة لما نزل شقراء، فلما استقر الصلح بعث الباشا عساكر من الترك رئيسهم رشوان أغا إلى ناحية سدير ومنيخ، فنزل رشوان بلد جلاجل وفرق العساكر في البلدان وأخذوا ما فيها من الخيل الجياد الثمينة وحنطة وعليقا للخيل، وأقاموا عندهم إلى أن أراد الرحيل من بلد شقراء، فرحلوا من بلد سدير إلى الوشم، ولما كان بعد أيام من مصالحة أهل شقراء وشى بهم رجال عند الباشا من أهل نجد ممن يساعده وسار معه وقال إنه ارتحل منهم عدة رجال من أعيانهم وعامتهم إلى الدرعية، وأنهم يريدون أن ينقضوا العهد بعدما ترتحل عنهم ويقطعوا سبلك، فأفزع ذلك الباشا وأهمه فدخل البلد مغضبا بعدد كثير من عساكره، فلما دخل جعل العسكر في المسجد فأوقدوا فيه النيران، وذلك وقت الشتاء.
ثم دخل الباشا بيت إبراهيم بن سدحان المعروف جنوب المسجد، وأرسل إلى الأمير حمد وهو جريح فجيء به بين رجلين، فتكلم الباشا عليه بكلام غليظ.
ثم أرسل إلى الشيخ عبد العزيز الحصين الناصري، وكان قد كبر وثقل فجيء به محمولا فأكرمه وأعظمه، فذكر لهم ما حدث من أهل البلد.
فعلوا وفعلوا وكان قصده أن يفتك بهم، فقال له الشيخ عبد العزيز الحصين: كل ما تقول صدق، ولكن العفو يا باشا.
فقال: عفونا عفونا إكراما لمجيئك، فكفى الله سبحانه شره، وهدم سور البلد ودفن خندقها، وأقام عليها نحوا من شهر، ثم ارتحل منها بعساكره، وأخذ معه عشرة رجال من رؤسائهم، وسار منها إلى بلد ضرم، وأتت إليه مكاتبات أهل المحمل وحريملاء وأعطوه الطاعة.
كان عبد الله بن سعود لما صالح أهل شقراء وأطاع الروم جميع أهل الوشم وسدير والمحمل وغيرهم، أمر سعود بن عبد الله بن محمد بن سعود في عدة رجال من أهل الدرعية ومتعب بن إبراهيم بن عيصان صاحب الخرج وعدة رجال معه ومحمد العميري في عدة رجال من أهل ثادق والمحمل- أمر الجميع أن يسيروا إلى بلد ضرما ويدخلوها ليصيروا عونا لأهلها وردءا لهم، فساروا إليها ودخلوها، ثم إن الباشا وعساكر الروم لما وصلوا قرب ضرما ركب عدد من خيلهم وطافوا على البلد وقاسوها وعرفوا منزلهم ونزل قبوسهم ومدافعهم وقنابرهم، ثم رجعوا إلى مخيمهم، فلما كان صبيحة 14 من ربيع الثاني أقبل الباشا على البلد ونزل شرقيها قرب قصور المزاحمية بينها وبين البلد وحطوا ثقلهم وخيامهم ثم سارت العساكر بالقبوس والمدافع والقنابر، ونزلوا بها شمال البلد قرب السور فثارت الحرب بين الروم وبين أهلها، وحقق الباشا عليهم الرمي المتتابع وحاربهم حربا لم ير مثله وثبت الله أهل البلد فلم يعبؤوا به وطلب منهم المصالحة فأبوا عليه ولم يعطوه الدنية، وكانت هذه البلد ليس في تلك النواحي أقوى منها بعد الدرعية رجالا وأموالا وعددا وعدة، فحشدت عليهم عساكر الروم والمدافع فلم يحصلوا على طائل، ثم حشد الروم عليهم وقربوا القبوس من السور وحاربوها حربا عظيمة هائلة، فرميت بين المغرب والعشاء بـ 5700 رمية بين قبس ومدفع وقنبرة، فهدموا ما والاهم من السور، فلما رأى الباشا صبرهم وصدق جلادهم، ساق الروم عليهم وأهل البلد فيه ثابتون، فحمل عليهم الروم حملة واحدة فثبتوا لهم وجالدوهم جلاد صدق وقتلوا منهم نحو 600 رجل، وردوهم إلى باشتهم وبنوا بعض ما انهدم من السور، فنقل الباشا بعض القبوس إلى جنوب البلد فتتابع الرمي من الجهتين وأهل البلد والمرابطة قبالتهم عند السور المهدوم، فلم يفجأهم إلا الصارخ من خلفهم أن الروم خلفكم في أهلكم وأولادكم وأموالكم، فكروا راجعين والروم في أثرهم، ودخل الروم البلد من كل جهة وأخذوها عنوة وقتلوا أهلها في الأسواق والسكك والبيوت، وكان أهل البلد قد جالدوهم في وسط البلد إلى ارتفاع الشمس، وقتلوا من الروم قتلى كثيرين، ولكن خدعوهم بالأمان، فيأتون إلى أهل البيت والعصابة المجتمعة فيقولون: أمان أمان، ويأخذون سلاحهم ثم يقتلونهم، ونهبوا جميع ما احتوت عليه البلد من الأموال والسلاح والمتاع والمواشي والخيل، واحتصر سعود بن عبد الله في قصر من القصور ومعه أكثر من 100 رجل من أهل الدرعية وغيرهم، فأرسل إليهم الباشا وأعطاهم الأمان، فخرجوا وساروا إلى الدرعية، وهرب رجال من أهل البلد وغيرهم على وجوههم في البرية، فكانوا بين ناج ومقتول، وخلت البلد من الرجال، وجمع الباشا النساء والأطفال وأرسلهم إلى الدرعية وهم نحو 3000 نفس، والذي قتل من أهل ضرما في هذه الواقعة 800 رجل، ومن المرابطة 50 رجلا.
عندما نزل إبراهيم باشا على الدرعية رتب قبوسه ومدافعه وقنابره على جهات الدرعية الأربعة، وكان عبد الله بن سعود قد رتب جموع أهل الدرعية ومن كان عنده من أهل الآفاق مقابل قوات الباشا، ومن أبرز القادة الذين كانوا مع عبد الله إخوانه فيصل وإبراهيم وفهد، وتركي الهزاني صاحب حريق نعام، وعبد الله ابن القاضي أحمد العريني رئيس سدير، ومحمد العميري رئيس المحمل، تولى هؤلاء قيادة الجبهات، ومعهم المدافع والمتاريس، وفي كل برج من أبراج الجهات فيه رجال من رؤساء أهلها وأشياخهم وأثقالهم الذين ليس لهم شدة في الحرب، وإنما عليهم حفظ نواحيهم, فلما نزل الباشا وفرق عساكره تجاه جموع أهل الدرعية وقعت الحرب بينهم واضطرمت نارها وطار في السماء شرها وشرارها، فتخاللت بينهم القنابر والقبوس والمدافع، وصار مطرها فوق تلك الجموع متتابعا فاشتد القتال وتصادم الأبطال، والحرب بين الروم وبين أهل الدرعية سجال، واستمرت الحرب والحصار ستة أشهر، أظهر فيها أهل الدرعية ضروبا من البطولة والتضحية، وشهدت الحرب عددا من المعارك والوقائع بين الطرفين، مثل وقعة المغيصيبي، والحريقة، ووقعة غبيراء، ووقعة سمحة، كما حصلت مقتلة عظيمة بين الفريقين عند السليماني النخل المعروف في الدرعية, ووقعة البليدة، ووقعة شعيب قليقل، ووقعة كتلة الشعيب, ووقعة الرفيعة، وفي أثناء الحرب اشتعلت النار في زهبة الباشا وما في خزائنه من البارود والرصاص وجميع الجيخان، وكان لثورتها أمر هائل لا يكاد يوصف، وسمع صوتها مسيرة ثلاثة أيام أو أربعة، وأهلكت خيلا ورجالا وأحرقت خياما وأزوادا وأثاثا، وهربت العساكر في رؤوس الجبال، ووقع في قلوبهم الرعب، وكان لهذه الحادثة وهن عظيم على الروم، وهم أهل الدرعية أن يحملوا عليهم ويدهموهم فيه، فلم يفعلوا وكان أمر الله قدرا مقدورا، فتراجع الروم وثبتوا، ثم أرسل الباشا إلى جميع نواحي نجد، وأخذوا من كل بلد ما فيها من خزانة الجبخان وتتابع عليه بعد ذلك الجبخان والعساكر من مصر، وأتت إليه الرجال والقوافل، وهو في الدرعية من البصرة والزبير مع أهل نجد الذين فيهما ممن كان أجلاهم سعود عن نجد وأخذوا أموالهم.
فتتابع عليه القوافل من الأرز والحنطة والتنباك وجميع حاجات العساكر، وسارت إليه القوافل أيضا من جميع نواحي نجد بجميع ما ينوب العساكر، فثبت الباشا في موضعه وتعاظم أمره وتزايد بالحرب على الدرعية، فحاربها حربا عظيما وهم ثابتون، والخارج منها كل ليلة من أهل النواحي ومن أهلها يبذل الباشا لهم الأمان، وقتل أثناء الحرب فيصل بن سعود بن عبد العزيز.
يقول ابن بشر: "كان الروم إذا قتل منهم ألف أتى بدلهم ألفان، وتتابع العساكر من مصر على الدرعية في كل أسبوع وشهر يأتي من مصر عسكر وقافلة من الطعام والأمتاع وما ينوب تلك العساكر، فلما طال الحصار وكثرت الأمداد من مصر على الروم، وأهل الدرعية كل يوم ينقصون، وذلك بتقدير الحي القيوم، وإليه يرجع الأمر كله، وما ربك بغافل عما يعملون، واستمروا في تلك المحاجي قريب ستة أشهر، وصار في تلك المدة وقعات عديدة لا يحيط بها العلم ولا يدركها من أرادها القلم" وبعد وقعة الرفيعة خرج من الدرعية رئيس الخيالة غصاب العتيبي وهو ممن يظن به الصدق مع آل سعود والصبر معهم فأصاب أهل الدرعية كآبة ووهن من خروجه، فلما خرج قصد الباشا فقوي عزم الباشا على الحرب، فقرب القبوس من البلد، وفي صبيحة ثالث ذي القعدة حمل الروم على الدرعية من جميع الجهات الأربع فاقتحموها ودخل الروم الدرعية وقاتلهم الناس من منازلهم واشتد القتال حول قصر غصيبة المشهور الذي بناه الإمام سعود بن عبد العزيز، كان قد تحصن فيه سعد بن عبد الله سعود مع عدة رجال، فجر عليهم الباشا القبوس والقنابر، فلما رأى عبد الله بن سعود البوار، انتقل إلى منزله في الطريف وترك مخيمه وثقله في موضعه، فأقبل الباشا بقبوسه وقنابره ومدافعه ونزل إلى باب المنزل واشتدت وطأة الروم عليهم، فحماهم الله وكفوا عنهم فهموا بالمصالحة، فتأبى الباشا، فشمر الشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وشهر سيفه وندب للقتال، فاجتمع عليه أهل البجيري ونهضوا على الروم من كل جانب كأنهم الأسود، فأخرجوا الروم وقتلوا منهم مئات، ثم أرسلوا إلى الباشا وطلبوا الصلح فأجاب إليه بعدما كان آبيا، ولان بعدما كان قاسيا.
وقيل: قتل من عساكر الروم في هذا الحصار 10 آلاف مقاتل، ومن أهل الدرعية ألف وثلاثمائة مقاتل.
لما قبل إبراهيم باشا الصلح خرج له من أعيان الدرعية عبد الله بن عبد العزيز بن محمد، والشيخ العالم علي ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ومحمد بن مشاري بن معمر، فأرادوا منه أن يصالحهم على البلد كله فأبى أن يصالحهم إلا على السهل، أو يحضر الإمام عبد الله بن سعود فرفضوا، فدخل الروم الدرعية ووقعت الحرب عند مسجد الطريف أياما ثم انفض عن عبد الله بن سعود كثير ممن كان عنده، فلما رأى عبد الله ذلك بذل نفسه للروم وفدى بها عن النساء والولدان والأموال، فأرسل إلى الباشا وطلب المصالحة، فأمره أن يخرج إليه فخرج إليه وتصالح على أن يركب إلى السلطان فيحسن إليه أو يسيء، وانعقد الصلح على ذلك، ودخل عبد الله منزله وأطاعت البلد كلها، فسلم عبد الله بن سعود نفسه للباشا في 8 ذي القعدة بعد حصار شديد للدرعية دام ستة أشهر، ثم أرسله إلى القاهرة، واقتاد إبراهيم باشا بعض أمراء آل سعود وأفرادا من أسرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب أسرى، وأرسلهم إلى مصر، ومن هناك أرسل عبد الله بن سعود إلى استانبول، حيث أعدم في صفر سنة 1234هـ, وبهذا انتهت الدولة السعودية الأولى التي امتد نفوذها إلى معظم أنحاء الجزيرة العربية على مدى 77 سنة.
لما انهار حكم الدولة السعودية على يد إبراهيم باشا ودمرت الدرعية، كثر في نجد الاختلاف والاضطراب ونهب الأموال وقتل الرجال، وتقدم أناس وتأخر آخرون، يقول ابن بشر: "قلت: وانحل فيها نظام الجماعة والسمع والطاعة، وعدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى لا يستطيع أحد أن ينهى عن منكر أو يأمر بطاعة، وعمل بالمحرمات والمكروهات جهرا، وليس للطاعات ومن عمل بها قدر، وجر الرباب والغناء في المجالس وسفت الذواري على المجامع والمدارس، وعمرت المجالس بعد الأذان للصلاة، واندرس معرفة الأصول وأنواع العبادات، وسل سيف الفتنة بين الأنام، وصار الرجل في جوف بيته لا ينام، وتعذرت الأسفار بين البلدان، وتطاير شرر الفتن في الأوطان، وظهرت دعوى الجاهلية بين العباد، وتنادوا بها على رؤوس الأشهاد، فلم تزل هذه المحن على الناس متتابعة حتى أتاح الله لها نورا ساطعا وسيفا لمن أثار الفتن.
.
تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود.