شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة التطوع - حديث 405-408


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].

أما اليوم فعندنا أحاديث ربما كانت طويلة بعض الشيء أيضاً، وسوف تأخذ من الوقت الكثير.

قال المؤلف رحمه الله في كتاب الوتر: [ عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا عبد الله! لا تكن مثل فلان كان يقوم من الليل، فترك قيام الليل )، متفق عليه.

وعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أوتروا يا أهل القرآن! فإن الله وتر يحب الوتر )، رواه الخمسة وصححه ابن خزيمة.

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وتراً )، متفق عليه.

وعن طلق بن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( لا وتران في ليلة )، رواه أحمد والثلاثة، وصححه ابن حبان ].

هذه -بطبيعة الحال- الأحاديث كلها في باب صلاة التطوع كما علم سابقاً، ونحن في أبواب الوتر الآن.

فالحديث الأول: عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يا عبد الله ! لا تكن مثل فلان، كان يقوم من الليل، فترك قيام الليل ).

تخريج الحديث

الحديث متفق عليه كما ذكر المصنف رحمه الله تعالى، أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب التهجد، باب ما يكره من ترك قيام الليل.

وأخرجه مسلم أيضاً في صحيحه، ولكن في كتاب الصيام، باب ما يكره من صوم الدهر لمن يضره ذلك، وهذا بالنظر إلى طرف آخر في الحديث.

وكذلك أخرجه النسائي في سننه، في قيام الليل، باب ذم من ترك قيام الليل.

وأخرجه البغوي في شرح السنة .

وأخرجه ابن حبان كما في الإحسان المطبوع.

معاني ألفاظ الحديث

قوله: (يا عبد الله لا تكن مثل فلان)، أما عبد الله: فهو راوي الحديث، عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.

(لا تكن مثل فلان)، فلان هذا المبهم يقول الحافظ رحمه الله تعالى في الفتح: لم أقف على اسمه في شيء من طرق الحديث، وكأن الشأن في هذا فيما استظهره الحافظ رحمه الله أن هذا الرجل أبهم بقصد الستر عليه، كما أبهم أمثاله في أحاديث كثيرة، هذا احتمال.

وقد ذهب بعضهم إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يسم له أحداً من الأصل، أي: أنه قال لـعبد الله: (يا عبد الله لا تكن مثل فلان)، ولم يقل: مثل زيد أو عبيد أو عمرو، إنما قال: (مثل فلان) يعني: كأنه قال: لا تكن كرجل من الناس، أو كشخص أعرفه (كان يقوم من الليل، فترك قيام الليل)، وهذا الاحتمال يريحنا من إشكالات كثيرة:

الإشكال الأول منها: هو البحث عن هذا الشخص المجهول المبهم في الرواية، فحينئذٍ لا نحتاج إلى البحث عنه؛ لأنه مبهم من الأصل، حتى راوي الحديث عبد الله بن عمرو لا يعرفه، وإن كان أكثر الشراح على أن الإبهام هنا من أحد الرواة، وهذا هو الأقرب والله تعالى أعلم، كما أن إبهام الراوي يريحنا من إشكال معنوي سوف أذكره بعد قليل.

ثم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كان يقوم من الليل)، كما هي في الرواية التي ساقها المصنف بلفظ: (من)، (يقوم من الليل)، يقول الحافظ ابن حجر والعيني رحمهما الله: إن أكثر الرواة لم يذكروا (من) هذه، بل قالوا: ( كان يقوم الليل، فترك قيام الليل )، وهي كما يقولان مقصودة في المعنى، إذ إن المقصود أنه يقوم جزءاً من الليل أو بعض الليل وليس كله، هكذا قالا رحمهما الله تعالى.

وجاء في رواية -يعني: في إحدى روايات البخاري - زيادة لفظ: (من) ( كان يقوم من الليل، فترك قيام الليل ).

ثم إنه ظهر لي وجه آخر: وهو ألا تكون (من) هاهنا مقصودة، وأن يكون الأصل فعلاً (كان يقوم الليل، فترك قيام الليل)، وهذا احتمال يقويه ويعززه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهى عبد الله بن عمرو عن أن يثقل ويشق على نفسه بالعبادة، فقد أُخبر عن أنه يقوم الليل، ويصوم النهار، فدعاه أو أتاه فقال: ( ألم أخبر أنك تقوم الليل، وتصوم النهار؟ قال: بلى، فنهاه عن ذلك صلى الله عليه وسلم، وقال له: قم ونم، وصم وأفطر ).

إذاً: من اللائق بهذا أن يكون هذا الرجل الذي مثل به النبي صلى الله عليه وسلم، ربما والله أعلم كان يقوم الليل كله، فثقل عليه الأمر، وطال عليه الأمد، فترك قيام الليل، وهكذا العادة أن من أثقل على نفسه بعمل يشق عليه، فإن العين تهمل لذلك، والنفس تسأم وتمل، فـ( اكلفوا من العمل ما تطيقون )، وهذا الوجه يليق بحال عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، وطلب النبي صلى الله عليه وسلم إليه أن يقتصد في العبادة، فيقوم من الليل وينام بعضه، ويصوم بعض الأيام ويفطر بعضها، وعلى هذا تكون رواية الأكثرين: ( لا تكن مثل فلان، كان يقوم الليل، فترك قيام الليل )، وتكون مناسبة لحال عبد الله، فكأنه صلى الله عليه وسلم قال له: يا عبد الله إذا قمت الليل كله ولم تنم منه صرت مثل فلان، رجل من الناس كان يقوم الليل كله، فآل به الأمر إلى أن ترك قيام الليل .

فوائد الحديث

والحديث يتعلق بقيام الليل ومشروعيته والحث عليه وفضيلته، وفيه فوائد: أولها: عدم وجوب قيام الليل، فإن النبي صلى الله عليه وسلم اكتفى في شأن ذلك الرجل بأن قال عنه: ( كان يقوم الليل فترك )، ولو كان قيام الليل فرضاً أو واجباً لذمه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك وعاتبه، ويمكن أيضاً أن يفهم عدم الوجوب من وجه آخر، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى ذلك الرجل، وذكر أنه لا يقوم الليل، فلو كان ترك قيام الليل إثماً لما سماه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا حينئذٍ يكون ذكراً له في غيبته، وإنما سماه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن فعله ليس أمراً منكراً أو محرماً أو إثماً، وإن كان تركاً لسنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. الفائدة الثانية: استحباب المداومة على ما اعتاده الإنسان من الخير والطاعة والإحسان، من غير أن يفرط في ذلك؛ ولهذا روى الشيخان في صحيحيهما عن عائشة

رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل ). و: [ كانت عائشة

رضي الله عنها إذا عملت العمل أثبتته ]، (أثبتته) يعني: داومت عليه ولم تتركه. وجاء أيضاً في رواية في صحيح البخاري

: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أي العمل أحب إلى الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام: أدومه وإن قل ). وجاء أيضاً عن علقمة

رحمه الله أنه قال: ( سألت أم المؤمنين عائشة

رضي الله عنها، فقلت: يا أم المؤمنين! أو يا أم! كيف كان عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كان عمله ديمة، وأيكم يطيق ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطيق؟! )، فقولها: (كان عمله ديمة) أي: أنه إذا عمل عملاً داوم عليه؛ ولذلك لما فاتته صلى الله عليه وسلم راتبة الظهر القبلية؛ بسبب انشغاله بوفد عبد القيس قضاها بعد صلاة العصر، كما في حديث أم سلمة

وعائشة

، وهما في الصحيحين أيضاً، ثم حافظ بعد ذلك على ركعتين بعد العصر، وبيَّن في ذلك الأمر. الفائدة الثالثة من فوائد الحديث: وقد أشار إليها ابن حبان

في تخريجه لهذا الحديث، كما في الإحسان: أن ذكر الإنسان بشيء مما قد يضيق به أو يبتئس له، ولكنه يذكر لا على سبيل الذم له، أو الحط من قدره، وإنما على سبيل حث الآخرين على عمل من الأعمال الصالحة، وتنشيطهم إليه، أو الاعتبار بحاله، أن ذلك لا يدخل في الغيبة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـعبد الله بن عمرو بن العاص

: ( لا تكن مثل فلان )، وعلى ما هو الظن الغالب أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى ذلك الشخص، فيكون ذلك ليس على سبيل الغيبة له أو الحط من قدره، وإنما على سبيل إنباه غيره دون قدح فيه. ولعل مما يقال بهذه المناسبة أيضاً ما ذكرته قبل قليل: أننا إذا عرفنا أن قيام الليل إنما هو نافلة وتطوع ليس بواجب، فيكون ذكر أن فلاناً لا يقوم الليل، ليس غيبة؛ لأنه ليس فيه ذم أو عيب ظاهر في الدين، وإن كان تفريطاً بسنة عظيمة من السنن. وكذلك يشكل على هذا احتمال أن يكون الرسول عليه الصلاة والسلام لم يسم هذا الرجل، وإنما قال: (فلان) وتركه مبهماً، كأنه قال: لا تكن مثل شخص كان يقوم الليل، فحينئذٍ لا يتم الفرح بهذه الفائدة التي ذكرها ابن حبان

رحمه الله تعالى. ومن فوائد الحديث: استحباب الاقتصاد في العمل، وأن يكلف الإنسان من العمل ما يطيق، فلا يشق على نفسه بالعبادات والأعمال التي قد يعجز عن مواصلتها فينقطع؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( فسددوا وقاربوا وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة، وشيء من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا )، وذلك كما في حديث أبي هريرة

وهو في صحيح البخاري

، فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الاعتدال في العمل والعبادة والطلب.. وغير ذلك؛ بحيث يستمر الإنسان ويطول الأمر به، بخلاف من شق على نفسه بالأعمال، فإنه سرعان ما يعجز عنه ويثقل العبء عليه، فينقطع، فيكون كـ( المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى )، يعني: من أسرع في المشي وشق على بعيره، لم يترك الإبل تسير رويداً، وتأخذ حقها من الراحة ومن الرعي.. وغير ذلك بل حمل عليها فعجزت وانقطعت، فلا هو بالذي حافظ على إبله، على ظهره، ولا هو بالذي وصل إلى مراده. ومما يبرز ويظهر هذه الفائدة في الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـعبد الله بن عمرو بن العاص

الذي دعاه ليعاتبه على قيام الليل، وصيام النهار، فكأنه كان يقول له: إن فعلت ذلك ثقل الأمر عليك، ثم انقطعت. إذاً: يدل الحديث على مشروعية الاقتصاد في الأعمال الصالحة، من العبادة أو الجهاد أو طلب العلم أو الدعوة.. أو غير ذلك. ومن فوائد الحديث بل من أبرزها: فضل قيام الليل؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم جعله من علامات الصالحين، وعاب على من تركه، ونهى عبد الله بن عمرو

أن يكون مثله، ولا شك أن صلاة الليل أفضل من صلاة النهار كما أسلفنا في الجملة، وقد جاء في صحيح مسلم

من حديث أبي هريرة

رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل )، وقد سبق بحث هذه المسألة.

الحديث متفق عليه كما ذكر المصنف رحمه الله تعالى، أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب التهجد، باب ما يكره من ترك قيام الليل.

وأخرجه مسلم أيضاً في صحيحه، ولكن في كتاب الصيام، باب ما يكره من صوم الدهر لمن يضره ذلك، وهذا بالنظر إلى طرف آخر في الحديث.

وكذلك أخرجه النسائي في سننه، في قيام الليل، باب ذم من ترك قيام الليل.

وأخرجه البغوي في شرح السنة .

وأخرجه ابن حبان كما في الإحسان المطبوع.

قوله: (يا عبد الله لا تكن مثل فلان)، أما عبد الله: فهو راوي الحديث، عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.

(لا تكن مثل فلان)، فلان هذا المبهم يقول الحافظ رحمه الله تعالى في الفتح: لم أقف على اسمه في شيء من طرق الحديث، وكأن الشأن في هذا فيما استظهره الحافظ رحمه الله أن هذا الرجل أبهم بقصد الستر عليه، كما أبهم أمثاله في أحاديث كثيرة، هذا احتمال.

وقد ذهب بعضهم إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يسم له أحداً من الأصل، أي: أنه قال لـعبد الله: (يا عبد الله لا تكن مثل فلان)، ولم يقل: مثل زيد أو عبيد أو عمرو، إنما قال: (مثل فلان) يعني: كأنه قال: لا تكن كرجل من الناس، أو كشخص أعرفه (كان يقوم من الليل، فترك قيام الليل)، وهذا الاحتمال يريحنا من إشكالات كثيرة:

الإشكال الأول منها: هو البحث عن هذا الشخص المجهول المبهم في الرواية، فحينئذٍ لا نحتاج إلى البحث عنه؛ لأنه مبهم من الأصل، حتى راوي الحديث عبد الله بن عمرو لا يعرفه، وإن كان أكثر الشراح على أن الإبهام هنا من أحد الرواة، وهذا هو الأقرب والله تعالى أعلم، كما أن إبهام الراوي يريحنا من إشكال معنوي سوف أذكره بعد قليل.

ثم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كان يقوم من الليل)، كما هي في الرواية التي ساقها المصنف بلفظ: (من)، (يقوم من الليل)، يقول الحافظ ابن حجر والعيني رحمهما الله: إن أكثر الرواة لم يذكروا (من) هذه، بل قالوا: ( كان يقوم الليل، فترك قيام الليل )، وهي كما يقولان مقصودة في المعنى، إذ إن المقصود أنه يقوم جزءاً من الليل أو بعض الليل وليس كله، هكذا قالا رحمهما الله تعالى.

وجاء في رواية -يعني: في إحدى روايات البخاري - زيادة لفظ: (من) ( كان يقوم من الليل، فترك قيام الليل ).

ثم إنه ظهر لي وجه آخر: وهو ألا تكون (من) هاهنا مقصودة، وأن يكون الأصل فعلاً (كان يقوم الليل، فترك قيام الليل)، وهذا احتمال يقويه ويعززه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهى عبد الله بن عمرو عن أن يثقل ويشق على نفسه بالعبادة، فقد أُخبر عن أنه يقوم الليل، ويصوم النهار، فدعاه أو أتاه فقال: ( ألم أخبر أنك تقوم الليل، وتصوم النهار؟ قال: بلى، فنهاه عن ذلك صلى الله عليه وسلم، وقال له: قم ونم، وصم وأفطر ).

إذاً: من اللائق بهذا أن يكون هذا الرجل الذي مثل به النبي صلى الله عليه وسلم، ربما والله أعلم كان يقوم الليل كله، فثقل عليه الأمر، وطال عليه الأمد، فترك قيام الليل، وهكذا العادة أن من أثقل على نفسه بعمل يشق عليه، فإن العين تهمل لذلك، والنفس تسأم وتمل، فـ( اكلفوا من العمل ما تطيقون )، وهذا الوجه يليق بحال عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، وطلب النبي صلى الله عليه وسلم إليه أن يقتصد في العبادة، فيقوم من الليل وينام بعضه، ويصوم بعض الأيام ويفطر بعضها، وعلى هذا تكون رواية الأكثرين: ( لا تكن مثل فلان، كان يقوم الليل، فترك قيام الليل )، وتكون مناسبة لحال عبد الله، فكأنه صلى الله عليه وسلم قال له: يا عبد الله إذا قمت الليل كله ولم تنم منه صرت مثل فلان، رجل من الناس كان يقوم الليل كله، فآل به الأمر إلى أن ترك قيام الليل .

والحديث يتعلق بقيام الليل ومشروعيته والحث عليه وفضيلته، وفيه فوائد: أولها: عدم وجوب قيام الليل، فإن النبي صلى الله عليه وسلم اكتفى في شأن ذلك الرجل بأن قال عنه: ( كان يقوم الليل فترك )، ولو كان قيام الليل فرضاً أو واجباً لذمه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك وعاتبه، ويمكن أيضاً أن يفهم عدم الوجوب من وجه آخر، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى ذلك الرجل، وذكر أنه لا يقوم الليل، فلو كان ترك قيام الليل إثماً لما سماه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا حينئذٍ يكون ذكراً له في غيبته، وإنما سماه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن فعله ليس أمراً منكراً أو محرماً أو إثماً، وإن كان تركاً لسنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. الفائدة الثانية: استحباب المداومة على ما اعتاده الإنسان من الخير والطاعة والإحسان، من غير أن يفرط في ذلك؛ ولهذا روى الشيخان في صحيحيهما عن عائشة




استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 38-40 4729 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة الجماعة والإمامة - حديث 442 4381 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 57-62 4199 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 282-285 4082 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب فضله وبيان من فرض عليه - حديث 727-728 4034 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 313-316 3963 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 36 3910 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب المياه - حديث 2-4 3888 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب فضله وبيان من فرض عليه - حديث 734-739 3869 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة الخوف - حديث 504-509 3859 استماع