توديع العام المنصرم


الحلقة مفرغة

الحمد لله الذي جعل في السماء بروجاً، وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يتذكر أو أراد شكوراً، أحمده جل جلاله وأثني عليه الخير كله، كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، أرسله الله جل جلاله إلى الثقلين الجن والإنس بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، وعلى أزواجه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، واعلموا أنكم في يومكم هذا طويتم صحائف عام كامل مضى وانقضى، وبدأتم عاماً جديداً، أتعجبون وتقولون سرعان ما انقضى! وكيف مرت كالبرق فيه تلك الليالي والأيام! فهي مطاياكم تحث بكم السير إلى النهاية، فالليل يسير بكم مرحلة، والنهار يقدمكم أخرى، وكل يوم تمرون به يباعدكم عن الدنيا ويقربكم إلى الآخرة. أليست -عباد الله- حكمة واضحة؟ أليست آية بالغة، ودليل فناء وانقضاء؟

منع البقاء تقلب الشمس     وخروجها من حيث لا تمسي

وبزوغها صفراء لامعة     ومغيبها حمراء كالورس

طلوع الشمس من مشرقها مشرقة مضيئة، ثم زوالها وغروبها مصفرة ضعيفة، ثم هجوم الظلام ورحيل الضياء، ثم بزوغ فجر جديد، يطوي بالعباد يوماً بليلة، ويستهل بهم خطىً نحو الآجال والغايات، بزوغ الأهلة صغيرة نحيلة، ثم تنمو نحو الكمال وبدور الجمال، وماذا بعدها إلا المحاق والزوال؟

وأنتم يا بني آدم! تبدءون في الأرحام نطفاً، وتخلقون علقاً ومضغاً، وتولدون رقاقاً ضعافاً، ثم تبلغون أشدكم، ثم تكونون شيوخاً، فمنكم من يرد إلى أرذل العمر، ومنكم من تخطفه الآجال قبل ذلك.

إذاً يا عباد الله! كل شيء في هذا الوجود دليل على الفناء والزوال، وشاهد على بقاء رب العزة والجلال: يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ [النور:44].

عباد الله! تأملوا عامكم هذا الذي ودعكم، كم ولد فيه من مولود، وكم مات فيه من حي..

كم عز فيه من ذليل، وكم ذل فيه من عزيز..!

كم اغتنى فيه من فقير، وكم افتقر فيه من غني..!

وكم صار فيه من اجتماع بعد افتراق، وافتراق بعد اجتماع..!

وكم صح فيه من سقيم، وكم اعتل فيه من صحيح..!

وكم قامت فيه من دول، وكم انكسرت فيه من أمم..!

تقلب وتغير وتبدل يطوى في الليالي والأيام، وترحل به الشهور والأعوام، فسبحان المتفرد بالبقاء والدوام.

قيل لنوح عليه الصلاة والسلام، وقد لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً: كيف رأيت هذه الدنيا؟ فقال: كداخل من باب وخارج من آخر، وخطب صلى الله عليه وسلم الناس فقال: (أيها الناس! إن لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم، وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم، إن المؤمن بين مخافتين، أجل قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه، وأجل قد بقي لا يدري ما الله قاض فيه، فليأخذ العبد من نفسه لنفسه، ومن دنياه لآخرته، ومن الشبيبة قبل الهرم، ومن الحياة قبل الموت).

وخطب أبو بكر الصديق رضي الله عنه فقال: [إنكم تغدون وتروحون إلى أجل قد غيب عنكم علمه، فإن استطعتم ألا يمضي هذا الأجل، إلا وأنتم في عمل صالح فافعلوا]. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: [أيها الناس! حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتأهبوا للعرض الأكبر على الله: يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ [الحاقة:18]].

عباد الله! فلنحاسب الأنفس في عامنا المنصرم، ولنجرأ في السؤال، ولنصدق في الجواب، كيف قضينا ساعاته؟ وفيم أمضينا أوقاته؟ نسأل أنفسنا اليوم، وسنسأل عن هذا غداً، روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن علمه ماذا عمل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه) أو كما قال صلى الله عليه وسلم.

فمن منا أعد لهذا السؤال جواباً؟ والناس أمام هذا الأمر مذاهبهم شتى، أجوبتهم متباينة، فمنهم من أفنى عمره في الدينار والدرهم، أبلى شبابه في مضاعفة ما جمع، بأي سبيل وعبر أي وسيلة؟!

قد أفنى عمره في الغفلة والكسل واللهو والعبث، قد غره التسويف وطول الأمل، أما العلم فلم يبالوا بعمل ما علموه، أو تعلم ما جهلوه، بل جعلوا ذلك وراءهم ظهرياً.

وأما المال فلم يألوا جهداً في اكتسابه من أي طريق حل أو حرم، مادامت البضاعة تزجي لهم ربحاً، وتسح عليهم المال سحاً، فتركوا فرائض ربهم، ونسوا أمر آخرتهم، ولم يزل ذلك دأبهم، حتى خرجوا من الدنيا مذمومين مدحورين، مفلسين من الحسنات والأعمال الصالحات، فاجتمعت عليهم سكرات الموت، وحسرات الفوت، وهول المطلع، فيندم الواحد منهم على تفريطه يوم لا ينفعه الندم، وبعد أن زلت به إلى الموت القدم: يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي * فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ [الفجر:24-26].

ومنهم من ربح عمره، وتزود فيه للآخرة، تزود فيه بطاعة ربه، والتزم بشرائع ربه، وأبلى شبابه في مجاهدة النفس، فعلم وعمل، وصبر وصابر، واكتسب واحتسب، اكتسب المال من حله وأنفقه في محله، فهنيئاً له بالنجاح والفوز والفلاح، يقال له عند ختامه: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي [الفجر:27-30].

فمن كان حاله كذلك فليسأل الله الثبات وليلزم، ومن كان غير ذلك فليبادر إلى التوبة والندم، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العلي العظيم الجليل الكريم لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.

المحاسبة في التزود للآخرة وعدم الغفلة

الحمد لله الواحد الأحد على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جل عن الشبيه والند والمثيل والنظير، كل ذلك تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وهو الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد:

فيا عباد الله! اتقوا الله تعالى حق التقوى، وتمسكوا بشريعة الإسلام وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، واعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة في الدين ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بجماعة المسلمين فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار.

عباد الله! قد مضى عام كامل بتمامه، ما مضى منه لا يعود أبداً، لو بذلت البشرية، ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً، لو اجتمع الجن والإنس، ولو استخدموا كل ما سخر لهم من الوسائل، لو اجتمعوا أن يردوا يوماً واحداً من هذا العام ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، هذا دليل الفراق والزوال، إذا أصبح صباح يوم ينادي مناد: يا ابن آدم! أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد، فتزود مني فإني لا أعود، فاغتنموا شبابكم قبل هرمكم، واغتنموا صحتكم قبل سقمكم، واغتنموا غناكم قبل فقركم، واغتنموا فراغكم قبل شغلكم، وقدموا في حياتكم قبل موتكم.

واعلموا أن الموت ليس هو النهاية، بل إن بعد الموت دار، وما بعد الموت من دار إلا الجنة أو النار، فنسأل الله جل وعلا لنا ولكم السلامة من ذلك، تفكروا يا عباد الله فيما قضيتم أيام عام كامل، ثلاثمائة واثنين وستين يوماً، كيف قضيتموها؟ فيم أبليتموها بلياليها وأيامها، بساعاتها ودقائقها؟ هل قدمتم فيها عملاً يسركم أن تلاقوه أمامكم؟

هل بذلتم فيها أعمالاً يسركم أن تكون أنيساً لكم في قبوركم؟ هل قدمتم فيها شيئاً ينفعكم يوم العرض الأكبر على الله؟

إن الكثير لفي غفلة، يمر العام بعد العام، ولا يبالي بتوالي الشهور والأعوام، لا يدري ماذا قدم، ولا يدري بما يشتغل، أهو في حلال أم حرام؟ أهو في مباح أم بلاء؟ لا يدري في أي واد هلكت أوقاته، ولا في أي شيء قضى ساعاته، فنسأل الله جل وعلا لنا ولكم السلامة من الغفلة.

إن الغفلة يا عباد الله مصيبة عظيمة، وهي من أعظم المصائب على النفوس، ومن أشد العقوبات على القلوب، يقول الله جل وعلا: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ [الحشر:19] نسوا أنفسهم فلم يتزودوا ولم يعملوا، ولم يستغلوا ولم يجتهدوا ولم يقدموا، حتى إذا آن الفراق، والتفت الساق بالساق، لم ينفع عند ذلك بكاء الأهل والأحباب، لا يجد أمامه إلا ما قدم، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، ولا يلومنّ امرؤ إلا نفسه.

المحاسبة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله

عباد الله! هل قضينا هذا العام المنصرم في أمر بمعروف ونهي عن منكر؟

هل قضيناه في دعوة إلى الله واحتساب؟

هل قضيناه في تعلم علوم شرعية نافعة؟ ومزاحمة طلبة العلم عند حلق العلماء؟

هل قضيناه في بذل المعروف للأحباب والأهل والأقارب؟

هل قضيناه في أعمال يسرنا أن نلقاها؟ أم ماذا قضينا هذا العام؟

إن الكثير لا يعرف سوى الخروج من البيت، ثم العودة إليه، ثم النوم، ثم الاستيقاظ، ثم شبع البطن، وبعد ذلك ينام.

إن من يعيش هذه العيشة، فهو كالبهيمة بل أسوأ منها؛ لأن البهائم لم تكلف ولم تخاطب بخطاب شرعي، وهو قد كلف وخوطب، فما جوابه عند ربه يوم العرض والمساءلة، بماذا يخرج الإنسان من هذه الدنيا؟

هل خرج بجهاد في سبيل الله؟ أو بإنفاق وزكاة قدمها لوجه الله؟ أو علم نفع به الخلائق؟ أو حفظ من كتاب الله شيئاً؟ أو كان عابداً قواماً تنتفع البلاد والعباد بفضل عبادته بعد رحمة الله؟

هذا هو الشيء الذي يقدمه الإنسان، ويبقى له بعد مماته، أما الكثير فإنهم يقضون هذه الأعوام، ويموتون كما تموت البهيمة، تجر عن قارعة الطريق، فلا يبالى بأي واد هلكت، وأي سبع أكلها.

إذا ما مات ذو علم وتقـوى     فقد ثلمت من الإسلام ثلمه

وموت الحاكم العدل المولـى     بحكم الأرض منقصة ونقمه

وموت فتى كثير الجود مـحلٌ     فإن بقاءه خصب ونعمه

وموت الفارس الضرغام هـدم     فكم شهدت له بالنصر عزمه

وموت العابد القوام ليلاً     يناجي ربه في كل ظلمه

فحسبك خمسة يبكى عليهـم     وباقي الناس تخفيف ورحمه

وباقي الخلق هم همج رعاع     وفي إيجادهم لله حكمه

فكونوا من أولئك الخمسة يا عباد الله، ليعرف كل واحد منكم موقعه ومكانه ومهمته، وواجبه تجاه نفسه وبيته وبلاده وأمته، وولاة أمره والمسلمين أجمعين، وليكن على موقع وعلى ثغر من ثغور الإسلام، لا يؤتين الإسلام من قبله بجهل أو غفلة أو تفريط، أسأل الله جل وعلا أن يوقظنا وإياكم من الغفلة، وأن يرزقنا تدارك الأوقات قبل هجوم الآجال، نسأل الله جل وعلا أن يتوفانا على التوحيد شهداء، وعلى الإسلام سعداء، وأن يحشرنا في زمرة الأنبياء.

اللهم اختم بالسعادة آجالنا، واقرن بالعافية غدونا وآصالنا، واجعل إلى جنتك مصيرنا ومآلنا، اللهم اجعل لنا من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل بلوى عافية، ومن كل فاحشة أمناً، ومن كل فتنة عصمة، اللهم لا تدع لأحدنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا كرباً إلا نفسته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مبتلىً إلا عافيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا أيماً إلا زوجته، ولا مأسوراً إلا فككت أسره، ولا حيران إلا دللته برحمتك يا أرحم الراحمين!

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم دمر أعداء الدين، اللهم أبطل كيد الزنادقة والملحدين، اللهم آمنا في دورنا، اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم ارزقهم البطانة الصالحة، وجنبهم بطانة السوء، اللهم اهد إمام المسلمين، اللهم وفقه لكل ما تحب وترضى، اللهم قرب منه من علمت فيه خيراً له ولأمته، وأبعد عنه من علمت فيه شراً له ولأمته، اللهم اجمع شمله، ووحد كلمته، اللهم ثبت أقدامه، اللهم من أراد بهم وبعلمائنا وشبابنا وولاة أمورنا سوءاً فاجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميراً عليه، وأدر عليه دائرة السوء.

حسبنا الله ونعم الوكيل، على من يأكل في هذه البلاد من خيراتها وأرزاقها ويهم بالسوء فيها ولأهلها، اللهم إنا ندرأ بك في نحور من أراد بنا شراً، ونعوذ بك من شرورهم، ولا حول ولا قوة لنا إلا بك.

اللهم اغفر لموتى المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية، ولنبيك بالرسالة، وماتوا على ذلك، اللهم اغفر لهم وارحمهم، وعافهم واعف عنهم، وأكرم نزلهم، ووسع مدخلهم، واغسلهم بالماء والثلج والبرد، ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.

اللهم صل وسلم وبارك على نبيك محمد صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء، الأئمة الحنفاء: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن بقية العشرة وأهل الشجرة، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك ومنك وكرمك يا أرحم الراحمين!

إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العلي العظيم الجليل الكريم يذكركم، واشكروه على آلائه ونعمه التي لا تستطيعون حصرها، ولا تقدرون شكرها يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور سعد البريك - عنوان الحلقة اسٌتمع
أهمية الوقت في حياة المسلم 2797 استماع
المعوقون يتكلمون [2] 2646 استماع
حقوق ولاة الأمر 2623 استماع
فلنحول العاطفة إلى برنامج عمل [1] 2546 استماع
من هنا نبدأ 2491 استماع
أحوال المسلمين في كوسوفا [2] 2457 استماع
أنواع الجلساء 2455 استماع
إلى الله المشتكى 2430 استماع
الغفلة في حياة الناس 2430 استماع
نساء لم يذكرهنَّ التاريخ 2392 استماع