كيف يكون النشور؟!


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد:

لكل شيء في هذه الحياة صورةٌ وحقيقة، والصورة لا تغني عن الحقيقة شيئاً، ولا تقوم بدور الحقيقة، تقوم بدورها في الإعلام والبيان والإخبار فقط، أما في المسئولية والقيام بالواجب والدور الذي يُطْلَب من الحقيقة فلا تستطيع الصورة أن تؤدي دور الحقيقة.

أمثلة للصورة والحقيقة

صورة العمارة في الحقيقة تُعْجِب في المنظر؛ لكن لا يستطيع صاحبها أن يسكن فيها، هل تسكن في عمارة من الورق؟! لا. وصورة السيارة جميلة في المنظر؛ لكنك لا تستطيع أن تركبها؛ لأنها صورة وليست حقيقة.

وصورة الورقة النقدية لو أن أحداً أخذ [500] ريال وصوَّرها وذهب بها إلى السوق هل تصرف له؟ يقولون: هذه صورة لا نقبلها، رغم أن الرقم والتوقيع وكل شيء مطابق؛ لكنها صورة، فالصورة لا تنفع.

حتى في المعاملات الرسمية الآن لا يُتَّخَذ إجراء مالي على صورة؛ الإجراء المالي على أصل القرار، فلو أن شخصاً تَعَيَّن أو نُقِل أو انتُدِب، أو ابتُعِث ويريد صرف مبالغ مالية مترتبة على هذا التعيين، أو على هذا البعث، أو على الانتداب، على ماذا يتخذ الإجراء؟ على أصل القرار، لماذا؟ لأنه هو الذي ينفع، أما الصورة فهي للإحاطة؛ ولا تؤدي دور الحقيقة.

بل إن الحقيقة وإن كانت ضئيلة فهي تؤدي الدور عن الصورة مهما كانت الصورة عظيمة، ألا ترون صورة الأسد المعلَّق الآن في بعض جدران بيوت المسلمين وهذا خطأ، فتعليق صور الحيوانات في البيوت يكون سبباً في طرد الملائكة والعياذ بالله، فالملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب أو صورة، وهذا في الصور المعلقة، أما الصور الممتهنة أو التي ليست معلقة فقد أفتى سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن باز أنها مَعْفُوٌّ عنها، مثل: الصور التي تكون في شهادة أو في أي شيء مما تدعو إليه الضرورة- فصورة الأسد تراها لكن هل أحد يخاف من هذه الصورة؟! بل لو دخل الفأر وهو أضعف المخلوقات ويضرب به المثل في الذلة، ووجد صورة الأسد من قماش فإنه ربما يأكلها! فحقيقة الفأر تأكل صورة الأسد، ولا تمتنع صورة الأسد من حقيقة الفأر، فالحقيقة مهما صَغُرت أعظم قدراً من الصورة مهما كَبُرت.

لو دخل أسد إلى المدينة الآن فهل أحدٌ سيخرج؟! بل ستتحرك وسائل الدفاع المدني والإسعافات، والكل سيدخل بيته، ولن يخرج شخص، بخلاف الصورة فإنها معلقة في الصحف وفي الجدران ولا أحد يخاف منها.

الإيمان له صورة وحقيقة

لكل شيء في الحياة صورة وحقيقة.

ويوم أن كان المسلم حقيقة كان له دور، كان يقوم بدور الأسد، يقول عليه الصلاة والسلام: (نُصِرْتُ بالرعب مسيرة شهر) مسيرة شهر في الأمام، ومسيرة شهر في الخلف، ومسيرة شهر في اليمين، ومسيرة شهر في الشمال، والرعب يقطِّع قلوب أعدائه على مسيرة شهر! لماذا؟! لأنها حقيقة المسلم، الإيمان حل في قلوبهم، فنصرهم الله بالرعب الذي يقذفه في قلوب أعدائهم؛ لكن لَمَّا عُدِمت الحقيقة الإيمانية من قلوب المسلمين هُزِموا بالرعب مسيرة سنة، فإسرائيل في طرف الأرض؛ لكنهم يخافون منها وهم في الطرف الثاني، وهم الذين قال الله فيهم: وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ [البقرة:61].

ويقول: لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُر [الحشر:14] لا يستطيع اليهودي أن يبرز في الميدان ليقاتل بالسلاح الأبيض أبداً، ولهذا الآن السلاح الذي حمله أطفال الحجارة. وهي حجارة صغيرة، حتى قال بعض أهل العلم: إن الحجارة الآن أصبحت نادرة في فلسطين ، ولم تعد هناك صخور، فقد جمَّعها اليهود؛ لأنهم يخافون من الحجارة، وترى اليهودي جالساً وراء الجدار وبندقيته معه، ورشاشه معه، مدججاً بالسلاح؛ ويخاف من الحجر الصغير؛ لأنه مضروب عليه الذل، فممن يخاف؟! من طفل أو طفلة، يطارد، ويضرب بالقنابل المسيلة للدموع، ويقتل، من أجل الحقيقة التي وُجِدَت في قلوب المؤمنين، من الصغار الذين يجاهدون الآن في فلسطين، ولا أحدٌ يدري عنهم، إلا كل يوم تسمعون: شهيد.. شهيد.. شهيد.. إلى متى هذا؟ لا إله إلا الله!

صورة الإسلام لا تغني عن حقيقته

حقيقة المسلمين يوم أن كانت موجودة كان لها أثر، والصورة -كما قلنا- لا تعمل عمل الحقيقة.

ونحن نأمل إن شاء الله أن تعود الحقيقة إلى هذه الأمة بإذن الله، مع هذا التوجُّه الذي نلمسه الآن، وهذا الإقبال الذي نلحظه في صفوف الشباب، وفي صفوف المسلمين بصفة عامة، حين تُعْمَر بيوت الله بالذكر، وتُعْمَر بيوت الله بالصلوات، ويبتعد الشباب -والحمد لله- عن طرق الفساد، ووسائل الشر، ويتركون الغناء والزنا والمحرمات، ويقبلون على العلم، وعلى قراءة القرآن، وعلى دراسة كتب الصحاح من كتب السنة، ويقبلون على الله، فهؤلاء سيكون -بإذن الله عزَّ وجلَّ- على أيديهم الحقيقة؛ لأنهم يدركونها، بإذن الله عزَّ وجلَّ.

يقول الناظم:

في قديم الدهر كنا أمة     لهف نفسي كيف صرنا أمما؟!

ويقول الثاني:

مَلَكْنا هذه الدنيا قرونا     وأخضعها جدودٌ خالدونا

وسَطَّرنا صحائف من ضياءٍ     فما نسي الزمانُ ولا نسينا

حملناها سيوفاً لامعاتٍ     غداة الرَّوْعِ تأبى أن تلينا

إذا خرجت من الأغماد يوماً     رأيتَ الهولَ والفتحَ المبينا

وكنا حين يأخذنا عدوٌ     بطغيانٍ ندوسُ له الجبينا

صرخت امرأة في عمورية وقالت: وامعتصماه!! لأنها ذات يوم كانت تبيع وتشتري، فجاء علج كافر من ورائها، وربط طرف ثوبها إلى ظهرها وهي جالسة ولم تعلم، فلما قامت انكشفت عورتها، فقالت: وامعتصماه! وهو في بغداد ، فجهز جيشاً أوله في عمورية وآخره في بغداد ، ولكن..

رُبَّ وا معتصماه انطلقتْ     ملء أفواه الصبايا اليُتَّمِ

لا مست أسماعهم لكنها     لم تلامس نخوة المعتصمِ

ويقول آخر:

وكنا حين يأخذنا عدوٌ     بطغيانٍ ندوسُ له الجبينا

ثم قال:

وما فتئ الزمان يدور حتى     مضى بالمجد قومٌ آخرونا

وأصبح لا يُرى في الركب قومي     وقد عاشوا أئمته سنينا

تُرَى هل يرجع الماضي فإني     أذوب لذلك الماضي حنينا

ملكنا حقبة في الأرض مُلْكاً     يدعِّمه شبابٌ طامحونا

شبابٌ لم تحطِّمه الليالي     ولم يُسْلِم إلى الخصم العرينا

وما عرفوا الأغاني مائعاتٍ     ولكنَّ العُلا صيغت لحونا

وما عرفوا التخنُّث في بناتٍ     وما عرفوا التأنُّث في بنينا

إذا جن المساء فلا تراهم     من الإشفاق إلا ساجدينا

هؤلاء -إن شاء الله- سيكون على أيديهم نصرة الإسلام، وعودة القدس بإذن الله، وسيطرة الإسلام على العالم بعد أن رأينا بذور النصر وفجره يطل من أرض الأفغان، فهناك شباب عزل ليس عندهم شيء إلا الإيمان.

حقيقة الإيمان في أفغانستان هي السبب في هزيمة الروس

يقول سياف بعدما سَحَبَت روسيا جيوشها البشرية، وأوجدت الجيوش المدرَّبة من الشيوعيين الملاحدة الذين ربَّتهم وغسلت أدمغتهم من الإيمان، وزوَّدتهم بأفتك الأسلحة، وبأعظم ما تملك من قدرات، فيقول له الصحفيون: ماذا بك ؟! هل تتصور أنت أن المسألة ليست لصالح المجاهدين بعد أن قامت روسيا بمد جسر جوي من الذخائر والإمكانات والقوى، بينما المجاهدون لا أحد يعطيهم شيئاً، إلا ما غنموه من أيدي الكفار .

وعندما سألوه: مَن يزودكم بالسلاح؟ قال: روسيا . قالوا: كيف ذلك؟! قال: نقتِّلهم ونأخذ أسلحتهم.

فقال لهم سياف نحن قد بايعنا الله على الجنة بأموالنا وأنفسنا، وأما النصر على الأعداء، وفتح جلال أباد، واحتلال كابل، وطرد الشيوعيين فهذا ليس من ضمن العقد إنما هو ربح؛ لأن الله قال: وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا [الصف:13] ما هي؟! نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ [الصف:13] وهذه ليست ضمن العقد؛ العقد: أن لكم الجنة بالمال والنفس، ادفعوا المال والنفوس ولكم الجنة، والربح إن جاء من الله فهو فضل. يقول: وإن لم يأتِ فالعقد الذي بيننا وبين الله قد أمضيناه، وما بقي إلا هذه، إن أتت فهي مكسب، وإن لم تأتِ فنحن والله لن نقف حتى نموت أو ننتصر.

هذه هي القوة العظيمة، حتى اضطرت روسيا إلى أن تنسحب من أفغانستان ، وأن تراجع حساباتها مع مبادئ ماركس ، وأن تعلن التمرد عليها، ثم ينتشر هذا في الدول الشرقية: شرق أوروبا ، في رومانيا ، وتشيكوسلوفاكيا ، ويوغسلافيا ، وبلغاريا ؛ بلغاريا التي -قبل ثلاثة أشهر- تجبر كل مسلم أن يغير اسمه، إذا جاء له ولد لا يسميه محمد، ولا علي، ولا عبد الله، لا بد أن يسميه باسم كافر وإلا فالذبح، وقبل ثلاثة أيام اجتمع مجلس الشعب الخاص بهم وقرر إعطاء المسلمين حريتهم في اختيار أسمائهم، وممارسة عباداتهم، وعدم ممارسة أي ضغط عليهم: نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ [الصف:13] فهذه هي الحقيقة -أيها الإخوة- وهذه هي الصورة.

صورة العمارة في الحقيقة تُعْجِب في المنظر؛ لكن لا يستطيع صاحبها أن يسكن فيها، هل تسكن في عمارة من الورق؟! لا. وصورة السيارة جميلة في المنظر؛ لكنك لا تستطيع أن تركبها؛ لأنها صورة وليست حقيقة.

وصورة الورقة النقدية لو أن أحداً أخذ [500] ريال وصوَّرها وذهب بها إلى السوق هل تصرف له؟ يقولون: هذه صورة لا نقبلها، رغم أن الرقم والتوقيع وكل شيء مطابق؛ لكنها صورة، فالصورة لا تنفع.

حتى في المعاملات الرسمية الآن لا يُتَّخَذ إجراء مالي على صورة؛ الإجراء المالي على أصل القرار، فلو أن شخصاً تَعَيَّن أو نُقِل أو انتُدِب، أو ابتُعِث ويريد صرف مبالغ مالية مترتبة على هذا التعيين، أو على هذا البعث، أو على الانتداب، على ماذا يتخذ الإجراء؟ على أصل القرار، لماذا؟ لأنه هو الذي ينفع، أما الصورة فهي للإحاطة؛ ولا تؤدي دور الحقيقة.

بل إن الحقيقة وإن كانت ضئيلة فهي تؤدي الدور عن الصورة مهما كانت الصورة عظيمة، ألا ترون صورة الأسد المعلَّق الآن في بعض جدران بيوت المسلمين وهذا خطأ، فتعليق صور الحيوانات في البيوت يكون سبباً في طرد الملائكة والعياذ بالله، فالملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب أو صورة، وهذا في الصور المعلقة، أما الصور الممتهنة أو التي ليست معلقة فقد أفتى سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن باز أنها مَعْفُوٌّ عنها، مثل: الصور التي تكون في شهادة أو في أي شيء مما تدعو إليه الضرورة- فصورة الأسد تراها لكن هل أحد يخاف من هذه الصورة؟! بل لو دخل الفأر وهو أضعف المخلوقات ويضرب به المثل في الذلة، ووجد صورة الأسد من قماش فإنه ربما يأكلها! فحقيقة الفأر تأكل صورة الأسد، ولا تمتنع صورة الأسد من حقيقة الفأر، فالحقيقة مهما صَغُرت أعظم قدراً من الصورة مهما كَبُرت.

لو دخل أسد إلى المدينة الآن فهل أحدٌ سيخرج؟! بل ستتحرك وسائل الدفاع المدني والإسعافات، والكل سيدخل بيته، ولن يخرج شخص، بخلاف الصورة فإنها معلقة في الصحف وفي الجدران ولا أحد يخاف منها.

لكل شيء في الحياة صورة وحقيقة.

ويوم أن كان المسلم حقيقة كان له دور، كان يقوم بدور الأسد، يقول عليه الصلاة والسلام: (نُصِرْتُ بالرعب مسيرة شهر) مسيرة شهر في الأمام، ومسيرة شهر في الخلف، ومسيرة شهر في اليمين، ومسيرة شهر في الشمال، والرعب يقطِّع قلوب أعدائه على مسيرة شهر! لماذا؟! لأنها حقيقة المسلم، الإيمان حل في قلوبهم، فنصرهم الله بالرعب الذي يقذفه في قلوب أعدائهم؛ لكن لَمَّا عُدِمت الحقيقة الإيمانية من قلوب المسلمين هُزِموا بالرعب مسيرة سنة، فإسرائيل في طرف الأرض؛ لكنهم يخافون منها وهم في الطرف الثاني، وهم الذين قال الله فيهم: وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ [البقرة:61].

ويقول: لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُر [الحشر:14] لا يستطيع اليهودي أن يبرز في الميدان ليقاتل بالسلاح الأبيض أبداً، ولهذا الآن السلاح الذي حمله أطفال الحجارة. وهي حجارة صغيرة، حتى قال بعض أهل العلم: إن الحجارة الآن أصبحت نادرة في فلسطين ، ولم تعد هناك صخور، فقد جمَّعها اليهود؛ لأنهم يخافون من الحجارة، وترى اليهودي جالساً وراء الجدار وبندقيته معه، ورشاشه معه، مدججاً بالسلاح؛ ويخاف من الحجر الصغير؛ لأنه مضروب عليه الذل، فممن يخاف؟! من طفل أو طفلة، يطارد، ويضرب بالقنابل المسيلة للدموع، ويقتل، من أجل الحقيقة التي وُجِدَت في قلوب المؤمنين، من الصغار الذين يجاهدون الآن في فلسطين، ولا أحدٌ يدري عنهم، إلا كل يوم تسمعون: شهيد.. شهيد.. شهيد.. إلى متى هذا؟ لا إله إلا الله!

حقيقة المسلمين يوم أن كانت موجودة كان لها أثر، والصورة -كما قلنا- لا تعمل عمل الحقيقة.

ونحن نأمل إن شاء الله أن تعود الحقيقة إلى هذه الأمة بإذن الله، مع هذا التوجُّه الذي نلمسه الآن، وهذا الإقبال الذي نلحظه في صفوف الشباب، وفي صفوف المسلمين بصفة عامة، حين تُعْمَر بيوت الله بالذكر، وتُعْمَر بيوت الله بالصلوات، ويبتعد الشباب -والحمد لله- عن طرق الفساد، ووسائل الشر، ويتركون الغناء والزنا والمحرمات، ويقبلون على العلم، وعلى قراءة القرآن، وعلى دراسة كتب الصحاح من كتب السنة، ويقبلون على الله، فهؤلاء سيكون -بإذن الله عزَّ وجلَّ- على أيديهم الحقيقة؛ لأنهم يدركونها، بإذن الله عزَّ وجلَّ.

يقول الناظم:

في قديم الدهر كنا أمة     لهف نفسي كيف صرنا أمما؟!

ويقول الثاني:

مَلَكْنا هذه الدنيا قرونا     وأخضعها جدودٌ خالدونا

وسَطَّرنا صحائف من ضياءٍ     فما نسي الزمانُ ولا نسينا

حملناها سيوفاً لامعاتٍ     غداة الرَّوْعِ تأبى أن تلينا

إذا خرجت من الأغماد يوماً     رأيتَ الهولَ والفتحَ المبينا

وكنا حين يأخذنا عدوٌ     بطغيانٍ ندوسُ له الجبينا

صرخت امرأة في عمورية وقالت: وامعتصماه!! لأنها ذات يوم كانت تبيع وتشتري، فجاء علج كافر من ورائها، وربط طرف ثوبها إلى ظهرها وهي جالسة ولم تعلم، فلما قامت انكشفت عورتها، فقالت: وامعتصماه! وهو في بغداد ، فجهز جيشاً أوله في عمورية وآخره في بغداد ، ولكن..

رُبَّ وا معتصماه انطلقتْ     ملء أفواه الصبايا اليُتَّمِ

لا مست أسماعهم لكنها     لم تلامس نخوة المعتصمِ

ويقول آخر:

وكنا حين يأخذنا عدوٌ     بطغيانٍ ندوسُ له الجبينا

ثم قال:

وما فتئ الزمان يدور حتى     مضى بالمجد قومٌ آخرونا

وأصبح لا يُرى في الركب قومي     وقد عاشوا أئمته سنينا

تُرَى هل يرجع الماضي فإني     أذوب لذلك الماضي حنينا

ملكنا حقبة في الأرض مُلْكاً     يدعِّمه شبابٌ طامحونا

شبابٌ لم تحطِّمه الليالي     ولم يُسْلِم إلى الخصم العرينا

وما عرفوا الأغاني مائعاتٍ     ولكنَّ العُلا صيغت لحونا

وما عرفوا التخنُّث في بناتٍ     وما عرفوا التأنُّث في بنينا

إذا جن المساء فلا تراهم     من الإشفاق إلا ساجدينا

هؤلاء -إن شاء الله- سيكون على أيديهم نصرة الإسلام، وعودة القدس بإذن الله، وسيطرة الإسلام على العالم بعد أن رأينا بذور النصر وفجره يطل من أرض الأفغان، فهناك شباب عزل ليس عندهم شيء إلا الإيمان.

يقول سياف بعدما سَحَبَت روسيا جيوشها البشرية، وأوجدت الجيوش المدرَّبة من الشيوعيين الملاحدة الذين ربَّتهم وغسلت أدمغتهم من الإيمان، وزوَّدتهم بأفتك الأسلحة، وبأعظم ما تملك من قدرات، فيقول له الصحفيون: ماذا بك ؟! هل تتصور أنت أن المسألة ليست لصالح المجاهدين بعد أن قامت روسيا بمد جسر جوي من الذخائر والإمكانات والقوى، بينما المجاهدون لا أحد يعطيهم شيئاً، إلا ما غنموه من أيدي الكفار .

وعندما سألوه: مَن يزودكم بالسلاح؟ قال: روسيا . قالوا: كيف ذلك؟! قال: نقتِّلهم ونأخذ أسلحتهم.

فقال لهم سياف نحن قد بايعنا الله على الجنة بأموالنا وأنفسنا، وأما النصر على الأعداء، وفتح جلال أباد، واحتلال كابل، وطرد الشيوعيين فهذا ليس من ضمن العقد إنما هو ربح؛ لأن الله قال: وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا [الصف:13] ما هي؟! نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ [الصف:13] وهذه ليست ضمن العقد؛ العقد: أن لكم الجنة بالمال والنفس، ادفعوا المال والنفوس ولكم الجنة، والربح إن جاء من الله فهو فضل. يقول: وإن لم يأتِ فالعقد الذي بيننا وبين الله قد أمضيناه، وما بقي إلا هذه، إن أتت فهي مكسب، وإن لم تأتِ فنحن والله لن نقف حتى نموت أو ننتصر.

هذه هي القوة العظيمة، حتى اضطرت روسيا إلى أن تنسحب من أفغانستان ، وأن تراجع حساباتها مع مبادئ ماركس ، وأن تعلن التمرد عليها، ثم ينتشر هذا في الدول الشرقية: شرق أوروبا ، في رومانيا ، وتشيكوسلوفاكيا ، ويوغسلافيا ، وبلغاريا ؛ بلغاريا التي -قبل ثلاثة أشهر- تجبر كل مسلم أن يغير اسمه، إذا جاء له ولد لا يسميه محمد، ولا علي، ولا عبد الله، لا بد أن يسميه باسم كافر وإلا فالذبح، وقبل ثلاثة أيام اجتمع مجلس الشعب الخاص بهم وقرر إعطاء المسلمين حريتهم في اختيار أسمائهم، وممارسة عباداتهم، وعدم ممارسة أي ضغط عليهم: نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ [الصف:13] فهذه هي الحقيقة -أيها الإخوة- وهذه هي الصورة.

الإيمان في القلوب له حقيقة وله صورة، فما حقيقة الإيمان؟

الإيمان له ثلاث حقائق:

- حقيقة في اللسان.

- وحقيقة في القلب والجنان.

- وحقيقة في الجوارح والأركان.

أما حقيقة اللسان فهي: النطق بالشهادتين.

وحقيقة القلب هي: الجزم الذي لا يخالطه أدنى شك على قضايا الإيمان.

وأما حقيقة الإيمان في الجوارح والأركان فهي: الخضوع والإذعان والاستسلام لكل أوامر الله، والبعد كل البعد عن كل ما حرم الله، وهذا هو الإيمان الحقيقي.

ومن الناس من يقول: آمنتُ بلساني، ولكنه كذاب، ويقول: آمنتُ بقلبي، ولكنه كذاب.

يقول الله: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [البقرة:8-10].

كيف يعرف الشخص حقيقة الإيمان في قلبه

إذا أردت أن تعرف هل في قلبك حقيقة الإيمان أم صورته، فاعرض نفسك وعملك وبرنامج حياتك وجميع أعمالك وتصرفاتك، على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، منذ أن تستيقظ إلى أن تنام، اعرض وانظر، فإن وجدت أنك تسير مع الأمر والنهي، مع أوامر الله منفذاً لها، ومع النواهي تاركاً ومرتدعاً عنها، فاعلم أن حقيقة الإيمان قد استقرت في قلبك، فزِدْ واسأل من الله أن يثبتك عليها حتى تلقى الله؛ لأن هذه الحقيقة هي التي دفعتك إلى أن تعمل العمل الصالح، وهي التي دفعتك إلى أن تستيقظ لصلاة الفجر في المسجد؛ لأنك آمنتَ أن صلاة الفجر في المسجد فريضة، وأنها علامة صدق الإيمان، وأن: (مَن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله) وأن: (مَن مشى في ظلمة الليل إلى المساجد لقي الله بنورٍ ساطعٍ يوم القيامة) وأن: (مَن صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي).

الإيمان الصادق والإيمان المزيف

هذه حقائق قالها الرسول صلى الله عليه وسلم، إذا استقرت في قلبك وصدقتَ بها دفعتك هذه الحقائق إلى أن تقوم لتصلي؛ لكن إذا نُمْتَ ولم تقم لتصلي صلاة الفجر وأنت تعلم هذه الأوامر، فاعلم أن حقيقة الإيمان ما استقرت في قلبك؛ لأنه لو قيل لك: إن في المسجد في وقت صلاة الفجر خمسين ريالاً تُصْرَف، لو صدر أمر الآن أن خمسين ريالاً لِمَن يصلي الفجر في المسجد -الآن استقرت في قلوب الناس حقيقة الإيمان بالريال، وقوة الريال الشرائية- فإذا صلى الفجر وأخذ الخمسين من الإمام، فإنه يغدو إلى البيت ويأتي بفطور، ويأتي بغداء، ويشتري فاكهة، وغير ذلك ويبقى راتبه وراء ظهره، فمَن الذي يترك الصلاة في المسجد ذاك اليوم؟! هل أحد يتركها؟! لا تجد أحداً يتركها، هل سيقوم ليصلي ويترك أولاده نائمين؟! لا والله لا يخرج إلا وهم معه، ولو بالعصا.

وأيضاً لو قيل للناس: إن الذي يأتي في الصف الأول يستلم الأول، والذي في الصف الثاني يستلم الثاني، والذي يأتي في الأخير ربما لن يستلم إلا الساعة السادسة والنصف أو السابعة؛ ما رأيك؟! هل يتضاربون على الصف الأول أم لا؟! بل بعضهم يأخذ بطانيته من نصف الليل، ويأتي لينام في الصف الأول:

ما بك؟! قال: أنا مشغول غداً، لا أريد أن يفوتني الطابور، وهو ليس بمشغول؛ بل يريد أن يأخذ الفلوس.

لكن من يؤمن بهذه الحقائق؟! الذين استقر الإيمان في قلوبهم.

فتلك الخمسون ريالاً استقر الإيمان في جدواها، ومن أجلها نأتي لنصلي؛ لكن إذا لم تكن هناك فلوس، وليس هناك إلا الثواب والأجر، والجنة والإيمان فمن الذي يأتي؟! الذي استقر الإيمان في قلبه.

أما ذلك المنافق المنكوس القلب الذي لا يؤمن إلا بلذاته وشهواته إذا سمع: الله أكبر، الله أكبر، مَطَّ البطانية ونام، هذا كذاب في إيمانه، دجال، ولهذا يقول عليه الصلاة والسلام: (فرق ما بيننا وبين المنافقين صلاة العشاء والفجر).

ويقول: (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً).

الآن آمَنَ الناس إيماناً جازماً ما خالطه شك بنظام المرور!

مَنْ السائق الذي يأتي إلى الإشارة الحمراء ويقطعها؟!

لا أحد، ولو كانت زوجته معه ستلد، أو كان معه مريض سيموت فإنه لن يقطعها؛ لأن الإشارة حمراء، وإذا قطعها وهي حمراء ماذا يقول الناس عنه؟! الذي بجانبه، والذي وراءه، كلهم ينظرون إليه، ويطاردونه، ويأخذون رقمه، ويبلغون به: كيف تقطع الإشارة؟!

حسناً.. الاتجاهات الآن بين أبها والخميس، اتجاه من اليمين ذاهب، واتجاه من اليسار عائد، أليس الناس كلهم على هذا الخط، أصحاب اليمين في اليمين، وأصحاب اليسار في اليسار؟! ما رأيكم لو أن شخصاً جاء من جوحان يقصد الخميس، فلا بد له أن يفترق من عند مفروشات المطلق؛ لكنه يقول: أنا مستعجل يا جماعة، لن أمشي من هناك، سأمشي من هنا، وعكس الخط ومشى، وكلما جاءته سيارة لَفَّ منها، ما رأيك؟! أليس كل مَن يأتي من الخميس ينكر عليه، ويضرب له المنبه، ويقف جانباً، ويقول: ارجع، لا يراك الناس، يا غلطان؟! لماذا؟!

لأنه عاكسٌ للخط، وقد آمن الناس بهذا، ولذا لا أحد يعكس الخط، ولا أحد يقطع الإشارة، وكل واحد في خطه.

لكن من الناس من يعكس الخط مع الله، ويقطع الإشارات على الله، لماذا؟!

لأنه ما آمن بأن هناك من يراقبه ويسجل عليه، آمن بأن هناك من يراقبه إذا قطع الإشارة، ولذا إذا جئت في نصف الليل، أو الساعة الواحدة، أو الساعة الثانية، والإشارات لا زالت حمراء، فإنك تلقى السائق واقفاً، رغم أن الخط فارغ، ومع ذلك لا يمشي: ما بك لا تمشي؟! يقول: فلعل جندياً هناك وراء تلك الزاوية يراني.

إيمان بالغيب حتى ولو أن الجندي نائم أو ليس بموجود؛ لكن استقرت هذه الحقائق في قلوب الناس.

ولكن لم تستقر في قلوب الناس حقيقة الإيمان بعقوبة الله للعاصين وبثواب الله للطائعين، ولذا نرى الكثير من الناس يتساهل في الطاعات، ولا يهمه أمرها -والعياذ بالله- يتساهل في المعاصي ويقع فيها، ولا يقف عندها إلا أهل الإيمان، أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يجعلني وإياكم منهم.

صاحب الإيمان يضطرب قلبه ويتقطع لنغمة يسمعها في الإذاعة عندما يريد سماع الأخبار؛ حيث يسمع قبلها موسيقى أو غيرها من آلات اللهو لماذا؟! لأنه مؤمن.

لكن صاحب النفاق، لا ينبسط إلا إذا سمع تلك النغمات والآلات، بل يشتريها بفلوس، بعضهم يشتري الأسطوانات بعشرين وبثلاثين ريالاً، والأشرطة والأفلام ويسمعها! يشتري بماله ما يهلك نفسه ويسهر ليله، والشياطين تبرك عليه، وتغويه إلى أن يتفتت قلبه، ويطير قلبه في كل وادٍ وفي كل بيداء وفي كل صحراء بعيداً عن الله.

فللإيمان صورة وحقيقة -كما قلت لكم- وصورة الإيمان لا تغني عن حقيقة الإيمان شيئاً، يوم القيامة يأتي المؤمن الحقيقي فيجد أن حقيقة إيمانه تنفعه؛ لأنه جاء بعملة أصلية، أما الذي جاء بصورة الإيمان فإيمانه مُزَيَّف.

فالذي يأتي يوم القيامة بصورة الإيمان الذي ما أيقظه لصلاة الفجر، ولا حجزه عن الأغاني، ولا حجزه عن النظر إلى المحرم، ولا حجزه عن الكلام المحرم، ولا عن الغيبة، ولا عن النميمة، ولا عن أكل الحرام، ولا عن الوقوع في الزنا واللواط والحرام، هذا الإيمان لا يغني عنه شيئاً؛ لأنه إيمان مزيف، وإيمان كاذب.

إذا أردت أن تعرف هل في قلبك حقيقة الإيمان أم صورته، فاعرض نفسك وعملك وبرنامج حياتك وجميع أعمالك وتصرفاتك، على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، منذ أن تستيقظ إلى أن تنام، اعرض وانظر، فإن وجدت أنك تسير مع الأمر والنهي، مع أوامر الله منفذاً لها، ومع النواهي تاركاً ومرتدعاً عنها، فاعلم أن حقيقة الإيمان قد استقرت في قلبك، فزِدْ واسأل من الله أن يثبتك عليها حتى تلقى الله؛ لأن هذه الحقيقة هي التي دفعتك إلى أن تعمل العمل الصالح، وهي التي دفعتك إلى أن تستيقظ لصلاة الفجر في المسجد؛ لأنك آمنتَ أن صلاة الفجر في المسجد فريضة، وأنها علامة صدق الإيمان، وأن: (مَن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله) وأن: (مَن مشى في ظلمة الليل إلى المساجد لقي الله بنورٍ ساطعٍ يوم القيامة) وأن: (مَن صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي).

هذه حقائق قالها الرسول صلى الله عليه وسلم، إذا استقرت في قلبك وصدقتَ بها دفعتك هذه الحقائق إلى أن تقوم لتصلي؛ لكن إذا نُمْتَ ولم تقم لتصلي صلاة الفجر وأنت تعلم هذه الأوامر، فاعلم أن حقيقة الإيمان ما استقرت في قلبك؛ لأنه لو قيل لك: إن في المسجد في وقت صلاة الفجر خمسين ريالاً تُصْرَف، لو صدر أمر الآن أن خمسين ريالاً لِمَن يصلي الفجر في المسجد -الآن استقرت في قلوب الناس حقيقة الإيمان بالريال، وقوة الريال الشرائية- فإذا صلى الفجر وأخذ الخمسين من الإمام، فإنه يغدو إلى البيت ويأتي بفطور، ويأتي بغداء، ويشتري فاكهة، وغير ذلك ويبقى راتبه وراء ظهره، فمَن الذي يترك الصلاة في المسجد ذاك اليوم؟! هل أحد يتركها؟! لا تجد أحداً يتركها، هل سيقوم ليصلي ويترك أولاده نائمين؟! لا والله لا يخرج إلا وهم معه، ولو بالعصا.

وأيضاً لو قيل للناس: إن الذي يأتي في الصف الأول يستلم الأول، والذي في الصف الثاني يستلم الثاني، والذي يأتي في الأخير ربما لن يستلم إلا الساعة السادسة والنصف أو السابعة؛ ما رأيك؟! هل يتضاربون على الصف الأول أم لا؟! بل بعضهم يأخذ بطانيته من نصف الليل، ويأتي لينام في الصف الأول:

ما بك؟! قال: أنا مشغول غداً، لا أريد أن يفوتني الطابور، وهو ليس بمشغول؛ بل يريد أن يأخذ الفلوس.

لكن من يؤمن بهذه الحقائق؟! الذين استقر الإيمان في قلوبهم.

فتلك الخمسون ريالاً استقر الإيمان في جدواها، ومن أجلها نأتي لنصلي؛ لكن إذا لم تكن هناك فلوس، وليس هناك إلا الثواب والأجر، والجنة والإيمان فمن الذي يأتي؟! الذي استقر الإيمان في قلبه.

أما ذلك المنافق المنكوس القلب الذي لا يؤمن إلا بلذاته وشهواته إذا سمع: الله أكبر، الله أكبر، مَطَّ البطانية ونام، هذا كذاب في إيمانه، دجال، ولهذا يقول عليه الصلاة والسلام: (فرق ما بيننا وبين المنافقين صلاة العشاء والفجر).

ويقول: (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً).

الآن آمَنَ الناس إيماناً جازماً ما خالطه شك بنظام المرور!

مَنْ السائق الذي يأتي إلى الإشارة الحمراء ويقطعها؟!

لا أحد، ولو كانت زوجته معه ستلد، أو كان معه مريض سيموت فإنه لن يقطعها؛ لأن الإشارة حمراء، وإذا قطعها وهي حمراء ماذا يقول الناس عنه؟! الذي بجانبه، والذي وراءه، كلهم ينظرون إليه، ويطاردونه، ويأخذون رقمه، ويبلغون به: كيف تقطع الإشارة؟!

حسناً.. الاتجاهات الآن بين أبها والخميس، اتجاه من اليمين ذاهب، واتجاه من اليسار عائد، أليس الناس كلهم على هذا الخط، أصحاب اليمين في اليمين، وأصحاب اليسار في اليسار؟! ما رأيكم لو أن شخصاً جاء من جوحان يقصد الخميس، فلا بد له أن يفترق من عند مفروشات المطلق؛ لكنه يقول: أنا مستعجل يا جماعة، لن أمشي من هناك، سأمشي من هنا، وعكس الخط ومشى، وكلما جاءته سيارة لَفَّ منها، ما رأيك؟! أليس كل مَن يأتي من الخميس ينكر عليه، ويضرب له المنبه، ويقف جانباً، ويقول: ارجع، لا يراك الناس، يا غلطان؟! لماذا؟!

لأنه عاكسٌ للخط، وقد آمن الناس بهذا، ولذا لا أحد يعكس الخط، ولا أحد يقطع الإشارة، وكل واحد في خطه.

لكن من الناس من يعكس الخط مع الله، ويقطع الإشارات على الله، لماذا؟!

لأنه ما آمن بأن هناك من يراقبه ويسجل عليه، آمن بأن هناك من يراقبه إذا قطع الإشارة، ولذا إذا جئت في نصف الليل، أو الساعة الواحدة، أو الساعة الثانية، والإشارات لا زالت حمراء، فإنك تلقى السائق واقفاً، رغم أن الخط فارغ، ومع ذلك لا يمشي: ما بك لا تمشي؟! يقول: فلعل جندياً هناك وراء تلك الزاوية يراني.

إيمان بالغيب حتى ولو أن الجندي نائم أو ليس بموجود؛ لكن استقرت هذه الحقائق في قلوب الناس.

ولكن لم تستقر في قلوب الناس حقيقة الإيمان بعقوبة الله للعاصين وبثواب الله للطائعين، ولذا نرى الكثير من الناس يتساهل في الطاعات، ولا يهمه أمرها -والعياذ بالله- يتساهل في المعاصي ويقع فيها، ولا يقف عندها إلا أهل الإيمان، أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يجعلني وإياكم منهم.

صاحب الإيمان يضطرب قلبه ويتقطع لنغمة يسمعها في الإذاعة عندما يريد سماع الأخبار؛ حيث يسمع قبلها موسيقى أو غيرها من آلات اللهو لماذا؟! لأنه مؤمن.

لكن صاحب النفاق، لا ينبسط إلا إذا سمع تلك النغمات والآلات، بل يشتريها بفلوس، بعضهم يشتري الأسطوانات بعشرين وبثلاثين ريالاً، والأشرطة والأفلام ويسمعها! يشتري بماله ما يهلك نفسه ويسهر ليله، والشياطين تبرك عليه، وتغويه إلى أن يتفتت قلبه، ويطير قلبه في كل وادٍ وفي كل بيداء وفي كل صحراء بعيداً عن الله.

فللإيمان صورة وحقيقة -كما قلت لكم- وصورة الإيمان لا تغني عن حقيقة الإيمان شيئاً، يوم القيامة يأتي المؤمن الحقيقي فيجد أن حقيقة إيمانه تنفعه؛ لأنه جاء بعملة أصلية، أما الذي جاء بصورة الإيمان فإيمانه مُزَيَّف.

فالذي يأتي يوم القيامة بصورة الإيمان الذي ما أيقظه لصلاة الفجر، ولا حجزه عن الأغاني، ولا حجزه عن النظر إلى المحرم، ولا حجزه عن الكلام المحرم، ولا عن الغيبة، ولا عن النميمة، ولا عن أكل الحرام، ولا عن الوقوع في الزنا واللواط والحرام، هذا الإيمان لا يغني عنه شيئاً؛ لأنه إيمان مزيف، وإيمان كاذب.




استمع المزيد من الشيخ سعيد بن مسفر - عنوان الحلقة اسٌتمع
كيف تنال محبة الله؟ 2924 استماع
اتق المحارم تكن أعبد الناس 2918 استماع
وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً 2799 استماع
أمن وإيمان 2670 استماع
حال الناس في القبور 2669 استماع
توجيهات للمرأة المسلمة 2594 استماع
فرصة الرجوع إلى الله 2567 استماع
النهر الجاري 2470 استماع
دور رجل الأعمال في الدعوة إلى الله 2463 استماع
مرحباً شهر الصيام 2392 استماع