سلْ ضاحكَ البرقِ يوماً عنْ ثناياها
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
سلْ ضاحكَ البرقِ يوماً عنْ ثناياها | فَقَدْ حَكَاهَا فَهَلْ يَرْوِي حَكَايَاهَا |
وَهَلْ دَرَى كَيْفَ رَبُّ الْحُسْنِ رَتَّلَهَا | وَالْجَوْهَرُ الْفَرْدُ مِنْهُ كَيْفَ جَزَّاهَا |
وهل سقاهُ الطِّلا تدري إذا ابتسمتْ | أيُّ الحيا بانَ عندَ الشَّربِ أشهاها |
وسلْ أراكَ الحمى عن طعمِ ريقتها | فليسَ يدري سواهُ في محيَّاها |
وهلْ رياضُ الرُّبا تدري شقائقها | في خدِّها أيُّ خالٍ في سويداها |
وإنْ رأيتَ بدورَ الحيِّ وهيَ بهمْ | فَحِيِّ بِالسِّرِّ عَنِّي وَجْهَ أَحْيَاهَا |
واقصدْ لباناتِ نعمانٍ وجيرتها | واذكرْ لباناتِ قلبي عندَ لبناها |
عَرِّجْ عَلَيْهَا عَنِ الأَلْبَابِ نَنْشُدُهَا | فإنَّنا منذُ أيَّامٍ فقدناها |
طَعْنٌ يُصَوِّرُ بِالأجْسَامِ أَقْوَاهَا | عَنْ أَنْفُسٍ وَقُلُوبٍ ثَمَّ مَثْوَاهَا |
مَعَاهِدٌ كُلَّمَا أَمْسَيْتُ عَامِرَهَا | ليلاً وأصبحتُ مجنوناً بليلاها |
وَرُبَّ لَيْلٍ بِهِ خُضْتُ الظَّلاَمَ كَمَا | يَخُوضُ فِي مَفْرق الْعَذْرَاءِ مِدْرَاهَا |
جَوْن كَحَظٍّ بِهِ الآفَاقُ قَدْ خَضَبَتْ | بَيَاضَهَا وَجَرَى بِالْقَارِ جِرْيَاهَا |
تَبْدُو النُّجُومُ فَلَمْ تَصْبِرْ لِظُلْمَتِهِ | مِثْلَ الشَّرَارِ بِجَوْفِ الزَّنْدِ أَخْفَاهَا |
هوتْ بنا فيهِ عيسٌ كالجبالِ سمتْ | نحو السَّماءِ ولوْ شئنا مسسناها |
رَكَائِبٌ كَحُرُوفٍ رُكِّبَتْ جُمَلاً | أكرمْ بها من حروفٍ قدْ سطرناها |
أنعامُ هجنٍ حكتْ روحَ النَّعامِ إذا | مَرَّتْ بِهَا الرِّيْحُ ظَنَّتْهَا نُعَامَاهَا |
حَتَّى نَزَلْنَا عَلَى الدَّارِ الَّتِي شَرُفَتْ | بمنْ بها ولثمنا درَّ حصاها |
فعاوضتنا بدورٌ منْ فوراسها | تَحْمي خُدُورَ شُمُوسٍ مِنْ عَذَارَاهَا |
ضيفانهمْ غيرَ أنَّا لا نريدُ قرى | إلاَّ قلوباًإليهمْ قدْ أضفناها |
مَا كَانَ يُجْدِي وَلاَ يُغْنِي السُّرَى دَنِفاً | لكنَّ حاجة َ نفسٍ قدْ أضفناها |
مَنْ لِي بِوَصْلِ فَتَاة ٍ دُونَ مَطْلَبِهَا | طعنٌ يصوِّرُ بالأجسامِ أمواها |
عَزِيزة ٌ هِيَ شفْعُ الْكِيمِيَاءِ لَهَا | ندي وجوداَ ولكنْ ما وجدناها |
فيها من الحسنِ كنزٌ لا يرى وكذا | تخفي الكنوزُ المنايا في زواياها |
تَكَادُ تَرْشَحُ نُوراً كُلَّمَا خَطَرَتْ | بِالْمَشْيِ لاَ عَرَقاً مِنْ كُلِّ أَمضَاهَا |
كأنَّما الفجرُ ربَاها فأرضعها | حَلِيْبَهُ وَبِقُرْصِ الشَّمْسِ غَذَّاهَا |
قَدْ صَاغَهَا اللهُ مِنْ نَورٍ فَأَبْرَزَهَا | |
محجوبة ٌ لا ينالُ الوهمُ رؤيتها | ولا تصيدُ شراكَ النَّومِ رؤياها |
قدْ منَّعتها أسودٌ مثلُ أعينها | سيوفهمُ لا تنالُ البرءَ جرحاها |
لَوْ تُمْسِكُ الرِّيقَ كَادُوا حِيْنَ تَقْطُرُهَا | أنْ يلعقوها فلمْ ترحلْ بريَّاها |
وَرَحْمَة ً لِجَمِيعِ النَّاس سوَّاهَا | لفَّتْ على زفراتِ الرَّعدِ أحشاها |
وإنْ تنفَّسَ صبحٌ عن لظى شفقٍ | قاموا غضاباً وظنُّوا الصُّبحَ يهواها |
حرصاً عليهمْ نواحُ الورقِ يسخطهمْ | تَوَهُّماً أَنَّ دَاءَ الْحُبِّ أَشْجَاهَا |
تَهْوَى الْفَرَاشُ إِلَيْهَا كُلَّمَا سَفَرَتْ | فَيَسْتُرُونَ غَيَارَاهَا مُحَيَّاهَا |
بَيْنَ الْقُلُوبِ وَعَيْنَيْهَا مَضَى قَسَمٌ | أنْ لا تصحَّ ولا تصحو سكاراها |
وبالجمالِ على أهلِ الهوى حلفتْ | أنْ لا تموتَ ولا تحيا أساراها |
للهِ أيَّامُ لهوٍ بالعقيقِ وإنْ | كانتْ قصاراً وساءتني قصاراها |
أَوْقَاتُ أُنْسٍ كَأَنَّ الدَّهْرَ أَغْفَلَهَا | أو منْ صروفِ الَّليالي ما عرفناها |
لَمْ نَشْكُ مِنْ مِحَنِ الدُّنْيَا إِلَى أَحَدٍ | مِنَ الْبَرِيَّة ِ إِلاَّ كَانَ إِحْدَاهَا |
أُعِيْذُ نَفْسِي مِنَ الشَّكْوَى إِلَى بَشَرَ | بِاللهِ وَالْقَائِمِ الْمَهْدِيِّ مَوْلاَهَا |
إبنِ النبيِّ أبي الفضلِ الأبيِّ أخي الـ | ـمعروفِ خيرِ بني الدُّنيا وأزكاها |
نُورُ الزُّجَاجَة ِ مِصْبَاحٌ تَوَقَّدَ مِنْ | نَارِ الْكَلِيْمِ الَّتِي فِي الطُّوْرِ نَاجَاهَا |
جُزْءٌ مِنَ الْعَالَمِ الْقُدْسِيِّ هِمَّتُهُ | ينوءُ بالعالمِ الكليِّ أدناها |
تاجُ الوزارة ِ طوقُ المجدِ خاتمهُ | إِنْسَانُ عَيْنِ الْمَعَالِي زَنْدُ يُمْنَاهَا |
حليفُ فضلٍ بهِ تدري الوزارة ُ إذْ | فِيْهَا تَجَلَّى بِأَيِّ الْفَضْلِ حَلاَّهَا |
طيبُ النبوَّة ِ فيهِ عنهُ يخبرنا | بأنَّهُ ثمرٌ منْ دوحِ طوباها |
كَرِيمُ نَفْسٍ مِنَ الإِحْسَانِ قَدْ جُبِلَتْ | مِنْهُ الطِّبَاعُ فَعَمَّ النَّاسَ جَدْوَاهَا |
عظيمة ٌ يتَّقي الجبَّارُ سطوتها | زكيَّة ٌ تعرفُ العبَّادُ تقواها |
تقضي بسعدٍ ونحسٍ في الورى فلها | حكمُ النُّجومِ الدَّراري في قضاياها |
لِلطَّالِبِينَ كُنُوزٌ فِي أنَامِلِهَا | وَلِلزَّمَانِ عُقُودٌ مِنْ سَجَايَاهَا |
في أَصْفَهَانَ دِيَارِ الْعِزِّ مَنْزِلُهُ | وَنَفْسُهُ فَوْقَ هَامِ النَّجْمِ مَسْعَاهَا |
يرمي الغيوبَ بآراءٍ مسدَّدة ٍ | مِثْلِ السِّهَامِ فَلاَ تُخْطِي رَمَايَاهَا |
عزَّتْ بهِ الدَّولة ُ العلياءُ واعتدلتْ | حتَّى ملا الأرضَ قسطاً عدلُ كسراها |
عمادها العلمُ والمعروفُ نائبها | إكسيرها مومياها برءُ أدواها |
لَمْ يَتْرُكَنْ ظَالِماً غَيْرَ الْعُيُونِ بِهَا | إذ لا تجازى بما تجنيهِ مرضاها |
أَفْدِيْهِ مِنْ عَالِمٍ تَشْفِي بَرَاعتُهُ | مرضى قلوبِ الورى في نفثِ أفعاها |
لِلْفَاضِلِيْنَ سَجُودٌ حِيْنَ يُمْسِكُهَا | كَأَنَّ سِرَّ الْعَصَا فِيْهَا فَأَلْقَاهَا |
كَأَنَّمَا لَيْلُنَا تُطْوَى غَيَاهِبُهُ | إِذَا صَحَائِفُهُ فِيْهَا نَشَرْنَاهَا |
سطورها عنْ صفوفِ الجيشِ مغنية ٌ | وأيُّ جيشِ وغى ً بالرَّدِّ يلقاها |
كأنَّما ألفاتٌ فوقها رقمتْ | عَلَى الأَعَادِي رِمَاحاً قَدْ هَزَزْنَاهَا |
نَسْطُو بِهِنَّ عَلَى الْخَصْمِ الْمُلِمِّ بِنَا | كأنَّ راءاتها قضبٌ سللناها |
إذا رأينا الحروفَ المهملاتِ بها | فودُّنا بالأناسي لوْ لقطناها |
قَوْمٌ تَنَالُ الأَمَانِي وَالأَمَانَ بِهَا | وَآَخَرُونَ بِهَا تَلْقَى مَنَايَاهَا |
لمْ يظفرِ الفهمُ يوماً في تصوُّرها | ولا يزورُ خيالُ الوهمِ مغناها |
وبنتِ فكرٍ سحابُ الشكِّ حجَّبها | عنْ العقولِ وليلُ الغيِّ غشَّاها |
جرتْ فأجرتْ لها منْ عين حكمتهِ | مَا لَوْ يَفِيْضُ عَلَى الأَمْوَاتِ أَحْيَاهَا |
فرال عنها نقابُ الرَّيبِ وانكشفتْ | أَسْرَارُهَا وَتَجَلَّى وَجْهُ مَعْنَاهَا |
قُلْ لِلَّذِينَ ادَّعَوْا فِي الْفَضْلِ فَلْسَفَة ً | قد أبطلَ الحجَّة ُ المهديُّ دعواها |
من طورِ سيناءَ هذا نورُ فطنته | فمن أرسطو ومن طورُ ابنِ سيناها |
فَلْيَفْخَرِ الْفُرْسُ وَلْيَزْهُوا بِسُؤْدُدِهِمْ | عَلَى جَمِيْعِ الْوَرَى وَلْيَحْمَدُوا اللهَ |
بِمَنْ يُقَاسُونَ فِي الدُّنْيَا وَدَوْلَتُهُمْ | وَزِيْرُهَا مِنْ بَنِي طَهَ وَمَوْلاَهَا |
منْ مالكٍ أصبحَ المهديُّ آصفها | وقامَ فيها سليمانُ الورى شاها |
إنَّ الرِّعاية َ لا تعزى إلى شرفٍ | إِلاَّ إِذَا كَانَتِ الأَشْرَافُ تَرْعَاهَا |
يَا ابْنَ الْنُبُوَّة ِ حَقّاً أَنْتَ عِتْرَتُهَا | فَقَدْ حَوَيْتَ كَثِيْراً مِنْ مَزَاياهَا |
حَافَظْتَ فِيْهَا عَلَى التَّقَوَى وَدُمْتَ عَلَى | عهدِ الموَّدة ِ والحسنى بقرباها |
كمْ في ثناياكَ منَّا نفحة ً عبقتْ | إِلَيْكَ فِيْهَا اهْتَدَيْنَا إِذْ شَمِمْنَاهَا |
منْ كلِّ منبقة ٍ بالفضلِ معجزة ٍ | آياتها منْ سواكمْ ما عرفناها |
مَفَاخِرٌ قَبْلَ تَشْرِيفِي بِرُؤْيَتِكُمْ | آمنتُ بالغيبِ فيها إذ سمعناها |
عَنْهَا ثِقَاتُ بَنِي الْمَهْدِيِّ قَدْ نَقَلُوا | لَنَا رِوَايَاتِ صِدْقٍ فَاعْتَقَدْنَاهَا |
كانتْ كنثرِ الَّلآلي في مسامعنا | واليومَ فيكَ عقودٌ قدْ نظمناها |
شكراً لصنعكَ منْ حرٍّ لسادتنا | بَعْدَ الإِيَاسِ وَهَبْتَ الْمُلْكَ وَالْجَاهَا |
تزلزلتْ في بني المهديِّ دولتهمْ | لكِنَّ فِيْكَ إِلهَ الْعَرْشِ أَرْسَاهَا |
تَطَلَّبَ الْفُرْسُ وَالأَعْرَابُ خُطْبَتَهَا | فَمَا سَمَحْتَ بِهَا إِلاَّ لأُوْلاَهَا |
زوَّجتها بكريمِ النَّفسِ أطهرها | فرجاً وأوفرها علماً وأتقاها |
لولا وجودكَ يا ابنَ المصطفى غصبتْ | مِنَّا حُقُوقُ مَعَالٍ قَدْ وَرِثْنَاهَا |
عنَّا رفعتَ زمانَ السُّوءِ فانقمعت | بالكرهِ شوكتهُ حتَّى وطئناها |
مَوْلاَيَ دَعْوَة َ مُشْتَاقٍ حُشَاشَتُهُ | لولا الرَّجاءُ أوارُ المجدِ أوراها |
إِلَيْكَ قَدْ بَعَثَتْهُ رَغْبَة ٌ غَلَبَتْ | لمْ يهجرِ الأهلَ والأوطانَ لولاها |
لعلَّ عزمة َ نشطٍ فيكَ قدْ رحلتْ | يَرْقَى الْجِبَالِ لِيَلْقَى طُورَ سِيْنَاهَا |
فحلَّ بقعة َ قدرسٍ حينَ شارفها | مَا شَكَّ أَنَّكَ نَارٌ أَنْتَ مُوْسَاهَا |
تَوَهَّمَ الَنَّوْرَ نَاراً إِذْ رَآكَ وَكَمْ | نَفْسٍ تُغَالِطُهَا فِي الصِدْقِ عَيْنَاهَا |
دنا ليقبسَ ناراً أو يصيب هدى ً | إلى مداركِ غاياتٍ تمنَّاها |
حاشا عن الرُّؤية العظمى تجابُ بلنْ | فَكُلُّ قَصْدِ كَلِيْمِ الشَّوْقِ إِيَّاهَا |
إِنْ لَمْ يَعُدْ بِالْيَدِ الْبَيْضَاءِ مِنْكَ إِلَى | دِيَارِ مِصْرٍ أَتَى مِنْهَا فَقَدْ تَاهَا |
عسى بكمْ ينجح الرَّحمنُ مطلبهُ | فقدْ توسَّلَ فيكمْ يا بني طهَ |