أَتُنْكِرُ بَأْسَ أَحْدَاقِ الْعَذَارَى
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
أَتُنْكِرُ بَأْسَ أَحْدَاقِ الْعَذَارَى | أما تدري بعربدة ِ السُّكارى |
وَتَفْتِنُكَ الْعُيُونُ وَمَا عَهِدْنَا | جَرِيحاً قَلْبُهُ يَهْوَى الشِّفَارَا |
زتغرمُ في القدودِ فهل طعينٌ | هَوَى مِنْ قَبْلِكَ الأَسَلَ الْحِرَارَا |
وَتُمْسِي فِي الذَّوَائِبِ مُسْتَهَاماً | متى عشقتْ سلاسلها الأسارى |
لقدْ فتكتْ بنا الأجفانُ حتَّى | شَكَتْ ضَعْفاً لِذلِكَ وَانْكِسَارَا |
إلامَ بها نلامُ ولا نبالي | فتوسعنا جراحاً واعتذارا |
رَأَيْنَا أَنَّ حَبْلَ الْحُبِّ فِينَا | شُعُورٌ فَاتَّخَذْنَاهَا شِعَارَا |
وهمنا بالحسانِ وما فهمنا | بناتِ صدورها تلدُ البوارا |
وهبنا العذرَ لعذَّالِ لمَّا | خلعنا في عذارها العذارا |
علامَ عيوننا بالدَّمعِ غرقى | ومنْ وجناتهنَّ تخوضُ نارا |
وَنَسْأَلُ مِنْ مَرَاشِفِهِنَّ رِيّاً | وَبَرْدُ بَرُودِهَا يُورِي الأُوَارَا |
تؤرقنا ذوائبها ولسنا | نرى لدجى لياليها قصارى |
فهلْ تدري بغايتها المداري | فقدْ ضاقتْ على المرضى السُّهارى |
لعمركَ ليسَ منْ حمرِ المنايا | سوى الوجناتِ تسلبنا القرارا |
إذا لشقائنا الآجالُ طالتْ | تُخَلِّصُهَا الْخُصُورُ لَنَا اخْتِصَارَا |
وإنْ كهمَ الرَّدى يوماً فمنهُ | يَسُنُّ لِقَتْلِ أَنْفُسِنَا الْغِرَارَا |
تُحَاذِرُنَا الْمَنَايَا السُّوْدُ جَهْراً | وَتَأْتِينَا الْعُيُونُ بِهَا سَرَارَا |
بِرُوحِي جِيرَة ٌ جَارُوا وَقَلْبِي | لديهمْ لمْ يزلْ بالحيِّ جارا |
مَصَابِيحٌ إِذَا سَفَرُوا بِلَيْلٍ | حَسِبْتَ ظَلاَمَهُ لَبِسَ النَّهَارَا |
بدورٌ بالخيامِ ذووا شموساً | بِشِبِهْ الْبِيضِ تَحْمِلُهَا الْغُبَارَا |
مُرَنَّحَة ٌ مَعَاطِفُهُمْ صُحَاة ٌ | تكادُ عيونهمْ تجري عقارا |
لهمْ صورٌ كأنَّ الحسنَ صبٌ | تأمَّلَ طرفهُ فيهمْ فحارا |
وألفاظٌ إذا المخمورُ فيها | تَدَاوَى طَبْعُهُ فَقَدَ الْخُمَارَا |
وَأَسْنَانٌ تُفَدِّيهَا الَّلآلِي | بأكبرها وإنْ كانتْ صغارا |
بأعينهمْ تجولُ السِّحرُ حتَّى | نثيرُ الكحلِ تحسبهُ غبارا |
لِشَوْقِ سَنَا الصَّبَاحِ إِلَى لِقَاهُمْ | تَنَفَّسَ حَسْرَة ً وَرَمَى جَمارَا |
إِذَا بِقِبَابِهِمْ سَفَرَتْ ظُبَاهُمْ | حسبتَ بيوتهمْ بيعَ النَّصارى |
سقتهمْ أعينُ الأنواءِ دمعاَ | يُخُطُّ بخَدِّ وَادِيهِمْ عِذَارَا |
ولا درستْ نوادي الحسنِ منهمْ | ولا فصمَ البلى منها سوارا |
هُمُ بِالْقَلْبِ لاَ بِالْخَيْفِ حَلُّوا | وَفِي جَمَرَاتِهِ اتَّخَذُوا دِيَارَا |
أقاموا فيهِ بعدَ رحيلِ صبري | فأضحتْ مهجتي أهلاً قفارا |
إذا خطروا ببالي فرَّ شوقاً | فلوْ حملتهُ قادمة ٌ لطارا |
أَرُوحُ وَلِي بِهِمْ رُوحٌ تَلَظَّتْ | إذا استضرمتها قدحتْ شرارا |
وأجفانٌ كسحبِ ندى عليٍّ | إِذَا اسْتَمْطَرْتَهَا مَطَرَتْ نُضَارَا |
حليفِ المكرماتِ أبي عليٍّ | أجلِّ النَّاسِ قدراً واقتدارا |
أعزُّ بني الملوكِ الغرِّ نفساً | وَأَشْجَعُهُمْ وَأَمْنَعُهُمْ ذِمارَا |
وَأنْجَدُهُمْ وَأَطْوَلَهُمْ نِجَاداً | وَأَفْخَرُهُمْ وَأَطْهَرُهُمْ إِزَارَا |
أَخُو شَرَفٍ تَوَلَّدَ مِنْ عَليٍّ | وبضعة ِ أحمدٍ فزكا فخارا |
تَلاَقَى مَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ فِيهِ | وَشَارَكَ هَاشِمٌ فِيهِ نِزَارَا |
هُوَ النُّورُ الَّذِي لَوْلاَهُ لاَقَتْ | بدورُ المجدِ في التمِّ السِّرارا |
مَحَا إِيْضَاؤُهُ صِبْغَ اللَّيَالِي | فَعَسْجَدَ لَوْنَهُنَّ وَكَانَ قَارَا |
أتى الأيَّامَ والأيَّامُ غضبى | فأحدثَ في مباسمها افترارا |
ووافى والنَّدى ثمدٌ ففاضتْ | مَوَارِدُهُ وَلَوْلاَهُ لَغَارا |
رَسا حِلْماً فَقَرَّ الْحَوْزُ فِيهِ | ولولا حلمهُ فينا لمارا |
بِصَهْوَة ِ مَهْدِهِ طَلَبَ الْمَعَالِي | وقبلَ قماطه لبسَ الوقارا |
وحازَ تقى ً ومعروفاً وفضلاً | وَأَقْدَاراً وَبَأْساً وَاصْطِبَارَا |
وأصبحَ للعلا بعلاً كريماً | فَأَوْلَدَهَا الْمَحَامِدَ وَالْفَخَارَا |
غَمَامٌ صَافَحَ الْبِيضَ الْمَوَاضِي | فأحدثَ في جوانبها اخضرارا |
بِأَحْيُنِهَا إِذَا كَتَبَ احْوِرَارَا | حيا كفَّيه لا شيحاً وغارا |
وَيُوشِكُ أَنْ يَعُودَ النُّورُ تِبْراً | لَوَ انَّ الْغَيْثَ نَائِلُهُ اسْتَعَارَا |
وروضٌ من حمائلهِ التقطنا | دنانيرَ العطايالا العرارا |
حَكَى فَصْلَ الرَّبِيعِ الطَّلْقَ خُلْقاً | وفاقَ بجودِ راحتهِ القطارا |
كَسَا قَتْلَى أَعَادِيهِ شَقِيقاً | وبرقعَ وجهَ حبِّهمِ بهارا |
وَهَزَّ عَلَى الْكُماة ِ قُطُوفَ لُدْنٍ | فَدَلَّتْ مِنْ جَمَاجِمْهِمْ ثِمَارَا |
وأحدثَ عهدهُ فينا سروراً | فَأَنْبَتَ فِي الْخُدُودِ الْجُلَّنَارَا |
مطاعٌ لو دها الصَّفواءَ يوماً | سَمِعْتَ لَهَا وَإِن صُمَّتْ خُوَارَا |
جوادٌ في ميادينِ العطايا | ومضمارِ الفصاحة ِ لا يجارى |
فَصِيحٌ نُطْقُهُ نَظْماً وَنَثْرَاً | يَرَصِّعُ لَفْظُهُ الدُّرَرَ الْكِبَارَا |
تودُّ مدادهُ الأيَّام تمسي | بأعينها إذا كتبَ احورارا |
فَكَمْ فِي خَطِّهِ مِنْ بِنْتِ فِكْرٍ | لها نسجتْ محابرهُ خمارا |
ذكاءٌ منْ سناها كادَ يحكي | ظَلاَمُ مِدَادِهِ الشَّفَقَ احْمِرَارَا |
لهُ القلمُ الَّذي في كلِّ سطرٍ | ترى في خطِّهِ فلكاً مدارا |
يمجُّ على صباح السَّطرِ ليلاً | تكوكبَ في المعالي واستنارا |
وأشرقَ منهُ في أندى يمين | فَلَجَّجَ في أَنَامِلِهَا وَسَارَا |
ومنْ يسعى إلى طلبِ المعالي | فَلاَ عجَبٌ إِذَا رَكِبَ الْبِحَارَا |
يَرَاعَ رَوَّعَ الْقُضُبَ الْمَوَاضِي | فأثبتَ في تقوُّمها ازورارا |
تَرَى ثعباانَهُ الأَفْلاَكُ تَسْعَى | فيخفقُ قلبُ عقربها حذارا |
يردُّ حسامَ جوزاها كهاماً | ويطعنُ في عطاردها احتقارا |
مؤيدُ ملَّة ِ الإسلامِ هادٍ | إِذَا ضَلَّ الهُدَاة ُ وَلامنَازا |
لَهُ كُتُبٌ يَعِزُّ النَّصْبُ عَنْهَا | إذا شنَّتْ كتائبها مغارا |
حَكَتْ زَهْر الرِّيَاضِ الْغَضَّ حُسْناً | ونشرَ المسكِ طيباً وانتشارا |
ووقتْعينَ نسيمٍ صفاءً | وعينَ الشَّمسِ نوراً واشتهارا |
فَوَاصِلُهَا سُيُوفٌ فَاصِلاَتٌ | وَهَدْيٌ بِالضَّلاَلَة ِ لاَ يُمَارَى |
مِنَ الدِّبَاجِ أَلْبَسَهَا ثِيَاباً | وصاغَ من النُّضلرِ لها فقارا |
إذا في إثرها الأفكارُ سارتْ | لِتُدْرِكَ ثَأرَهَا وَقَفَتْ حَيَارَى |
فنُورُ مُبِينِهَا جَمْعُ الدَّرَارِي | وخيرُ مقالها الدررُ النثارا |
وفي نكتِ البيانِ أبانَ فضلاً | بِمُخْتَصَرٍ حَوَى حِكَماً غِزَارَا |
كتابٌ كلُّ سفرٍ منهُ سفرٌ | منَ الإقهارِ في الأقطارِ دارا |
فَلَوْ أَمُّ الْكِتَابِ أَتَتْ بِنَجْلٍ | لَقُلْنَا فِيهِ قدْ حَمَلَتْ قِصَارَا |
إذا ورد العدا منهُ كتابٌ | تَوَعَّدَهُمْ بِهِ طَلَبُوا الْفِرَارَا |
كأنَّ كتابهُ جيشٌ علتهُ | |
وإنْ صدرتْ ظباهُ عنِ الهوادي | حسبتَ حديدها ذهباً ممارا |
وَهُوبٌ يوسِع الْفُقَرَاءَ تِبْراً | وَلَمْ يهَبِ الْعِدَا إِلاَّ تَبَارَا |
أَلاَ يَا أَيُّهَا الْمَلِكُ الْمُرَجَّى | إذا غدرَ الزَّمانُ بنا وجارا |
وَيَا غَيْثاً إِذَا الأَنْوَاءُ ضَنَّتْ | وَطَالَ جَفَا الْحَيَا حَيَّا وَزَارَا |
لعمركَ إنَّ قدرك لا يجارى | وَقَطْرَكَ بِالسَّمَاحَة ِ لاَ يُبَارَى |
بطولكَ تمَّ نقصانُ المعالي | فَطَالَتْ بَعْدَمَا كَانَتْ قِصَارَا |
فقدْ أبكيتهنَّ دماً جبارا | |
ليهنكَ بعدَ صومكَ عيدُ فطرٍ | يريكَ بقلبِ حاسدكَ انفطارا |
أتاكَ وفوقَ غرَّتهِ هلالٌ | إذا قابلتهُ خجلاً توارى |
يشيرُ وعادَ نحوكَ كلَّ عامٍ | يحدِّدُ فيكَ عهداَ وازديارا |
ولا برحتْ لكَ العلياءُ داراً | ومتَّعكَ الزَّمانُ بملكِ دارا |