هل أنتَ موجودٌ.. |
كضَوءٍ حائمٍ |
في زَحمةِ النُّور النَّهاريِّ |
المُشِّعِ على النَّوافذِ |
والبعيدِ مِنَ الرُّؤى |
أم أنتَ تَسطعُ مِنْ وجودِكَ مثلَ إيقاع الغوايةِ |
وانبعاثِ الشَّمسِ في فجرِ العصافيرِ المقبِّلةِ النَّدى |
ثَبِّتْ حُضورَكَ كي تثبِّتَ |
دورةَ الأبديِّ في الآنيِّ |
إنَّكَ تائِهٌ حتَّى يقودكَ في ارتقائِكَ |
ما تَقودُ مِنَ المَدى |
كُنْ حاضِرًا في كُلِّ رَسمٍ |
للمُخيَّلةِ المُحمَّلةِ افتراضِكَ أو مَخاضِكَ |
وابتدِأْ مِن ذاتِكَ الصُّغرى لتكتَمِلَ |
استدارتُكَ الوَليدةُ بانتفاضِكَ |
وانقضاضِكَ الآتي |
على ما ليسَ منكَ أَصالةً |
في طَورِكَ الكَوْنيِّ |
والسُّبلِ الجَديدةْ |
صُغْ مِنْ تَجَسُّدكَ التمرُّدَ والتفرُّدَ والتجدُّدَ |
واقطفِ الأزهارَ والدَّهَشاتِ |
في طَوْرِ احتفائكَ بالسَّليقةِ |
في عفويَّةِ الإيقاعِ |
في مشيِ الطُّيورِ |
ورونقِ الكَلماتِ في حُبٍّ جديدْ |
حتّى يفيضَ النَّبضُ إنْ تَجدِ |
المَساربَ نحوَ نَبعِ الوَحيِ والمنفى البَعيدِ |
لكي تتمسّكَ الأحلامُ بالأنغامِ |
وتُنثَرُ الأصداءُ مِن روح الأوائِل والأيائِلِ |
والرُعاةِ وأعْينِ الغُزلانِ قافِيَةً |
صَلاةً أو نَشيدَ |
ولتلتقي بالنُّورِ أَحوالَ اعتناقٍ |
أو عَقيدةْ |
كي تَرتقي بالنَّفْسِ في لَهبِ المَشاعرِ |
في مَعالي الرُّوحِ |
في طَوْرِ الطُّموحِ |
وَوَقفةِ المُتأمّلِ المَمسوحِ |
بالفَجرِ المُطِّلِ مِنَ الغُموضِ إلى الوُضوحِ |
فإنَّ خفقاتِ الجُموحِ |
تدقُّ أجراسَ القَصيدةْ |
إنْ كنتَ تَحْضُرُ |
في احتفاءِ العِطرِ بالأنثى |
وبالذَكرِ المُحاورِ |
فالروائحُ تلتقيكَ وتنتقيكَ وتخلعُ الثوبَ ...الإزارَ |
وتطلعُ الأمواجُ مِنْ صَدَفِ الرِداءِ |
وتسطعُ الأفواجُ من لهَفِ الخَفاءِ مِنَ الخِباءْ |
فَسليقةُ العِطرِ العَراءْ |
إنْ كنتَ تَحْضُرُ |
بابتداءِ تكوّنِ الأشكالِ |
مِن طينِ الخَيالِ |
على الأصابعِ |
فالمسِ الخديّنِ كالعزفِ |
المنَّوَعِ والموزَّعِ |
بين أوتارِ اشتهاءاتِ الأُنوثَةِ |
وانسجمْ بالَلمسِ مع كلِّ انحدارٍ |
مثلَ ماءْ |
إنْ كنتَ تَحْضُرُ |
في الضِّياءِ وسطرهِ اللألاءِ والوضّاءِ |
في طورِ النِداءْ |
دقِّق بروحِ الشَّمسِ |
لا تدعِ الظِّلالَ تقودُ نوركِ أو تقوُلكَ |
أو تَراكْ |
إنْ كنتَ تَحْضُرُ في دُموعِ اللَحنِ |
أو في دَهشةِ الإصغاءِ |
فاصغِ لما تعدى السَّمعَ |
وارقصْ على إيقاعِ هذا الكونِ |
إنَّ الكَونَ إيقاعٌ |
وعزفُ اللهِ حالاتُ السَّماءْ |
إن كنتَ تَحْضُرُ |
في التذَوُّقِ |
فاشتهِ التفّاحةَ الأولى |
وذقْ ما لم تذقهُ |
بثغركَ البَشَريِّ |
أُعصُرْ عناقيدَ الغِوايةَ باشتِهاءْ |
إسْكَرْ... |
فإنَّ الكَونَ ناياتٌ وخَمرٌ |
إنْ أجدتَ الارتِقاءْ |
وتدرَّجِ الآنَ الحُضُورَ |
الكاسحَ المنثورَ |
بين عوالمٍ |
أُخرُجْ إليكَ مِنَ الرُكامِ إلى الضِّياءْ |
أُسرجْ حِصانَ الوَحْيِ |
واحتضنِ البَهاءْ |
واشرب مِن النبعِ الخَفيِّ على القِمَمْ |
فطموحُكَ الآتي مقامُك في العَدمْ |
كثّفْ وصالَكَ |
واحتمالَكَ |
وانتقالَكَ |
هائمًا وعيًا وَفَمْ |
إنَّ الثَّواني في تَجليّكَ ارتقاءٌ |
بَرقُها عُمْرُ |
اصْعَدْ من اللَحظاتِ |
نَحوَ تَأبّدِ الأوقاتِ |
انّكَ حاضرٌ في كلِّ شَيءٍ |
في المكانِ وفي الثواني |
والدموعِ على الكمانِ |
وفي الأغاني والأماني والمَعاني |
فاحتفلْ بحضوركَ الضَّوْئيِّ والآنيِّ والأبديِّ |
واهجُرْ قلبكَ المَسكونَ بالوصلِ المقيمِ |
لكي تَصِلْ |
فالوَصْلُ هَجْرُ |
فلترتقِ الآنَ |
أنتَ منذُ الآنَ في سَمْتِ الحُضورِ |
وصَمتهِ... |
ونَشيدهِ الآتي |
فقولٌ ثمَّ رأيٌّ ثمَّ فكرُ |
وبدأُ سَطرٍ ثُمَّ نَثرٌ ثمَّ شِعرُ |
وخوضُ شُربٍ ثُمَّ ريٌّ ثمَّ سُكرُ |
وخطوُ سيرٍ ثمَ ركضٌ ثمَ كرُّ |
وريشُ جنحٍ ثمَّ صقرٌ ثمَّ نَسْرُ |
إزارُ نورٍ ثمَّ دِفءٌ ثمَّ جَمرُ |
ودفقُ سيلٍ ثمَّ نهرٌ ثمَّ بحرُ |
وصوتُ فردٍ ثمَّ مثنىً ثمَّ كُثْرُ |
وبعضُ يومٍ ثمَّ شهرٌ ثمَّ عمرُ |
غموضُ لغزٍ ثمَّ كشفٌ ثمَّ سِرُّ |
فلترتقِ الآنَ فأنتَ منذُ الآنَ |
مُنتصرٌ عليكَ |
وأنتَ الآنَ كالقبلاتِ مُستعرٌ ومُشتعلُ |
ومنتعلٌ خِفافَ الرّيحِ منتقلُ |
ومنطلقٌ برقصتكَ الجديدةِ |
فوقَ الجمرِ محتفلُ |
ومرتجلُ انتشاءكَ والمَدى قُبَلُ |
ومُنشغلٌ بوجدِكَ وانفرادِكَ وانتباهكَ واصطفائِكَ |
في صَفائِكَ |
يُشرقُ الأجلُ |
كبرقٍ ثاقبٍ ليلًا |
كخيلٍ تستفزُ جنونَها السُّبلُ |
توتَّرْ في خُطى وتَرٍ فإنّكَ هائمٌ ثَمِلُ |
فأنتَ الآنَ سَيِّدُ ذاتِكَ العُليا |
وأنتَ الآن مشتعِلٌ |
ومنتقلٌ |
ومرتحلٌ |
ومحتفلُ |
وأنــــــــت الآنَ |
أنــــــت الآنَ |
أنــــــتَ الآنَ |
تــــَـــكْتَــــمِـــــلُ |