سأفكفكُ أزْرار قميصِ الوردةِ سرّاً ﻓﻲ الليلْ |
فمُها كالسمكةِ، وردةُ هذا الليل |
قال الحطَّابُ القَرْفانُ المرميُّ بغابتهِ السمراء: |
يا هذا لا تستعجلْ |
ﻓﻲ الليل ورودٌ تَخْجلْ |
فتوشوشُ ﻓﻲ الفجر شقيقتَها بكلامٍ عيبْ |
وهناك ورودُ تَسْتَلُّ مخالبَها، لا تخجلْ |
تغتصبُ الزنبقَ ﻓﻲ الوادي، |
تحصدهُ بالشفرةِ والسيفِ، وبالمنجلْ |
كم واعدتُ الوردةَ ﻓﻲ الليل على سطح الليلْ |
كم كَذَبَتْ كالأسنانِ البيضاء الضاحكةِ بصدغيها |
كم خِفْتُ عليها |
وأنا ﻓﻲ غابة أشواك الصبر الأخضرْ |
أتقلَّى من غضبٍ كالماء الفائر ﻓﻲ المرْجَلْ |
تأتي، قد لا تأتي |
مطلوبٌ مني أن أتجمَّلْ |
تأتي، قد لا تأتي |
مطلوبٌ منّي ألاّ أسألْ |
سأنتّفُ أوراقَ الوردةِ حتى تأتيني الوردة |
سأفتّتُ هذا الحجرَ بكفيَّ مخدَّةْ |
أشرب كأس عصيرٍ من جَعْدَةْ |
أشرب وقْع مسافات الساقين المرمر |
ﻓﻲ قاع محطّات الزمن الأصفر |
أشرب زمناً ممدوداً ... وبطيئاً، |
ﻓﻲ منعرجات الدَفْتَرْ. |
سأحبكِ، |
هذا درب الليمون الفضّيْ |
يتلألأ بعد المطر الصيفي. |
سأحبك، |
هذا قلبي منثورٌ فوق الطرقات العرجاءْ |
هذا عودي، |
سأدندن أنشودةَ سهلِ مَجِدّو، |
عودي، |
هذا عودي الأخضر فوق شفاه الكنعانياتْ |
هذا دربُ البرقوق على خارطةٍ مهترئةْ |
هذا مَفْرِقُ مَعْصرة الزيتون |
هذا أثر الثعلب ﻓﻲ حقل القثّاء. |
سأبوسُكِ، بَسْ تيجي ، يا عمّتنا النخلةْ. |
ﻓﻲ سهل البطيخ الأشقر |
مَرْمَغْتُكِ بالرمل الأحمرْ |
غَمَّستُكِ بالزيت وخبز الطابون |
نَظَّفتُكِ بالصابون وملحِ الليمونْ |
فَرْفكتُكِ ﻓﻲ عتم الزمن الكُحليْ |
وسألقاك بدون السينات البدوية |
ثُمَّ أشمُّ مواويلكِ عن بُعدٍ، ألقاكِ، |
ولو رفرفت الغربانْ |
ألقاكِ غريقاً ، يتعلق ﻓﻲ البحر الأسود ، |
أخشاباً من غابة كنعان. |
سأخربشُ خجلي ﻓﻲ هيئة أفعى |
أرسُمُ سَاقيْها كالجدولْ |
أرسم ماءً يتدفق بين الخطين المصقولينْ. |
أرسم طيراً أخضرَ ﻓﻲ أطراف مغارات الغابة |
أرسم زهراتِ القندولِ على الصفّينْ. |
أرسم زنبقةً ووعولاً ، تتراكض ﻓﻲ الليل البُنّيْ |
ﻓﻲ سهل العنب الدابوقيْ |
أرسم طاقيَّةَ إخفاءٍ لأزوركِ ، |
ﺛﻢ أُكحّلُ جفنيكِ ... بلونينْ |
وأوزّعُ قافيتي وخيولي بين مَجِدّو ... وَمَجِدّو. |
ﻓﻲ سهل مجدّو يرتفع العَلَمُ الكنعانيْ: |
الأخضرُ زرعي ، داسوه بجرّافاتْ |
الأحمرُ، قُرباناً، أُهديهِ إلى الإيلْ |
كبشيْ، أُطلقُهُ من أجل مناماتْ |
الأبيضُ حقلُ الملحِ، شربناهُ على المُنعرجاتْ |
الأسود قهرٌ ﻓﻲ أضلعنا من زمنٍ فات. |
إنْ جاءت جفرا ﻓﻲ موعدها، |
أرسم نافذةً، وعلى الإفريز حمامة |
لاحقها صقرٌ كقذيفة نارْ |
أرسم فوق العشب مُسدَّسَها |
وإذا غابتْ، أرسمُها كزجاجٍ مكسورٍ ﻓﻲ المرآة |
أمطرُها برزيل الكلمات |
أرسمها تسعى، كالأفعى، أَشويها |
أُلقيها كالوردةِ ﻓﻲ العارْ. |
حين تَساقَطَ فوق سوالفِ أشجار الزينةْ |
مطرٌ ورذاذٌ من شبق الحبِّ الأخضرِ، |
أصبحتُ رهينةْ. |
كان هدير الصوت على الإسفلتْ |
أخبرني عصفورٌ دُوريٌّ مَرَّ على مقهى الشجرةْ |
أسمع همهمةً وعويلاً ﻓﻲ الخطوات البريَّة |
من خلفي هبطتْ فوق العينين أصابعُها |
قمتُ تحسستُ طراوتها ﻓﻲ الصمتْ. |
أعطتني أسئلةً ورموزاً وإشاراتْ |
ألقيتُ مسدَّس خوفي ﻓﻲ الوادي |
فكفكتُ الأسرار الوردية ﻓﻲ الليلْ |
فكفكتُ قميص الوردة. |
- كانت جفرا أنقى من ثلج السهل، |
تُسندني بأصابعها، تحميني. |
النهر الدمويُّ وحيداً، |
كان يُراقبُنا ﻓﻲ الليل المجهولْ |
مَغْيوظاً منّي ... كعذولْ. |