جفا ودهُ فازور أو مل صاحبهُ
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
جفا ودهُ فازور أو مل صاحبهُ | وأزرى به أن لا يزال يعاتبه |
خَلِيليَّ لاَ تسْتنْكِرا لَوْعَة َ الْهوى | ولا سلوة المحزون شطت حبائبهُ |
شفى النفس ما يلقى بعبدة عينهُ | وما كان يلقى قلبهُ وطبائبه |
فأقْصرَ عِرْزَامُ الْفُؤاد وإِنَّما | يميل به مسُّ الهوى فيطالبهُ |
إِذَا كان ذَوَّاقاً أخُوكَ منَ الْهَوَى | مُوَجَّهَة ً في كلِّ أوْب رَكَائبُهْ |
فَخَلّ لَهُ وَجْهَ الْفِرَاق وَلاَ تَكُنْ | مَطِيَّة َ رَحَّالٍ كَثيرٍ مَذاهبُهْ |
أخوك الذي إن ربتهُ قال إنما | أربت وإن عاتبته لان جانبه |
إذا كنت في كل الأمور معاتباً | صَديقَكَ لَمْ تَلْقَ الذي لاَ تُعَاتبُهْ |
فعش واحدا أو صل أخاك فإنه | مقارف ذَنْبٍ مَرَّة ً وَمُجَانِبُهْ |
إِذَا أنْتَ لَمْ تشْربْ مِراراً علَى الْقذى | ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه |
وليْلٍ دَجُوجِيٍّ تنامُ بناتُهُ | وأبْناؤُه منْ هوْله وربائبُهْ |
حميتُ به عيني وعين مطيتي | لذيذ الكرى حتى تجلت عصائبه |
ومَاءٍ تَرَى ريشَ الْغَطَاط بجَوِّه | خَفِيِّ الْحَيَا ما إِنْ تَلينُ نَضَائُبهْ |
قَريبٍ منْ التَّغْرير نَاءٍ عَن الْقُرَى | سَقَاني به مُسْتَعِملُ اللَّيْل دَائبُهْ |
حليف السرى لا يلتوي بمفازة | نَسَاهُ وَ لاَ تَعْتَلُّ منْهَا حَوَالبُهْ |
أمَقُّ غُرَيْريٌّ كأنَّ قُتُودَهُ | على مثلث يدمى من الحقب حاجبه |
غيور على أصحابه لا يرومهُ | خَليطٌ وَلا يَرْجُو سوَاهُ صَوَاحبُهْ |
إِذَا مَا رَعَى سَنَّيْن حَاوَلَ مسْحَلاً | يجد به تعذامه ويلاعبه |
أقب نفى أبناءه عن بناته | بذي الرَّضْم حَتَّى مَا تُحَسُّ ثَوَالبُهْ |
رَعَى وَرَعيْنَ الرَّطْبَ تسْعينَ لَيْلَة ً | على أبقٍ والروض تجري مذانبه |
فلما تولى الحر واعتصر الثرى | لَظَى الصَّيْف مِنْ نَجْمٍ تَوَقَّدَ لاَهِبُهْ |
وَطَارَتْ عَصَافيرُ الشَّقائق وَاكْتَسَى | منَ الآل أمْثَالَ الْمُلاَءِ مَسَاربُهْ |
وصد عن الشول القريع وأقفرت | ذُرَى الصَّمْد ممَّا اسْتَوْدَعَتْهُ مَوَاهبُهْ |
وَلاَذَ الْمَهَا بالظِلِّ وَاسْتَوْفَضَ السَّفَا | منَ الصَّيْف نَئَاجٌ تَخُبُّ مَوَاكبُهْ |
غَدَتْ عَانَة ٌ تَشْكُو بأبْصَارهَا الصَّدَى | إلى الجأب إلا أنها لا تخاطبه |
وظلَّ علَى علياءَ يَقْسِمُ أمْرهُ | أيَمْضِي لِوِرْد بَاكِراً أمْ يُواتـبُهُ |
فلمَّا بدا وجْهُ الزِّمَاعِ وَرَاعَهُ | من الليل وجه يمم الماء قاربه |
فَبَاتَ وقدْ أخْفى الظَّلاَمُ شُخُوصَها | يُنَاهبُها أُمَّ الْهُدى وتُناهبُهْ |
إذا رقصت في مهمه الليل ضمها | إِلَى نَهجٍ مِثْلَ الْمَجَرَّة لاَحِبُهْ |
إلى أن أصابت في الغطاط شريعة ً | من الماء بالأهوال حفت جوانبه |
بها صَخَبُ الْمُسْتوْفِضات علَى الْولَى | كما صخبت في يوم قيظ جنادبه |
فأقبلها عرض السري وعينهُ | ترود وفي الناموس من هو راقبه |
أخُو صيغة ٍ زُرْقٍ وصفْراءَ سمْحة ٍ | يَجاذبُها مُسْتحْصِدٌ وتُجاذبُهْ |
إذا رزمت أنَّت وأنَّ لها الصدى | أَنين الْمريض للْمريض يُجاوبُهْ |
كأن الغنى آلى يميناً غليظة ً | عليه خلا ما قربت لا يقاربه |
يؤول إلى أم ابنتين يؤودهُ | إِذا ما أتاها مُخْفِقاً أوْ تُصاخبُهْ |
فلما تدلى في السري وغره | غليلُ الْحشا منْ قانصٍ لاَ يُواثبُهْ |
رمى فأمر السهم يمسح بطنه | ولبَّاته فانْصاع والْموْتُ كاربُهْ |
ووافق أحجاراً ردعن نضيهُ | فأصبح منها عامراهُ وشاخبه |
يخاف المنايا إن ترحلت صاحبي | كأنَّ الْمَنَايَا في الْمُقَامِ تُناسبُهْ |
فقُلْتُ لهُ: إِنَّ العِراق مُقامُهُ | وَخِيمٌ إِذا هبَّتْ عليْك جنائبُهْ |
لعلَّك تسْدْني بسيْرك في الدُّجى | أخا ثقة ٍ تجدي عليك مناقبهْ |
من الْحيِّ قيْسٍ قيْسِ عيْلاَن إِنَّهُمْ | عيون الندى منهم تروى سحائبه |
إذا المجحد المحروم ضمت حبالهُ | حبائلهم سيقت إليه رغائبه |
ويومٍ عبوريٍّ طغا أو طغا به | لظاهُ فما يَرْوَى منَ الْمَاء شَاربُهْ |
رفعت به رحلي على متخطرفٍ | يزفُّ وقد أوفى على الجذل راكبهْ |
وأغبر رقَّاص الشخوص مضلة ً | مَوَاردُهُ مَجْهُولَة ٌ وَسَباسبُهْ |
لألقى بني عيلان إن فعالهم | تزيدُ علَى كُلِّ الْفعَال مَرَاكبُهْ |
ألاك الألى شقوا العمى بسيوفهم | عن الغي حتى أبصر الحق طالبه |
إذا ركبوا بالمشرفية والقنا | وأصبح مروان تعدُّ مواكبه |
فأيُّ امْرىء ٍ عاصٍ وأيُّ قبيلة ٍ | وأرْعَنَ لاَ تبْكي عليْه قرائبُهْ |
رويداً تصاهلُ بالعراقِ جيادنا | كأنكَ بالضحاك قَدْ قَامَ نادِبُهْ |
وَسَامٍ لمرْوانٍ ومِنْ دُونِهِ الشَّجَا | وهوْلٌ كلُجِّ الْبحْر جَاشتْ غواربُهْ |
أحلَّتْ به أمُّ الْمنايا بناتِها | بأسيافنا إنا ردى من نحاربه |
وما زال منَّا مُمْسكٌ بمدينة | يراقب أو ثغر تخاف مرازبه |
إِذَا الْملِكُ الْجبَّارُ صَعَّر خدَّهُ | مَشَيْنا إِليْه بالسُّيوف نُعاتبُهْ |
وكُنَّا إِذا دَبَّ الْعدُوَّ لسُخْطِنَا | ورَاقَبَنا في ظاهرٍ لا نُراقُبْه |
ركِبْنا لهْ جهْراً بكُلِّ مُثقَّفٍ | وأبْيضَ تَسْتَسْقِي الدِّماءَ مضاربُهْ |
وجيش كجنح الليل يرجف بالحصى | وبالشول والخطي حمر ثعالبهْ |
غَدَوْنا لهُ والشَّمْسُ فِي خِدْرِ أُمِّها | تُطالِعُنا والطَّلُّ لمْ يجْرِ ذائِبُهْ |
بِضرب يذُوقُ الْموْت منْ ذاق طَعَمَهُ | وتُدْرِكُ منْ نَجَّى الْفِرارُ مثالِبُهْ |
كأن مُثار النقع فوق رؤوسهم | وأسيافنا ليلٌ تهاوت كواكبه |
بعثنا لهم موت الفجاءة إننا | بنُو الْمُلْكِ خفَّاقٌ عليْنا سَبَائبُهْ |
فراحُوا: فرِيقاً فِي الإِسارِ ومِثْلُهُ | قتِيلٌ ومِثْلُ لاذَ بالْبحْرِ هارِبُهْ |
وأرْعنَ يغْشَى الشَّمْسَ لوْنُ حدِيدِهِ | وتخلس أبصار الكماة كتائبه |
تغص به الأرض الفضاء إذا غدا | تزاحم أركان الجبال مناكبه |
كأن جناباويه من خمس الوغى | شَمامٌ وَسلْمَى اوْ أَجأ وكواكِبُهْ |
تركنا به كلباً وقحطان تبتغي | مَجِيراً من القتْلِ المُطِلِّ مَقانِبُهْ |
أباحَتْ دِمَشْقاً خيْلُنا حين أُلْجِمَتْ | وآبت بها مغرور حمصٍ نوائبه |
ونالت فلسطيناً فعرد جمعها | عَنِ الْعارض المُسْتنِّ بِالْمَوتِ |
وقدْ نزلتْ مِنَّا بِتدْمُرَ نوْبَة ٌ | كذاك عُرُوضُ الشَّرّ تعْرُو نوائبه |
تعود بنفس لا تزل عن الهدى | كمَا زَاغَ عَنْهُ ثابِتٌ وأقارُبه |
دعا ابن سماكٍ للغواية ثابتٌ | جِهَاراً ولمْ يُرْشدْ بَنيهِ تَجَاربُه |
ونادى سعيداً فاستصب من الشقا | ذنُوباً كمَا صُبَّتْ عَليْهِ ذنائبُه |
ومن عَجَبٍ سَعْيُ ابْن أغْنمَ فيهمُ | وعثمان إن الدهر جم عجائبه |
ومَا منْهُمّا إِلاَّ وطار بشخْصِهِ | نجيبٌ وطارت للكلاب رواجبه |
أمَرْنا بهمْ صَدْرَ النَّهَارِ فصُلِّبُوا | وأمسى حميدٌ ينحتُ الجذع صالبه |
وباط ابن روح للجماعة إنهُ | زأرنا إليه فاقشعرت ذوائبه |
وبِالْكُوفة ِ الحُبْلَى جَلَبْنا بِخَيْلِنا | عليهم رعيل الموت إنا جوالبه |
أقمنا على هذا وذاك نساءهُ | مَآتِمَ تَدْعُو للبُكا فتُجاوِبه |
أيامى وزوجاتٍ كأن نهاءها | على الحزن أرءامُ الملا ورباربه |
بَكيْن عَلى مِثل السِّنانِ أصَابَهُ | حِمَامٌ بأيْدِينا فهُنَّ نوادِبُه |
فلمّا اشْتَفيْنا بِالْخِليفة ِ منْهُمُو | وصال بنا حتى تقضت مآربه |
دَلْفَنا إِلَى الضَّحَّاك نَصْرفُ بالرَّدَى | ومروان تدمى من جذام مخالبه |
معِدِّينَ ضِرْغاماً وَأسْودَ سَالِخاً | حُتُوفاً لمَنْ دَبِّتْ إِلَيْنَا عَقَاربُهْ |
وما أصبح الضحاكُ إلا كثابتٍ | عَصَانَا فَأرْسلْنَا المنيَّة تَادبُهْ |