وقفة أمام عام الحزن
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لمن يتدفَّق النَّغَمُ؟ | وماذا يكتب القَلَمُ ؟! | ومَنْ ترثي قصائدُنا؟ | وكيف يُصوَّر الألمُ؟ | إذا كان الأسى لَهَباً | فقُلْ لي: كيف أبتسمُ؟ | وقُلْ لي: كيف يحملني | إلى آفاقه الحُلُمُ؟ | إذا كانتْ مَوَاجعُنا | كمثل النَّارِ تضطرمُ | فقُلْ لي: كيف أُطْفِئُها | وموجُ الحزن يَلْتِطم؟! | أَعامَ الحُزْنِ، قد كَثُرَتْ | علينا هذه الثُّلَمُ | كأنَّك قد وعَدْتَ المَوْت | َ وعداً ليس ينفصمُ | فأنتَ تَفي بوعدكَ، | وهوَ يمضي ـ مسرعاً ـ بِهِمُو | ألستَ ترى رِكَاب الموتِ | بالأَحباب تنصرمُ؟! | ألستَ ترى حصونَ العلمِ | ـ رَأْيَ العينِ ـ تنهدم؟ | نودِّع ها هنا عَلَماً | ويرحل من هنا عَلَمُ | جهابذةُ العلوم مضوا | فدمعُ العين ينسجم | مضوا ـ وجميعُ مَنْ وردوا | مناهلَ علمهم ـ وَجَموا | تكاد الآلةُ الحًدْبَا | ءُ، والأَقدام تزدحِم | تطير بهم إلى الأعلى | وبالجوزاءِ تلتحمُ | أكادُ أقول: إنَّ الشِّعرَ، | لم يَسْلَمْ له نَغَمُ | وإنَّ عقاربَ الساعاتِ | لم يُحْسَبْ لها رقمُ | تشابهتِ البدايةُ والنهايةُ | واختفتْ "إرَمُ" | ونفَّــذ سَدُّ مَأْرِبَ كلَّ | ما نادى به "العَرِمُ" | هوى نجمُ الحديثِ كما | هوتْ من قبله قِمَمُ | وكم رجلٍ تموتُ بموتهِ | الأَجيــالُ والأُمَــــــــــمُ | أَناصرَ سُنَّة المختارِ، | دَرْبُــكَ قَصْــدُه أَمَـــمُ | رفعتَ لــواءَ سنَّـتنـا | ولم تَقْصُرْ بك الهِمَمُ | قَضَيْتَ العمرَ في عملٍ | بـه الأَوقــاتُ تُغْــتَـنَـمُ | خَدَمْتَ حديثَ خيرِ النَّاسِ، | لـم تسأمْ كمـن سئمـــوا | حديثُ المصطفى شُرِحَتْ | بــه الآيـــاتُ والحِكَــــــمُ | فنحن بنور سنَّتـــه | إلى القرآنِ نحتكـــمُ | خَدَمْتَ حديثَ خير النَّاسِ، | لم تُنْصِتْ لمن وَهِمـــــُوا | ولم تُشْغَلْ بما نثروا | من الأهواءِ أو نظموا | سَلِمْتَ بعلمك الصافي | من "البَلْوَى" وما سَلموا | غَنِمْتَ بما اتجهْتَ له | ومَنْ نشروا الهدى غَنموا | ومَنْ جعل العُلا هَدفاً | فلن ينتابَه السَّأَمُ | أَناصرَ سنَّة الهادي | سقاكَ الهاطلُ العَمَمُ | بكتْكَ الشَّامُ ـ وَيْحَ الشَّامِ ـ | أخفــتْ بَـــدْرَها الظُّـــلَمُ | وخيَّم فوق "أَرْدُنِها" | سحابٌ غـَيْــثُـــه الأَلمُ | بكتْ "ألبانيا" لعبتْ | بها أحقادُ من ظلموا | وعشَّش في مرابعها | بُغاثُ الطير والرَّخَمُ | بكاكَ المسجدُ القُدْسيُّ | والمدَنيُّ، والحَرَمُ | بكتْكَ سلاسلُ الكتبِ | التي كالدُّرِّ ، تنتظم | فسلسلةُ الأحاديث | التي صحَّتْ لمن فهموا | وسلسلةُ الأحاديث | التي ضَعُفَتْ لمن وَهموا | وتحقيقُ الأسانيد | التي ثبتتْ لمن علموا | علومٌ كلُّها شَرَفٌ | تعزُّ بعزِّها القِيَمُ | أناصرَ سنَّةِ الهادي | لنا من ديننا رَحِمُ | لقيتُكَ دونَ أن ألقاكَ، | تُورق بيننا الشِّيَمُ | لقيتُكَ في ظِلالِ العلمِ | والأزهارُ تبتسم | تجمِّعنا محبَّةُ خير | مَنْ سارتْ به قَدَمُ | خَدَمْتَ جَلال سنَّته | فيا طُوبى لمن خَدَموا | رحلْتَ رحيلَ مَنْ أخذوا | من الأمجادِ واقتسموا | كأنَّك لم تُدِرْ قلماً | ولم يُجْرِ الحديثَ فَمُ | حزنَّا، كيف لم نحزنْ | وشِرْيانُ القلوبِ دَمُ؟ | ولكنَّا برغم الحزنِ | لم يشطحْ بنا الكَلِمُ | نعبِّر عن مَواجعنا | وبالإسلام نلتزمُ | ولولا أنَّ أَنْفُسَنا | بربِّ الكون تعتصمُ | لَمَاجتْ بالأسى وغدتْ | أمام الحزن تنهزم | |
اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (عبدالرحمن العشماوي) .