(1) |
... ولوْ كنتَ - يا سيدي – عاشقاً، |
يُعذبُكَ الحُزْنُ أنّى ذَهبْت؛ |
لأدْركتَ أنّي بهذا الوجود : |
رسالةُ حُزنٍ، |
مُعلقةٌ في جِدارِ الزّمن. |
سأَتلو عليكَ نشيدِي الأخير، |
بقاياهُ منْ لوْعةِ المُستحيل : |
أنا قطعةٌ ذوّبتْها السّنين |
على شفَةِ الحُبّ - يا سيدي - |
على سفْحِ أهْدابيَ الغَارقات |
رَسمتُ طَريقِي فلا أَهتدي . |
(2) |
أنا مُتعَبٌ – سيدي – ، |
ومُنْطَرِحٌ في رُبى الحُزْنِ أبحثُ عنْ غَيمةٍ. |
وحينَ يُلامسُنِي الصّمتُ أَغفو . |
ويا سيدي، |
أتيتُ إليكَ أشقُّ سبيلي وحيداً ، |
أُقبّلُ كلَّ الخُطَى، |
وأَجْثو أمامَك. |
فذا مدمعِي راهبٌ يبحثُ عنْ صومَعة. |
مقلتايَ تنسكتَا في رِحابك ! |
وحينَ بصُرتُ بكَ اليومَ متكئاً فوقَ بؤبؤِ عيْني ! |
شددتُ وِثاقِي إليكَ بحَبْلِ التّوحد، |
وكنتُ أُحسّ بفوّاحةِ اليأْسِ تمخرُ فَوْقَ عُبابِ التّوجد! . |
وجلبابُ عينِي يُمزّقُهُ لحنُ أدْعيةِ الحُبِّ، |
ورغمَ تكلُّسِ كلِّ الصّور، |
لم تحنْ ساعةُ الصّفْرِ رَغْمَ انتظارَك، |
على حينِ أنّ البياضَ سيُسدلُ أستارَهُ المُومساتْ. |
(3) |
سيّدي، |
سرقُوا ناظرِي، |
لم أعدْ مُبْصراً .0 |
فهلا وهبتَ ليَ اليومَ رائحةً من جَسدْ |
ملؤهُ الكبرياء، |
فقارورةُ العِطْرِ منهُ ستنفخُ في ناظرِي الرّوح. |
(4) |
سيدي، |
فؤادِي الذي كانَ مَنْبَتَ كُلّ الصّور |
وكانتْ شرايينُهُ مَسْرَحاً للجَمال |
وفي صفحتيْهِ تراتيلُ حُبِّ البَشر |
عادَ - يا سيدي - |
تحفةً من دَمار . |
(5) |
سيدي، |
أرى اليأسَ يزحفُ بينَ الحواجبِ. |
لقدْ ضاعَ كُلّ الذي كنتُ أملكُ في غَيْهبِ الجُب، |
وحتى حُدودُ البَكارةِ مني، |
وحتى ملامحُ وجْهي، |
وحتى الخُطوطُ التي في يدي. |
ضاعَ كُلُّ الذي كنتُ أَمْلك، |
غيرَ ثُقْبٍ صغيرٍ أُطلُّ بهِ نحو بوابةِ الموت !! . |