(1) |
قلبي محترقٌ |
بصراخِ الغضبِ |
المصعوقِ |
المرشوم على الطّرقاتْ |
في تل الزعترِ |
في اليرموكِ |
وفي الوحداتْ |
في كلّ شوارعِ كل الأرضِ المحتلّهْ |
في كل شوارعِ كل الأرضِ الغير المحتلهْ |
(2) |
أقسم يا أهلي في تلّ الزعتَرْ |
أني أسمَعُكمْ |
وأراكمْ |
أقسمُ أني أنزِفُ |
أعطشُ |
أعرى وأجوعْ |
أتلوّى ألماً |
أتعثّرُ |
أغرقُ في بحر دم |
أغرقُ في بحر دمُوعْ |
(3) |
قلبيِ عصفورٌ |
نتفَ الريشَ |
وقاتَلَ |
قاتَلَ |
قاتَلَ حتى الموتْ |
في تلّ الزعتْر |
(4) |
من يُنْسيني الأيامِ البيضاءْ |
والأيامِ السوداءْ |
من يُنسيني العقدَ الأسطوريّ |
المتفرفط في البركِ الحمراءْ |
من يُنسيني الإخوانْ |
صعدوا |
صعدوا |
صعدوا في غيرِ أوانْ |
فانتحبتْ في وطَني كُلّ الألوانْ |
(5) |
من يُنسيني أطفالكَ يا تلّ الزعتَرْ |
والنبعةَ |
والشياحَ |
وسنّ الفيلْ |
من ينسيني الألفَ جريحٍ |
والألفَ الألفَ قتيل |
من ينُسيني أيلول |
ودير ياسينْ |
من يُنسيني الجرحى والقتلى |
المبقورينَ |
المبتورينَ |
المحروقينْ؟! |
من يُنسيني السير على الجُثثِ |
المصلوبةِ فوقَ عمودِ الشمسْ |
من ينُسيني العطشَ القاتلْ |
والجوع القاتلْ |
من ينُسيني الصمتَ العربيّ |
الصمت العربيّ |
الصمت العربيّ القاتلْ؟! |
من يُنسيني يا تلّ الزعترْ |
اللونَ الأسودْ |
واللونَ الأخضرْ |
واللون الأبيضْ |
الغارقَ في اللونِ الأحمرْ؟! |
(6) |
أطلالُكَ يا تلّ الزعترْ |
رائحةُ الموتِ الشامخ |
والمجدول بأرصفةِ الطرُقاتْ |
رائحةُ الدّمّ المحروقِ |
المغزولِ بأناتِ الجرحى |
المهروصينَ بأقدام الدباباتْ |
ستظلّ معلقةً في عُنقِ الشمسْ |
ستظلْ علامة طهرٍ |
لعروسٍ |
في ليلةِ عُرْسْ |
(7) |
آهٍ |
من يُعطيني جُرْعةَ ماءٍ |
تروي ظمئي |
من يُعطيني لقمةَ خبزٍ |
تُسكت جوعي |
من يُعْطيني قطعةَ شاشٍ |
أعصبُ جُرْحي |
من يُعطيني ثوباَ |
أكسو عورةَ جسمي |
من يُعطيني رشاشْ |
من يُعطيني إسمي |
أني أبحثُ في القطرةِ |
عن إسمي |
إني أبحث في اللقمةِ |
عن إسمي |
إني أبحث في العبثِ المتلفع باللاشيء |
عن إسمي |
عن إسمي |
عن إسمي |
ووجدتُ اسمي |
محفوراً في قلب الموتْ |
فقتلتُ الموتْ |
وأخذتُ اسمي |
لكنهم |
سرقوا اسمي |
ووجدتُ اسمي وشماً |
في كفّ الشمسْ |
فقطفتُ الشمسْ |
ونزعتُ اسمي |
لكنهمُ |
سرقوا اسمي |
ووجدت اسمي عصفوراً |
يشدو في المرجِ الأخضرْ |
ففرحتُ…فرحتْ |
لكنهمُ |
قتلوا اسمي |
فاختلط الأسودُ والأبيضُ والأخضرُ والأحمر |
صارَ اسمي علماً |
يحميني |
صار طعاماً وشراباً ودواءً يشفيني |
صار اسمي ثوباً يكسوني |
صار اسمي قنديلا |
فوقَ جبيني |
(8) |
آهٍ |
من يجعلني قطرةَ ماءٍ |
تروي طفلاً |
من يَجْعَلُني لُقمةَ خبزٍ |
لتردّ الروحَ لشيخ معصورِ البطنْ |
يتلوّى في تلّ الزعترْ |
من يجعلني قطرةَ يودٍ |
تلثُم جُرْحاً ينزفْ |
من يجعلني ضمّادةْ |
من يجعلني |
تحت الرأس المثقَلِ بالأحزانِ |
وسادةْ؟! |
(9) |
يا تلّ الزعتْر |
خذني حبّةَ رملٍ تشرب جرحَكْ |
خذني قبلةَ شوقٍ تلثُمُ كَفّيْكْ |
خذني دَمعةَ فخرٍ |
تتبسم في جَفْنَيْكْ |
يا تلّ الزعترْ |
إني أتمنّى … أتمنىّ |
لو أغفو بينَ ذراعيكْ |
أتمنى لو أحمل اسمكْ |
يا غُنوةَ مجدٍ خالدةً في ثغرِ الكونْ |
يا نغماً أسطوريّ النكهةِ واللونْ |
يا جرحاً أبدياً ينزف مسكاً |
ينزفُ عَنْبَرْ |
يا تلّ الزعترْ |
(10) |
أبكيك! |
ودموعي بركةُ نارْ |
أبكيك! |
والكبريتُ المحروقُ بحلقي |
قيد حديدْ |
وأنا أتأرجح بينَ الفخرِ وبينَ العارْ |
يخنقُني حبّكْ |
يقتلني حبّك |
يبعثني حبّكَ يا تلّ الزعتر |
من قلبِ النارْ |
* |
1976م |