قَدْ أُجَافِي |
وَ قَدْ لاَ أُجَافِي |
وَ لَكِنَّهَا الأَرْضُ - مُذْ عَهْدِ آدَمَ - |
خَاتِمَةٌ لِلْمَنَافِِي... |
فَافْرَحِي يَا فَتَاتِي الحَزِينَةَ |
وَ اغْتَنِمِي بَعْضَ مَا فِي.. |
قَبْلَ أَنْ أَسْتَبِيحَ القَوَافِي... |
أَنْتَ لَسْتَ الغَرِيبُ الوَحِيدُ |
يُبَلَّلُهُ مَطَرُ نَادِرٌ |
أَوْ تُظَلِّلُهُ غَيْمَةٌ شَارِدَهْ |
أَنْتَ مِثْلُ الجَمِيعِ |
تَقُولُ المَدَى ضَيِّقٌ |
فَتُرَاهِنُ أَنْ يَحْبُلَ المَوْجُ |
يُولَدُ عُرْسُ البِحَارِ |
تَعُودُ النَوارِسُ مَخْتُومَةً بِالحَنِينِ |
إِلى عُشْبِ مِيلاَدِهاَ |
وَاقِفٌ حُزْنُكَ - الآنَ - |
مَا بَيْنَ ذَاتَ اليَمِينِ |
و ذَاتِ الشِّماَلِ |
و ذَاتَ العُيُونِ التِي أَوقَفَتْ حُلْمَهاَ لِلصَّباَحْ |
تَتَحَرَّى المَسَافَةَ... |
تَكْتُبُ حاَشِيَةً لاتِّجَاهِ الطُّيُورِ |
وَ تَشْرَحُ مِتْنَ الشُّمُوسِ التِي اخْتَبَأَتْ فِي المَتاَحِفِ |
مُنْذُ ارْتِدَادِ القَمَرْ |
طاَبِعٌ لِلْبَريدْ |
طاَبِعٌ لِلْمَطَرْ |
طاَبِعٌ لِلْحَماَمِ الأَلِيفِ |
يَقُدُّ اصْطِباَراَتِناَ مِنْ جَلِيدٍ |
وَ أَشْواَقَناَ مِنْ حَجَرْ |
طاَبِعٌ يَحْمِلُ النَّصْرَ مِنْ كَرْبَلاءَ |
فَيَرْفَعُ راَياَتِناَ فاَرِسٌ مُنْكَسِرْ |
قاَلَتِ: |
الأَرْضُ - مُذْ عَهْدِ آدَمَ - |
خاَتِمَةٌ لِلْمَناَفِي... |
فَكَيْفَ أُغَنِّيكَ أُغْنِيَةً لِلْخُرُوجِ |
وَ كُلُّ الدَّواَئِرِ مُغْلَقَةٌ |
وَ التَواَبِيتُ مَوقُوتَةٌ... |
سَأُغَنِّيكَ أُغْنِيَةَ الانْهِياَرِ النِّهاَئِيِّ لِلْقَلْبِ |
وَ القَلْبُ مُسْتَوْدَعٌ لِلْجِراَحِ القَدِيمَةِ |
مُسْتَنْقَعٌ لِلْجِرَاحِ الجَدِيدَةِ |
وَ الفاَرِسُ الَعَرَبِيُّ يُضاَجِعُ كُلَّ مَساَءٍ هَزِيمَتَهُ |
وَ يُغَيِّرُ كُلَّ صَباَحٍ أَناَشِيدَهُ الوَطَنِيّةَ |
فِي لَذَّةٍ مُشْتَهاَةْ.. |
أَنْتَ تَعْرِفُ كُلَّ الذِي خَبَّأَتْهُ المَدِينَةُ |
فِي مَوْسِمٍ للرُّعاَفِ |
وَ كُلَّ الذِي غاَبَ عَنْ وَطَنٍ داَمِسٍ |
فَاحْتَوَتْهُ الجَراَئِدُ |
أَو جاَهَرَتْ فِي الشِّتاَءِ بأَسْراَرِهِ الطُرُقاَتْ |
مُتْعَبٌ أَنْتَ |
مُنْقَسِمٌ كاَلنَّوَاةْ... |
بَيْنَ تأشيرة للسُّجُودِ |
وَ تأشيرة لِتَخَطِّي سِياَجِ المُدُنْ |
مُتْعَبٌ أَنْتَ |
مُنْقَسِمٌ كَالوَطَنْ |
سَتُهاَجِرُ عَمَّا قَرِيبٍ |
وَ تَتْرُكُ فِي مُضْغَةِ القَلْبِ أَحْزاَنَ مَنْ سَأَلُوا |
لَمْ يَقُولُوا وَداَعاً |
- وَ لَكِنَّهاَ الأَرْضُ خاَتِمَةٌ لِلْمَناَفِي - |
سَتَزْدَادُ أَحْلاَمُكَ السَّاحِلِيَّةُ |
تَعْلُو.... |
فَيَعْلُو سِياَجُ المّدِينَةِ |
تَكْبُرُ..... |
يَكْبُرُ.. |
تَرْتاَحُ... |
يَرْتاَحُ.. |
تَأْوي إلى النَّبْعِ كَيْ لاَ تَضِيعَ خُطاَكْ |
وَ سَتَذْكُرُ وَجْهَ أَبٍ يَتَشَهَّى مِزاَجاً لأَحْفاَدِهِ |
فِي انْزِعاَجِكَ |
أَوْ فِي رِضاَكْ |
( صَرْخَةُ المَهْدِ فِي أَوْجُهِ الزَّائِرِينْ |
طَلْقَةٌ فِي المَدَى |
تَغْمُرُ الشَّّارِعَ المُتَماَيِلَ بِالعَسْكَرِ الوَافِدِينَ |
وَ أنْتَ المَلاَكُ |
المَلاَكْ ) |
أَيُّهاَ الماَرِدُ البِكْرُ جَلَّتْ رُؤَاكْ |
أَيُّهاَ الماَرِدُ البِكْرُ ضاَعَتْ خُطاَكْ |
صِرْتَ لِي وَطَناً |
ثُمَّ صِرْتُ أُناَدِيكَ |
ياَ وَطَنِي |
كُلَّماَ جاَهَرَ الآخَرُونَ بِأَوْطاَنِهِمْ |
أَنْتَ حُلْمِي الذِي خَمَّرَتْهُ السِنُونُ الطَّوِيلَةُ |
أَرضَعْتَنِي زَمْزَماً مِنْ ضَجِيجِ التُّراَبْ |
عَطَشاً مِنْ رَحِيلِ السُّفُنْ |
أَنْتَ عَلَّمْتَنِي كَيْفَ أَمْشِي |
وَ كَيْفَ اُفَرِّقُ بَيْنَ الهَوَى وَ الهَوَى |
كَيْفَ أَقْتَرِفُ الصَّمْتَ فِي لَحْظَةٍ عاَبِرَهْ |
كَيْفَ أَلْتَمِسُ المَغْفِرَهْ |
كَيْفَ أَعْشَقُ قَلْباً أَرى اللهَ فِي نَبْضِهِ |
كَيْفَ أَحْتَجُّ إِنْ ضَلًّ صاَحِبُهُمْ |
أَوْ غَوَى |
زَرَعٌ أَنْتَ |
أَخْرجَ مِنْ شَطْئِهِ كِبْرِياَءً |
فَآزَرَ |
ثُمَّ اسْتَوَى |
تُحْفَةٌ أَنْتَ |
تُفَّاحَةٌ |
إِنْ تَشَهَّاكَ تُجّارُ هَذِي المَدينَةِ |
أَوْ زَايَدُوا فِي انْتِماَئِكَ |
مَنْ أَأْتَمِنْ ؟ |
كَيْفَ أَكْتُمُ كُلِّ الخِصاَلِ التِي بَيْنَ قَلْبِي |
وَ هَذَا الوَطَنْ ..؟ |
كَيْفَ أَمْضِي إِذَنْ |
مُسْتَقِرِّ الخُطَى |
مُسْتَنِيرَ الجَبِينْ ؟ |
وَطَنٌ مِنْ تُراَبْ |
وَطَنٌ مِنْ حَرِيرْ |
وَطَنٌ كَالكِتاَبْ |
وَطَنٌ كَالسَّدِيرْ |
وَطَنٌ لارْتِطاَمِ الضَحاَياَ |
و سَجّادَةٌ لِلْمَلاَذِ الأَخِيرْ... |