أرشيف الشعر العربي

هل تشربينَ البـُنْ ؟

هل تشربينَ البـُنْ ؟

مدة قراءة القصيدة : 3 دقائق .

هل تشربينَ البـُنْ ؟

قلتُ

وهل لديكِ الوقتَ كي نختارَ

طاولة يجللها غباري ؟

النادِلُ المعتوهُ يرقبنا

ويقرأ ما أقول بنظرتي

والجمعُ يرقبنا ويقرأ ما أقولُ

كلاهما يصبو لقتلي وانكساري

.

وأنا هنا

وكأنّ لا أحَداً جواركِ

ترسلينَ الطرفَ لهواً

صوبَ من يجثو جواري

.

وانا هنا

ويكادُ يدهسني كلامكِ مع سوايَ

أكادُ مثلَ الحصوِ تحتَ الخيلِ

في فرٍّ وكرٍّ مثل قمحٍ في رحىً

تدوي بليلٍ مع نهارِ

.

وانا هنا

فزّاعة ، يغزوا الجراد سنابلي

من كلِّ صوبٍ ،

يا إلهي لم يَعدْ بالأرضِ قمحٌ

غيرَ قمحي ،

لم يعدْ بالأرضِ زرعٌ

غيرَ زرعي ،

لم يعدْ غيرَ اخضراري

للجرادِ وللمناجلِ لم يعدْ

غيرَ اخضراري

.

الحبّ يأكلني

وصدّكِ يستشفّ دمي

وجسمكِ كلما حدقتُ فيهِ

رأيتُ عاصمة رأيتُ بهِ

الفصول الاربعة ،

ورأيتُ ميلادي / احتضاري

.

لا الشعر يسعفـُني

وعيناكِ اللتانِ تضيِّقانِ البحر

اكبر من نشيدي

.

من قوافي الجاهليةِ

من خيالِ المحدثينَ

ومن سماءِ الصيفِ في

وضحِ النهارِ

.

ترفٌ بــها ترِفُ

قلبي لـــــها يَقِفُ

سيرائـــها قصَبٌ

من خلفـــِهِ تحَفُ

وَقفت لـــها بــاءٌ

جلست لـها ألِـفُ

سبحانَ طلـّتــــها

جلـّت إذا أصِـفُ

الخمرُ مـازجـها

أم شفـّـها الشّففُ

.

نحلٌ بأوردتي

كأني حينَ قبـّلتُ الشفاهَ

نمت بداخِلِيَ الزهورُ

كأني حينَ قبـّلتُ اليدينَ

رأيتُ أنّ غدي يُخبـّىءُ لي الهدايا

والنبيذ وضحكتينِ

رأيتُ أنّ غدي سيقتلـُه انتظاري

.

هل تشربينَ البُنْ ؟

الليلُ أجملُ منهُ شَعركِ

والمكان مؤهـّلٌ كي نمزجَ

الشـّفتينِ في شفةٍ

ونمزج طينة الجسدينِ في جسدٍ

لنطفأ ما اعترانا من لهيبِ الأمسْ

هل تتذكـّرينَ الأمسْ ؟

سفِكَ النبيذ ُ على بياضِ شراشفي

كُسِرت جراري من دبيبِ الهمسْ

هل تتذكـّرينَ الأمسْ ؟

وأرى المكان مؤهلاً لغِنائِنا

غنـّي كما بُزُقٍ يرتـِّلُ مجدَ استانبولَ

وافترشي المدى وقِفي

على الشبـّاكِ وارمي لي نثاري

.

فـي وجهها فرَحٌ

في مشيـها ألـــقُ

والشـَّعرُ منسرحٌ

والنـهـــدُ منبثـقُ

يا خدّهــــا بَلـَـحٌ

فـي لونـهِ الشفقُ

يا ثغرهـــا قـَدَحٌ

ورضابهُ عــَرَقُ

.

القلبُ يرغمني

لأحني قامتي ،

وأضمّ قبـّعتي لنخلٍ شامخٍ

وألمّ ذيلَ الثوبِ من خلفِ المليكةِ ،

يُرغمُ القلب الذي أسرتهُ أن يسقي بنفسجها

ويسند فلة ً قـُصفت ، ويرغمني

بقلعِ النرجسِ النامي على لغتي

وأعملُ حارساً لحديقةٍ

من بعدما ملكت يدايَ البرّ

وامتثلت نساء الأرض في كنفي جَواري

.

إن جئتُ ألـثمـهـا

قالت لـــيَ الوقتُ

أو ما استحيتَ أنا

رغــمَ الهوى بنتُ

فـــأعـودُ منكسـفاً

أوَ يشترى البختُ

إذ قـبـلـة عصيت

أيضـمـنـا تـخــتُ

.

الوقتُ مشكلتي

وساعتيَ المريضة بينَ تكـّتها

وتكـّتها تبدّل عالمٍ

وإذا طلبتُ الحبّ قالت لي :

دعِ الأيام تنضجهُ لتأكلني /

لتأكلهُ ككعكِ العيدِ صبح العيدِ

وارقبهُ على الشـّباكِ

واحذر أن تفوتكَ غفوة

فالحبّ لا يأتي لقلبٍ مرّتينِ

فرُحتُ أقترفُ البلاغة لاختصارِ

الوقتِ من لهفي ،

وفي عجلٍ ركضتُ ...

ركضتُ للشـّباكِ أبتدىءُ انتظاري.

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (محمد عريقات) .


روائع الشيخ عبدالكريم خضير