عبأتُ آنيتي رضاباً |
من شفاهِ الغيمِ |
واحتارتْ زهورُ دمائيَ البيضاءِ في أمري |
فهل ستكذبينَ توسدي للجيدِ |
والإنصاتَ للأنفاسِ وهي تشيعُ سرَّ ضياعِها؟ |
أنا حالةٌ وثنية في العشقِِ |
أنتظرُ الهواءَ |
ولا أبالي بالتفاصيلِ الدقيقةِ |
لا أحبُّ الشعرَ إن ضحكتْ نواجذه |
ولا أقوى على لثم الصخور |
ولا أجاهدُ كي يُزكيَني البنسفجُ |
أستطيعُ الموتَ في صخب الرحيل |
ولا أريد لفكرتي ان تستطيبَ الإنقيادَ إلى مداديَ |
ربما سأطلُّ يوما من دمي |
لأعيدَ ترتيبَ المواعيدِ التي فيها انتحارُ قصائدي |
أنا شاعرٌ معشوشبٌ |
كُتبَ اللهاثُ على حروفي |
أمشي على الكلمات كالمجنونِ |
أركضُ بينَ ألغامِ الفواصل |
لا تريدُ ليَ الهوامشُ أن أمتعَ ناظريَّ بنعنع الرؤيا |
وأسكنُ بينَ قضبانِ الحضارةِ |
إنني متواطئٌ مع غربةٍ لا تنتهي |
أغفو على إسفنجة الأحلامِ |
أصحو بعد حينٍ... أبصقُ الحُمّى |
وأسألُ أمتي عن حالها |
وأعودُ مسكوناً بسكرٍ من شرابٍ ممعنٍ في العصفِ |
كان مزاجه من حنطة اللاشيءِ |
إن القلبَ يا ريحانتي يهديك نقطة ضعفه... |
حتما... ستغتابُ النوارسُ جثتينا |
ولسوف تأخذنا المكائدُ رقصةً لجنونها... |
حتما ستزهر في مفاتننا القروحُ المزمنة |
فلمن إذن وُلدتْ رياحُ الأمكنة؟ |
ولمن إذن ثقبَ الحمامُ هديلََه؟ |
ولمن إذن نسيتْ رماليَ نفسَها؟ |
قد عدتُ يحملني جناحُ اليأس |
لا تتوقعي مني التجمُّلَ بالأعاصير التي هدأتْ بلابلُها |
ولا تتوقعي مني افتداءَ قصائدي بالموتِ |
لا أحتاجُ إلا للرحيل عن البلاد الجاحدة |
إني غريبٌ بين تجار العواطف |
بين من يتقاسمونَ الأمنيات المنتنة |
أنا قصة صوفية متلونة |
علمتُ قافيتي هدوءَ الشمس |
عشقَ النسر للتحليقِ |
إفلاتَ البحار من الحدود الباهتة |
إطلاقَ كوكبةِ الصهيل من الاعنة |
رغبةَ الأعيادِ في نثر الهدايا عند أقدام الطفولة |
إن سيفَ الروحِ يضربُ كل أعناق التساؤلِ |
يا رضوخ القمة الشماء |
لا تمسح مدامع عشقنا |
إن النهاية نقطة في سفر موت الأزمنة |
وأنا أحاورُ غربتي |
كلُّ احتمالاتِ ارتحاليَ ممكنة |
الصفرةُ الرقطاءُ في لون السماءْ |
والأبيضُ المهموسُ في لون الشوارعِ |
واحتراق الوقتِ في الفعل المضارعِ |
كلُّها وقفتْ أماميَ كي تسامرَنا الخطيئةُ |
فاتكئتُ على الإرادةِ |
واحتميتُ بكوكبٍ يبكي مساءً موطنَه |
وأرقتُ حبريَ فوق صدر السوسنة |
* * * |
قالت ليَ الدنيا |
أرادَ العشقُ رأسكَ |
فانتصرْ دوماً على ثعبانِه |
قالت ليَ الدنيا |
تسللْ من فراغات القوانينِ |
افتعل أزماتك الكبرى تكنْ ملكَ الجروح وروحَها |
سدد لشانئك الهجاءْ |
وابتر سلاسل صوته الصماءِ في كبد السماءْ |
قالت لي الدنيا |
إذا يبستْ أكفُّ الغيم قبِّلها |
دروبك عُبِّدت بالشوكِ والعقباتِ |
فاسلكْ ما تراهُ مناسباً نحوَ المساحاتِ النظيفةِ |
لا تكن يوماً صريعَ الرهبنة |
قالت ليَ الدنيا |
خذ الدنيا غلاباً |
لا تعش ذلَّ السيوف المذعنة |
لا تعترفْ بالفجرِ |
إن الفجرَ يشبهُ نشوة الكذابِ |
لا تطرقْ زجاجَ البحرِ والأبوابَ |
مهما كان لحمُ الشعر غضاً |
والقصائدُ لينة |
قالت ليَ الدنيا |
وأولُ قولها يمشي على وتر الأغاني المحزنة |
كلُّ احتمالات ارتحالكَ ممكنة |
* |
فلسطين - 29 آذار 2006 |