قل وداعاً
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
يا حزنُ حسبك أنني | في دربك الموبوءِ بالهمِّ أسيرْ | الليلُ بين جوانحي | نزعَ الستارَ وراح يعرضُ | مسرحياتِ الدموعِ | وسطوةَ القدرِ الضريرْ | قصص المحبينَ العظامِ | تركتها | في دفترِ الموتِ تعاني | َسكْرة الإحساسِ | بالفقد المريرْ | يا هل ترى الموتُ الذي | نخشاهُ | يكتب للأحبة دائماً ؟! | يا هل ترى الموتُ الذي | أخشاهُ | - قبل اليوم - | لم يرهقه خطويَ | في الهروب ولم يملَّ | حكاية الثأرِ القديمِ | ولم يفكِّر | في الزواجِ ليتركَ العمرَ الحزينَ | على مشارفِ فرحتي | وأراه في دوَّامةِ الأحزانِ | يطلب لابنه | بعضَ الدواءِ | ويشتري عمراً له ؟! | أمشي .. أراهُ | بكلِّ شيءٍ عالقٍ | يصطاد أحبابي | ويطعنُ بالحرابِ حكايتي | وبعين شرٍّ | يقتفي أثري | ويتركني لبعض الوقتِ | كي أهب الرمالَ | إلى القصورِ .. | وموجُ هذا الدهر | يفعل ما يريدْ | *** | ماذا يريد | وألف ثأرٍ قد أخذْ | ماذا يريد وكلّ يومٍ | يدفنُ الأحلامَ في قبرِ الزمانِ | يمارسُ القهرَ اللعينَ | على رقابِ أحبتي | واليوم يرصدُ توأمي | في حجرة الأمصالِ يُرسلُ | ألفَ وجهٍ للدموعِ | وجرح قلبٍ نازفٍ | ما بين لحدِ الموتِ والفرحِ المصاحبِ | للحياةِ شُعيرةٌ | وأنا أناديَ يا معاويةُ الطبيبُ | ألا انتظرْ | قل لي كلاماً | عن شُعيرتك المهيبةَ في الحياةِ | وخذْ حياتي | كي تعلمني الدهاءَ | لكي أريحَ وأستريحَ | وقل لهذا الضيفِ | لا أهلاً بمقدمه الذي | منه ارتعدنا | في ربوع الصيفِ , لا سلمتْ يداهُ | ولا أتى هذا الصباحْ | **** | بيني وبين الموتِ | ثمَّ تعارضٌ وتوافقٌ | وصداقةٌ | أزليةٌ | تجتاحُ مفتاحَ القصيدةِ | للبكارةِ في الدموعْ | بيني وبين شواطئ الأوجاعِ | وجهٌ غارقٌ | وسفائنُ القرصانِ | تبحث عن جديٍد , | بين أمواج الخضوعْ | وأخي هنالك | في سرير الآهةِ الهوجاءِ | ننعي حظَّه , و( الأوكسجينُ ) | يعيدُ للصدر الحياةَ | بنبض عُمرٍ مضطربْ | يا موت لا .. | لا تقتربْ | هذا أنا | الصدرُ نفسُ الصدرِ أرضعني | وأرضعه الحياةْْ | يا موتُ نفسُ طفولتي | وملامحي | ورغيفِ عمري | قد قسمناه معاً | في الحقل ما بين الفراشِ | وخلفَ أحلامِ اليمامِ | وصيدَ أسماكِ القلوبِ | طُفولةٌ | لشجيرةِ الجُمِّيز , | للتوتِ المصاحبِ للطيِورِ | لحفلةِ الأفراحِ في كرةِ القدمْ | للقبَّرات الخضر | في حقل البكورِ | صداقةٌ | للساهر الليليِّ | ذي الوجهِ الرحيبِ | هناك في أفق الطفولة.. فرحتانِ | وفي زمان الأوفياءِ | شجيرةُ الصفصافِ | أرختْ حُزنها | وتفتَّح النوَّارُ | في فصلِ العطاءِ | بعمرنا | في زيِّ مدرسةِ الأماني | كم حَلُمْنا بالحياةِ | بثوبها الفضفاضِ والحسن البهي | ولكم سهرنا في الشتاءِ | نديرُ ساقيةَ الرجاءِ | نداعبُ الأملَ السَّني | **** | ولتستمع يا موتُ | هذا الصوتُ يأتي باليقينِ | شجيرةُ الأحلامِ | ترجوك ... اختصرْ | وتقول يا أبتي انتظرْ | أنا بنتُ مَوتٍ | والحقيقةُ .. هاهنا | قلبانِ في ظلِّ العبيرِ | وروعةِ الغصنِ الحريرِ , | تشاجرا , | وتعانقا | من أجل بسمةِ طفلةٍ , | من أجل طائرة الورقْ | سمعا حكاياتِ العفاريتِ | وست الحُسنِ | والشاطر حَسنْ | والسندباد الفذ | في بحرِ المصاعبِ | والغرقْ | يا موت لا .. | لا دعه لي .. | ولنفترقْ | يا أيها الجَشِعُ الذي | لم يكفه جنسٌ ولا | لونٌ ولا , | عصرٌ مَرَقْ | صعبٌ أراكَ بمنجلِ الحصَّادِ | تبغي دوحتي | أمسٌ وقبلُ الأمسِ | مارستَ الفَنَاءَ ولم أقلْ .. | لك نفترقْ | اليوم لا , | أرجوك لا , | فلنستبقْ | لا تخشَ إن – يومًا - ذهبنا | من أمامك | أن نضيعَ إلى الأبدْ | ما شئت ينفذ يا إله الحزنِ | يا سيفَ الأجلْ | لا تخش إن يوماً ذهبنا | من أمامك | أن تظلَّ بلا عملْ | *** | يا أيها الاسمُ المعتقُ | في السنين المُرةِ الأحداقِ | لا تخفْ الحياةْ | إن الحياةَ جميلةٌ | والزهرُ فوَّاحٌ شذاه | إن الطبيعةَ | - أمُّنا - | قد مارستْ حقَّ البقاءِ | وأنت قدَّست الفناءَ , | ولم تذق طعم الشفاه | والكون أرحب ما يكون إذا اعتزلت | وماتَ موتُك , | وانتفضتَ مع الحياةْ | **** | يا موتُ | يا موتُ دعْ ( محمودَ ) أو خذني أنا | فأنا مريضٌّ بالهوى , | ( وعُهودُ ) بانتْ , | لم يعدْ لي في الوجودِ | سوى القلقْ | وأنا المُعنَّى بالهمومِ | وبالشقاءِ , ولم أفقْ | من ضربِ سوطِك | في الصباحِ وفي المساءِ .. | لم القلقْ ؟! | والثأرُ ما بيني وبينك | فانتظرْ | فأنا أوافقُ أن أسيرَ | إلى رحابِك حاملاً | ذلَّ الكفنْ | ليمرّ سِكينُ الخلاصِ | على الرقابِ , على العُمُرْ | أنا رهنُ شارتكِ البغيضةِ | فانتظرني | عند ناصيةِ المواتِ | ولا أريد بأن أراكَ اليومَ | إن مزاج هذا الصبحِ | ليس كما يُرادْ | وأنا اعترفت , | أنا اعترفت , | بأن سيفك صارمٌ , | ولي الترددُ في قبولِ العرضِ | أو رفضِ الخلودِ | فقل وداعاً , | قل وداعاً , | يا مليك الحزنِ وقتٌ آخرٌ | تتقابل الأضدادُ فيه | مع الشهود ! | حُمِّيَّات الإسكندرية | |
اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (عاطف الجندي) .