هل تقتفيكَ مدارجُ الكلمـــاتِ |
يا ساكن الوجدان والنّبضـات ؟ |
تتأجج الأشواق بين جوانِحي |
والقلبُ يَجهَد مُربَك الخفقـــات |
أشكو إلى الأسحار لفْح مشاعري |
وأذوب بين مفاِصل النّفثـــــــات |
أحْييتُ ليلي واقتنصتُ ظـــــلالَه |
للبوح والتّسهيد والآهــــــــــات |
مالي أُطاردُ مشبَعًا بحرائــــقي |
طيفا من الأحلام في الغفـَـوات ؟ |
هل لي بشرح وهيج قلب قانِت |
متبتِّل في غيهب الصــــلوات؟ |
إنّي أُحبّ ولن أبــــــوح بسرّه |
ذاك الذي يعلو على النّظـرات |
سيظلُّ يفتنني وأجبُن دونـــَــه |
ويظل عند الناس في النكِـرات |
ما أروع الأسماء حين نضمُّها |
وسط الفؤاد ودافئ الجنَبــــات |
ونشفُّ مثل قصيدةٍ عــــذرية |
تتوسّل التلميحَ بالهمســــــات |
إني شِرقت بلهفتي مُتحـــــرِّقا |
ولثمتُ وجه الله بالدعـــوات |
ومن الشجاعة أن تبوحَ بدمعة |
ومن الشفاء تدفُّق العَبــــَرات |
قد يذرفُ الولهان قََطْرشجونه |
عِقدا على الخدَّين كالجمرات |
أو يستلذّ الصمتَ حين فُجاءة |
ويفيضُ بركانا من البَسمـــات |
وتراه من فرحٍ يُحاورُ غيمــــــــة |
ويُناوش الأطيار والزهـــــــرات |
عجبٌ هو الحبّ الذي انبجست به |
الأكوان في حُللٍ وفي نغمــــات |
**** |
دع عنكَ وصف الحبّ فهو لطافة |
ورهافة تسمو على الخطَــرات |
ولعلّه الإلهــــــــــــــامُ أو هو فوقَه |
أوأنّه قبسٌ من البـــــــــركات |
فهو اشتعال الشك في قلب الظّمِي |
ويقينُه في حالِك الظّلمــــــات |
وهو اعتدالُ الوردِ يهفو للنـّـــدى |
عبِقا ويلثَم عابرَ النّسمـــــــات |
وهو اكتمالُ البدرِ يومئُ هامســا |
للأرض في فيض من الومضات |
كم من فؤاد ذاق عذْب عذابــــه |
كم من شعور ذاب في الورقات |
فُزْ باغتنام الصّمت دون لَجاجة |
في حضرة العشاق والسبَحات |
أقصى اجتهادي أن أقول مشبِّها |
لكنه التشبيه بالشبـُـــــــــــهات |
رقّّت معانيه ودق كأنــــــــــــما |
يوحَى بلا رسلٍ ولا آيــــــــات |
شُعبُ الهوى عِرفانها لا ينتهي |
ترقى بها الآمال في الدرجـات |
ومن الجُسوم إلى الفُهوم مسافةٌ |
تمتدُّ بين الذات والــــــــــلّذاّت |
في أنفُس العشــاق منها حيْرةٌ |
تستنفدُ الأعمار في السّفــرات |
شرب امرؤ القيس الرُّضابَ سُلافةً |
وتعشّق المحبوبَ بالسكــرات |
واستنزف "المجنونُ" روحَه شاكيا |
"ليلى" وهجرا مُحكَم القبضــات |
في جُبّة "الحلاج" كون عامــــــــر |
وعصـــــائر الآلام كالنّفـــحـات |
يا أيها الحبّ الكبــــــــيرُ تحـيــــةً |
من مغرَم قلِق الجوى وشتات |
ما بين أُمنية تـــذوب وغفـــــوة |
تقضي العروبة عابِر الشّطحات |
لهَفي على العربيّ كيف تبعثرت |
أشواقه في طائش النـــّــزوات |
فكأنما عبث الوجود بقـــــــدْره |
وارتد ّللأوثــــان والدركــــات |
هِممٌ تداعت واستبدَّ بها السُّدى |
وتفرقت في شارد النّــــــــفرات |
ما أكثر الباكـــــين غدرَ زمانهم |
ما أكثر السّاهين في الطرقــــات |
ما بالُنا نَلقىَ الحياةَ كــــــراهةً |
ونعود بالأشجان والحســـــرات |
ونعاهد التــّـــاريخ يوم وقيعة |
ونسلِّم الأحباب في الجبــهات؟ |
هل دارت الأيــــامُ دورتها بنا |
وتناثر الفرسان في العثـــرات؟ |
هل ينتهي العشاقُ دون لقائهم |
ووعودهم ومشاعلِ الحفلات؟ |
لا، لن يغيب الوصــلُ عن ميعاده |
لن يُسلمَ الفُرســــانُ للكـــبوات |
وسترجع الأيـّـــام ملء شبابها |
وستُزهر الآمالُ في الشـــرفات |
فأنا الرسول ، أنا الرسولُ محمّلٌ |
بالبشْر والتمكين والرايــــــات. |