أَبْقَى وَيَرْفَضُّ حَوْلِي عِقْدُ خُلاَّنِي
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
أَبْقَى وَيَرْفَضُّ حَوْلِي عِقْدُ خُلاَّنِي | أَشْكُو إِلَى اللهِ آلامِي وَأَحْزَانِي |
يَا يَوْمَ سَمْعَانَ هَلْ أَبْقَيْتَ لِي سَكَناً | يُحَبِّبُ العَيْشَ أَوْ يُغْرِي بِسُلْوَانِ |
فَجَعْتَنِي فِي أَخٍ كَانَتْ مَوَدَّتُهُ | دُنِيَا تَحَلَّتْ مِنَ النُّعْمَى بِأَلْوَانِ |
نَشَأْتُ أَرْعَاهُ إِكْبَاراً وَأُكْرِمُهُ | وَظَلَّ يُكْرِمُنِي لُطْفاً وَيَرْعَانِي |
إِرْحَمْ مُحِبِّيكَ يَا مَنْ كُنْتَ أَرْحَمَهُمْ | لَكِنْ هَجَرْتَ وَلَمْ تَعْمَدْ لِهِجْرَانِ |
هَذَا خَلِيلُكَ لَوْ تَدْرِي بِمَوْقِفِهِ | وَالرُّوحُ مُهْتَزَّةٌ فِي شِبْهِ جُثْمَانِ |
أَأَنْتَ شَاهِدُهُ وَالوَجْدُ عَامِدُهُ | يَسْقِي ثَرَاكَ بِدَمْعٍ مِنْهُ هَتَّانِ |
مَعَاذَ حَقِّكَ عِنْدِي أَنْ يُضَيِّعَهُ | عَلَى المَفَاخِرِ إِعْوَالِي وَإِرْنَانِي |
قَلَّتْ جَزَاءً دُمُوعٌ جِدُّ فَانِيَةٍ | وَأَنْتَ مُخْلِدُ مَجْدٍ لَيْسَ بِالفَانِي |
يَا مُلْهِمَ الشِّعْرِ هَبْ لِي مِنْكَ مُسْعِدَةً | لا تَغْلِبَنِّي عَلَى الإِلْهَامِ أَشْجَانِي |
وَيَا قَرِيضِي دَعَا دَاعِي الوَفَاءِ إِلَى | رَعْيِ الذِّمَامِ فَكُنْ لِي خَيْرَ مِعْوَانِ |
فِي كُلِّ جَانِحَةٍ مَنِّي وَجَارِحَةٍ | لِسَانُ صِدْقٍ وَهَذَا وَقْتُ تِبْيَانِ |
فَأُطْلِقُ القَوْلَ فِي تَأْبِينِ مُرْتَحِلٍ | مُسْتَكْمِلِ الزَّادِ مِنْ فَضْلٍ وَإِحْسَانِ |
نَهَاكَ بِالأَمْسِ عَنْ مَدْحٍ يُصَاغُ لَهُ | فَاليَوْمَ لا تَكُ لِلنَّاهِي بِمِذْعَانِ |
وَاذْكُرْ صُرُوحاً لِسَمْعَانٍ مُشَيَّدَةً | لَمْ يَبْنِهَا مِنْ عُصُورٍ قَبْلَهُ بَانِي |
وَحَدِّثِ الشَّرْقَ وَالأَقْوَامُ مُصْغِيَةٌ | عَمَّا أَجَدَّ لَهُ فِيهَا مِنَ الشَّانِ |
أَلمْ يَكُ الشَّرْقُ مَهْدَ الفَخْرِ أَجْمَعِهِ | فِي كُلِّ فَنٍّ أَخَذْنَاهُ وَعِرْفَانِ |
تَجَاهَلَتْ قَدْرَهُ الدُّنْيَا وَمَا جَهِلَتْ | لَكِنَّ كُلَّ قَدِيمٍ رَهْنُ نِسْيَانِ |
تِلْكَ القُوَى لَمْ تَزَلْ فِي القَوْمِ كَامِنَةً | وَإِنْ طَوَتْهَا اللَّيَالِي مُنْذُ أَزْمَانِ |
هِيَ الكُنُوزُ الَّتِي لَوْ قُوِّمَتْ لأَبَتْ | نَفَاسَةً كُلَّ تَقْوِيمٍ بِأَثْمَانِ |
ظَلَّ الجُمُودُ عَلَى أَبْوَابِهِ رَصَداً | حَتَّى تَجَلَّتْ فَفَاقَتْ كُل حُسْبَانِ |
أَمْجِدْ بِسَمْعَانَ إِذْ أَبْدَى رَوَائِعَهَا | وَرَدَّ حُجَّةَ مَنْ مَارَى بِبرْهَانِ |
فَقَدْ أَمَاطَ حِجَابَ الرَّيْبِ عَنْ هِمَمٍ | إِنْ أُطْلِقَتْ سَبَقَتْ فِي كُلِّ مَيْدَانِ |
وَسَارَ فِي طَلَبِ العَلْيَاءِ سِيرَتُهُ | لا يَرْتَضِي بِمَقَامٍ دُونَ كِيوَانِ |
فَعَزَّ فِي شَمْلِهِ وَالشَّمْلُ عَزَّ بِهِ | وَرُبَّ فَرْدٍ بَعْثٌ لأَوْطَانِ |
فَتْحُ التِّجَارَةِ مُذْ خُطَّتْ صَحِيفَتُهُ | عُنْوَانُهُ اسْمُ سَلِيمٍ وَاسْمُ سَمْعَانِ |
سَلِيمٌ العَلَمُ الفَرْدُ الَّذِي بَعُدَتْ | بِهِ النَّوَى وَهْوَ فِي آثَارِهِ دَانِ |
أَلحَازِمُ العَازِمُ المَرْهُوبُ جَانِبُهُ | وَالمَانِحُ الصَّافِحُ المَحْبُوبُ فِي آنِ |
فِي دَوْحَةِ الصِّيدَنَاوِيِّ الَّتِي بَسَقَتْ | إِلَى العَنَانِ هُمَا فِي النِّيلِ صِنْوَانِ |
كَانَا لَزِيمَيْنِ حَالَ البَيْنُ بَيْنَهُمَا | حَتَّى تَلاقَى اللَّزِيمَانِ الوَفِيَّانِ |
لَكِنَّ أَصْلَيْنِ قَدْ حَلَّتْ مَحَلَّهُمَا | تِلْكَ الفُرُوعُ الزَّوَاكِي لا يَزُولانِ |
مِنْ كُلِّ رَيَّانِ ذِي ظِلٍّ وَذِي ثَمَرٍ | صُلْبٍ عَلَى الدَّهْرِ إِنْ يَعْصِفْ بِحِدْثَانِ |
سَمْعَانُ لَوْ دَامَتِ النُّعْمَى ودمت لَهَا | لَكُنْتَ أَوْلَى بِهَا مِنْ كُلِّ إِنْسَانِ |
عُمْرٌ مَدِيدٌ تَقَضَّى فِي مُجَاهَدَةٍ | شَرِيفَةٍ بَيْنَ تَأْثِيلٍ وَبُنْيَانِ |
سَلْسَلْتَهُ فِي كِتَابٍ كُلُّهُ غُرَرٌ | مِنَ المَحَامِدِ لَمْ تُوصَمْ بِأَدْرَانِ |
يَزِيدُهَا فِي طَرِيقِ المَجْدِ مَا أَخَذَتْ | عَنْ مَحْتِدٍ بِقَدِيمِ المَجْدِ مِزْدَانِ |
تَسُوسُ شَأْنُكَ فِيهِ دَائِباً فَطِناً | بِعَزْمِ أَدْرَبَ لا سَاهٍ وَلا وَانِ |
وَتَمْحَضُ البَلَدَ الحُبَّ الخَلِيقَ بِهِ | وَتَحْفَظُ اليَدَ فِي سِرٍّ وَإِعْلانِ |
وَتُوسِعُ الضُّعَفَاءِ البّائِسِينَ جَدًى | بِأَرْيَحِيَّةِ سَمْحٍ غَيْرِ مَنَّانِ |
وَتَقْبَلُ العُذْرَ مِمَّنْ جَاءَ مُعْتَذِراً | وَتَغْفِرُ الوِزْرَ لِلمُسْتَغْفِرِ الجَانِي |
إِلَيْكَ بِاسْمِ جُمُوعٍ كُنْتَ كَافِلَهُمْ | مِنْ حَاسِبِينَ وَكُتَّابٍ وَأَعْوَانِ |
وَبِاسْمِ آلافِ أَطْفَالٍ تُقَوِّمُهُمْ | عَلَى مَبَادِيءِ تَهْذِيبٍ وَعِرْفَانِ |
وَبِاسْمِ شَتَّى جَمَاعَاتٍ تُؤَازِرُهَا | عَلَى تَبَايُنِ أَجْنَاسٍ وَأَدْيَانِ |
وَبِاسْمِ أَرْبَابِ عِيلاتٍ عَصَمْتَهُمُ | مِنَ افْتِضَاحٍ بَبَدْلٍ طَيَّ كِتْمَانِ |
وَبِاسْمِ طَائِفَةٍ كُنْتَ العَمِيدَ لَهَا | وَكُنْتَ حِصْناً لَهَا مِنْ كُلِّ عُدْوَانِ |
وَبِاسْمِ مَنْ لا يَكَادُ العَدُّ يَحْصُرُهُمْ | فِي مِصْرَ وَالشَّرْقِ مِنْ صَحْبٍ وَأَخْدَانِ |
أُهْدِي أَكَالِيلَ تَبْقَى فِي نَضَارَتِهَا | لا كَالأَكَالِيلِ مِنْ وَرْدٍ وَرَيْحَانِ |
أَزْهَارُهَا خَالِدَاتٌ بَهْجَةً وَشَذَاً | لا يُجْتَنَى مِثْلُهَا مِنْ كُلِّ بُسْتَانِ |
جَنَّاتِهَا مُهَجٌ أَنْمَى نَدَاكَ بِهَا | أَزْهَى الأَفَانِينِ مِنْ وُدٍّ وَشُكْرَانِ |
فَاذْهَبْ وَحَسْبُكَ تَبْجِيلاً وَتَكْرمَةً | أَنْ عِشْتَ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي فَضْلِكَ اثْنَانِ |
وَأَنَّ بَيْتَكَ مَا مَرَّتْ بِهِ حِقَبٌ | حَلِيفُ نُجْحٍ وَإِقْبَالٍ وَعُمْرَانِ |
يَعْتَزُّ مِنْكَ بِتَذْكَارٍ يُتَوِّجُهُ | وَمِنْ بَنِيكَ بِأَعْضَادٍ وَأَرْكَانِ |
لا فَرْقَ فِي ابْنٍ إِذَا عُدُّوا وَلا ابْنِ أَخٍ | وَهَلْ هُمُ غَيْرُ أَنْدَادٍ وَإِخْوَانِ |
أَيُّ الأُمُورِ تَوَلَّوْهُ فَإِنَّ لَهُمْ | فِيهِ تَصَرُّفَ إِبْدَاعٍ وَإِتْقَانِ |
هُمُ الشَّبَابُ الأُولَى تَعْتَزُّ أُمَّتُهُمْ | بِهِمْ إِذَا أُممٌ بَاهَتْ بِفِتْيَانِ |
جِئْنَا نُلَطِّفُ تَبْرِيحَ المُصَابِ بِهِمْ | إِنْ لَطَّفَ البَثُّ نِيرَاناً بِنِيرَانِ |
وَإِنَّ أَخْلَقَ مَفْجُوعٍ بِتَعْزِيةٍ | تِلْكَ الَّتِي بَانَ عَنْهَا شَطْرُهَا الثَّانِي |
تِلْكَ الفَرِيدَةُ فِي الأَزْوَاجِ إِنْ ذُكِرَتْ | دَارٌ تَقَاسَمَ فِيهَا البِرَّ زَوْجَانِ |
عَفِيفَةُ النَّفْسِ إِلاَّ عَنْ تَزَيُّدِهَا | مِنَ الفَضَائِلِ مَا كَرَّ الجَدِيدَانِ |
رَعَتْ بَنِيهَا وَلَمْ تُغْفِلْ كَرَائِمَهَا | فَنَشَّأَتْهُمْ عَلَى تَقْوَى وَإِيْمَانِ |
وَشَرَّفَتْ كُلَّ عِرْسٍ أَسْعَدَتْ رَجُلاً | وَكُلَّ وَالِدَةٍ بَرَّتْ بِوِلْدَانِ |
يَا مَنْ نُوَدِّعُهُ قَسْراً وَنُودِعُهُ | قَبْراً وَلَيْسَ الفِدَى مِنَّا بِإِمْكَانِ |
فُزْ بِالرِّضَى فِي جِوَارِ اللهِ وَارِثِ لَنَا | فَنَحْنُ نَشْقَى وَأَنْتَ النَّاعِمُ الهَانِي |