على طريق الآلام
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
رأيتهُ | يحاول الدخول فوق جحشه الهزيلْ | يجادل الجنود خلف حاجز ٍ | قضبانه ليست من النخيلْ | ويسألونه عن اسمه ، جوازِه ، | عن شارة قد تثبت ادعاءهُ | أو تعرض الدليلْ ، | يقول : " إنه الخلاص ُ " ، | والمسيح في كتابهمْ | مسلسل طويلْ | *** | يصدّه الجنود | يضحكون مِلْءَ افقهمْ | وتصمت السماءْ | يُلحّ بالرجاء ، أسكتوه ، | ما لدى اعصابهم أن تسمع الرجاءْ | واسقطوهُ ، هشّموهُ ، | كيف يجرؤ " الدعيُّ " ان يعاود السؤال َ | دون ما حياءْ ؟ | *** | يلملم الطريح ذيل ثوبِه ِ | وتغسل الترابَ عن شفاهه الدموعْ : | " اياك يا يسوعْ ! | يا من وقفت ذات مرة تخاطب الجموعْ | تقول : طوبى للرحيم إن طغت | في ظلمها الأنامْ | يرّد كيد كارهيه بالسلامْ | ويعرض الخدّين للّذي يريدُ | ان ينال منهما ، | لا يعرف الخصامْ " | * * * | ويمتطي يسوع جحشهُ | تحمرّ وجنتانْ | يدان ترجفانْ | وفجأة يُصرّ أن يُعيد للاباء ِ | وجهه المُهانْ | يجوز حاجز ٍ الطغاة ِ | نحو حبّه القديم ِ | زهرة المكان والزمانْ | يلاحق الرصاص متنَهُ | يزّفه الى عروسه التي يحبُّ | ان يموت في عناقها | هناك في أمانْ | شهيدَها يموتُ ، | لا الوعيد قادرٌ | ان يحرم الحبيب من حبيبه ِ | ولا لظى الشيطانْ | *** | ينسّل صبّها الطريد في المساء ِ | نازف الجراحْ | لا الليل ليلها الجميلُ | لا بشائرٌ تشير للصباحْ | لا حسّ إلا ما يبثُّهُ | مؤذّن حزينْ | والجرس المبحوح بين شهقة الرنين ِ | والرنينْ | ما عادت السماء فوقها | تلين للنواحْ | ولا أخ تثير فيه نخوةً | وشائج الحنين والأنينْ | *** | يراجع الغريب في صباحها الكئيب ِ | دربه الأخيرْ | لعله يرى هناك بعض أهله ِ | او يلتقي النصيرْ | يخرّ في عيائه تجتاحه الآلامُ | من جديدْ | ويرتوي من جرحه القريب ِ | جرحه البعيدْ | يخرّ في طريقها الطويلْ | يمتدّ في تاريخها المليء بالعويلْ | لا من تنوح فوق وجهه النحيلْ | وليس من يلقاه | غيرَ ما في الدرب من حجارة السبيلْ | ويصعد الشهيد للشهيدْ | وتلتقي الآلام في دروبها | الى غد لا بدّ أن يريحها | من طعمها المريرْ | |
اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (جريس دبيات) .