مرثية... لأشياء لا تموت
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
كِـلا كفّيكَ مُطْفَـأَةُ البَنـانِ | فكيف تضيءُ في هذا الزّمـانِ؟ |
تكسَّرتِ السّـنون، وأنت تبني | حـروفاً لا يصلْـنَ إلى معـاني |
على الأوراق عرشاً من صهيلٍ | وعشّـاً من هديلٍ في الأغـاني |
هنـا زيتـونةٌ، وهنـاك طفلٌ | ومئـذنةٌ هنـاك، وعاشـقانِ |
ونـائمة على يدهـا، فتـاةٌ | وتحلمُ: أيـن غـاب الفارسانِ؟ |
وحيـدٌ أنتَ، يا ابن أبي وأمّي، | وحيـدٌ مثل زهـرة بيلسـانِ |
وحيـدٌ.. تقطع الدّنيـا وحيداً | وكلُّ اثنيْـنِ ضـدَّك توأمـانِ |
تحاولُ أن تحاولَ... أيـن تمضي | وهذا البحـرُ ليس له موانـي؟! |
تفـرُّ الأرضُ منكَ، ومن حَمامٍ | يضـيءُ بظلِّـهِ حقلَ الـزُّؤانِ |
وتـرتفع السّماءُ على غمـامٍ | خفيـفٍ يسـتريحُ من المكـانِ |
وتبقى أنتَ، فوق الموج، ظـلاًّ | يفتِّش عن يديْـنِ وعن كيـانِ |
كيانُكَ أنتَ، يا ابن أبي وأمّي، | وهذا الكون مملكـة الدُّخـانِ! |
*** | |
أنا الأبديُّ... هل للأرض قلبٌ | فتـذكرَني بمنعطـف الثّـواني؟ |
قطعتُ لها بـلاداً من رمـاحٍ | أداوي عُنْفَـهـا بـالعُنفـوانِ |
تحاربني الـمدائنُ، وَهْيَ غرقى، | فأحـملها إلـى بَـرّ الأمـانِ |
وتطعنني السّـفائنُ حين تنجو | فأفرشُ تحتـها مـرجَ الجُمـانِ |
أنا الذّهبيُّ يكرهـني رجـالٌ | وتعشـقني جفـونُ الأقحـوانِ |
إذا وقعتْ على أرضٍ عيـوني | مرضتُ بعشقها مرضَ الغـواني |
أحبُّ الحبَّ في خِصْبٍ ولـودٍ | وفي صحـراءَ تـحبلُ بالبيـانِ |
خرجتُ من الكلام على غرامٍ | يُملِّكُنِي القـواصيَ والدّوانـي |
فسمّيتُ الشَّـآمَ شمالَ روحي | وسـال بِيَ الـهوى للقيـروانِ |
ولو أدري وراء البحر أرضـاً | لَخُضْتُ لها البحـارَ على حصاني |
... أنا العربيُّ في زمن السَّبايـا | ( غريبُ الوجه واليـد واللسانِ) |
أرى حولي وجـوهاً في المرايـا | كثيـراتٍ تلوحُ... ولا أَرانـي! |
أرى سقفاً على شجري، وسدّاً | على نَهَـري، وغَيْري في مكانِي |
أرى وأرى... وأسمعُ حين أغفو | أخـاً ينعى، وآخـرَ قد رَثـاني! |
فأُوغِلُ في رُؤاي... أرى سحاباً | على جيشـيْنِ لا يتحـاربـانِ! |
ومئذنـةً تُـرَنِّحهـا فـؤوسٌ | بأيدي الجنـدِ تضحكُ للرِّهـانِ |
رفعتُ يدي لأسندها.. فحطّتْ | عـلى كَفِّـي عصـافيرُ الأذانِ |
____________ | |
تمّوز 2004 |