أَعْلَى مَكَانَتَكَ الإلَهُ وَشَرَّفَا
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
أَعْلَى مَكَانَتَكَ الإلَهُ وَشَرَّفَا | فَانْعَمْ بِطِيبِ جِوارِهِ يَا مُصْطفَى |
أَليَوْمَ فُزْتَ بِأَجْرِ مَا أَسْلَفْتَهُ | خَيْراً وكُلٌّ وَاجِدٌ مَا أَسْلَفَا |
وَجُزِيتَ مِنْ فَانِي الوُجُودِ بِخالِدٍ | وَمِنَ الأَسَى المَاضِي بِمُقْتبَلِ الصَّفا |
أَعْظِمُ بِيَوْمِك فِي الزَّمَانِ وَمَنْ لَهُ | بِكَ واصِفاً ذَاكَ الجلاَلَ فَيُوصَفا |
يَوْم المَلاَئِكةِ الكِرَامِ تَنَزَّلُوا | حَانِين حَوْلَكَ فِي السَّرِيرِ وَعُكَّفا |
وَتَحَمَّلُوكَ عَلَى الأَشِعَّةِ وَارْتَقَوا | سِرْباً يَجُوزُ بِكَ الدَّرَارِيءَ مُوجِفا |
فَورَدْتَ وِرْدَك في الخُلُودِ مُنَعَّماً | وَالأَرْضُ مائِدَةٌ عَليْك تَأَسُّفَا |
لَمْ تُلْفَ قبْلَكَ أُمَّةٌ فِي مَشْهَدٍ | يُذْرِي الرِّجَالُ بِهِ المَدامعَ ذرَّفا |
مُتَثَاقِلينَ مِنَ الوَقَارِ وَإنِّمَا | سَارُوا بِطَيْفٍ ناحِلٍ أَوْ أَنْحَفا |
بَحْرٌ مِنَ الأَحْيَاءِ نَعْشكَ فَوْقَهُ | فُلْكٌ يُظلِّلُهُ اللِّوَاءُ مُرَفْرِفَا |
يَكُونَ فِي آثَارِهِ العَلَم الَّذِي | آثَارُهُ مِنْ رِفْعَةٍ لاَ تُقْتَفَى |
سَعَتِ الخَوادِرُ حَاسِرَاتٍ وَالأَسى | مُلْقٍ عَلَى الأَبْصَارِ سِتراً أَغْدقا |
وَلَئِنْ سَفَرْن وَلَمْ يَخَلْن فَإِنَّهُ | خَطْبٌ أَلاَنَ بِرَوْعِهِ صُمَّ الصَّفا |
فَزِعَ الشَّبَابُ إِلى الشُّيُوخِ بِثَأْرِهِمْ | مِنْ دَمْعِهِمْ إِنْ خَانَهُمْ فَتَكَفْكَفَا |
وَمِنَ الغضاضَةِ إِنْ دَعَا دَاعِي العُلَى | بَعْد الفَقِيدِ فَتى بِهِمْ فتوَقَّفَا |
جزِعَ النَّصَارَى وَاليَهُودُ لِمُسْلِمٍ | هُو خيْرُ مَنْ وَالَى وَأَوْفى مَنْ وَفَى |
بَكَوُا المُرجَّى فِي خِلاَفٍ عَارِضٍ | لِيُزِيلَ ذَاكَ العَارِضَ المُتَكشِّفَا |
مَنْ بَعْدَ كَاتِبِهِمْ وَبَعْدَ خَطِيبِهِمْ | يُعْلِي لَهُمْ صَوْتاً وَيَنْشُرُ مُصْحَفَا |
مَنْ يُبْرِيءُ الإِسْلاَمَ مِنْ تَهَمِ العِدَى | وَيَرُدُّ نَقْدَ النَّاقِدِينَ مُزَيَّفَا |
يُبْدِي لأَعْيُنِ جَاهِلِيهِ فَضْلَهُ | وَيُزِيلُ مَا يَلِدُ التَّنَاكُرُ مِنْ جَفَا |
وَيُثِيرُ مِنْ غَضَبِ الغِضَابِ لِمَجْدِهِ | هِمَماً تُعِيدُ لَهُ المَقَامَ الأَشْرَفَا |
لِكنَّ مِنْ أَقْلاَمِ صَحْبِكَ حَوْلَهُ | سُمُراً تَهُزُّ لِكُلِّ خَطْبٍ مَعْطِفا |
وَلَعَلَّ حُرّاً لاَ يَدِينُ بِهِ انْبَرَى | لِيَذُودَ عَنْهُ خصْمَهُ المُتعَسِّفا |
قِفْ أَيُّهَا النَّاعِي عَلَيْهِ جُمُودَهُ | فَلَقَدْ تَجاوَزْتَ الهُدى مُتَفَلسِفَا |
إِنْ يَعْتَرِ الشَّمْسَ الكُسُوفَ هُنَيْهَةً | أَيَكُون مَنْقَصَةً لَهَا أَنْ تُكْسَفا |
وَهَلِ الكسُوفُ سِوَى تَعَرُّضِ حائِلٍ | يَثْنِي أشِعَّتَهَا إِلى أَنْ يُكْشَفَا |
لَمْ تَنْزِلِ الأَديَانُ إِلاَّ هَادِياً | لِلعَالَمِينَ وَرَادِعاً وَمُثَقِّفَا |
بِشِعَارِ حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ وَمَا بِها | إِنْ قَصَّرَ الأَقْوَامُ عَنْهُ فَأُخْلِفَا |
وَبِكُلِّ أَمْرٍ مُوجِبٍ إِصْلاَحَهُمْ | إِنْ خَالَفُوهُ فَما اسْتَحَالَ وَلاَ انْتَفى |
قَدْ كَانَ لِلإِسْلاَم عهْدٌ باهِرٌ | نِلْنَا بِهِ هَذَا الرُّقِيَّ مُسَلَّفَا |
مَلأَ البِلاَد إِنَارةً وَحَضَارَةً | وَمُنَى السَّمَاحَةِ عَوْدُهُ مُسْتَأْنَفَا |
فَالخيْرُ كُلُّ الخَيْرِ فِيهِ مُقْبِلاً | وَالشَّرُّ كُلُّ الشَّرِّ أَنْ يَتَخَلَّفَا |
يَدْعُو البَقَاءُ إِلى التَّكَافُوءِ بِالقُوَى | بَيْنَ العَنَاصِرِ أَوْ يُهِينَ وَيَضْعُفَا |
وَالخَلْقُ جِسْمٌ إِنْ أَلَمِّ بِبَعْضِهِ | سَقَمٌ وَلَمْ يُتَلاَفَ عَمَّ وَأَتْلفا |
مِصْرُ العَزِيزَةُ قَدْ ذَكَرْتُ لَكَ اسْمَهَا | وأَرَى تُرَابَكَ مِنْ حَنِينٍ قَدْ هَفا |
وَكَأَنَّنِي بِالقَبْرِ أَصْبَحَ مِنْبَراً | وَكَأَنَّنِي بِكَ مُوشِكٌ أَنْ تَهْتِفَا |
مِصْرُ الَّتِي لَمْ تَحْظَ مِنْ نُجَبائِهَا | بِأَعَزَّ مِنْكَ وَلمْ تَعِزَّ بِأَحْصَفَا |
مِصْرُ الَّتِي لَمْ تَبْغِ إِلاَّ نَفْعَهَا | فِي الحَالَتَينِ مُلاَيِناً وَمُعنِّفَا |
مِصْرُ الَّتِي غَسَلَتْ يَدَاكَ جِرَاحَهَا | بِصَبِيبِ دَمْعِكَ جَارِياً مُسْتَنْزَفَا |
مِصْرُ الَّتِي كَافَحْتَ لُدَّ عُدَاتِهَا | مُتَصَدِّراً لِرُمَاتِهَا مُسْتَهْدِفَا |
مِصْرُ الَّتِي سُقْتَ الجُيُوشَ مَنَاقِباً | وَمُنى لِتَكْفِيَهَا المُغِيرَ المُجْحِفَا |
مِصْرُ الَّتِي أَحْبَبْتَهَا الحُبَّ الَّذِي | بَلَغَ الفِدَاءَ نَزَاهَةً وَتَعَفُّفَا |
حَتَّى مَضَيْتَ كَمَا ابْتَغَيْتَ مُؤَلِّفاً | مِنْ شَمْلهَا مَا لَمْ يَكُنْ لِيُؤَلَّفَا |
أُمْنِيَّةٌ أَعْيَتْ خِصَالُكَ دُونَهَا | لَوْ لَمْ يُضَافِرْهَا رَدَاكَ فَيُسْعِفَا |
وَهِيَ الَّتِي لوْ قُسِّمَتْ لَنَمَا بِهَا | شَعْبٌ يَعِزُّ بِنَفْسِهِ مُسْتَنْصِفَا |
مَنْ كَانَ أَجْرَأ مِنْكَ يَوْمَ كَرِيهَةٍ | بِالحقِّ لاَ شَكِساً وَلاَ مُتَصَلِّفَا |
مَنْ كَانَ أَقْدَرَ مِنْكَ تَصْرِيفاً لِمَا | يُعْيِي الحَكِيمَ مُدَبِّراً وَمُصِرِّفَا |
مَنْ كَانَ أَطْهَرَ مِنْكَ خُلْقاً جَامِعاً | فِيهِ مَهِيبَ الطِّبْعِ وَالمُسْتَظْرَفَا |
مَنْ كانَ أَسْمَحَ مِنْك مَنَّاعاً لِمَا | تَهْوَى وَمِعْطَاءً لِغَيْرِكَ مُسْرِفَا |
مَنْ كَانَ أَصْدَقَ مِنْكَ لاَ مُتَنَصِّلاً | مِمِّا تَقُولُ وَلاَ تُعَاهِدُ مُخْلِفا |
يَا مَنْ نَعَى تِلْكَ الفَضائِلَ وَالعُلَى | أَغَدَتْ مَعَالِمُهُنَّ قَاعاً صَفْصَفَا |
لاَ لاَ وَحَقِّكَ يَا شَهِيدَ وَفَائِهِ | وَرَجِائِهِ كَذَبَ النَّعِيُّ وَأَرْجَفَا |
مَا أَنْتَ بِالرَّجُلِ الِّذِي يُمْسِي وَقَدْ | مُلِيءَ الوُجُودُ بِهِ وَيُصْبِحُ قَدْ عَفَا |
إِنِّي أَرَاكَ وَلاَ تَزَالُ كَعَهْدِنَا | بِكَ فِي جِهَادِكَ أَوْ أَشَدَّ وَأَشْعَفَا |
ثَابِرْ عَلَى تِلْكَ العَزَائِمِ ذَائِداً | عنْ مِصْرَ تضرِبُ فِي البِلاَدِ مُطَوِّفَا |
أَصْدِرْ صَحَائِفَكَ الَّتِي تُحيِي بِهَا | نِضْوَ الطِّرِيقِ وَتَدْفَعُ المُتَخَلِّفَا |
تَجْرِي بِهَا الأَنْهَارُ وَهْيَ دَوَافِقٌ | هِمَماً وَتُوشِكُ أَنْ تَطُمَّ فَتَجْرِفَا |
وَتَكَادُ أَسْطُرُهَا تَهُبُّ نَوَاطِقاً | وَيَكَادُ يَعْزِفُ كُلُّ حَرْفٍ مَعْزِفا |
فَإِذَا حَنَوْتَ عَلَى الحِمى مُتَحَبِّباً | فَهُوَ النَّسِيمُ وَقَدْ ذَكَا وَتَلَطَّفَا |
وَكَأَنَّمَا الأَلْفَاظُ مِمَّا خَفَّفَتْ | نَقَشَ المِدَادُ رُسُومَهَا وَتَخَفَّفا |
تَسْتَامُ مِنْ أَثْوابِهَا أَرْوَاحُها | وَتعَافُ تَحْلِيَة لِئَّلا تَكْثُفا |
قُمْ لِلخَطَابَةِ فِي المَجَامِعِ وَامْتَلِكْ | تِلْكَ النُّفُوسَ مُرَوِّعاً وَمُشَنِّفَا |
أَعِدِ القَدِيمَ مِنَ المَمالِكِ وَالقُرَى | ذِكْرَى وَعَرِّفْنَا الحَيَاةَ لِنَعْرِفَا |
شَدِّدْ عَزَائِمَنَا وَقَاتِلْ ضَعْفَنَا | حَتَّى نَبِيتَ وَلاَ نَرَى مُتخوفَا |
مَا هَذِهِ الآيَاتُ يَرْمِي لَفْظهَا | شَرَراً وَتهوِي الشُّهْبُ فِيهَا أَحْرُفَا |
مَا ذَلِكَ التَّرْصِيعُ لَيْسَ مُرَصَّعاً | مَا ذَلِكَ التَّفْويفُ لَيْسَ مُفَوَّفَا |
وَحْيٌ بِأَهْجِيَةٍ إِذَا مَا أُطْلِقَتْ | هَبَطَتْ رَوَاسِبَ عَنْهُ وَالمَغْزَى طَفَا |
تُحْيِي حَرَارَتُهَا وَيَهْدِي نُورُهَا | مُتَمَاهِلَ الإِشْرَاقِ أَوْ مُتَخَطِّفَا |
تَاللهِ ما أَنْتَ الخَطِيبُ وَإِنَّمَا | وَقَفَ القَضَاءُ مِنَ المِنَصَّةِ مَوْقِفَا |
عَنْ نُطْقِهِ تَقَعُ الصُّرُوفُ مَواعِظاً | وَكَأَمْرِهِ أَمْرُ الزَّمَانِ مُصَرَّفَا |
يَا حَبَّذَا لَوْ كُلَ ذَلِكَ لَمْ يَزَلْ | لَكِنَّهُ حُلُمٌ مَضَى مُسْتَطْرَفَا |
وَالآنَ نَحْنُ لدَى ثَرَاكَ نَحُجُّهُ | مُتلَهِّبِينَ تَشَوُّقاً وَتَشَوُّفا |
نُثْنِي وَهَلْ يُوفَى ثَنَاؤُكَ حَقَّهُ | وَبِأَيِّ أَلْفَاظِ المَحَامِدِ يُكْتَفَى |
مَاذَا يُعِيضُكَ مِنْ شَبَابِك نظْمُنا | فِيكَ الرَّثاءَ مُنسقاً وَمُصَففا |
وَيُعِيضُ مِنْك وَكُنْتَ جَوْهَرَةَ الحِمَى | صَوْغُ الكلامِ مُرَصعاً وَمُزَخْرَفا |
يَا أَخلصَ الخُلَصَاءِ أَبْكِي بَعْدَه | كبكاءِ مِصْرَ تحَرُّقاً وَتَلَهُّفا |
هَذا مِثالُك لاَحَ يَرْعَانا وَقدْ | كشفَ الجَوَى عَنه الحِجَابَ فَأَشْرَفا |
جَادَ الهِلاَلُ بِرْسمِهِ تَاجاً لَهُ | وَكَسَتْهُ نَاسِجَةُ الطَّهَارَةِ مُطْرَفَا |
يَا مَنْ رَمَاهُ عُدَاتُهُ بِتَطَرُّفٍ | حَقَّقْتَ آمَالَ الهُدَى مُتَطَرِّفَا |
كَهَوَاكَ لِلأَوْطَانِ فَلْيَكُنِ الهَوَى | لاَ مُفْتَرىً فِيهِ وَلاَ مُتَكَلَّفَا |
يَجْرِي عَلَى قَدَرِ المَطَالِبِ نَامِياً | وَيَجِلٌّ فِي مَجْرَاهُ عَنْ أَنْ يَصْدِفا |
أَنشَأْتَ مِنْ مِصْرَ الشَّتاتِ بِفضْلِهِ | مِصْرَ الفَتاةَ حِمى يُعَزُّ وَمَأْلفا |
أَحْدَثْتَ فِيهَا أُمةً أَنْدَى يَداً | لِلصَّالِحَاتِ وَبِالعَظائِمِ أَكْلفَا |
عَرَّفْتَ أَهْلِيهَا حَقيقَةَ قَدْرِهِمْ | وَكَفَاهُمُ مِنْ قَدْرِهِمْ أَنْ يُعْرَفا |
نَفحَاتُ رُوحِكَ خَامَرَتْ أَرْوَاحَهُمْ | فَهُمُ مَرَامُكَ سَاءَ دَهْرٌ أَوْ صَفَا |
حِصْنٌ أَشَمُّ تسَاندَتْ أَجْزَاؤُهُ | عِلْماًن وَأمَّنَهُ النَّهَى أَنْ يُنْسفَا |
فَارُقُدْ رُقَادَكَ إِنَّ رَبَّكَ قَدْ مَحَا | بِكَ ذَنْبَ مِصْرَ كَمَا رَجوْتَ وَقَدْ عَفا |