أرشيف الشعر العربي

الملعونون

الملعونون

مدة قراءة القصيدة : 4 دقائق .

نحن الملعونون ، تخلى عنا الله !

كم تقويم بليت منه الأوراقُ

ونحن هنا – واأسفاه !-

نتعفن في هذا القبو الآســـنْ

ونجرٌ الخطوَ الواهن

بين الفزع الها ئل و الموت الماثل في كل مكان !

تصعقنا في الليل الســاكن

صرخات رجال تقتلهم لدغة ثعبان !

أو تخطفهم ، قبل بزوغ الفجرْ ،

أشباح غامضة !...عبثاً نتذرع بالصبر

نتطلع عبر القضبان

بعيون خابية أطفأها القهـــر

وبأنفاس أفسـدها التبغ ورائحة الخمر

صوب الظلمات المكتظة بالدم و الرعبْ

ونقول لعل سـدوم سيمحقها غضب الرب

و صواعقه ،لكنْ - واأســـفاه ! -

إنــا ملعونون تخلٌى عنا الله

وتخلينا عنه ، نســينا كل وصاياه

ونسينا أنٌا بشــــر ، واعتدنا أن نتلقى الركَلاتْ

بخنوع الكلب السائب في الطرقات !

لا معجزة تحدث !

لاشيء يبدد هذا الصمت الأبدي الملعون !

هذا الصمت المشحون

بملايين الصرخات المكتومه

وملايين الافئدة المكلومه

غير أنين الريح الخافت في الطرق المهجوره

وخطى الحراس الشرسين على الأرصفة المحظوره

* * *

عبثاً ،يا قلبي ، تحلم بالإبحـــــارْ

بالزبد الأبيض و الأفق المفتوحْ

بعوالم تنشدٌ إليها الروح ...

فلقد غــيٌرموضعه البحــــر

وفوانيس مرافئه ابتعـــــدت ، وســفينتنا التهمتها النار

لم يبقَ سوى أشرعةٍٍ مهترئه

وصوار منكفئه

في مستنقع وحلٍٍ وقماماتٍ ودماءْ

تطفو فيه الأيدي المبتورة و الأشــلاء

وتقيم حواليه ولائمها المرتزقـــه

والقوٌادون و تجــــار الكلمات الدبقـه !

ماذا بعدُ سوى أن تألف هذا الصمت َ؟!

ماذا بعد ســوى أن تنتظر الموت ؟

عجباَ !

أتخاف الموت و أئتَ تعايشه صبحَ مساءْ ؟ !

تتنفســه في الريح ، وتبصره في أحداق الرقباء

ويزورك في الكابوس ، إذانمت ،وفي أرقك

وتحسٌ أصابعه الثلجية وهي تمر على عنقك !

ماذا لو أنك صحت بأعلى صوت ؟

لو واتتك الجرأة أن تبصق في وجه الجلاٌد

وتقول لطغمته : أنتم حفنة أوغاد ؟

لكنك تخشى الموت

والكل هنا يخشــــاهْ

الكل هنــا يؤثر أن يكتــم بلواه

ولعلٌ لهم عذراَ في ضعفهم البشـــري ، ولكنْ ...

لمََ ينسانا الله

ما دمنا بشراَ ؟ أوَلسنا بعض رعايــــــاه ؟ !

* * *

عبثاَ ، يا قلبي ، تنتظر الفجــــــرْْ

فالليل هنا أبديٌ ، ليس له طـرفانْ

والعمر تولٌى ..غيربقية أوشا ل في القعر

العمر تولٌى ، لم يبقَ لأحلام الأمس مكان

لميبق سوى أن تسلم نفسك للديــــدان !

فالشيخ الحفاٌر يهيء مثوى لك في القفر

والشيخ الحفاٌر مجدٌ أبداً في الحفر !

إني أسمع ضربة معوله في هدأة منتصف الليل

في دقات السـاعة وهي تصيح : الويلُ ، الويلْ !

آهٍِ ، ما أوجع أن تثوي أبـــد الدهرْ

نخرات عظامك في هذا القفــــــر !

أن تتدثر بالعوسج و الكثبا نْ

حيث نشيج الموتى يتصاعد مختلطاً بنعيب الغربان !

لا ســروة تلقي الظلٌِ عليــــكْ

لا زهرة تهدي الطيب إليك !

ما أوجع أن ترحل عن دنيــــاكْ

مهزوماً ، لم تحصد من كل حدائقها غير الأشواك !

أن ترحل منكسراً...

و يظلٌ يعربد بعدك هذا الرهط الفاجــــرْ

ويظل الوحش الكاســر

يتبختر مزهواً فوق دماء ضحايـــــاه !

لكنْ...

أيحق لمثلك أن يأسى لو فارق دنياهْ ؟

ولماذا تأسى ؟ هل يخسرشيئاًََ من يخسربلواه ؟ !

عبثاَ نترقب ، نحن الثاوين

في الوحل الدامي ، كقطيع ينتظر الذبح

فجراَ ليس يجئ !

وتمر الأعوام ولاشئ يضيء

ظلمتنا الأبدية الأبدية إلا ومض الســكين

لا نأمةَ تصدرعن أحـــدٍ ، لا صوتْ !

لاشيء ســـــوى الموت!

لاشيء ســــوىالموت !

لاشيء سوى الموت !

___________

بغـــــداد 1986

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (رشيد ياسين) .

على باب طيبة

صفعة لضمير العالم*

الدمية الحزينة

أما استنفذتَ صبرك يا عراقُ ؟

العائــــــدة


مشكاة أسفل ١