نحن الملعونون ، تخلى عنا الله ! |
كم تقويم بليت منه الأوراقُ |
ونحن هنا – واأسفاه !- |
نتعفن في هذا القبو الآســـنْ |
ونجرٌ الخطوَ الواهن |
بين الفزع الها ئل و الموت الماثل في كل مكان ! |
تصعقنا في الليل الســاكن |
صرخات رجال تقتلهم لدغة ثعبان ! |
أو تخطفهم ، قبل بزوغ الفجرْ ، |
أشباح غامضة !...عبثاً نتذرع بالصبر |
نتطلع عبر القضبان |
بعيون خابية أطفأها القهـــر |
وبأنفاس أفسـدها التبغ ورائحة الخمر |
صوب الظلمات المكتظة بالدم و الرعبْ |
ونقول لعل سـدوم سيمحقها غضب الرب |
و صواعقه ،لكنْ - واأســـفاه ! - |
إنــا ملعونون تخلٌى عنا الله |
وتخلينا عنه ، نســينا كل وصاياه |
ونسينا أنٌا بشــــر ، واعتدنا أن نتلقى الركَلاتْ |
بخنوع الكلب السائب في الطرقات ! |
لا معجزة تحدث ! |
لاشيء يبدد هذا الصمت الأبدي الملعون ! |
هذا الصمت المشحون |
بملايين الصرخات المكتومه |
وملايين الافئدة المكلومه |
غير أنين الريح الخافت في الطرق المهجوره |
وخطى الحراس الشرسين على الأرصفة المحظوره |
* * * |
عبثاً ،يا قلبي ، تحلم بالإبحـــــارْ |
بالزبد الأبيض و الأفق المفتوحْ |
بعوالم تنشدٌ إليها الروح ... |
فلقد غــيٌرموضعه البحــــر |
وفوانيس مرافئه ابتعـــــدت ، وســفينتنا التهمتها النار |
لم يبقَ سوى أشرعةٍٍ مهترئه |
وصوار منكفئه |
في مستنقع وحلٍٍ وقماماتٍ ودماءْ |
تطفو فيه الأيدي المبتورة و الأشــلاء |
وتقيم حواليه ولائمها المرتزقـــه |
والقوٌادون و تجــــار الكلمات الدبقـه ! |
ماذا بعدُ سوى أن تألف هذا الصمت َ؟! |
ماذا بعد ســوى أن تنتظر الموت ؟ |
عجباَ ! |
أتخاف الموت و أئتَ تعايشه صبحَ مساءْ ؟ ! |
تتنفســه في الريح ، وتبصره في أحداق الرقباء |
ويزورك في الكابوس ، إذانمت ،وفي أرقك |
وتحسٌ أصابعه الثلجية وهي تمر على عنقك ! |
ماذا لو أنك صحت بأعلى صوت ؟ |
لو واتتك الجرأة أن تبصق في وجه الجلاٌد |
وتقول لطغمته : أنتم حفنة أوغاد ؟ |
لكنك تخشى الموت |
والكل هنا يخشــــاهْ |
الكل هنــا يؤثر أن يكتــم بلواه |
ولعلٌ لهم عذراَ في ضعفهم البشـــري ، ولكنْ ... |
لمََ ينسانا الله |
ما دمنا بشراَ ؟ أوَلسنا بعض رعايــــــاه ؟ ! |
* * * |
عبثاَ ، يا قلبي ، تنتظر الفجــــــرْْ |
فالليل هنا أبديٌ ، ليس له طـرفانْ |
والعمر تولٌى ..غيربقية أوشا ل في القعر |
العمر تولٌى ، لم يبقَ لأحلام الأمس مكان |
لميبق سوى أن تسلم نفسك للديــــدان ! |
فالشيخ الحفاٌر يهيء مثوى لك في القفر |
والشيخ الحفاٌر مجدٌ أبداً في الحفر ! |
إني أسمع ضربة معوله في هدأة منتصف الليل |
في دقات السـاعة وهي تصيح : الويلُ ، الويلْ ! |
آهٍِ ، ما أوجع أن تثوي أبـــد الدهرْ |
نخرات عظامك في هذا القفــــــر ! |
أن تتدثر بالعوسج و الكثبا نْ |
حيث نشيج الموتى يتصاعد مختلطاً بنعيب الغربان ! |
لا ســروة تلقي الظلٌِ عليــــكْ |
لا زهرة تهدي الطيب إليك ! |
ما أوجع أن ترحل عن دنيــــاكْ |
مهزوماً ، لم تحصد من كل حدائقها غير الأشواك ! |
أن ترحل منكسراً... |
و يظلٌ يعربد بعدك هذا الرهط الفاجــــرْ |
ويظل الوحش الكاســر |
يتبختر مزهواً فوق دماء ضحايـــــاه ! |
لكنْ... |
أيحق لمثلك أن يأسى لو فارق دنياهْ ؟ |
ولماذا تأسى ؟ هل يخسرشيئاًََ من يخسربلواه ؟ ! |
عبثاَ نترقب ، نحن الثاوين |
في الوحل الدامي ، كقطيع ينتظر الذبح |
فجراَ ليس يجئ ! |
وتمر الأعوام ولاشئ يضيء |
ظلمتنا الأبدية الأبدية إلا ومض الســكين |
لا نأمةَ تصدرعن أحـــدٍ ، لا صوتْ ! |
لاشيء ســـــوى الموت! |
لاشيء ســــوىالموت ! |
لاشيء سوى الموت ! |
___________ |
بغـــــداد 1986 |