وكَانَ هُرَيْـمٌ من سِنَانٍ خَلِيفَة ً
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
وكَانَ هُرَيْـمٌ من سِنَانٍ خَلِيفَة ً | وَ حصنٍ ومن اسماءَ لما تغيبوا |
رددنَ حصيناً من عديًّ وَ رهطه | وَ تيمٌ تلبي بالعروجِ وتحلبُ |
كأنَّ على أعرافهِ ولجامه | سنا ضرمٍ من عرفجٍ يتلهبُ |
و من قيسٍ الثاوي برمانَ بيتهُ | و يومَ حقيلٍ فادَ آخرُ معجبُ |
كسيدِ الغضا الغادي أضلَّ جراءه | عَلاَ شَرَفاً مُسْتَقْبِلَ الرِّيح يَلْحَبُ |
وحَيَّاً من الأعيَـارِ لو فَرّطَتهُمُ | أشتوا فلم يجمعهمْ الدهر مشعبُ |
أشمُّ طويلُ الساعدينِ كأنهُ | فَنِيقُ هِجَانٍ في يَدَيْه مُرَكَّـبُ |
وبالسَّهبُ ميمُون الخليقَة ِ قَولُـه | لمُلْتَمِسِ المَعْروفِ أهْـلٌ وَمَرْحَبُ |
لهنَّ بشباك الحديدِ تقاذفٌ | هُـوَيَّ رُوَاحٍ بالدُجُنَّـة ِ يُعْجِبُ |
وهنَّ الألى أدركنَ تبل محجر | و قدْ جعلتْ تلكَ التنابيلُ تنسبُ |
فلمْ يبقَ إلاّ كلُّ جرداءَ صلدمٍ | إذا استعجلتْ بعد الكلال تقربُ |
كواكبُ دجنٍ كلما غابَ كوكبُ | بَدَا وانجَلَتْ عَنْهُ الدُّجُنَّة ُ كَوْكَبُ |
و قال أناسٌ يسمعونَ كلامهم | هُمُ الضَّامِنُونَ ما تَخَافُونَ فاذْهَبُوا |
فما بَرِحُـوا حتّى رَأَوْهَا تُكِبُّهم | تُصَعِّد فيهـم تَـارَة ً وتُصَوِّبُ |
لعمري لقد خلى ابن خيدعَ ثلمة ً | فمِنْ أيْنَ ـ إنْ لم يَرْأبِ الله ـ تُرْأَبُ |
فنلنا بقتلانا من القومِ مثلهمْ | و بالموثقِ المكلوبِ منا مكلبُ |
يِقُولونَ لمّا جَمَّعُوا الغَدْوَ شَمْلَهُمْ | لك الأمُّ منا في الموطن والأبُ |
وبالخَيْرِ إن كانَ ابنُ خَيْدَعَ قد ثَوَى ْ | يُبنَّى عَلَيـه بَيْتُـهُ وَيُحَجَّبُ |
و بالنعمِ المأخوذِ مثلُ زهائه | وبالسَّبْيِ سَبْيٌ والمُحـارِب مِحْرَبُ |
و قد منتِ الخذواء منا عليهمُ | وَ شيطانُ إذ يدعوهم ويثوبُ |
وبالمُردَفَـاتِ بعد أنعَـم عِيشَة ٍ | على عدواءٍ والعيونُ تصببُ |
نداماي أضحوا قد تخليتُ منهمُ | فَكَيفَ ألذُّ الخَمرَ أم كيف أشْرَبُ |
وَ نعمَ الندامى هم غداة َ لقيتهمْ | على الدامِ تجرى خيلهم وتؤدبُ |
جعلتهمُ كنزاً ببطنِ تبالة ٍ | وخَيَّبتَ من أسْراهـم مَـنْ تُخَيِّبُ |
عَذَارِيَ يَسْحَبْنَ الذُّيُولِ كأنَّها | مع القَوْمِ يَنْصُفْنَ العَضَارِيطَ رَبْرَبُ |
إلى كلِّ فَـرع من ذُؤابَـة ِ طيّء | إذا نُسِبَتْ أو قِيلَ : من يَتَنسَّبُ |
فمن يكُ يشكو منهم سوءَ طعمة ٍ | فَإنَّهمُ أكلٌ لِقَومِـكَ مُخْصِبُ |
مَضَوا سَلَفاً قَصْدُ السَّبِيلِ عَلَيْهُمُ | وَ صرفُ المنايا بالرجالِ تقلبُ |
و بالبيصة ِ الموقوعِ وسطَ عقارنا | نهابٌ تداعى ُ وسطهُ الخيلُ منهبُ |
لبوسٌ لأبدانِ السلاح كأنه | إذا ما غدا في حَوْمِة المَوْتِ أحْرَبُ |
ألا هل أتى أهلَ الحجازِ مغارنا | ومن دُونِهمْ أَهْلُ الجَنَابِ فَأيْهَبُ |
شَآمِيَّـة ٌ إنَّ الشَآمِـيَ دَارُهُ | تَشُقُّ على دَارِ اليمَانِي وَتَشْعَبُ |
وكُنَّا إذا ما اغْتَفّتِ الخَيْـلُ غُفَّة ً | تَجَرَّدَ طُـلاَّبُ التِّراتِ مُطَلَّبُ |
وَحَيَّ أبي بَكْرٍ تَدَاركْنَ بَعْدَمَا | أَذَاعَتْ بسِرْبِ الحَيِّ عَنْقَاءُ مُغْرِبُ |
من القَوْمِ لم تُقلِع بَرَاكاءُ نَجْدَة ٍ | من النَّاسِ إلا رُمْحُـه يَتَصَبَّبُ |
فتأتيهمُ الأنباءُ عنا وحملها | خفيفٌ مع الركبِ المخفينَ يلحبُ |
و أصفرَ مشهومِ الفؤادِ كأنه | غَـدَاة َ النَّدَى بالزَّعْفَرَانِ مُطَيَّبُ |
وفرنا لأقوامٍ بنيهم ومالهم | و لولا القيادُ المستتبُّ لأعزبوا |
بَحيٍّ إذا قِيْلَ ارْكبُوا لم يقُل لهُم | عُواوِيرُ يَخْشَوْنَ الرَّدَى َ : أيْنَ نَرْكَبُ |
تَفِلْـتُ عليـه تَفْلَـة ً وَمَسَحْتُـه | بثوِبـيَ حَتَّى جلـدُه مُتَقَوِّبُ |
يراقبُ إيحاء الرقيبِ كأنهُ | لما وتروني آخرَ اليومِ مغضبُ |
و لكن يجابُ المستغيثُ وَ خيلهم | عَلَيْهَا حُمَاة ٌ بالَمِنيَّة ِ تَضْرِبُ |
فباتُوا يَسنُّونَ الزِّجَاجَ كأنَّهُمْ | إذا ما تنادوا خشرمٌ متحدبُ |
ففازَ بنهبٍ فيه منهم عقيلة ٌ | لها بَشَرٌ صَافٍ وَرَخصٌ مُخَضَّبُ |
فلا تَذْهَبُ الأحسَابُ من عُقْرِ دَارنا | ولكنَّ أشباحاً من المالِ تَذْهَبُ |
وَخَيْلٍ كَأمثَالِ السِّرَاحِ مَصُونَة ٍ | ذَخَائِرِ ما أبْقَى الغُرَابُ وَمُذْهَبُ |
طوالُ الهواديّ والمتونُ صليبة ٌ | مَغَاوِيرُ فيها للأرِيبِ مُعَقَّبُ |
تَأوَّبْنَ قَصْراً من أريكٍ وَوَائِلٍ | و ماوانَ من كلًّ تثوبُ وتحلبُ |
و من بطنِ ذي عاجٍ رعالٌ كأنها | جَرادٌ تُبَارِي وِجْهَة َ الرِّيحِ مُطْنِبُ |
أبوهنَّ مكتومٌ وأعوجُ تفتلى | وِرَاداً وحُـوَّاً ليس فيهن مُغْرِبُ |
إذا خرجتْ يوماً أعيدتْ كأنها | عَوَاكِـفُ طَيْرٍ في السَّمَاءِ تَقَلَّبُ |
وألقَتْ من الإفزَاعِ كلَّ رِحَالـة ٍ | و كلَّ حزام فضلهُ يتذبذبُ |
إذا استعجلتْ بالركضِ سدَّ فروجها | غبارٌ تهاداهُ السنابكُ أصهبُ |
فَرُحْنَا بأسْرَاهُمْ مع النَّهْبِ بَعْدَما | صَبَحْنَاهُمْ مَلمُومَة ً لا تُكَذِّبُ |
أبنتْ فما تنفكُّ حول متالعٍ | لها مِثلُ آثَارِ المُبَقِّرِ مَلْعَبُ |
و راحلة ٍ وصيتُ عضروط ربها | بها والذي تحتي ليدفع أنكبُ |
لهُ طربٌ في إثرهنّ وربه | إلى ما يرى من غارة ِ الخيلِ أطربُ |