... وحمَّلَتني فوق ما يستطيعُ السِّياج من الياسمينْ |
وأطلقتَ في الصّدر فجراً |
وعلّقتَ ناياً خصوصيّةً في شفاهي |
وأصغيتَ تسترقُ السّمعَ... |
هل أغنياتي سترمي على ركبتيك سماءً؟ |
لماذا إذاً حاصرتني خطاكَ |
أأهربُ منكَ، وعلَّمتني أنَّ قلبكَ مركبةُ الهاربينْ؟ |
لمنْ كلُّ هذا العلوّ تشدُّ ضفافي إليه؟ |
فأصحو، وحولي قصائدُكَ انفرطَتْ، |
هذه لي، وتلك لمن؟ |
كيف يمكن أن تتوزّعَ في شرفاتٍ |
تباركُ منها المسافاتِ؟ |
تُلْقي خطاباً من الوجد |
في أمّةِ العشق والعاشقينْ |
أتقبضُ عاشقةٌ جمرَ داخلكَ المتوهّجِ؟ |
تقرأُ فيه هشيم الحقولِ |
وأطلالَ روح؟ |
أجئتَ إليَّ لتنسج حولي براعمَكَ الشّاعريّةَ؟ |
كم أنت تصحو |
وفيك تنام أنانيّةٌ جارحَهْ؟ |
دع الآن هذا البلاطَ غريباً |
وأغلقْ وراءَكَ باب الكلامِ |
تجنّبْ خطايَ |
فما زلتُ أنزفُ من صوتك المتكسِّرِ |
من مشهد البارحَةْ |
ولا تقترب بعد أكثَرْ |
فماذا تظنّ عروقي وقد طفحَتْ بغنائكَ |
إيقاعَ لوز وسكَّرْ؟ |
تظنّ يديّ تضمّان فيك الغيابَ |
وتنسى الأصابعُ ترتيبها إن تأخَّرتَ؟ |
... لا تتأخَّرْ |
وحرّكْ تراب الثَّواني |
بصوتكَ ينزلُ مثل غمام الحكايا |
فتخصبُ فيه الجذور الأليفَةُ، |
يلبسُ جذعٌ ربيعاً |
ويأخذُ قلبيَ حصَّتَهُ من مداكَ |
فخُذْ من مدايَ |
لنصفو معاً |
إليكَ سأوكلُ ما في قُرى القلبِ من قلقٍ |
خفيفٌ فؤادي |
ولكنّ سقفاً من الحسراتِ هوى فوق قلبي |
امتلأتُ بأثقالِ حلْمٍ له صفةُ الرِّيحِ |
تصهلُ أسرارُها في الفضاءْ |
فمن يدخلُ الآن ذاكرتي؟ |
ليقرعَ فيها نواقيسَها النّائمَةْ؟ |
أكون لك البئرَ تسكبُ فيها جنونكَ |
كن لي إذا ما أشاءْ: |
صباحاً بأجنحةٍ من عصافير نيسانَ |
تنشئُ بين ضلوعيَ عشّ الغناءْ |
وكن دَرَجاً للقصائدِ تهبطُ من جسدي |
ثمّ تصعد نحوكَ راقصةً بامتلاءْ |
وهذي مشارفُ روحي على ظلِّها تورقُ الشَّجراتُ |
تفيَّأْ ظلالي |
وغنّ: |
(تعالَيْ سهاماً تحاصرُ قلعةَ قلبي |
وتفتَحُها لحرير الأغاني |
تعاليْ محمَّلةً بالزّمان محلِّقةً بالمكانِ |
وحولكِ تنتبهُ الجنّة المستحيلَةْ)... |
... ... ... |
صباحُكَ حلوٌ فخُذْني إليه |
وشرِّد سحابات يومي عليكَ |
جميلٌ هطولي كما قلتَ لي، |
سأمزجُ عينيك بالمشهد الياسمينيِّ والعَسَلِ |
وأغرفُ من راحتيكَ قصائد أجملَ ممّا |
كتبتَ بأنثى سوايَ |
وأنقلُ عنكَ قليلاً من الصَّمت |
أرويه في اللّيل بعد لجوء الكواكبِ نحوي |
أخبّئهُ في عبير الوسادَةِ |
أرميه بين الزّوايا وأحلمُهُ... |
هو صمتُكَ يختارني، |
كيف أصمتُ عنه؟ |
ووجهُكَ يسرقني من حَمام الكتابِ |
فأين أخبّئ وجهيَ منهُ؟ |
لهوتَ بأرجوحة الحسّ في عيد روحي |
فما أجملَ الشاعر المتوهّج يلهو |
ويلهو |
ويلهو... |
... ... ... |
ستدخلُ منزلَكَ المتواضعَ |
أين ستجلسُ؟ |
كلّ المقاعد متَّكأٌ للرِّياحِ |
وحولكَ تبحرُ أحوال (فيروز) |
-أين توجّهتَ ثمّة وجهٌ لـ(فيروز)- |
ممسكةً بأعنّة وقتكَ... |
قلْها جمالاً من المطلقِ |
وكُنْها... تعلّم على فجرها الأزرقِ |
مزاميرَ خلْقٍ تعيدُ صياغَةَ هذا الخرابِ |
تمدّدْ على قدمَيْ صوتِها مثل نهر صغيرٍ |
هي البحرُ، |
فاطلُبْ إليها زوارقَ لم تُخْلَقِ |
مناراتُ مجدٍ إذا حلَّ ليل الضّبابِ |
على بابها قفْ نقيّاً |
تجمّل بأبهى خشوعٍ |
ولا تقرع البابَ... |
إذْ أنَّها البابُ |
فادخُلْ خفيفاً رشيقاً |
تجدْ سرّكَ السّرمديَّ هناكَ |
ملاكاً أمام إلهْ |
تجدْ أنَّها لفظةُ الرّبّ تُلقى على الأرضِ |
حتَّى تكون الحياهْ... |
... ... ... |
أتحملني في غيابي |
وتعتقلُ البرهةَ الهاربَةْ |
بنقطة حبر تشعّ كقنديلِ (زوربا) |
على شرفات البحارِ |
وترقصُ بين دوائرَ زرقاءَ خضراءَ |
تقطع قلبَك أقواسَ ضوءٍ |
لتعبُرَ من تحتها عرباتُ النَّهارِ |
سلاماً لإشراقكَ الدّاخليِّ |
يفيض ويغمرني |
أنتَ حمَّلتني فوق ما يستطيعُ السّياجُ |
ولكنَّني في القصيدة أحمل أكثَرْ |
فشكراً لحريّة تتعلّم منكَ |
وشكراً لهذي القصيدةِ |
دوّنتُها في غيابكَ عنْكَ... |
__________ |
8/4/1998 |