أحبّكِ كيفما اتّجه الكلامُ |
أنا المبعوثُ بين يديكِ، يُوحى |
إليَّ الشّعرُ، يشرق بي سلامُ |
حرائق عالمي الآتي تراءتْ |
وجوهكِ من نوافذها البعيدَهْ |
ورمَّمني اللّهيب، فلست أدري |
جحيمٌ في الأصابع أم قصيدَهْ؟ |
ذهلت عن الحضورِ، وكلُّ وجهٍ |
سواكِ يلفُّه غبشٌ قديمُ |
ضجيجُ الكائناتِ هنا خريفٌ |
تدورُ به رؤى سودٌ عقيمُ |
خلعتُ نسيجهم عنّي، فطقسي |
قريباً أم بعيداً في عراءٍ |
كلامُكِ في يدي ذهبٌ مشعٌّ |
أنا في صَفْوه أبداً مقيمُ |
ليَكْثُرَ بيننا خَلْقٌ عظيمُ |
أزفّ بك القصائدَ، وهي ظلٌّ |
لنوركِ، وهي قرآن كريمُ؟ |
سأدخلُ بابكِ العالي مطلاًّ |
على ينبوع ميلادٍ مصفَّى |
هنا الأسرارُ تكتمها الخلايا |
تشفّ، وتصطفيني كي أشفَّا |
أخافُ عليكِ من ذكرى رمادٍ |
تفاجئُ عريكَ الرّيّانَ خوفاً |
أخافُ بكاء قلبَيْنا شتاءً |
ونحن نموت كي نختارَ صيفاَ |
صَفَوْنا يا معذّبتي غراما |
ونحن من الدّموع الزّرق أصفى |
إليكِ خروجُ روحي في مداها |
تقِّطرُ بوحَها الشِّعريَّ نزفا |
جفوني كونُ أشواقٍ تعالى |
تعاطى خمرةَ الملكوتِ صِرْفا |
سكرتُ وهمتُ حتَّى طيَّرتْني |
رياحُ الوجدِ تعصفُ فيَّ عصفا |
أمدّ بساطَ أضلاعي وأغفو |
وأعلم جَهْرَ أحزاني وأَخْفى |
وكان الكونُ قرب يدي صغيراً |
ووجهكِ طائرٌ في القلبِ رفَّا |
أنا مزمارُ شهوات خصيبٌ |
يجلُّ الصَّوتُ فيه أن يجفَّا |
أنا فَتْحُ الخطايا تحت جلدي |
ولدتُ لمرَّةٍ ، لأحبَّ أَلْفا... |
... ... ... |
أحبّكِ أنتِ نسياناً وذكرى |
ومائدةً من الصَّبواتِ سكرى |
أشيّدُ فيكِ ميلاداً جليّاً |
أباركُ عنده قلبي المعرَّى |
ومتَّهَمٌ بغزلانِ البوادي |
وليس سوى دمي المسفوحِ عُذْرا |
صُلبتُ على جمالكِ، لم أُشبَّهْ |
لمن يبنون للشّبُهاتِ جسراً |
أنا فيضانُ حسٍّ كارثيٍّ |
مراثٍ أُنْهِكَتْ مدّاً وجزْراً |
أنا خَتْمُ النُّبوّةِ فوق ظَهري |
أرتّل للهوى سِفْراً فسِفرا |
أنا الأُمِّيُّ في غار العذارى |
يناديني الفضاءُ البكرُ: إقرا... |
يشل الجمرُ، من وجدٍ، لساني |
فأقرأُ آيةً، وتضيعُ أخرى |
يظلّلني غمام أنثويٌّ |
وأنضَحُ في الطّريقِ إليكِ عطرا |
أتيتكِ ناسياً فِقْهَ الوصايا |
فصُبِّي فيَّ علمِكِ يا (بحيرى)... |
___________ |
2/أيار/1995 |