مهداة إلى الشاعر الصديق د.شاكر مطلق |
*** |
صديقي الذي أنشأتْهُ الظّلالُ |
رأى عشبةَ السّرِّ فيما رأى |
تدفَّق، تعلوه بضعُ غيومٍ |
على شفتيه حليبُ العذارى |
وسيّدةٌ نسجت حوله |
حريراً من الحلم والطّيّباتْ |
وهزّت سريراً من الياسمينٍ |
تدلَّى عليه منامٌ لذيذٌ |
وصبَّتْ على ضفَّتَيْ صدره |
كؤوساً من الزَّمن المستحيلِ |
وأعطتهُ سرَّاً لهيبَ الحياةْ |
وباحتْ إليه بذاكرةٍ |
رأى أنَّها أقَدسُ الذّكرياتْ... |
... ... ... |
صديقي: حواسٌ على الكون |
ترصد موجتَهُ الدَّاخليّةَ: |
أيّ رعاةٍ مضَوْا بالمزامير؟ |
أيّ نوارسَ مرَّتْ هنا؟ |
وأيّ نساءٍ توحَّدن بالبحر |
فانهمَرَ الزَّبدُ الذَّكريُّ عليهنَّ؟ |
أنجبن جيلاً من اللُّؤلؤِ اللاَّنهائيِّ... |
كيف مضينَ بعيداً اذاً؟ |
وغادرن مرعى الخليقة حتَّى الأبدْ؟ |
صديقي الَّذي حنَّ فيه القصبْ |
أتيتُ إليه نعيدُ مدائحَ هذا الجَسَدْ |
وندخلُ في زمن الحلمِ |
نطلقُ ثوراً من الرَّغباتْ |
على أرض معجزةٍ تصطفينا |
وننعَمُ فيها بدفء اللَّهبْ |
... ... ... |
هنا عجنَ الشَّاعرُ الكلماتِ |
نساء يُذِبْنَ جليدَ الثَّواني |
هربنَ من القيد في حلمهنَّ |
وأيقظن فينا فحيح الأغاني |
وكم نحن -يامطلقاً من ترابٍ- |
سمونا الى النّور خلف فضاءٍ |
يجدّد فينا شروق المعاني |
وها أنتَ فاجأتني زهرةً |
عليها من الحبّ نحلٌ جديدٌ |
وأعرفُ كم كنتَ مثلي تعاني... |
... ... ... |
هو البحرُ يا سيّدَ البحر، |
مهدٌ غفا فيه كون عجيبٌ |
فقمتُ أشقُّ ضباباً |
وأحْيي نهاراً تعاتبني فيه أوَّلُ أنثى: |
لماذا نسيتُ أقبّل أشباحها في المنامِ؟ |
فماذا أقول لها؟ |
أأحرسها من عذابي؟ |
وأسجنها في كلامي |
وألقي عليها سلامي |
هي الآن تنهض مثلي |
لها جسدٌ أتعبَ اللَّهَ في خلقه |
كلَّما اكتملتْ لذّةٌ |
عادَ من أولٍ |
هي الآن مطويَةٌ بغموضٍ حزينٍ |
وأمس بكتْ، فتصدَّع في داخلي عالَمٌ، |
وانكسرْنا معاً... |
صديقي لماذا سأتركُ هذا المكانَ |
وفيه أميرةُ حلمي |
أما أنتَ مثلي |
تجلَّتْ على ظلمة العمر فيكَ عروسٌ |
نذرتَ لها الشِّعرَ |
واجتزتَ من أجلها كلَّ هذا الجنونْ |
لكيما تقول الأميرةُ: كن فيكونْ؟ |
_________ |
12/10/1995 |