إلى نضال بشارة الجدير بهذه القصيدة |
للّذي لَمَّني من شَتَات الحدائق والسّيّداتِ |
وأفردَ لي تحت سقف كآباتِهِ مَقْعداً |
للّذي انفضَّ عن نفسه |
وأقام على يأسِه معبراً لأمرَّ |
وشدَّ على وتري المتهاوي يدا |
للذّي سَحَبَ اللَّيلَ من تحت جِلدي |
وضوَّأ فيَّ شموع الهُدى |
للذّي راحتاهُ -بلا مِنّةٍ- |
تعصران العناقيدَ فوق جفافِ لساني |
وتنتشلان من النَّدم الجسدَا |
للذّي فجأةً قرعَ البابَ -بابَ الفراغ الفضائيِّ- |
يسأل عن شاعرٍ كان فيَّ يشرّشُ مستوحدَا |
للذّي مَدَّ فوقي لحافَ القرنفل |
هيَّأَ لي نجمةَ الحلم |
ثمَّ تراجعَ نحوَ كواكبِهِ مُجْهَدَا |
للذّي ... للذّي.... |
... ... ... |
لا أقودُ إليه من الفجر قطعانَ ضوءٍ |
ففيه من النّور هالاتُ حبٍّ شفيفْ |
لا أُساقِطُ من شجري ثمراً فوقه |
فأنا لايدور بيَ الأفق إلا إذا |
نهضَتْ من دمي كعبةٌ للخريفْ |
وهُوَ.. المتثاقلُ من وطأةِ السَّهرِ، |
المتكوِّمُ في كأسِ خمرٍ وبُقْيا رغيفْ |
يتقدَّمُ بي في وريد الظَّهيرة نبضاً فنبضاً، |
يشيلُ الحجارةَ عن سطح قَلْبي |
يُعيدُ الأعالي إلى مَجْدِها |
ويكوِّنُ من نزفِهِ ضفّةً لنزيفي |
لا أمدّ له قامتي |
كيف جاء إذاً؟ |
كيف أصغى لإيقاع موتي؟ |
وماكنت أخبرُه أنَّني ساكنٌ في |
مخيَّم شِعري، أنامُ على لغةٍ |
وأضاجعُ مملكةً من حروفِ |
هوذا من صفاءِ أصابعِهِ تستميلُ التَّحيَّاتُ روحي |
يُجمِّعُ نَحْلَ القصائدِ |
يطلقُها في قفير المشاعر |
حين تئزّ فتوقظُ في جثَّتي عطرَها |
إنَّه المتطاولُ حتَّى بداياتِ أمسيّةٍ كنتُ |
أنسجُ أثوابَها بدموعي |
وأُلقي على خيبتي صدرها |
قال: لاتكترثْ، إنَّها الأرضُ مانحةٌ سحرَها |
قلتُ: إنّي أتوبُ من العاشقاتِ، |
إذا باعتِ الأرضُ جوهرها... |
للّذي يدُهُ في يدي |
للذّي سال في جسدي |
مثلَ ماءٍ من اللّوز والعاطفَهْ |
قلتُ أحميهِ ممَّا تقصَّفَ فيَّ |
ومن وقفتي فوق فوّهة العاصَفهْ |
قلتُ أخفيه عن عَسكَرِ العاكفينَ على |
صنَمِ اللّغة الزّائفَهْ |
حين يستدرجون كلامي إلى كتبٍ تتمزّق أوراقُها |
في مهبّ النّفاقِ ويرمون حنجرتي في المدى |
غيمةً ناشفَهْ |
فأسميّه نافذةً يستطيلُ عليها صياحُ النَّباتِ |
أسمّيه معنى النَّهارِ الجديدِ |
وقهوةَ عصرٍ وقَدْ شُلَّ فينا النّعاسُ العظامْ |
ومدينةَ ليلٍ أسمّيه حين نطاردُ جمهرةً من غمامْ |
ونحدّق من شبقٍ في شعاع الكريستال تطلقُهُ نسوة |
نتشهَّى الطّواف بهنَّ، |
لنطفئَ طُوفان هذا الهيامْ |
نتقاسَمُ أنّاتِنا |
ونرشّ عليها دمَ الياسمينِ |
وندفعُ شهواتِنا باتّجاه رؤى النَّائماتِ |
ويرفعنا طائرُ الكبت فوق السّياج |
نرى مانرى من إناثٍ تجمّعنَ تحت شراشفَ |
منْ زغَبٍ لاينامْ |
... |
ونرى الضّوء يغسلُ حقلَ النّهودِ |
فينمو حليبٌ |
ونحزنُ... |
ياليتنا ماعرُفنا الفطاْم. |
... |
للذّي قبل أن أنحني لأزيلَ رصاصَ الحروب |
يفاجئني بنشيد السّلامْ |
للذّي... للذّي... |
كلّما اتّسعَتْ رؤيةٌ بيننا |
ضاق مابيننا مهرجانُ الكلامْ. |
___________ |
10-11/7/1994 |